كثف قياديون حوثيون من الرسائل التي تقول إنهم يتجهون إلى تغيير موقفهم في اتجاه البحث عن حل سياسي تفاوضي مع السعودية في خطوة أولى قد تتبعها تنازلات في الداخل في مرحلة ثانية، وأنهم لا يريدون أي تدخل إيراني في الملف.

لكن مراقبين، حذروا من المبالغة في التفاؤل بقدرة الحوثيين على الإقدام على مثل هذه الخطوات دون أن يكون هدفهم المناورة لكسر الحصار المحكم حولهم في أغلب مناطق اليمن، وخاصة في العاصمة صنعاء.

ومن الصعب على الحوثيين المرتبطين بإيران بشكل وثيق سياسيا وعقائديا أن يقرروا في وقت واحد إرسال وفد تفاوضي إلى مدينة أبها السعودية، ودعوة إيران إلى رفع يدها عن الملف وترك اليمنيين يحلون خلافاتهم.

ونشر يوسف الفيشي عضو اللجنة الثورية للحوثيين رسالة على حسابه في فيسبوك الأربعاء يطالب فيها المسؤولين الإيرانيين بالبقاء بعيدا عن الصراع اليمني. جاء ذلك بعد يوم من قول جنرال إيراني إن طهران قد ترسل مستشارين عسكريين لمساعدة قوات الحوثيين الذين يقاتلون تحالفا عربيا بقيادة السعودية.

وقال الفيشي “كفى مزايدات واستغلال. على المسؤولين في الجمهورية الإسلامية في إيران السكوت وترك الاستغلال والمزايدات بملف اليمن”.

وطالب الفيشي الإيرانيين أن يتعلموا “المسؤولية والشجاعة من حسن نصرالله الذي يقف لله ويتكلم لوجه الله”، في مداهنة متناقضة للحزب اللبناني الذي تعده غالبية الدول العربية منظمة إرهابية تخدم المصالح الإيرانية.

وقال المراقبون إن هذا التصريح لا يمتلك أهميته السياسية إن لم يصدر من زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي ليكون موقفا ملزما للجماعة، ويمكن للدوائر الإقليمية، وخاصة السعودية، أن تتعامل معه بالجدية اللازمة، وتبني عليه جهودها لحل سياسي حقيقي في اليمن يقوم على إعادة الشرعية في مرحلة أولى، ثم العودة إلى مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية كأرضية لحوار وطني لحل الأزمة.

ويبدو أن كلام الفيشي يهدف إلى تسهيل مهمة الوفد الذي يزور السعودية بالقول إن الجماعة تتحرك وفق مصالحها، وأنها ليست خاضعة لإيران في محاولة لتليين موقف الرياض تجاهها، والسماح بفتح قنوات الحوار لحل مختلف القضايا بدل اللجوء للحل العسكري الذي يبدو أن الحوثيين متأكدون من حسمه لفائدة السعودية وحلفائها.

ومن الصعب أن يقتنع السعوديون بوجود تغيير دراماتيكي في ولاء المتمردين الحوثيين لإيران، لكنه قد يسمح بانفراجة في الوضع اليمني، خاصة في الجانب الإنساني كالحصول منهم على تعهد بالسماح بمرور المساعدات للسكان المحاصرين في تعز.

ووصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الأربعاء دعوة الفيشي لطهران بالبقاء بعيدا عن أزمة اليمن بأنها إيجابية، وذلك في نهاية اجتماع عقده وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في الرياض.

ويبدو أن الرياض ستمنح الحوثيين الفرصة لإثبات حسن نواياهم من جهة أولى، ولإقامة الحجة عليهم من جهة ثانية إذا بان أن موقفهم الحالي مجرد مناورة وتقية لفك الحصار البري والبحري عليهم.

وأشار المراقبون إلى أنه حتى لو تأكد أن القرار الحوثي بداية لتغيير جدي في الموقف، فإن بداية تنازل المتمردين لا تعني انتهاء الأزمة اليمنية بل إن الطريق طويل أمامها.

وتشترط السعودية وحلفاؤها اليمنيون قبول الحوثيين بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2216 قبل البدء بأي حوار لحل الأزمة اليمنية. وجدد الجبير الأربعاء التزام المملكة بإيجاد حل سياسي في اليمن، وأنها تدعم جهود مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد في ذلك.

وأعلن وزراء خارجية مجلس التعاون بمشاركة المغرب والأردن، في بيان ختامي لاجتماعهم رفضهم لأي تدخل إيراني في المنطقة.

وأكد الاجتماع الوزاري أهمية الحل السياسي في اليمن وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومؤتمر الرياض والتنفيذ غير المشروط لقرار مجلس الأمن.

وأكد وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي أن المفاوضات السياسية التي تدعمها اليمن وقوات التحالف العربي هي مفاوضات لتنفيذ القرار 2216.

وأشار المخلافي، على هامش الاجتماع الوزاري الخليجي، إلى أن التفاوض المباشر سيكون مع الأمم المتحدة، مشددا على أنه لا يمكن قبول أي مسار آخر غير قرار 2216.

وتحركت منظمات وهيئات دولية للضغط باتجاه إيجاد حل للأزمة اليمنية في ظل آثارها السلبية على المدنيين، لكن الأمم المتحدة، وخاصة مبعوثها إلى اليمن، ما تزال عاجزة عن ملامسة الحل خاصة أنها تريد أن تقفز على القرار 2216 والاتفاق على وقف متبادل لإطلاق النار دون ضمانات ملزمة للحوثيين.

 

صحيفة العرب