أعلنت إيران أمس إرسال لواء من «القوات الخاصة» في جيشها النظامي إلى سورية، في أول إقرار من نوعه، بعدما كانت تكتفي سابقاً بالقول إن ليس لديها سوى «مستشارين» يساعدون الجيش السوري. وجاء هذا الإعلان بعد أيام فقط من النكسة التي مُنيت بها القوات الحكومية وميليشيات شيعية أجنبية على أيدي «جبهة النصرة» وفصائل إسلامية أخرى على جبهة العيس في ريف حلب الجنوبي. وتلقّت جبهة «النصرة» ضربة لا يُستهان بها بمقتل الناطق باسمها «أبو فراس السوري» في غارة جوية شنتها طائرات أميركية قرب إدلب. ونجحت فصائل معارضة في توسيع نطاق سيطرتها على حساب تنظيم «داعش» في ريف حلب الشمالي وتمكنت من طرده من شريط بطول 10 كلم على الحدود مع تركيا، ما يزيد من تضييق الخناق أكثر على منافذ «داعش» مع العالم الخارجي.

وقبل أيام من الاستئناف المنتظر لمفاوضات جنيف، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن المطالبة بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة تحد من فرص التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة، موضحاً أن موسكو تقترح تأجيل المناقشات حول مصير الأسد.

وصدر الموقف الروسي في وقت جدد مجلس الوزراء السعودي إدانة المملكة وبشدة للمجزرة البشعة التي ارتكبتها قوات بشار الأسد على منطقة دير العصافير في الغوطة الشرقية لدمشق، وما أدت إليه من مقتل العشرات معظمهم من الأطفال والنساء. وشدد المجلس خلال جلسته في الرياض أمس برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على أن هذه المجزرة تؤكد استمرار بشار الأسد في جرائمه ضد الشعب السوري وانتهاكه لوقف الأعمال العدائية، والإصرار على إفشال كل الجهود الدولية القائمة لحل الأزمة السورية سياسياً، كما جدد المجلس، في هذا السياق، تأكيد المملكة ضرورة تحمّل الدول، خصوصاً المتقدمة منها، مسؤوليتها الدولية في رفع المعاناة عن الشعب السوري.

وفي طهران، أعلن معاون التنسيق والعمليات في القوة البرية التابعة للجيش الإيراني علي آراستة أن اللواء 65 الخاص بالقوات الخاصة في الجيش الإيراني، «استقر» في الأراضي السورية لتقديم الاستشارات العسكرية للجيش النظامي. وهذه هي المرة الأولی التي يُعلن فيها إرسال عناصر من الجيش الإيراني ومن «القوات الخاصة الممتازة» إلى سورية، حيث اقتصرت الإعلانات الرسمية في السابق على الحديث عن «مستشارين» من قوات الحرس الثوري (وتحديداً «فيلق القدس» بقيادة قاسم سليماني).

وقال آراستة إن إرسال الوحدات العسكرية لن يقتصر علی لواء القوات الخاصة وانما سيتم دعمها بوحدات أخری مثل اللواء 23، مشيراً إلی أن هذه الوحدات ستُجهّز بطائرات من دون طيّار تُطلق باليد. وليس واضحاً ما إذا كان اللواء الذي أُرسل فعلاً إلی سورية مجهزاً بهذه الطائرات أم لا.

ولفتت وكالة «رويترز» إلى أن آراستة قال الشهر الماضي إن إيران قد تقرر في وقت ما استخدام قوات خاصة وقناصة من قواتها المسلحة كمستشارين عسكريين في العراق وسورية. وحتى الآن كان معظم الإيرانيين المشاركين في الحرب السورية من وحدات الحرس الثوري. ويُعتقد أن إيران أرسلت مئات منهم كمستشارين عسكريين. ولفتت «رويترز» أيضاً إلى أن ارتفاع عدد القتلى بين الإيرانيين منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي «يشير إلى أن القوات الإيرانية تقوم بدور أكبر في النزاع» السوري.

في غضون ذلك، فقدت «جبهة النصرة»، فرع «القاعدة» في سورية، واحداً من أبرز قادتها بضربة جوية راح ضحيتها أكثر من 20 قيادياً وعنصراً في هذه الجماعة وجماعات ارهابية أخرى خلال اجتماع الأحد في قرية قريبة من إدلب. ويُعتبر القيادي القتيل «أبو فراس السوري» الناطق باسم «النصرة»، لكن مسيرته، كما يقول مؤيدوه، تعود إلى سنوات طويلة مضت وقادته إلى أفغانستان واليمن ودول إسلامية عدة حيث ربط علاقات مع قادة معروفين مثل زعيم تنظيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن. وعاد «أبو فراس» إلى سورية في العام 2013 على خلفية النزاع بين «النصرة» وتنظيم «داعش» وحاول «رأب الصدع» بين الطرفين لكنه فشل، فالتحق بـ «النصرة» التي يقودها أبو محمد الجولاني.

وقال مسؤولون أميركيون مساء أمس ان الولايات المتحدة تقف وراء الغارة التي أودت بحياة «أبو فراس» ورفاقه في قرية كفرجالس. وكان بيان للقيادة العسكرية الأميركية أشار قبل ذلك إلى أن طائرات التحالف شنّت الأحد 14 غارة ضد تنظيم «داعش» في سورية، كان بينها واحدة فقط «قرب إدلب». وأوضح البيان أن الغارة «ضربت وحدة تكتيكية كبيرة لداعش ودمّرت مبنيين». ومعروف أن إدلب خاضعة كلياً لنفوذ فصائل «جيش الفتح» الذي يضم «النصرة» و «جند الأقصى» و «أحرار الشام». وتُعتبر مجموعة «جند الأقصى» تحديداً قريبة من تنظيم «داعش»، إذ إنها رفضت في الماضي قتاله.