ربما لن يصدّق أبناء بلدي أنني فعلا تمنيتُ للحظة ان  أكون سورية الجنسية، مهجّرة ونازحة من الحرب وربما وأنتم تقرأون هذه الكلمات ستبدو علامات الإستغراب بادية على وجوهكم خصوصا العنصريين منكم.

فبين أفكاركم التي ستقود بكم إلى الخيال حول  سبب أمنيتي لأكون من الجنسية السورية وبين السبب الحقيقي فرق شاسع لأنني لست عنصرية كما أنتم إلّا أنّ الرغبة بالعيش بطريقة أخرى ستجعلكم تتمنون مثلي.

 

فمنذ يومين مررت بجانب إحدى التعاونيات في الضاحية الجنوبية ويا لزحمة العالم، دخلت ولم أستطع الوصول إلى الصندوق بسبب زحمة المشترين لكنّ المفارقة ان المشتردين ليسوا لبنانيين  إنّما هم من الجنسية السورية.

والمفاجأة تكمن أن ما يشتريه هؤلاء ببطاقة الأمم المتحدة  نعجز نحن عن شرائه أو بمعنى آخر "نستحرم شراءه" لأنّ هناك اولويات في حياتنا أو بمعنى آخر "لازم المعاش يكفّينا".

ففي بلدنا يعيش النازح حياة الرفاهية ببطاقة مجانية أمّا نحن فإننا نعمل ليلا ونهارا، وتعليقا على هذا الموضوع يقول أحد الأشخاص الجنوبيين "من أول الشهر لحدود الـ4 ايامعجقة بالتعاونيات ما بتفهم حتى أن البعض بيشتروا علب شوكولا وبسكويت دايت، نحنا ما فينا نشتريهم"

وربما قد يقول البعض هنا "لماذا تحسدونهم" أو "هل لهذا تتمنون أن تكونوا من الجنسية السورية ما أتفهكم"، فإننا نقول أجل لهذا لأن اللبناني بات في وطنه غريبا والنازح أفضل منه حالا.

ففي حرب تموز 2006 تهجّرنا وقدّمت لنا المساعدات إلا أنّها كانت لا تكفي وتضطر العائلات إلى الدفع من مدخولها وبعضها اضطر إلى إستئجار منزل وعائلتي من ضمنهم فعدنا بعد 33 يومًا إلى الجنوب بوضع مالي صعب، امّا السوريين فرغم مآسيهم ورغم ظروفهم فإنهم في بلدنا يعيشون بحال أفضل منا.

ولا أعلم هنا على من يقع اللوم؟ على المواطن اللبناني الذي سمح للحيتان أن تأكله فيتمنى لو كان مهجّرا أو على الدولة التي لا تسأل.

وفي الحالتين أنا مؤكدة أننا جميعا عندما نرى هذا المشهد نقول في قرارة انفسنا "ليتنا كنا من الجنسية السورية",