البلديات تشغل المسؤولين ويتلهى بها اللبنانيون , وأميركا وفرنسا تصف لبنان بالدولة المريضة

 

السفير :

ارتفعت حرارة التحضيرات للانتخابات البلدية، مع الاقتراب شيئا فشيئا من موعدها، وتيقن الجميع انها باتت شبه حتمية.. ما لم يطرأ في ربع الساعة الاخير أمر مفاجئ يؤجلها.
وإذا كان معروفا ان هذا الاستحقاق هو نتاج تفاعل بين عوامل عائلية وسياسية، إلا انه من المؤكد ان المنسوب السياسي يرتفع بشكل ملحوظ في المدن الكبرى، حيث تتخذ الاصطفافات أشكالا أكثر وضوحا وجذرية.
ويمكن القول ان بيروت وصيدا وجونية وزحلة ستكون مسرحا لمعارك انتخابية، متفاوتة الحرارة والحدة، تبعا لطبيعة القوى المتنافسة وحجم كل منها، فيما تبدو طرابلس امام فرصة لتحقيق التوافق بين قواها الاساسية، في انتظار ما ستؤول اليه المفاوضات المستمرة.
وتشكل الانتخابات محكا للتفاهم بين «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر» في العديد من النقاط المسيحية الاساسية، بينما يحاول تحالف «أمل - حزب الله» تغليب خيار التوافق حيث أمكن في الجنوب والبقاع، مع تسجيل مشروع معركة رمزية في بعلبك.
ولعل معركة بيروت تكتسب نكهة خاصة، كونها تدور في عاصمة لبنان، وباعتبارها تنطوي على دلالات سياسية ورمزية بالغة الاهمية، انطلاقا من الابعاد الاجتماعية والقيمية للمواجهة الحاصلة بين لائحة السلطة وحلفائها من جهة، والاتجاهات المضادة لها، من دون ان يقلل الخلل في موازين القوى من شأن هذه المواجهة التي تتخذ طابعا مبدئيا قبل أي شيء آخر.
وايا يكن الامر، فان الانتخابات البلدية ستشكل فرصة امام اللبنانيين، إذا أحسنوا استثمارها، للانتقال من مرحلة «النق» الى ساحة «الفعل»، ولتحويل الامل بالتغيير الى دينامية حقيقية، تنطلق من البلديات وتمر لاحقا في مجلس النواب..
وبهذا المعنى، فان المسؤولية ليست ملقاة على عاتق المرشحين فقط وانما ايضا، وربما قبلا، على عاتق الناخبين الذين يُفترض بهم ان يحسنوا الاختيار وان يتحرروا من أي مؤثرات جانبية قد تؤدي الى حرف ورقة الاقتراع عن وجهتها الصحيحة.
قبيل قرابة اسبوعين من بدء الانتخابات البلدية، كيف تستعد المدن الاساسية لها؟
بيروت
تكاد تكون صورة المعركة الانتخابية في العاصمة قد اكتملت مع إعلان الرئيس سعد الحريري امس عن «لائحة البيارتة» التي ضمت ائتلافا بين أطراف في السلطة وقوى حزبية ومرجعيات دينية وعائلات، على قاعدة المناصفة الطائفية.
وبدا من تركيبة اللائحة ان القيمين عليها حاولوا تأمين أوسع تغطية ممكنة لها، من «التيار الوطني الحر» الى «فؤاد مخزومي» وما بينهما، فيما ظل «حزب الله» خارجها.
وعلى الضفة الاخرى، تواصل لائحة «بيروت مدينتي» المكتملة استعداداتها لخوض المبارزة الانتخابية، متسلحة بأسماء توحي بالثقة والشفافية، وكذلك الامر بالنسبة الى اللائحة الجزئية التي يقودها الوزير السابق شربل نحاس بعنوان «مواطنون ومواطنات في دولة».
وإذا كان توزع «المعارضة» الى لائحتين سيستنزف قدراتها ويبعثر قواها بعض الشيء، إلا ان ذلك لا ينفي ان هاتين اللائحتين ستفتحان الباب امام خيارات بديلة للبيارتة، وستضربان محاولة احتكار النطق باسم العاصمة او اختزاله بوكالة حصرية، وإن كان أفضل لو ان القوى الاعتراضية نجحت في توحيد جهودها واصواتها، لتحسين شروط المعركة في مواجهة اللائحة المضادة التي تملك العديد من عناصر القوة.
ودعا الحريري البيارتة إلى النزول إلى صناديق الاقتراع في الثامن من أيار لانتخاب لائحة البيارتة «لائحة توافق أهل بيروت لإعمار بيروت وإنمائها ووحدتها وكرامتها.. لائحة تكريس مناصفتها ووحدتها، كما أرادها الرئيس الشهيد رفيق الحريري».
لكن الإشكالية الكبرى أن برنامج «لائحة البيارتة» يفتقر إلى الواقعية والمصداقية، خصوصا ان بعض مكوناتها يتحمل اصلا المسؤولية عن الكثير من جوانب الفشل في عمل المجلس البلدي الحالي.
طرابلس
وفي طربلس، تنتظر القوى المعنية بالاستحقاق البلدي عودة الرئيس نجيب ميقاتي من رحلة خاصة الى الخارج لحسم امكانية التوافق على واحدة من الشخصيات الثلاث المستقلة التي طرحها ميقاتي لترؤس اللائحة المفترضة، (عمر الحلاب، عزام عويضة، وعبد الرحمن الثمين) ومن ثم تفويض الشخصية التي سيتم التفاهم حولها، بتأليف فريق العمل الذي تراه مناسبا، لتحرير البلدية من المؤثرات والضغوط السياسية قدر الامكان، وحتى لا يتذرع رئيس البلدية لاحقا بالتدخلات السياسية لتبرير أي تقصير او فشل، على ان تملك الاطراف السياسية حق «الفيتو» وليس الفرض، في معرض اختيار الاسماء من قبل رئيس اللائحة.
وينتظر ان يتضح مسار الامور منتصف الاسبوع المقبل، على ابعد تقدير، فإذا تعذر التوافق بين المكونات الاساسية في المدينة (ميقاتي، «تيار المستقبل»، محمد الصفدي، روبير فاضل، فيصل واحمد كرامي) تكون المعركة قد أصبحت حتمية، علما ان مناصري ميقاتي يحثونه على خوض المعركة لاعتقادهم بانه يملك الارجحية في المدينة حاليا، لكن ميقاتي لا يزال يرفض هذا الطرح، منطلقا من ان ممثلي الاقليات، أي المسيحيين والعلويين، سيدفعون ثمن أي مواجهة انتخابية.
صيدا
أما في صيدا، فقد احدث ما تردد عن نية رجل الاعمال الصيداوي محمد زيدان خوض معركة بلدية صيدا، إرباكا للجميع في عاصمة الجنوب، خصوصا لـ «تيار المستقبل».
والى حين ان يحسم زيدان أمره، يمكن القول أن عدد اللوائح التي ستتنافس على مجلس البلدية في عاصمة الجنوب وصل إلى أربع هي: اللائحة المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة والنائبة بهية الحريري و «الجماعة الاسلامية» وهي برئاسة محمد السعودي، واللائحة المدعومة من «التنظيم الشعبي الناصري» ومعه «اللقاء الوطني الديموقراطي»، وثالثة أعلن عن تشكيلها المسؤول السابق في «الجماعة الاسلامية» الدكتور علي الشيخ عمار، ورابعة تضم مرشحين مدعومين من مجموعة «مواطنون ومواطنات في دولة» التي يرعاها الوزير السابق شربل نحاس.
زحلة
وفي زحلة، استقر المشهد الزحلي على ثلاث لوائح، تحمل في طياتها وخلفياتها صراعا واضحا بين الاحزاب المسيحية الثلاثة، «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» و «الكتائب» التي اتحدت لاول مرة في تاريخها، وبين القوى الزحلية السياسية المتمثلة في «الكتلة الشعبية» والنائب نقولا فتوش واشقائه.
وأوكلت الاحزاب المسيحية الى الرئيس السابق للبلدية اسعد زغيب رئاسة لائحتها، في حين اعلن النائب فتوش عن ترشيح شقيقه موسى على رأس لائحة لمواجهة ما يسميه، خطر توطين اللاجئين السوريين والذي يحمله احد المرشحين لرئاسة البلدية، والمقصود به زغيب، وفق فتوش.
اما «الكتلة الشعبية» فتنطلق الى الحراك البلدي في اطار «المحافظة على القرار الزحلي، وابقائه في زحلة من دون ان يتنقل بين الرابية ومعراب وبكفيا، إضافة الى انماء المدينة»، بينما تواجه لائحة الاحزاب تجاذبا بين مطالب مكوناتها، الامر الذي دفع زغيب الى التهديد بالانسحاب، ما شكل ضغطا على الاحزاب من اجل التواضع في طروحاتها.
والتوافق لم يعد مطروحا في زحلة، وإن راج في الايام الماضية حديث عن قيام النائب السابق سليم عون بجهد من اجل ضم فتوش الى لائحة التوافق، علما ان الامر دونه المستحيل، لاسيما ان فتوش واشقاءه نفوا بشكل قاطع ان يكون احد قد فاتحهم في مسألة التوافق، مؤكدين الاستمرار في الحراك البلدي تحت شعار منع المؤامرة عن زحلة والحفاظ على هويتها والحؤول دون تغيير ديموغرافيتها.
وحدها «الكتلة الشعبية» التي ترأسها مريام سكاف، لم تكشف بعد عن اسم مرشحها لرئاسة البلدية بشكل رسمي، علما ان ميشال طعمة سكاف اعلن عن تقديم ترشيحه لرئاسة البلدية، واضعا هذا الترشيح بعهدة رئيسة «الكتلة الشعبية» مريام سكاف.

النهار :

بعيداً من قرقعة طبول الانتخابات البلدية والاختيارية التي باتت الشغل الشاغل للبنانيين في الايام الاخيرة، وباتت تحجب غبار ملفات عدة شائكة، تبقى استحقاقات داهمة وقضايا حساسة ومصيرية في الصدارة واهمها الملف المالي المتعلق بالقانون الاميركي الاخير الذي يمنع التعامل مع "حزب الله". وفي هذا الاطار يصل الى بيروت في الأسبوع الأخير من شهر أيار مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون تمويل الارهاب في "مكتب شؤون الإرهاب والاستخبارات المالية" في الوزارة دانيال غلايزر، حاملاً ملفاً كاملاً ومتكاملاً عن تفاصيل المراسيم التطبيقيّة الخاصة بالقانون الأخير الصادر عن الكونغرس الاميركي والذي يستهدف "حزب الله".
وعلمت "النهار" ان غلايزر سيبلغ الجهات المصرفية اللبنانية وبلهجة شديدة، ضرورة عدم التفاف بعض المؤسسات المصرفية على العقوبات بعد المعلومات عن إمكان إستمرار بعض المؤسسات في التعامل مع الأفراد والمؤسسات الذين أُدرجوا في لائحة الـOFAC بإستخدام الليرة اللبنانية أو عملات أخرى غير الدولار. من هنا سيؤكد المسؤول الأميركي أن العقوبات تعني قطاع التعامل المصرفي بمختلف انواعه مع الافراد المستهدفين بشكل قاطع ونهائي. كذلك يُتوقع أن يؤكد غلايزر للمسؤولين اللبنانيين أن الحكومة الاميركية مستمرة في إتخاذ الاجراءات والقرارات ضد "حزب الله" مع إستمرار فرض مزيد من العقوبات في المستقبل عليه وعلى كل من يسانده أو يدعمه، وان المراسيم التطبيقية قد تتوسع في المستقبل مما يعني ان اللوائح التي وُضعت ونشرت ليست نهائية بل سيضاف مزيد من الأسماء والمؤسسات اليها.

مجلس الوزراء
واذا كان التشريع معطلاً في مجلس النواب ما يطيح قانون الانتخابات النيابية المختلف عليه وسلسلة الرتب والرواتب (التي نفذت هيئة التنسيق النقابية أمس اعتصامات للمطالبة بها)، فان مجلس الوزراء الذي ينعقد اليوم لا ينجز الكثير، ويبدو معطلاً أمام الملفات الخلافية التي يؤجلها من جلسة الى أخرى، ومنها ملف المديرية العامة لأمن الدولة التي أمهل رئيس الوزراء قبل أسبوع أسبوعين لتقديم حل مقترح للمجلس، او اتخاذ ما يلزم من اجراءات للحل.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان البند الوارد في جدول أعمال الجلسة العادية اليوم والمتعلّق بتجديد قرار إعطاء "الداتا" الى الاجهزة الامنية قد يثير نقاشاً من زاوية السؤال عن شموله جهاز أمن الدولة. وهذا السؤال سيفتح الباب مجدداً أمام الجدل حول إعطاء الجهاز مخصصاته السرّية المحجوزة في وزارة المال. وتوقعت ان يقدم الرئيس تمّام سلام موجزاً عن الاتصالات التي أجراها في شأن هذه القضية وربما بادر الى الطلب من الوزراء تأجيل النقاش في شأن أوضاع الجهاز في إنتظار أن يستكمل إتصالاته.
وتساءلت المصادر عن إمكان متابعة مجلس الوزراء الموقف الصادر عن التحرك التربوي أمس والذي قرر مقاطعة مراقبة الانتخابات البلدية والاختيارية وهل يكون ذريعة لتأجيل الاستحقاق بعدما عجز الموضوع الامني عن أن يكون مثل هذه الذريعة؟

 

الانترنت غير الشرعي
وفي الملفات العالقة أيضاً بين القضاء واللجنة النيابية ووزارة الاتصالات وجهات اخرى، ملف "الانترنت غير الشرعي" الذي يبدو انه أدخل في متاهات من أجل ارباك الجهات المتابعة له تمهيداً لاقفاله من دون بلوغ الحقيقة. واذا كان عدد من السياسيين أثاروا أخيراً موضوع الـ "غوغل كاش" لاتهام المدير العام لـ"أوجيرو" بسوء الادارة وتحقيق منافع مالية خفية، فان أصحاب شركات الانترنت قصدوا أمس الوزير بطرس حرب طالبين اعادة تفعيل الخدمة التي يحصلون عليها مجاناً. وقالت مصادر في وزارة الاتصالات لـ"النهار" إن اثارة الملف هدفه التعمية على ملف الانترنت غير الشرعي وتحويل الانظار الى مكان آخر، وان الوزير حرب هو الذي وافق على اعتماد شركة توفيق حيصو كمقسم لتوفير الخدمة للشركات الخاصة من دون اي منافع مالية. وأكدت ان التحقيقات ستؤكد عدم وجود مخالفة أو مصالح خفية. 

 

المستقبل :

بعد سلسلة مشاورات واتصالات مكثفة ارتكزت في مختلف مفاصلها المحورية على ترسيخ الثوابت الوطنية الأصيلة والمتأصلة في بيروت وناسها، تم الإعلان أمس عن «لائحة البيارتة» البلدية من بيت الوسط لتكون لائحة «العيش المشترك والمناصفة الحقيقية التي نادى بها دوماً الرئيس الشهيد رفيق الحريري» ولتجسد توافق البيارتة على إعادة إعمار العاصمة وإنمائها ووحدتها وكرامتها كما شدد الرئيس سعد الحريري خلال رعايته ولادة اللائحة المرشحة لانتخابات المجلس البلدي لمدينة بيروت برئاسة المهندس جمال عيتاني. وبينما واعد الحريري أهالي العاصمة في 8 أيار المقبل للنزول وانتخاب أعضاء «لائحة البيارتة» تكريساً لمناصفة بيروت ووحدتها، طلب عيتاني «البيروتي من المصيطبة» ناسه وأهله البيارتة بمنحه ثقتهم حتى يتمكن من وضع «خبرة 30 سنة في عمل الهندسة وتطوير المدن بخدمة بيروت وأهلها.. ولكي تبقى بيروت لأهلها».
إذاً، برعاية وحضور الحريري وحشد من الشخصيات البيروتية وزارياً ونيابياً وحزبياً ونقابياً وصحافياً واختيارياً وأهلياً، أعلن عيتاني وإلى جانبه أعضاء «لائحة البيارتة» الذين يمثلون مختلف مكونات العاصمة ولادة اللائحة مستعرضاً في ملخص بانورامي أبرز عناوين برنامجها الهادف إلى التصدي لمختلف مشاكل بيروت وإيجاد الحلول العلمية والعملية اللازمة لها بشكل يلبي طموحات أهلها ويستجيب لحاجاتهم واحتياجاتهم الإنمائية (ص ) من المعالجة الحديثة والجذرية لنفايات العاصمة وتعزيز مساحاتها الخضراء وتأهيل وتنظيف شواطئها وبيئتها العامة، إلى إطلاق ورشة عمل لحل أزمات الكهرباء والمياه والسير واستحداث المواقف وخطوط النقل العام، وصولاً إلى تأمين خدمات طبية وصحية واستشفائية وتربوية ورياضية وثقافية وعصرية تتماهى مع متطلبات العصر الحديث، فضلاً عن زيادة عديد أفراد شرطة بلدية بيروت وتنظيمها ومكننة المعاملات وتسريعها وتشريع أبواب المجلس البلدي أمام أبناء العاصمة لاستقبالهم في موعد أسبوعي سيتم تخصيصه للاستماع إلى مطالبهم. على أنّ عيتاني الذي عاهد البيارتة بالعمل على تنفيذ برنامج لائحتهم، تعهد في المقابل بالعودة إليهم «عندما نواجه أي عقبة أو عرقلة أو تعطيل لأن بيروت تستحق أكثر ولن تقبل أن تكون «فشة خلق» أو مكسر عصا لأحد» بحسب تعبيره إيماناً بكون «قرار بيروت لأهل بيروت».
العقوبات على الحسابات «المهمة»
على صعيد منفصل، وفي إطار مواكبة المستجدات المتعلقة بالمراسيم التطبيقة للقرار 2297 الخاص بفرض عقوبات على الشخصيات والمؤسسات المرتبطة بـ«حزب الله»، كشفت مصادر مصرفية لـ«المستقبل» (ص 9) أنّ مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر أبلغ أعضاء وفد المصارف اللبنانية الذي زار واشنطن ونيويورك الأسبوع الفائت أنّ هذه العقوبات ستطال الحسابات «المهمة» بغض النظر عما إذا كانت بالدولار أو باليورو أو بالليرة أو بأي عملة أخرى. 
وإذ يزور غلايزر بيروت أواخر الأسبوع المقبل أو مطلع الأسبوع الذي يليه لعرض تفاصيل المراسيم التطبيقية للعقوبات الأميركية، علمت «المستقبل» أنّ مصرف لبنان المركزي أنجز مشروع تعميم ملزماً للمصارف يفرض عليها تحديد الأسباب الموجبة في حال أراد أي مصرف إقفال حساب أو قرر رفض فتح حساب لأي من العملاء ربطاً بموجبات قرار العقوبات، في وقت أكدت المصادر المصرفية أنّ المصارف اللبنانية باشرت باتخاذ الإجراءات اللازمة في حق الأسماء والمؤسسات الواردة في المراسيم التطبيقية للقرار 2297 بما يشمل الحسابات بالليرة اللبنانية وليس فقط بالعملات الأجنبية.

الديار :

تقاطعت مصادر ديبلوماسية فرنسية مع مصادر ديبلوماسية اميركية في وصف لبنان بـ «الدولة المريضة» ولا علاج لها، في الوقت الحالي، سوى المسكنات، وان كان الشفاء من الحالة يقتضي اجراء جراحة «دستورية» تعيد هندسة خارطة التوازنات في البلاد، والى حد اطلاق الجمهورية الثالثة.
كل المصادر اياها تعتبر ان الوضع هو من الهشاشة والحساسية بحيث لا يتحمل اي جراحة من هذا القبيل، ولا حتى جراحة سياسية، واقصى ما يمكن فعله في هذه الحال هو ابقاء لبنان في غرفة العناية الفائقة، اي تكريس الستاتيكو الى ان تحدث المعجزة ويتوصل السوريون الى تسوية.
والملاحظ هناك ان الاحاديث داخل تيار المستقبل، وهي غالبا ما تكون مستقاة من عواصم عربية بوجه عام، تشير الى ان التسوية السورية مؤجلة، وان العلاقة المتراقصة بين واشنطن وموسكو تبدو وكأنها تتغير يوماً بعد يوم، وبالصورة التي توحي بان العاصمتين ما زالتا بعيدتين عن بلورة اطار لحل بعيد المدى وقابل للتنفيذ.
وينقل نائب سابق عن القائم بالاعمال الاميركي في بيروت السفير ريتشارد جونز الا عودة للمنطقة الى مسارها الطبيعي الا باعتماد طرح الرئيس باراك اوباما حول ادارة مشتركة تتولاها السعودية وايران، ليشير الى ان ذلك الطرح هو ما يحتاجه لبنان.
واذ يصف نفسه بانه «عاشق قديم» لهذا البلد وكان يعتزم الاقامة فيه لولا موانع معينة تتعلق بامنه الشخصي، فهو يبدي اسفه لكون الطبقة السياسية التي تحترف انتاج الازمات تبدو عاجزة عن حل اي منها ما يفترض وجود وصاية ما، في هذه الحال الكوندومينيوم السعودي - الايراني.
وتقول المصادر الديبلوماسية الفرنسية ان الرئيس فرنسوا هولاند، وقبل زيارة لبنان في وقت سابق من هذا الشهر، استشار مسؤولين فرنسيين بارزين، سابقين وحاليين، وكذلك عواصم عربية وغير عربية، حول امكانية ان يحمل معه الى بيروت دعوة الى القيادات اللبنانية لعقد مؤتمر وطني على الارض الفرنسية لا يتطرق الى المشكلات البنيوية، بل تكون مهمته فكفكة الازمات الدستورية والسياسية عبر سلة متكاملة، وعلى غرار ما حصل في الدوحة في ايار2008.

ـ التسوية والافق المقفل ـ

وقد فوجئ هولاند بان معظم الذين التقاهم رأوا انه ما دام الافق في سوريا مقفلاً امام التسوية السياسية، فان الافق في لبنان يظل مقفلاً، ولاخيار حالياً سوى الانتظار.
هذا لا ينفي ان باريس وواشنطن ليستا خائفتين من حصول اي تطورات امنية مفاجئة، ومع الثناء على الدور الذي تضطلع به المؤسسة العسكرية، وكذلك المؤسسات الامنية، ومع القول ان اجهزة استخباراتية غربية، اميركية واوروبية، تساهم في حماية «الرؤوس الحساسة» في لبنان، فان الواقع اللبناني بثغراته السياسية الكثيرة والحادة يجعل هذه الرؤوس مكشوفة الى حد بعيد. لا يعني هذا، في اي حال، نشر حالة من الهلع، الغاية ان يأخذ الاقطاب السياسيون هذا الواقع بالاعتبار، ويتكاتفون لتحصين بلادهم سياسياً وامنياً من خلال التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، واستكمال العمليات الدستورية على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية.
والثابت، من خلال قول المصادر الديبلوماسية، ان دعم واشنطن للجيش اللبناني هو بمثابة «خيار استراتيجي» كونه العمود الفقري للعوامل التي تحول دون لبنان والسقوط في الهاوية.

ـ رئيس عسكري ـ

واذ ترى المصادر ان لبنان بعيد، منذ نشأته، عن ثقافة الانقلابات العسكرية، لا ترى مانعاً من ان يكون هناك عسكري رئيساً للجمهورية في الاطار الدستوري البحت.
الى اشعار آخر لبنان داخل الحلقة المفرغة «الديار» استطلعت آراء سياسيين من مختلف المضارب والمشارب، فكان كلام من قبيل ان الاسباب التي تمنع انجاز الاستحقاق الرئاسي هي نفسها التي تمنع اقرار قانون الانتخاب، حتى وان استعانت اللجان المشتركة باينشتاين والخوارزمي.
الا يعرف الرئيس نبيه بري هذه الحقيقة، وهو الذي يعتبر ان الساحة اللبنانية باتت من التعقيد بحيث لا تنفع معها لا عصا الساحر ولا قبعة الساحر، لكي يدفع بالمشكلة الى اللجان التي استنفدت كل امكاناتها وعادت الى نقطة الصفر؟
اوساط سياسية عليمة تقول ان رئيس المجلس يدرك ذلك جيداً، لكنه، بخطوته تلك، اراد قطع الطريق على اي حريق سياسي وطائفي تكون له تداعياته الخطيرة.

ـ الدخول الى... الزنزانة ـ

وفي رأي هذه الاوساط، وبعضها مقرب جداً من عين التينة، ان بعض القوى المسيحية تبدو وكأنها تدفع بنفسها الى داخل الزنزانة من خلال مواقف تلحق الاذى بالوضع المسيحي ككل.
بادئ بدء، توضح الاوساط اياها ان مسألة ملف امن الدولة معزول كلياً عن اي سياق سياسي او طائفي..
وتشير الى ان هناك مراجع مسيحية تعيد الضجيج الراهن الى محاولات استقطاب لا تفيد المسيحيين بشيء بل انها تضعهم في عين العاصفة، والبعض يعود الى التصريح الشهير للنائب خالد ضاهر، وكان السبب في تعليق عضويته في كتلة المستقبل، اذ ان هناك جهات تقول اكثر من ذلك بكثير وان كان الصراع السني الشيعي يحيي ما يتردد الآن.
ولم يعد خفياً على احد تلك الاتهامات التي توجه الى العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع بالتحديد من انهما بمواقفهما انما يعدان العدة، على المستوى السيكولوجي على الاقل لملاقاة من يعدون لاحداث تغيير في الخرائط وفي الصيغ في بلدان المنطقة.

ـ الازمات القاتلة ـ

وحين يقول بري انه لم يتراجع، فهو فعلاً لم يتراجع ما زال عند قناعاته، ومصادرة تقول ان الرجل يعرف ان لبنان يمشي على طريق الجلجلة، بالطبع، لا يصل الى حد تبني ما قاله نلسون مانديلا ذات يوم «اخشى ان يكون المسيحيون من يصلبون ثانية السيد المسيح»، لكن الثابت انه لا السنة الذين في ازمة قاتلة، ولا الشيعة الذين في ازمة قاتلة، يريدون دفع المسيحيين الى خارج الحلبة او الى خارج اللعبة.
والطريف ان يقول احد المطارنة لـ «الديار» ان السنة والشيعة في صراعهم الذي يمتد بعيداً، بعيداً وراء الحدود انما يشغلون كل المسرح، ويقفلون حتى الطريق الى قصر بعبدا، كل ما في الامر ان المسيحيين يريدون لهم «ًمرقد عنزة» على هذا المسرح.
الى ذلك، اظهرت مواقف اليومين الاخيرين ان مسألة رئيس جمهورية لسنتين ليست سوى فقاعة سياسية واعلامية، الرئيس حسين الحسيني هو من قال بالرئيس الانتقالي الذي مهمته حراسة الهيكل الى ان يقر قانون الانتخاب، وتجري الانتخابات النيابية.
المشكلة ان هناك من رسم حول ذلك الطرح «عوالم خيالية»، وزج بالبطريرك مار بشارة بطرس الراعي في هذه العوالم، والى حد اختراع تلك «الحكاية» التي تقول ان المذكرة التي قدمها البطريرك الى هولاند تضمنت اقتراحاً بانتخاب الجنرال لسنتين.

 

الجمهورية :

فيما تواصلت التحضيرات للانتخابات البلدية والاختيارية حملاتٍ سياسية وانتخابية ولوائح طاغية على الاستحقاق الرئاسي، لفَّ البلاد هدوء سياسي لافت بعد نزع فتيل الخلاف التشريعي بالكرة التي رماها رئيس مجلس النواب نبيه بري في ملعب اللجان النيابية المشتركة للاتفاق على قانون انتخابي قبل الدعوة إلى جلسة تشريعية، وشكّلت مبادرةً بدأ كثيرٌ من القوى السياسية يبني عليها للمستقبل، على رغم الأولوية التي ينبغي أن تكون دوماً للاستحقاق الرئاسي الذي يؤدّي إنجازُه حتماً إلى انتظام عمل المؤسسات الدستورية ويشكّل قاعدة للانطلاق إلى معالجة الأزمة بكلّ تشعّباتها. وفي غضون ذلك، تراجع الحديث نهائياً في مختلف الأوساط السياسيّة عن فكرة انتخاب رئيس لسنتين، حيث عارضتها غالبيّة المرجعيّات والقيادات السياسية والروحية لِما تنطوي عليه من تعقيدات وصعوبات أقلّها التعديل الدستوري الذي تتطلّبه، والذي لا يمكن إجراؤه بسهولة، خصوصاً في ظل حال الانقسام السياسي الذي تعيشه البلاد. وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس إنه تلقّى ردود فعل إيجابية على مؤتمره الصحافي الأخير وما طرحه خلاله من افكار في شأن قانون الانتخاب. وأكد أنه طلب من الدوائر المختصة في المجلس طبع مشاريع قوانين واقتراحات القوانين الـ17 الخاصة بقانون الانتخاب وتسليمها إلى اللجان النيابية المختصة لمناقشتها.
وأضاف بري أنّه سيفكّر في ما إذا كان سيترأس شخصياً جلسات اللجان النيابية المشتركة لدرس مشاريع قوانين الانتخاب أو يكلّف نائب رئيس المجلس فريد مكاري هذه المهمة. وأشار الى «أنّ كلّ المشاريع الانتخابية ستُطرح في اللجان النيابية المشتركة بغية التوصل الى أقلّ عدد من المشاريع المطروحة في شأن قانون الانتخاب الجديد قبل إحالتها الى الهيئة العامة لمجلس النواب.
وقال: «إنّ عمل اللجان المشتركة لا ينتهي في آخر أيار المقبل حيث نهاية العقد التشريعي العادي لمجلس النواب، وإذا كانت الاجواء جيّدة وتوافقية تطلب الحكومة عندئذ فتحَ دورة تشريعية استثنائية للمجلس، وإلّا سننتظر حتى تشرين حيث يبدأ العقد التشريعي العادي الثاني للمجلس».
وعن مصير جلسة التشريع، قال بري إنّه سيترك أمر تحديد موعد لها على اساس أن تكون البنود التي تدرَج في جدول أعمالها «ضرورية ولا بدّ منها».
الانتخابات البلدية
في غضون ذلك، تواصلت التحضيرات للانتخابات البلدية والاختيارية على نار حامية ويتوالى إعلان اللوائح، وليس آخرَها «لائحة البيارتة» الائتلافية التي أُعلِنت من «بيت الوسط» برعاية الرئيس سعد الحريري الذي اعتبَر «أنّ تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية يهدف إلى إضعاف الدولة وشلّ عمل المؤسسات الدستورية والإدارات الرسمية ولإبقاء البلد بلا رئيس ولا مرجعية، ومن دون سلطة تتولّى مسؤولياتها وتدير شؤون الناس».
وشدّد الحريري أمام وفد بيروتي على «أنّ التعطيل هو جريمة في حقّ البلد والناس، والمستفيد الوحيد منه هو القوى المسؤولة عن التعطيل بهدف إحلال الفوضى وعدم الاستقرار». وقال: «إنّ انتخاب رئيس للجمهورية سيغيّر كثيراً من الأمور ويؤدّي إلى حلّ العديد من المشاكل».
وأضاف: «لقد تقدّمنا بمبادرة لانتخاب رئيس للجمهورية، ودعونا النواب للنزول إلى المجلس النيابي وانتخاب أحد المرشحين المطروحين للرئاسة، ولكن كلّ ذلك كان يواجَه بالتعطيل والإصرار على إبقاء البلد أسيرَ الفراغ الرئاسي، وهمُّنا الآن ينصبّ على القيام بكل ما يلزم للحفاظ على البلد وإبقائه بعيداً من الحرائق والحروب المشتعلة في الجوار».
الراعي
وفي المواقف من الاستحقاق الرئاسي، جدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبَيل سفره الى بلجيكا عن طريق باريس نفيَه ما تَردّد حول المذكّرة التي قيل إنّه قد قدّمها الى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والتي تتعلق بانتخاب رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية لمدّة سنتين، وأوضَح أنّ المذكّرة «لم تأتِ على ذِكر ذلك على الإطلاق»، وأنّ «هذا الموضوع لم نطرَحه، إنّما الذي طرحه في الأساس هو الرئيس حسين الحسيني». وأوضح أنّ هذا الموضوع «خارج عن صلاحياتنا وعن عملنا.
ونحن دائماً نقول إنّ الكتل السياسية والنيابية هي التي تقرّر ما تريده، ولأنّ هذا الموضوع يحتاج الى تعديل دستوري، وهذا الموضوع في عهدة المجلس النيابي، وهو الذي يهتم بمثل هذه القضية». وأكد مجدداً «أنّ الباب لكلّ الأمور اسمُه رئاسة الجمهورية»، وقال: «إذا لم تتوافر الإرادة الطيّبة للعمل فلن يستطيعوا التوصّل الى أيّ قانون انتخابي جديد».
فنيش
وعشية جلسة مجلس الوزراء، أوضح الوزير محمد فنيش لـ»الجمهورية» أنّ ملف المديرية العامة لأمن الدولة غير مطروح على جدول أعمال جلسة اليوم بعدما تُركت معالجتُه في الجلسة الماضية لسلام. واعتبَر «أنّ المشكلة هي مشكلة أشخاص ليسوا في المكان المناسب في رأيي ولا يستطيعون إيجاد حلول بين بعضهم البعض في ظلّ النصوص القائمة».
وعزا فنَيش سببَ صمود الحكومة الى رغبة القوى السياسية بعدم حصول فراغ في ظلّ غياب رئيس الجمهورية، وقال: «لا مصلحة لأحد في عدم وجود حكومة ولو بالحد الادنى من العمل، ولا مصلحة لأحد في التسبّب للبلد بالضرر إلى هذا الحد، وإذا استقالت الحكومة لا نستطيع تشكيل حكومة أُخرى، فما هي المصلحة في استقالتها؟».
وعن خطوة بري الاخيرة وقول البعض إنّ «اللجان هي مقبرة المشاريع»، قال فنيش: «لا نستطيع قول ذلك، الرئيس بري بالتأكيد كان يرغب ونحن نرغب معه، بإقرار بعض مشاريع قوانين تخدم مصلحة البلد. لا نستطيع التوافق على رئيس الجمهورية أو التفاهم على الرئاسة، فهل نزيد الضَرر أو نخفّف منه؟
مسؤوليتنا التقليل من الضَرر، والرئيس بري حاولَ على هذه القاعدة ولكن لم يجد التجاوب، ومعروف أنّه ليس من الأشخاص الذين يذهبون بالبلد الى التهديد بوحدته الوطنية أو الإخلال بشيء ميثاقي. لقد مارسَ دورَه بكلّ دقّة وهدوء ومسؤولية ودعاهم الى اللجان المشتركة لدرس مشاريع واقتراحات القوانين المتعلقة بقانون الانتخاب لبلوَرة نقطتين: النظام والدوائر، الآن إذا كان هناك من آراء متعدّدة فلتأتِ الى الهيئة العامّة وننتهي».
وأكّد فنيش أن لا خوف لديه على مصير الانتخابات البلدية، وقال: «ظروف الانتخابات البلدية مغايرة لظروف الانتخابات النيابية، صحيح أنّ هناك بعض القوى السياسية قد يكون لها حساباتها، الانتخابات البلدية ليست سياسية محض، فيها تداخُل بين السياسي والإنمائي والعائلي وتركيبة البلدات.
في النهاية الاعتبار الذي كان موجوداً في الانتخابات النيابية عند البعض لكي يمدّد ويهدّد بالمقاطعة إذا جرت، ليس موجوداً في الانتخابات البلدية لأنه مهما جرى لا سببَ يستدعي تأجيلها. ولنفترض مثلاً ـ عِلماً أنّ هذا الأمر بعيد المنال ـ أنّ حادثاً أمنياً وقعَ في مكان معيّن، فهذا لا يؤثّر على الأمكنة الأخرى أو على دور البلديات، خلافاً للانتخابات النيابية، حيث إذا حصلت مشكلة في مكان لا يلتئم المجلس لتمثيل مناطق دون أخرى».
وعن العقوبات التي يتعرّض لها «حزب الله»، قال فنيش: «لسنا في موقع الاعتداء على أحد، بل نمارس حقّنا، سواء بالتصدّي للعدوان الإسرائيلي أو بالتصدّي للأدوات التكفيرية الإرهابية التي استُخدمت لتحقيق غايات سياسية وتهدّد بلدنا ومجتمعاتنا.

اللواء :

أطلق «بيت الوسط»، أمس، صفارة الانطلاق «للماراتون البلدي»، بدءاً من 8 أيّار المقبل في العاصمة بيروت، وصولاً إلى 29 أيّار في الشمال، في وقت أعطى قرار الرئيس نبيه برّي بعدم عقد جلسة تشريعية قبل الانتهاء من جوجلة مشاريع قانون الانتخاب، مجلس النواب إجازة سقفها سنة، وحدها الأدنى يتجاوز ربما بدء العقد العادي الأوّل في تشرين، وفقاً لما اعلنته مصادر نيابية لـ«اللواء».
بالتزامن، اشارت هذه المصادر إلى ان الذين التقوا رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لمسوا منه عدم ممانعته الاستعانة بخبراء أجانب للاستماع إلى آرائهم حول فضيحة الانترنت غير الشرعي، رافضة ان يتحوّل رئيس هيئة «اوجيرو» عبد المنعم يوسف إلى كبش محرقة من أجل حماية رؤوس كبيرة «ليس باستطاعة القضاء اللبناني بت الموضوع بالطريقة الصحيحة»، فما المانع إذاً من الاستعانة بخبراء أجانب لإعطاء رأيهم بشكل محايد؟ تساءلت هذه المصادر.
يعني ذلك ان الانتخابات البلدية سلكت طريقها، مستفيدة من الانفراج السياسي الذي ترتب على خطوة الرئيس برّي، وعلى اتجاه الرئيس سلام لسحب الملفات الخلافية من امام مجلس الوزراء الذي يعود للاجتماع اليوم، لبحث جدول أعمال متراكم من جلسات ماضية، أضيف إليها يوم الجمعة الماضي ملحق بجدول يضم قرابة 70 بنداً.
وفي هذا الإطار، أكّد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«اللواء» ان لا عودة عن قرار تكليف الرئيس سلام متابعة ملف جهاز أمن الدولة، وعليه فهو ليس مطروحاً على جلسة اليوم، ريثما ينتهي التقرير الخاص بكيفية تسوية هذا الملف.
ورداً على ما تردّد من ان الوقت كفيل بمعالجة المشكلة لجهة ان نائب المدير العام العميد محمّد الطفيلي سيحال إلى التقاعد في حزيران المقبل، أبلغ وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم «اللواء» ان المسألة تتعلق بجهاز أمن الدولة، وليس بالاشخاص.
لذا، لم يستبعد مصدر وزاري ان يعترض الوزراء المسيحيون مجدداً على تمرير مخصصات للأجهزة الأمنية ما لم تشمل جهاز أمن الدولة.
وتمنت وزيرة شؤون المهجرين أليس شبطيني لـ«اللواء» أيضاً ان لا تشهد الجلسة أية سجالات.
ولم يستبعد مصدر وزاري آخر طرح مواضيع من خارج جدول الأعمال مثل الاستعانة بخبراء في ملف الانترنت غير الشرعي والتعويض على المزارعين في البقاع الذين نكبوا بانفلونزا الطيور.
حيوية المشهد الداخلي
سياسياً، ووفقاً لما اشارت إليه «اللواء» في عددها أمس، فإن تكتل «الاصلاح والتغيير» في اجتماعه أمس، اعرب عن ارتياحه لخطوة ارجاء الجلسة التشريعية، وإعطاء الأولوية لقانون الانتخاب في ضوء الاتصالات التي جرت بين الرابية وحارة حريك وعين التينة.
وكشفت مصادر سياسية لـ«اللواء» ان اجراء الانتخابات البلدية اضفى حيوية على المشهد الداخلي، وحجب الأنظار عن التداعيات الإضافية للمشهد الإقليمي الدامي، سواء في سوريا حيث عادت معركة حلب إلى الواجهة، أو في العراق حيث تفاقم الموقف البرلماني على خلفية الأزمة السياسية بين حكومة العبادي والتيار الصدري.
وفيما رحّبت أوساط دبلوماسية بالاختبار الديمقراطي البلدي الذي يثبت استمرار المناعة اللبنانية في وجه الحريق الإقليمي، توقفت مصادر نيابية في كتلة كبيرة امام دعوة رئيس لجنة المال النيابية إبراهيم كنعان إلى جلسة محاسبة عامة للحكومة على خلفية ملف النفايات.
وتساءلت المصادر: كيف تقف كتلة عون ضد تشريع الضرورة وتطالب بجلسة لمحاسبة السلطة التنفيذية في ظروف الجميع يعرف كيف تعمل هذه السلطة في ظل الخلافات
وتجاذبات لم تشهدها حكومة من الحكومات السابقة، وأن مبرر بقائها هو فقط الخوف من السقوط في الفراغ الكبير.
 في هذا الوقت، كان وزير المال علي حسن خليل يُؤكّد الحاجة إلى جلسة تشريعية اليوم قبل الغد، لأن هناك أموراً حياتية ضرورية يجب البت بها، متسائلاً أمام وفد إعلامي: هل يُعقل تعطيل البلد على الصعيد التشريعي؟ (راجع ص2).
الفراغ الرئاسي
رئاسياً، جدد البطريرك الماروني بشارة الراعي وهو في طريقه إلى بلجيكا، تنصله من اقتراح السنتين، في وقت بقي الاهتمام الدولي والإقليمي بالملف الرئاسي موضع متابعة وإن لم يحدث خرق يسمح بتوقع حدوث انفراج في العطلة النيابية الطويلة.
وهذا الغموض هو الذي دفع كتلة «المستقبل» النيابية إلى تحميل «حزب الله» وحليفه العماد ميشال عون مسؤولية ما وصفه «بالجريمة المتمادية بحق لبنان واللبنانيين بسبب المخاطر الكبيرة التي يرتبها استمرار الشغور على استكمال عقد باقي المؤسسات الدستورية»، معربة عن مخاوفها من تأثيرات الصدمات الخطيرة على «تماسك لبنان وصموده وصورة مؤسساته وهيبة دولته»، في حين كرّر التكتل العوني معزوفته من أن سبب استمرار الشغور هو عدم احترام الدستور والميثاق(...).
وعلى هامش إطلاق الانتخابات في بلدية بيروت ودعوة النّاس للمشاركة، اعتبر الرئيس سعد الحريري «أن انتخاب رئيس الجمهورية سيغيّر كثيراً من الأمور ويؤدي إلى حل العديد من المشاكل»، مشيراً إلى أنه تقدّم بمبادرة لانتخاب لكنها ووجهت بالتعطيل والاصرار على إبقاء البلد أسير الفراغ الرئاسي.
لائحة «البيارتة»
وكان الرئيس الحريري رعى بحضوره حفل إطلاق لائحة التوافق لانتخابات بلدية بيروت التي اتخذت لنفسها اسم «لائحة البيارتة» في أجواء حماسية زادها هتافات الحضور الذين غصت بهم قاعات «بيت الوسط»، وقاطعت كلمة الرئيس الحريري وكلمة رئيس اللائحة المهندس جمال عيتاني الذي كشف عن برنامج طموح لعمل اللائحة بالنسبة لجعل بيروت العاصمة نظيفة وخضراء ومنوّرة وحل أزمة السير، مع صحة البيارتة والحفاظ على التراث.
ووصف الرئيس الحريري في كلمته اللائحة بأنها لائحة العيش المشترك التي راعت المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، مشيراً إلى أن اللائحة هي عبارة عن توافق أهل بيروت لإعمار بيروت وإنمائها ووحدتها وكرامتها، ودعا البيارتة إلى النزول بكثافة في 8 أيار لانتخاب اللائحة لكي نكرس لبيروت مناصفتها ووحدتها كما أرادها الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وحظي تيّار «المستقبل» بأغلبية الأعضاء السنّة في اللائحة، حيث كانت له حصة ستة أعضاء وهم: جمال عيتاني، يسرى صيداني، محمّد سعيد فتحة، عدنان عميرات، بلال المصري، وعبدلله درويش، بالإضافة إلى إثنين من الشيعة محسوبين على التيار وهما: خليل شقير وعماد بيضون، في حين اختيرت السيدة هدى الأسطة المقربة من مؤسسة مخزومي، والمهندس مغير سنجابي للجماعة الاسلامية، وفادي شحرور ممثلاً لحركة «أمل» ورامي الضاوي ممثّل الحزب التقدمي الاشتراكي.

البلد :

عادت سلسلة الرتب والرواتب الى الواجهة مجددا من خلال اعتصام هيئة التنسيق النقابية امس امام وزارة التربية بمشاركة التيار النقابي المستقل وبالتزامن مع اعتصامات لمعلمي المدارس في كل المحافظات امام السرايات الحكومية، مطالبة "رئيس مجلس النواب بتحديد موعد لجلسة تشريعية يكون اقرار سلسلة الرتب والرواتب بندا اول على جدول اعمالها". وأكدت ان "خطوات التصعيد عندنا بدون سقف ومن يراهن على عكس ذلك نقول له: إنه مخطئ"، داعية "المعلمين والاساتذة في القطاعين العام والخاص والموظفين والمتقاعدين والمتعاقدين والمياومين ليكونوا جاهزين لمناقشة واقرار التوصية بالخطوات التي سوف تقترحها وترفعها الهيئة في لحظة معينة". ولاحقا، انضم وزير التربية الياس بو صعب الى الاعتصام، مؤكدا الوقوف إلى جانب مطالب المعتصمين. واذ اشار الى أن الهاجس الاساسي هو ايجاد طريقة لادخال الاساتذة إلى ملاك الدولة، لفت إلى أنه في انتظار عودة سير عمل المجلس النيابي كي يعيد طرح سلسلة الرتب والرواتب.
في غضون ذلك، ينعقد مجلس الوزراء اليوم في جلسة عادية يغيب عنها ملف امن الدولة بسبب عدم انقضاء مهلة الاسبوعين التي وضعها مبدئيا رئيس الحكومة تمام سلام لايجاد حل للازمة المستفحلة بين مدير عام الجهاز اللواء جورج قرعة ونائبه محمد الطفيلي فيما تستمر الاتصالات بعيدا من الاضواء للتوصل الى صيغة حل.
في هذه الاثناء، بدأ العد العسكي للانتخابات البلدية في معظم المناطق حيث شهدت بعضها اقبالا كثيفا على تقديم طلبات الترشيح، واما الحدث الابرز فكان امس في بيت الوسط حيث تم اعلان لائحة بيروت الائتلافية برعاية الرئيس سعد الحريري الذي اكد اننا "سننزل إلى صناديق الاقتراع وننتخب في الثامن من أيار، أنتم أهل بيروت، أنتم البيارتة، وهذه لائحتكم، لائحة البيارتة، هذه لائحة العيش المشترك، هذه لائحة المناصفة الحقيقية التي نادى بها دوما الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
وفي السياق، افادت المعلومات ان توزيع المقاعد المسيحية جاء على النحو الآتي: القوات اللبنانية، ماروني وارثوذكسي. الكتائب، ماروني. التيار الوطني الحر، انجيلي وشخصية أخرى مناصفة مع الوزير ميشال فرعون الذي سمى اخرى كاثوليكية. شخصان لحزب الطاشناق وواحد للهانشاك. شخصية للنائب عاطف مجدلاني وشخصيتان لمتروبوليت بيروت المطران الياس عودة احدهما ايلي اندريا نائب الرئيس. وستواجه " الائتلافية" لوائح: "لائحة بيروت" في مؤتمر صحافي الخميس المقبل، و"بيروت مدينتي" و"مواطنون ومواطنات في دولة".