الارهاب يضرب حرية الرأي والديموقراطية , ويحول الصراع إلى صراع حضارات بين ثقافتين مختلفتين

 

السفير :

لا جديد متوقعا في الجلسة الـ37 لانتخاب رئيس الجمهورية.
قد يزيد او ينقص اليوم عدد النواب الذين اعتادوا حضور الجلسات من باب تسجيل الموقف او النقاط، لكن الاكيد ان النصاب لن يتأمن، وبالتالي فان الشغور، بأشكاله المتعددة، مستمر حتى إشعار آخر.
وبرغم خطورة ظاهرة «عولمة» الارهاب الذي ضرب بالامس بلجيكا وزرع الرعب في أوروبا، وافدا من المنطقة المترنحة.. إلا ان أكثرية الاطراف اللبنانية لا تزال تنظر الى ما يجري في العالم والمحيط من «ثقب» حساباتها الخاصة ومصالحها السياسية المباشرة.
وعليه، لا تبدو معظم القوى الداخلية مستعدة لتغيير جدول أعمالها ولا لإعادة ترتيب سلم أولوياتها، ولا لمراجعة خياراتها، ولا لتعديل استراتيجياتها او تكتيكاتها، ولا لتكييف اشرعتها مع اتجاهات الريح، بل هي تلعبها على «الطريقة اللبنانية» المتوارثة: خلطة من الانانيات والعناد والاوهام والاخطاء الشائعة التي تجعل الكثيرين يعيشون في جزر منفصلة عن الواقع.
احترقت سوريا واستُنزف العراق وتشظى اليمن واهتزت اوروبا.. أما في لبنان، فالقاعدة الوحيدة السارية: «يا زعيم ما يهزك ريح».
وها هي المواقف والادبيات السياسية تعيد انتاج ذاتها، وفق وتيرة نمطية، وكأن أصحابها باتوا معزولين عما يدور في «العالم الخارجي» الذي تحول الى «قرية صغيرة»، أصبحت فيها العواصم الاقليمية والدولية مجرد «أحياء متجاورة» تتبادل التأثير..
وانطلاقا من هذا الأفق الضيق، فانه مهما ارتفع منسوب المخاطر العابرة للحدود، لا شيء في الداخل يدل على ان هناك إدراكا حقيقيا لها او إحاطة فعلية بها، أبعد من التنظير والمشاهدة بالمناظير. وليس أدل على ذلك من ان الاستحقاق الرئاسي يدور في حلقة مفرغة مستهلكا الوقت وفتات الدولة، والحكومة تتخبط في أداء شاحب ومتعثر، ومجلس النواب يعمل في المناسبات فقط، وقانون الانتخاب الذي هو مفتاح التغيير يستعصي على التحديث.
عون يصعّد
وعشية الجلسة الافتراضية لانتخاب رئيس الجمهورية، رفع «تكتل التغيير والاصلاح» بعد اجتماعه أمس برئاسة العماد ميشال عون نبرة اعتراضه، مشيرا الى ان هناك «من هم مهووسون بالنصاب العددي، والهوس لا تتولّد عنه رئاسة، بل النصاب ينشأ من الميثاق بدليل نسبة الثلثين».
وفي رد غير مباشر على الرئيس نبيه بري، شدد التكتل على ان «الاستحقاق لن يسقط كالفاكهة التي أينَعت، بل سيحصل بصورة طبيعية وسلسة، بمجرّد الالتزام بالميثاق».
وبالنسبة الى الوضع الحكومي، اعتبر التكتل في بيانه ان أقلّ ما يقال فيه هو إنّه غير متماسك بسبب التشرذم والتجاذب والاستنساب وعدم الإنتاجية، معتبرا انها «حكومة فجور واستئثار، واختزال وحَرفِ المسؤوليات».
وأكد ان قرار التكتّل الحاسم يتجاوز الموقف الكلامي إلى محاكاة الاستنهاض الشعبي، موضحا ان هناك خطّة عملانية على الأرض، بالأمكنة والمواقيت هي قيد التحضير المسؤول، مرتكزها العودة إلى الشعب الذي نفد صبره وهو صاحب الكلمة والفصل. واستشهد البيان بقول العماد عون «شمّروا عن سواعدكم..» هل تذكرون الجاهزية، لقد آن أوانها بانتظار إشارة الجنرال».
وامام انسداد شرايين الحلول، يستعد عون للخطة «ب»، كما يفهمها هو، والتي من شأنها ان تقود أنصاره في نهاية المطاف الى الاقتراع في الشارع.
وقال مصدر قيادي في التكتل لـ «السفير» ان هذا البيان تحذيري وينطوي على رسالة واضحة لكل من يعنيه الامر بان «التيار الوطني الحر»، قيادة وقواعد، لم يعد يحتمل استمرار الامعان في رفض الاعتراف بالحقوق الميثاقية للمسيحيين، مشيرا الى انه تبين ان الادانة الكلامية لم تعد كافية والصراخ لم يعد ينفع، بفعل الآذان الصماء.
ولفت المصدر الانتباه الى ان من بين الخيارات الاعتراضية التي دُرست الاستقالة من الحكومة او الانسحاب من الحوار، لكن تقرر صرف النظر عن سلوك هذا الاتجاه في الوقت الحاضر لتجنب احراج الحليف المتمثل في «حزب الله» من جهة، ولان لدى العماد عون حرصا من جهة أخرى على عدم توهين الجبهة الداخلية وحماية الحد الادنى من الاستقرار القائم حاليا، من دون ان يعني ذلك القبول باستمرار الواقع الحالي.
وكشف عن انه يتم الاعداد لخطة عملانية، قد تعتمد على التظاهرات الشاملة او الموضعية في الشارع، تبعا للظرف، موضحا ان اكتمال تكوّن هيكلية حزب التيار سيجعل التواصل أسهل مع قطاعاته وكوادره، وبالتالي سيساعد في تنظيم تحرك حضاري ومكثف.
وأوضح المصدر ان توقيت التحرك وشكله يتوقفان على كيفية تطور الاحداث، مشيرا الى انه «إذا تواصل تجاهل ارادة الجزء الاساسي من المكوّن المسيحي في ما خص رئاسة الجمهورية، أو إذا تابعت الحكومة فجورها كما حصل في ملف جهاز أمن الدولة، أو إذا تجرأ مجلس النواب على اعتماد حضور النصف+1 لانتخاب الرئيس، فان جمهور التيار ستكون له كلمته المدوية في الشارع».
تحذيرات نصرالله
تتفاعل اسرائيليا
على صعيد آخر، وغداة تهديد الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في مقابلته مع قناة «الميادين»، باستهداف المفاعلات النووية الاسرائيلية ردا على أي عدوان ضد لبنان، لاحظت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن السيد نصرالله انتقل بتهديداته من استخدام مخازن المواد الكيماوية في خليج حيفا كـ «قنبلة نووية» إلى التهديد بضرب مفاعل ديمونا ومخازن الصواريخ والقنابل النووية.
وأشارت «معاريف» إلى أن مقابلة نصرالله مع قناة «الميادين» حملت رسالة بالغة الشدة بأن «حزب الله» سيضرب في كل مكان في إسرائيل بما في ذلك مفاعل ديمونا النووي «لردع العدو». ولاحظت الصحيفة أن نصرالله استبعد أن تكون إسرائيل تخطط حاليا لحرب على لبنان، لكنه قال إن أمرا كهذا ممكن كثمرة لحماقة. وهدد بأن لدى حزبه قائمة أهداف في فلسطين بينها المفاعلات النووية ومركز الأبحاث البيولوجية.
وبدا أن كلام نصرالله يحمل ردا واضحا على التهديد الذي أطلقه الأسبوع الفائت ضابط كبير في قيادة الجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي وحذر فيه من «اختبار الجيش الإسرائيلي في الجبهة الشمالية»، معتبرا أن فتح «حزب الله النار يعني إقدامه على الانتحار.

النهار :

صارت بروكسيل بحق أمس عاصمة لأوروبا، فالمدينة التي تضم مؤسسات الاتحاد الأوروبي تلقت الضربة المتوقعة على نطاق واسع منذ هجمات باريس في تشرين الثاني 2015. الهدف كان سهلاً وموجعاً، إذ نفذ الانتحاريون من الثغرات الأمنية في وسائل المواصلات، مطار ومحطة مترو، ليثبتوا مرة جديدة أن أذرع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي تبنى العملية واعداً بالمزيد، بالغة التنظيم والثبات في قلب أوروبا، على رغم العمليات الأمنية لمكافحة الإرهاب في الخارج.
توقيت العملية أثار تساؤلات، إذ جاء بعد أيام من توقيف صلاح عبدالسلام، المشتبه فيه الوحيد في هجمات باريس الذي لا يزال حياً، في بروكسيل نفسها، وقد يكون توقيفه عجّل في الهجوم. غير أن المدعي العام الفيديرالي فريديريك فان لو صرح في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال بأنه "لا يزال من المبكر جداً إقامة صلة مع هجمات باريس"، مع العلم أن بلجيكا كانت تعيش هاجساً أمنياً متصاعداً منذ تشرين الثاني الماضي. وإذ أعلن ميشال الحداد ثلاثة أيام بعد الهجمات الأكثر دموية في تاريخ البلاد والتي سقط فيها 34 قتيلاً، أكد تشديد الإجراءات الأمنية على حدودها.
ويبدو أن الهجوم كان يفترض أن يكون أكبر حجماً، إذ عثر على حزام ناسف لم ينفجر وقنبلة في مطار بروكسيل زافنتيم بعد الهجوم الذي استهدف كذلك محطة المترو في مايلبيك، على مقربة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وأعلنت النيابة العامة الفيديرالية أن عبوة ناسفة تحوي مسامير، إلى مواد كيميائية وراية لتنظيم "الدولة الاسلامية"، عثر عليها خلال عمليات دهم في شايربيك بمنطقة بروكسيل.
ودعت الشرطة البلجيكية الى التعرف على صورة التقطت لأحد منفذي الهجمات المفترضين. ونشرت الصورة في حسابها الرسمي بموقع "تويتر" تحت عنوان "من يعرف هذا الرجل؟"، وكان يرتدي سترة وقميصاً فاتحي اللون، ويضع نظارتين ويعتمر قبعة سوداء، ويدفع بعربة عليها حقيبة سوداء كبيرة.
وفي وقت سابق، نشرت السلطات البلجيكية صورة له الى جانب شخصين آخرين أسودي الشعر، وهم يدفعون بعربات في المطار المستهدف بقفازات سود. وفي وقت لاحق أعلن مصدر رسمي أنهم كانوا يضعون القنابل داخل حقائب.
وصدرت مذكرة التوقيف في حقه غداة مذكرة مماثلة أصدرها قاضي تحقيق في حق نجم العشراوي (25 سنة) الذي سافر إلى المجر في أيلول 2015 في رفقة صلاح عبدالسلام. ونظراً إلى رداءة الصور المأخوذة عن كاميرات المراقبة في المطار، لم يتضح ما إذا كان الرجل الذي يرتدي القميص والسترة هو نفسه العشراوي الذي تصدرت صورته الصفحات الأولى للصحف البلجيكية صباح أمس.
وأظهر التحقيق الأولي أن انتحاريَين "على الأرجح" فجرا اثنتين من العبوات الناسفة صباحاً في مطار بروكسيل.
وبعد الظهر سمح مجدداً للمسافرين بدخول محطة القطارات الرئيسية في وسط العاصمة، بمجموعات من عشرة أشخاص، في ظل مراقبة شديدة من رجال الشرطة والجنود. وكان من الصعب إجراء اتصالات هاتفية في العاصمة البلجيكية نتيجة الضغط على الشبكة. وأقفلت المراكز التجارية الكبرى والسوبرماكت في بعض أحياء المدينة. وأخليت جامعة وشُددت اجراءات الأمن حول المنشآت الأمنية وصدر نفي لإخلاء القصر الملكي.
وقد عم التعاطف مع بلجيكا أنحاء أوروبا، وحذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مواطنيه من السفر غير الضروري إلى بروكسيل. وأعلنت السلطات الإيطالية توقيف عراقي بموجب مذكرة أوروبية صادرة في حقه للاشتباه في فرنسا وبلجيكا في صلته بالإرهاب، وبهجمات باريس وبروكسيل.
وجاء في بيان مشترك لزعماء الدول الـ28 في الاتحاد الأوروبي أن ما تعرضت له بلجيكا "هجوم على مجتمعنا المنفتح والديموقراطي".
وقال مسؤولون أميركيون إن واشنطن لم تكن تملك معلومات استخبارية تحذر من تفجيرات في بلجيكا، لكنها أعربت عن اعتقاد قوي أن حصولها محتمل. وسارع الرئيس الأميركي باراك أوباما الموجود في كوبا إلى تأكيد التعاطف الكامل مع بروكسيل في مواجهة الإرهاب وأن الائتلاف الدولي الذي تقوده بلاده سيواصل ضرب تنظيم "الدولة الإسلامية".
وجاء في بيان نُشر بالانكليزية على الانترنت أن "مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية شنوا سلسلة هجمات بأحزمة ناسفة وعبوات استهدفت مطاراً ومحطة مترو في وسط العاصمة البلجيكية بروكسيل، الدولة التي تشارك في الائتلاف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية. المقاتلون فتحوا النار داخل مطار زافنتيم، قبل ان يفجر عدد منهم أحزمتهم الناسفة، كما فجر استشهادي حزامه الناسف في محطة مايلبيك للمترو".
وامتد الهاجس الأمني إلى المدن الأميركية، فسيرت الشرطة دوريات مسلحة بالرشاشات في "تايمس سكوير" في نيويورك، غير أن وزير الأمن الداخلي الأميركي جي جونسون نفى وجود معلومات استخباراتية عن مخطط لشن هجمات داخل الأراضي الأميركية.

المستقبل :

سدد الإرهاب أمس لكمة موجعة للعالم الحر بهجمات استهدفت الأطلسيين والأوروبيين في عقر دارهم، العاصمة البلجيكية بروكسل. وساد الذعر شتى العواصم الأوروبية والمدن العالمية الكبرى ولا سيما في الولايات المتحدة، ورفعت حالات التأهب الأمني القصوى في كل من لندن وباريس وبرلين ونيويورك تحسباً لأي هجوم إرهابي مباغت. 
وبغض النظر عن الطابع «الجبان» لهذه الهجمات الإرهابية التي أودت بحياة ما لا يقل عن 34 مدنياً وأصابت أكثر من 200 آخرين بجروح، إلا أن الأسئلة الأساسية التي تفرض نفسها أكثر من أي وقت مضى هي: كيف يحصل الإرهابيون بسهولة على الأسلحة والمتفجرات؟ وكيف يتمكنون من خرق منظومات أمنية معقدة كالمنظومة الأمنية لمطار حيوي مثل مطار بروكسل في قلب أوروبا؟.
رسالة الإرهابيين التي وصلت الى مقار الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في العاصمة البلجيكية موقعة عشرات القتلى وأكثر من 200 جريح من خلال هذه التفجيرات، جاءت واضحة ومفادها أن «لا أحد آمناً، بغض النظر عن هويته ومركزه وفي أي بلد يعيش». 
وبإعلان «داعش» مسؤوليته عن هذه الهجمات، يكون التنظيم الإرهابي نقل فعلياً الحرب الى قلب الاتحاد الأوروبي انتقاماً (بحسب البيان الذي أصدره) من الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد مواقعه في العراق وسوريا. 
وفي تفاصيل يوم أسود صبغه الإرهاب بلونه، أن فريقين من القتلة توجها الى كل من مطار «زافنتم» ومحطة «مالبك» لمترو الأنفاق في بروكسل. وفي الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت بروكسل قام إرهابيان بتفجير نفسيهما بحزامين ناسفين وسط المطار، فيما ترك إرهابي ثالث حقيبة مفخخة وفر من المكان. الحصيلة الأولية لضحايا المطار أكثر من 14 قتيلاً و96 جريحاً. وبعد ذلك بنحو ساعة أدت عبوة ناسفة زرعت في قطار أو تركت في حقيبة داخله، الى انفجار كبير عند محطة «مالبك» التي تبعد دقائق قليلة عن مقرات الاتحاد الأوروبي، وأدى الانفجار الى مصرع أكثر من 20 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين بجروح. ودفعت هذه الهجمات السلطات البلجيكية الى إقفال جميع مرافق العاصمة وأوصت المواطنين الموجودين في منازلهم بعدم مغادرتها، فيما ضربت أطواق أمنية مشددة داخل وخارج العاصمة، ولم تعد القطارات الى الحركة إلا بعد الساعة الخامسة مساء وذلك بهدف إتاحة الفرصة للعامة الموجودين خارج منازلهم للعودة اليها.
ونشرت وسائل إعلام محلية صورة التقطتها كاميرات المطار لثلاثة مشتبه في أنهم منفذو العملية وهم يجرون عربات حقائبهم كأي مسافر عادي، اثنان منهم يرتديان ثياباً سوداء ويرتديان في اليد اليسرى قفازين أسودين رجح خبراء الإرهاب ان هذين القفازين يخفيان جهازي تفجير الحزامين الناسفين. أما الثالث فيرتدي سترة بيضاء وقبعة داكنة اللون ويرتدي نظارة طبية وله ملامح آسيوية كما يبدو من الصورة، وهو المشتبه الذي يرجح فراره بعد تركه حقيبة مليئة بالمتفجرات في المكان. 
وقامت الشرطة بعمليات دهم واسعة لمعاقل عدد من المشتبه بصلتهم في الإرهاب في العاصمة وضواحيها وألقت القبص على مشتبه به في إحدى شقق شايربك (شمال بروكسل) بعد العثور في شقته على أعلام «داعش« وعدد من الذخائر والأسلحة ومواد كيميائية. ولم يُعرف ما إذا كان المقبوض عليه هو نفسه الإرهابي الثالث الذي فر من المطار. 
ورفضت السلطات البلجيكية ربط أحداث الأمس مباشرة بعملية إلقاء القبض قبل أيام على صلاح عبد السلام الإرهابي الفار من عملية باريس، إلا أن رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال اعترف أن «ما كنا نخشى وقوعه قد حصل»، وأشار الى أن السلطات كانت تتوقع أن تشديد القبضة على خلية إرهابية قد يدفع خلية أخرى الى التحرك.
وفي تفاصيل الهجوم الإرهابي على العاصمة البلجيكية، ذكرت «فرانس برس» أن مغربية قتلت في الاعتداءات التي استهدفت العاصمة الأوروبية، في حين أصيب أربعة مغاربة آخرين بجروح اثنان منهم في حالة خطرة حسب حصيلة مؤقتة أوردتها وكالة الأنباء المغربية الرسمية نقلاً عن مصدر ديبلوماسي مغربي في بروكسل.
وأوضح المصدر أن المغربية توفيت في الانفجار الذي وقع في مترو الأنفاق، في حين أصيب المغاربة الأربعة الآخرون بجروح في الانفجارين اللذين هزا مطار بروكسل.

الديار :

الارهاب يضرب مجدداً اوروبا من البوابة البلجيكية عبر سلسلة تفجيرات ارهابية ادت الى مقتل 38 شخصاً و250 جريحاً العديد منهم اصابتهم خطرة، وهذه العمليات تكاد تكون مشابهة لهجمات 13تشرين الثاني في باريس والتي حصدت اكثر من 200 قتيل وعشرات الجرحى.
التفجيرات في بروكسل طالت على الفور اوروبا والعالم بشظاياها، وبعد اقل من ساعة على هذه التفجيرات، اعلنت جميع الدول الاوروبية اجراءات امنية صارمة لحماية مواطنيها، كما عززت اجراءات المراقبة على الحدود، وزادت قوات الشرطة عناصرها، وعززت الحراسات حول المطارات والمرافق ومحطات المترو والطرقات الرئىسية والفنادق والمناطق السياحية وتم تسيير دوريات مع تركيز خاص على المناطق الرئيسية.
كما عقدت الحكومات اجتماعات استثنائىة، واتخذت الشرطة الالمانية اجراءات حول مطار فرانكفورت وهو اكبر المطارات في اوروبا، وعقد الاتحاد الاوروبي اجتماعا اكد فيه التمسك بالقيم الديموقراطية مع التأكيد على مواجهة الارهاب.
اوروبا الان تدفع ثمن سياستها الخاطئة، وتدفع ثمن مساهمتها في هز الاستقرار في المنطقة وتحديداً في سوريا والعراق وليبيا، وتدفع ثمن عدم اصغائها للتحذيرات من تمدد الخطر الارهابي الى اراضيها جراء سياساتها في المنطقة، وتدفع ايضاً ثمن عدم اصغائها للتحذيرات الروسية من الخطر الارهابي والمساهمة في وصول الارهابيين التكفيريين الى سوريا والعراق والى ليبيا مؤخراً، حتى ان اوروبا لم تتعامل بشكل جدي بعد الاعتداءات الارهابية في 13 تشرين الثاني في فرنسا، حيث كان الرد بعمليات عسكرية استعراضية في «الرقة» السورية، دون اي تنسيق مع الجيش العربي السوري الذي يقاتل وحده الارهاب. وبالتالي فان استمرار هذه السياسات سيفاقم العمليات الارهابية في كل المدن الاوروبية، خصوصاً ان التفجيرات في بلجيكا كشفت عن خلايا ارهابية نائمة تتحرك لحظة الاشارة وتملك كل الامكانيات، وبالتالي فان «الحل» بات صعباً و«الكلفة» الاوروبية ستكون مضاعفة في محاربة الارهاب واوروبا تدرك جيداً أن اللاجئين السوريين على اراضيها ليسوا الا «قنابل» ستنفجر في أقرب وقت، وتجاوز هذه المشكلة لا يكون الا بالمساعدة على الحل السياسي في سوريا ومساعدة الجيش السوري للقضاء على الارهاب وبدون هذا الخيار فان الارهاب سيضرب كل أوروبا خصوصاً ان «المشهد الميداني» بعد التفجيرات الارهابية يؤشر الى ان التعامل مع هذه الحوادث فيه ثغرات كبيرة من قبل الاجهزة العسكرية في الدول الاوروبية.
الارهاب بات خطرا يهدد كل دول العالم وليس اوروبا فقط. وهذا يفرض «اجندة» دولية جديدة بالتعامل مع هذا الارهاب واتخاذ قرار سياسي حاسم بمحاربته، خصوصا ان العلميات التي جرت في فرنسا وبلجيكا تؤشر الى وجود منظمات ارهابية تملك الكفاءة والخبرة والتنظيم والمال والاعداد والخرق الامني، لتقوم بهكذا عمليات عبر اختبار الاهداف وبدقة، خصوصاً ان هذه العمليات جاءت بعد ايام على اعتقال المشتبه الرئيسي في اعتداءات باريس التي وقعت في 13 تشرين الثاني ويدعى صلاح عبد السلام، وسجل التحقيق في اعتداءات باريس تقدما بعد الكشف عن هوية شريك هو نجم القراوي الذي عثر على اثار من حمضه النووي على متفجرات استخدمت في الاعتداءات.

ـ اعتقال صلاح عبد السلام ـ

قبل أيام قليلة تنفست بلجيكا الصعداء نسبيا عندما وضعت قوات الأمن اليد على صلاح عبد السلام بعد مطاردة دامت أكثر من أربعة أشهر للاشتباه في أنه لعب دورا لوجستيا محوريا في الهجمات التي هزت العاصمة الفرنسية باريس يوم 13 تشرين الثاني وتبناها تنظيم الدولة الإسلامية.
في أعقاب تلك الهجمات الدامية، اتجهت الأنظار إلى بلجيكا وتحديدا حي مولنبيك في العاصمة بروكسل لأن أغلب المشتبه فيهم انطلقوا من هناك، ولأن ذلك الحي التي تقطنه غالبية من المهاجرين كان خلال السنوات الماضية منطلقا لكثير من الهجمات في مناطق متفرقة من العالم.
امس عادت بروكسل إلى الواجهة، لكن في قلب الحدث بسقوط عشرات القتلى والجرحى جراء سلسلة انفجارات استهدفت عدة نقاط حساسة بينها مطار زافينتم، ومحطة لقطار الأنفاق وسط ما يعرف بالحي الأوروبي وتحديدا بين مقري المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي.

ـ سؤال الأمن ـ

وتجدد تفجيرات امس التي شلت كثيرا من جوانب الحياة في القلب الإداري لأوروبا وتداعت لها الكثير من بلدان الجوار وخاصة فرنسا، طرح سيل من الأسئلة حول قدرات التنظيمات «المتطرفة» وحول نجاعة المقاربات الأمنية في أوروبا وغيرها في مكافحة ما يسمى الإرهاب.
ومما يزيد من حدة تلك الأسئلة أنها تأتي في وقت تواصل السلطات البلجيكية البحث عن مشتبه بهم آخرين قالت إنهم جزء من شبكة جديدة محورها عبد السلام (26 عاما) وبعد أيام من تصريح وزير الخارجية ديديي رايندرز بأن الشاب المعتقل كان «يخطط لشيء ما في بروكسل».
وجاءت أحداث امس بينما تخوض باريس وبروكسل معركة قانونية حامية الوطيس بشأن تسليم عبد السلام لفرنسا ومكان محاكمته، وامتدت تلك المواجهة إلى وسائل الإعلام بالبلدين ما دفع أحد المعلقين بصحيفة «لوسوار» البلجيكية إلى السخرية من الموقف قائلا إنه بينما يتخاصم الجاران يتسلل المسلحون لضرب أبناء البلدين.
وتؤكد تفجيرات امس أن سؤال الأمن بات مسألة عالمية وأن التفجيرات أصبحت لغة عابرة للحدود وقادرة على الانتقال من قارة لأخرى، فقبل أيام قليلة كانت الجزائر مسرحا لهجوم على حقل غاز تبناه تنظيم الدولة بعد سلسلة عمليات في دول أخرى بقارة أفريقيا كان أكثرها دموية في مدينة بنقردان جنوب تونس سقط فيها عشرات القتلى.

ـ ما العمل؟ ـ

ومع تجدد دوي التفجيرات وتوسع دائرة الرعب والهواجس في قلب أوروبا، يتجدد طرح السؤال حول المطلوب من القارة العجوز التي ترتبط تاريخيا وثقافيا وجغرافيا ببلدان تشهد اضطرابات شديدة وحروبا ضارية (خاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) .
وقبل نحو سنة تقريبا، كان خافيير سولانا وهو الممثل الأعلى السابق لشؤون السياسة الخارجية والأمن لدى الاتحاد الأوربي، واضحا في رؤيته للملف. فقد دعا أوروبا لإلقاء «نظرة فاحصة على نفسها» و«إدراك أن الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين عُرضة لإغراءات المنظمات الإرهابية الآن، لأن المواطنة الأوروبية لم تترجم إلى اندماج اجتماعي واقتصادي حقيقي».
كما حث الدبلوماسي المخضرم أوروبا على الذهاب إلى ما هو «أبعد من الدفاع عن حرية التعبير، وتحسين التنسيق الشرطي لوضع الحلول الدائمة الكفيلة بعلاج التهميش الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه أتباع هذه الحركات، مع تجنب المواجهات الثقافية والاعتماد على القمع وحده».

ـ كيف وقعت التفجيرات؟ ـ

صباح الثلثاء امس هزت 3 تفجيرات العاصمة البلجيكية بروكسل، استهدف اثنان منها مطار بروكسل، وثالث وقع في محطة قطارات قرب مبنى الاتحاد الأوروبي، ما أدى لسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى. وقد هز انفجاران مبنى مطار زافنتيم بالعاصمة البلجيكية بروكسل صباح امس، وما هي إلا ساعة حتى كانت محطة مايلبيك لقطار الأنفاق ترتجف هي الأخرى من انفجار ثالث ضربها وسط العاصمة.
احد الانفجارين قام به انتحاري في صالة المغادرين التي دمرت بالكامل.
تأكيدات من شرطة الإطفاء وإخماد الحرائق أن الانفجارين تسبّبا بمقتل 11 وجرح 35 بجروح بالغة داخل المطار.
في البدء سُمع صوت في صالة المغادرين، ثم صيحات بالعربية على إثرها دوّى الانفجاران. وتعددت الشهادات على ذلك حسب وكالة بيلجا الإخبارية.
وعند الساعة التاسعة و11 دقيقة حصل تفجير آخر في محطة مايلبيك لقطار الأنفاق وسط بروكسل وأنباء عن 10 قتلى.
وتم إيقاف كل وسائل المواصلات العامة وإغلاق كافة محطات المترو، وإغلاق محطة قطار آنتويرب المركزية للتفتيش وفق وكالةVRT.
رئيس وزراء البلاد شارل ميشيل خاطب الشعب واهاب بالناس في كل أرجاء البلاد أن يراوحوا أماكنهم ولا يغادروا منازلهم.
كما تم إغلاق كافة شوارع العاصمة الرئيسية وأنفاقها أمام المرور واستنفار عام وإعلان الطوارئ.


وأُخلي محيط مقر رئيس الوزراء في شارعRue de la Loi. وكذلك رفعت درجة الطوارئ إلى الدرجة الرابعة القصوى لتعم البلاد، واستدعاء المزيد من جنود وقوات الأمن.
واغلق المرور باتجاه المطار أمام قطارات وحافلات النقل العام وتحويل مسار الطيران القادم إلى بروكسل إلى مطارات أخرى، كما نشر مركز الأزمات رقمه للاتصال أمام كل من لديه مخاوف ودواعٍ مقلقة، وتعميم رقم الطوارئ.

 

الجمهورية :

بعد أيام على اعتقال السلطات البلجيكية العقلَ المدبّر لتفجيرات باريس صلاح عبد السلام، خلال مداهمة للشرطة أدّت إلى إصابته بجروح طفيفة في بروكسل يوم الجمعة الماضي، عاشت أوروبا عموماً وبلجيكا خصوصاً ساعات عصيبة بعد الاعتداءات الإرهابية التي استهدفَت مرافق حيوية ومفاصلَ أساسية في العاصمة بروكسل، كالمطار، الذي وقعَ فيه تفجيران انتحاريّان في صالة مغادرة الركّاب، ومحطة مترو أنفاق بالقرب من مقر بعثة الاتّحاد الأوروبي، التي شهدت تفجيراً ثالثاً، وخلّفَت هذه التفجيرات عشرات القتلى والجرحى (34 قتيلاً و187 جريحاً) ، ورفعَت السلطات مستوى الإنذار من خطر إرهابيّ إلى أقصى مستواه، وعزّزَت كذلك الانتشار الأمني في مطارات البلاد والمنشآت الحيوية، ولا سيّما في المحطات النووية. وتَردَّد صدى هذه الانفجارات التي أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي، مسؤوليتَه عنها وتوعَّدَ بمزيد من العمليات في أوروبا، في عددٍ من العواصم العالمية، التي رفَعت حالات الطوارئ فيها، وسارعَت الولايات المتحدة الأميركية إلى تعزيز الإجراءات الأمنية في مطاراتها بنحو غير مسبوق، كذلك فَعلت بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وهولاندا وفرنسا، التي أكّد رئيسُها فرنسوا هولاند أنّ أوروبا كلّها مستهدَفة، فيما قال رئيس وزرائها مانويل فالس: «نحن في حربٍ، وفي مواجهة هذه الحرب، يجب تعبئة كلّ الهيئات». تفجيرات بروكسل التي شغلت العالم، سارَع لبنان الرسمي إلى التنديد بها، واعتبَر رئيس الحكومة تمام سلام أنّ ما شهدته بروكسل وقبلها اسطنبول وأنقره وباريس وغيرها، يؤكد أنّ المعركة مع الإرهابيين طويلة، وأنّ هناك حاجة أكثر من أيّ وقت مضى، إلى عمل دولي جدّي ومنسّق لضرب بؤَر الإرهاب أينما كانت.
وحضَّ الرئيس سعد الحريري كلّ الدول «على إرساء آلية تعاون دولي فعّال لمواجهة تحديات انتشار وباء الإرهاب، الذي بات يتخطّى حدود أكثر الدول أمناً وقوّة، ويطاول العالمَ بأسره».
وأكد «أنّ الأمر بات يتطلّب بَلورة أساليب مبتكرة ومتطوّرة تأخذ بالاعتبار مسبّبات انتشار هذا الوباء وتضَع المعالجات المطلوبة لإنهائه وسدّ كلّ الثغرات التي يَنفذ منها هؤلاء الإرهابيون لتنفيذ جرائمهم».
ودانت وزارة الخارجية تفجيرات بروكسل، وشدّد وزير الخارجية جبران باسيل على أنّ «المطلوب من الدول كافة تضافُر الجهود بغية مواجهة الإرهاب مواجهةً فعلية وحقيقية، إنطلاقاً من تحطيم قدراته العسكرية وتفكيك شبكاته الأمنية وتجفيف مصادر تمويله وتقويض مَن يُغذّيه فكرياً».
ورأى «حزب الله» أنّ هذه التفجيرات تؤكد مرّةً أخرى على خطر المجموعات الإرهابية، وتكشف أنّ النار التي تكتوي بها أوروبا خصوصاً والعالم عموماً هي نفسها النار التي أشعلتها بعض الأنظمة في سوريا وغيرها من دول المنطقة.
المشنوق
ومِن لندن، حصَل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على دعم بريطاني بقيمة 27 مليون دولار، وهي عبارة عن أجهزة ومعدّات لمطار بيروت، وأكد «أنّ الأولوية التي سيعطيها فور عودته إلى بيروت ستخصّص»لمعالجة الثغرات الأمنية في المطار، نظراً لخطورته، فالثغرات فيه قد توازي تلك التي كانت موجودة في مطار شرم الشيخ، وتَسبَّبت في تفجير الطائرة الروسية، وذلك حسب التقارير الغربية». وشَكا مِن أنّ «التجاوب كان محدوداً في مجلس الوزراء، الذي لم يأخذ في الاعتبار حجمَ الأخطار وانعكاساتها السلبية على سمعة مطار بيروت الدولية».
ولفتَ المشنوق إلى أنه التقى قائد جهاز أمن المطار العميد جورج ضومط الموجود حاليّاً في العاصمة البريطانية للقيام بدورة تدريبية، وأعطاه التعليمات اللازمة بضرورة «رفع الجهوزية الأمنية في مطار بيروت، إضافةً إلى الطلب من مختلف الأجهزة الأمنية رفعَ أقصى درجات الحيطة والحذر وتشديد الإجراءات الاحترازية».
وأشار إلى أنّه خلال أسابيع قليلة، وبناءً على مشاورات مع رئيس الحكومة تمام سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير المالية علي حسن خليل ووزير الأشغال العامة غازي زعيتر، سيكون لموضوع أمن مطار بيروت أولوية، وسنعمل على معالجته». وشدّد المشنوق على أنّ «الخيار الوحيد لمواجهة الإرهاب هو بالمزيد من التعاون الأمني والتنسيق بين مختلف الجهات الأوروبية والعربية والدولية لمواجهة التطرّف».
مصدر عسكري رفيع
وفي وقتٍ يخوض الجيش اللبناني معركة مع الإرهاب على طول السلسلة الشرقية، ويُلقي القبض على الشبكات في الداخل، بَرزت أمس زيارة مساعد قائد القوات البرّية في القيادة الوسطى الأميركية اللواء وليم هيكمان على رأس وفد عسكري إلى لبنان، حيث التقى قائد الجيش العماد جان قهوجي في اليرزة.
وأكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «لقاء قهوجي وهيكمان كان إيجابياً، حيث تمَّ بحثُ التعاون العسكري والتنسيق بين الجيشَين اللبناني والأميركي»، مشيراً إلى أنّ «هيكمان أكّد استمرار الدعم الأميركي للجيش اللبناني في مجال التدريب والتسليح، خصوصاً أنّ موقف واشنطن واضحٌ وحازم في هذا الخصوص، وأنّ مساعداتها العسكرية إلى الجيش اللبناني مستمرّة تلبيةً لحاجاته من الأسلحة والذخائر، وهي تَدعمه في حربه ضدّ الإرهاب ولحفظِ الأمن والاستقرار الداخلي، ولا تَراجُع عن هذا الأمر».
فرصة أميركية
أمّا الفرصة الأميركية لدعم الاستقرار النقدي والمالي والمصرفي في لبنان بموازاة الدعم الأمني والعسكري للجيش اللبناني، فلمسَها وزير المال علي حسن خليل في لقاءاته في واشنطن، حيث نَقلت له مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى والأوسط آن باترسون أنّ الإدارة الأميركية تَبذل جهداً مع دول مجلس التعاون الخليجي وتحديداً السعودية والإمارات، لإعادة النظر في موقفها.
ونَقلت إليه أنّها لمست من هذه الدول عدمَ الاستمرار بأيّ إجراءات تساعد على إضعاف لبنان. كما أكدت له التزامَ بلادها بدعم الجيش اللبناني واعتباره شريكاً أساساً في مواجهة الإرهاب، وقيَّمت إيجاباً زيارةَ قائد الجيش العماد جان قهوجي الأخيرة إلى الولايات المتّحدة.
خليل
وقال خليل لـ«الجمهورية»: «لمسنا في كلّ اللقاءات التي أجرَيناها مع المسؤولين الأميركيين، سواءٌ لدى الخزانة الأميركية أو الديبلوماسيين، أنّ هناك التزاماً جدّياً بدعم لبنان، والأجواءُ يمكن تصنيفها بالمفيدة والإيجابية. وعرَضنا وجهة نظرِنا بشكل واضح وصريح، مع الأخذ في الاعتبار حساسية المكوّنات اللبنانية وعدم التعرّض لأيّ منها، حيث يمكن أن ينعكس ذلك على استقرار لبنان».
وأضاف: «لمسنا أيضاً لدى المعنيين تفهّماً لحساسية الوضع اللبناني، إنْ كان في ما يتعلق بالإجراءات المتصلة بالقطاع المصرفي والنقدي، أو في الجانب السياسي، وتَلقّينا تطمينات بتجميد الإجراءات التي تمسّ استقرار لبنان.
وهناك فرصة سنحاول تثميرَها لمصلحة الاستقرار الداخلي في لبنان لتجاوز نتائج التداعيات السلبية لِما يمكن أن يُتّخَذ من قرارات. والمسؤولون الأميركيون أكّدوا لنا أنّ إجراءاتهم لا تَستهدف مجموعات لبنانية، وبالتحديد لا تستهدف الطائفة الشيعية، وأخَذنا وعداً بالتدقيق الجدّي والمراجعة لأيّ إجراء سيَحصل على هذا الصعيد.
جلسة الانتخاب
رئاسياً، لا تغييرَ متوقّعاً في المشهد الرئاسي، على رغم بلوغ عدّاد الجلسات الانتخابية اليوم الرقم 37، وبالتالي سيسجّل اليوم تمديد إضافي للشغور وموعد جديد لجلسة انتخابية جديدة.
برّي
وقال رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس إنّ حَلحلة الأمور تتوقّف على انتخابات رئيس الجمهورية. وأكد مجدّداً أنّ ثمرة الاستحقاق الرئاسي نضَجت، لكنّه يخشى سقوطها، وشدّد على أنّ لبنان لا يمكن له أن يفرّطَ بالمقاومة أو أن يتنازلَ عنها طالما إسرائيل لا تزال في أرضنا» وأكد «أنّ استعادة زخم العلاقة بين السعودية وإيران يمثّل ضرورة إسلامية وعربية، ويمثّل ضرورة لبنانية، وكذلك سوريّة وعراقية ويمنية وبحرينية، وإلى آخر المشوار، ولا بدّ مِن وقف التحديات ووقفِ التوترات السائدة، نظراً لِما لها من انعكاسات مرّة على شعوب المنطقة».

اللواء :

«الارهاب واحد من نهر البارد إلى بروكسل».
العبارة التي قالها الرئيس ميشال سليمان في تغريدة له عبر «تويتر»، كات كافية لتعطي انطباعاً لبنانياً بأن التفجيرات التي ضربت العاصمة البلجيكية كان لها الحيز الكبير أمس من الاهتمام الرسمي والسياسي فضلاً عن الشعبي، نظراً لكون الإرهاب بات «وباء يتخطى حدود أكثر الدول أمناً وقوة ويطال العالم بأسره»، على حدّ تعبير الرئيس سعد الحريري الذي وصف الاعتداءات الإرهابية في العاصمة البلجيكية بأنها تجسّد «أقصى درجات العنف والكراهية»، فيما ادان رئيس الحكومة تمام سلام ما وصفه «بالعنف المجاني الذي يرتكب باسم الدين من دون رادع ديني أو اخلاقي»، داعياً إلى «عمل دولي جدي ومنسق لضرب بؤر الإرهاب أينما كانت».
وإذا كان الاهتمام اللبناني بتفجيرات بروكسل تمثل بمجموعة من المواقف المستنكرة من مختلف التيارات والتوجهات السياسية، فإن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق سبق الجميع بفتح ملف مطار بيروت، معلناً من لندن برفع جهوزية المطار من الناحية الأمنية، لافتاً النظر إلى ان «الثغرات الموجودة في مطار رفيق الحريري الدولي قد توازي ثغرات مطار شرم الشيخ التي تسببت بتفجير الطائرة الروسية، مؤكداً انه سيعطي وضع المطار الأولوية فور عودته إلى بيروت لطرحه على طاولة مجلس الوزراء الذي كان تجاوبه محدوداً عندما طرحه سابقاً، ولم يأخذ بعين الاعتبار حجم الاخطار التي تتهدده وانعكاساتها السلبية على سمعته الدولية».
ومهما كان من أمر، فإن الاعتداءات الإرهابية، ستكون دافعاً اضافياً لمزيد من الاهتمام بالزيارة التي يعتزم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون القيام بها إلى بيروت مساء اليوم، يرافقه رئيس البنك الدولي ورئيس البنك الإسلامي للتنمية، خصوصاً وانه يفترض بمجلس الأمن الدولي ان يكون له دور للقضاء على بؤر الإرهاب، حسب الرئيس سليمان، على الرغم من ان الزيارة لها صلة بأوضاع النازحين السوريين والمساعدات التي يمكن ان تقدم للبنان، على صعيدي تعزيز قدرات الجيش اللبناني لمواجهة المجموعات المتطرفة، وتوفير البنى التحتية الملائمة لمساعدة لبنان على تخطي ازمته مع النازحين.
ومن المقرّر ان يلتقي بان غداً الخميس كلاً من الرئيس نبيه برّي والرئيس سلام الذي يقيم له مأدبة عشاء في السراي، بعد أن يعقد معه جولة محادثات في الثالثة والنصف بعد ظهر الخميس يعقبها مؤتمر صحفي مشترك.
ويزور بان أيضاً مقر قيادة «اليونيفل» في الناقورة ومخيماً للاجئين.
برّي - عون
في هذه الاثناء، لا تبدو المحطة الانتخابية الرئاسية المحددة اليوم في مجلس النواب، فاصلة على صعيد تحقيق اختراق لانتخاب رئيس الجمهورية، حيث لا يتوقع ان تقدّم جديداً الا على مستوى ارتفاع عداد النصاب بدفع من الرئيس الحريري الذي تردّد انه سيعود إلى بيروت اليوم للمشاركة في الجلسة، في وقت دخلت فيه العلاقة بين الرئيس برّي والنائب ميشال عون مرحلة السجالات المتبادلة، على خلفية «الذمية السياسية» التي أثارها الوزير جبران باسيل في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء وتصدى له بعنف غير مسبوق وزير المال علي حسن خليل الذي يواصل زيارته الحالية لواشنطن، حاظياً بتطمينات أميركية بأن العقوبات المفروضة على «حزب الله» لن تمس استقرار لبنان، ولا تستهدف طائفة بعينها.
وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه ردّ تكتل «التغيير والاصلاح» على الرئيس برّي دون ان يسميه، عندما أشار إلى ان «الاستحقاق الرئاسي لن يسقط كالفاكهة التي اينعت، ولا بالانهاك، بل سيحصل بصورة سلسة بمجرد الالتزام بالميثاق، معتبراً ان معركة رئاسة الجمهورية ليست معركة نصاب أو تصويب بل هي بامتياز معركة ميثاق».
وكان الرئيس برّي قد أكّد في كلمة له خلال حفل إطلاق «مشروع التنمية المستدامة لإدارة التبغ والتنباك (الريجي) الذي أقيم في عين التينة، ان انتخاب رئيس الجمهورية يجب ان يكون قريباً، وهو ثمرة نضجت وأخشى من سقوطها، مشيراً إلى ان سلام لبنان وعبوره إلى الدولة لا يمكن ان يتحقق الا خارج التحالفات والخطوط، وأن المخرج الأساس للوضع الراهن هو الحوار الوطني على خلفية استعادة العلاقة السعودية - الإيرانية لإيجابياتها.
ورأى أن الوقائع الضاغطة على لبنان يمكن أن تجد طريقها الدستوري بمجرد أن يعبر الاستحقاق الوطني المتمثل بانتخاب رئيس الجمهورية, لافتاً إلى أن لبنان هو أفضل بقعة في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية.
وقال أن لبنان الذي كسب إعجاب العالم بمقاومته والذي صمد وهزم آلة الحرب الإسرائيلية صيف عام 2006 لا يمكن له أن يفرّط بهذه المقاومة أو أن يتنازل عنها طالما إسرائيل لا تزال في أرضنا ولا تزال أطماعها، وهو لن يتنازل عن دورها وسلاحها وكذلك سيادته ولا أن يقبل التهديدات لحدوده الشرقية والشمالية كما الجنوبية.
على أن اللافت في بيان التكتل العوني عودته إلى التلويح بالشارع، وقول الوزير السابق سليم جريصاتي الذي تلا البيان: «هل تذكرون الجهوزية، لقد آن أوانها بانتظار إشارة الجنرال»، وكذلك الحملة المتجددة على الوضع الحكومي الذي وصفه جريصاتي بأنه «غير متماسك»، وأن الحكومة تحوّلت إلى «حكومة فجور واستئثار واختزال وحرف المسؤوليات».
وعلمت «اللواء» من مصادر التكتل، أنه يتم التحضير لما أسمته «المواجهة المفتوحة» لحالة الاهتراء الحاصلة في البلاد، وأن هذه المواجهة لن تكون محصورة في قطاع معيّن، كاشفة عن انطلاق الجو التصعيدي بعد عيد الفصح، على أن تتبلور ملامح الأولويات للملفات التي سيطرحها الأسبوع المقبل.
وإذ نفى عضو التكتل النائب سليم سلهب لـ«اللواء» وجود نيّة بالإستقالة من مجلس النواب أو الحكومة، اعتبر أن خيار اللجوء إلى الشارع أو عدمه سيكون من بين الخيارات التي ستُدرس.
كتلة المستقبل
في هذا الوقت، نفى مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» النيابية، أن تكون الكتلة قد تطرقت في اجتماعها أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة إلى مواقف الأمين العام «لحزب الله» السيّد حسن نصر الله، بشأن علاقة حزبه بتيار «المستقبل» وتركه الباب «موارباً» لاحتمال اللقاء مع الرئيس الحريري في حال أدى الحوار القائم بين الطرفين إلى نتيجة سياسية.
لكن المصدر أكد أن الكتلة توقفت طويلاً عند استمرار هجوم نصر الله على المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما عبّر عنه بيان الكتلة الذي استنكر ما وصفه «حملات التجريح والافتراء التي يكيلها نصر الله تجاه السعودية والدول العربية ودول مجلس التعاون من دون أي اعتبار لمصالح لبنان العليا ولمصالح اللبنانيين الذين يتعرضون لمشكلات ومخاطر كبرى بسبب استمرار انعكاسات تورّط الحزب في الحرب الدائرة في سوريا وفي أكثر من ساحة وبلد عربي، معتبرة ذلك «إستهتاراً» بمصالح اللبنانيين واستقرارهم ولقمة عيشهم.