وبعد طول انتظار، أدخلت شركة "فيسبوك" تعديلاً جذرياً على خاصية ابداء الاعجاب Like، فاضافت اليه ازراراً تفاعلية اخرى تترجم خمسة انواع من المشاعر: الحب، الغضب، الحزن، الدهشة والضحك. هذه "الخدمة" الجديدة اًطلقت رسمياً في 24 شباط الماضي، وعلى رغم عدم انقضاء الوقت الكافي لتقييمها، إلا أنها لاقت ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض أو متخوّف!

تشرح المتخصصة والاستشارية في وسائل التواصل الاجتماعي ساندي غصن أن "فيسبوك تعمل منذ العام 2006 على تطوير خوارزميتها algorithm من أجل تقديم الأفضل للمستخدمين الافراد والشركات على حدّ سواء". وفي حديث لـ "لبنان 24" تلفت إلى أن روّاد هذا الموقع التفاعلي ما انفكوا يطالبون ادارة الشركة باضافة رمز مناقض لـ "اعجبني" أي زر Dislike: "لم يعد كافياً حصر الوسائل التفاعلية بثلاث فقط (like – comment-share)، اذ ثمة منشورات تتطلب تفاعلاً مغايراً يترجم بالرمز حقيقة المشاعر، وبالفعل استمعت شركة "فيسبوك" الى مطالب مستخدميها، لتفرج اخيراً وبعد طول دراسة وابحاث، عن هذه الرموز الجديدة"، تقول غصن.

لماذا فضّلت الشركة عدم استحداث Dislike؟! سؤال سبق واجاب عنه مارك زكربرغ بقوله أن "فيسبوك" لا تحبذ نشر المشاعر السلبية بل تسعى الى أن تكون عامل قوة نحو الخير. ومع هذا، ثمة من يرى في زري sad وangry تعبيراً واضحاً عن عدم الاعجاب، ولا سيّما اذا ما اسيء استعمالهما. الى ذلك هناك من يعتبر أن حصر المشاعر الانسانية التفاعلية بخمسة (ستة مع "اعجبني) ليس بالامر الموفق وعلى الموقع الذي يستخدمه أكثر من مليار ونصف شخص حول العالم أن يضيف المزيد من هذه الرموز التعبيرية (كالغيرة، الوحدة، الغرور، التشجيع...). غير أن غصن التي تشغل حالياً مديرة قسم التواصل الاجتماعي في شركة Wego- Middle East ، ترى أن "كل الامور واردة في المستقبل، فقد يلجأ الموقع الى اضافة المزيد أو حذف بعض الرموز (حذف سابقاً رمز yay)، حين يتمكن من تقييم الوضع بأكمله".

وبرأيها، فإنه لا يزال من المبكر الحكم على هذه الميزات، والامر يحتاج الى وقت اطول لفهم طبيعة تصرف المستخدمين وتجاوبهم وتفاعلهم معها. ومع هذا، فانها تستطيع أن تلحظ اكثر من ايجابية في هذه الازرار الجديدة تعود بالافادة على الافراد والشركات على حدّ سواء. تضيف غصن شارحة: "بالنسبة الى الاشخاص، فقد بات في امكانهم التعبير بشفافية عن حقيقة مشاعرهم تجاه منشور أو مضمون عوض الاكتفاء بالـ "لايك" والتي قد تحمل في طيّاتها اكثر من رسالة. ومن شأن هذه الازرار ان ترفع من نسبة التفاعل، ففي السابق كان المستخدم يعمد الى تجاهل "البوست" في حال لم يعجبه او في بعض الاحيان اللجوء الى التعليق معبرّاً، وهو امر قد يكون محرجا بالنسبة اليه، اما اليوم فقد بات بامكانه الضغط على احد هذه الوجوه بسهولة".

ولكن في هذا الاطار، ثمة من يتخوّف من ان تعود هذه الخدمات بالاذى على الاشخاص، لا سيّما المراهقين منهم، في حال نالوا "وجوه الحزن والغضب"، بخاصة إذا ما أساء "رفاقهم" استخدامها او استغلوها لجرح مشاعرهم. غير أن غصن تلفت إلى أن "رواد مواقع التواصل الاجتماعي ليسوا أغبياء وباتوا ملمين بتفاصيل العملية التفاعلية"، وتردف قائلة: "ثم ان التعليق على منشور يعني مضمونه فقط، وليس موجها الى صاحبه شخصيا. من هنا ارى ان هذه الميزات الجديدة مفيدة كونها ستجعل المستخدمين يتحلون بمسؤولية اكبر لدى نشرهم اي "بوست".

الامر ذاته ينسحب على الشركات والمعلنين، برأي غصن: "قد يرى البعض ان التعليق باحد هذه الرموز السلبية على ما تنشره شركة ما سوف يضرّ بها وبسمعتها، لكن في الامر ايجابية اخرى تتمثل بدفع هذه الشركات الى التطوير وتصحيح الاخطاء والاستجابة الى ما يطمح اليه الزبون. انها فرصة فريدة من نوعها لمساعدتها في عملية التقييم ووضع استراتيجية عملها".

لكن في المقابل، ثمة من يعتبر ان "فيسبوك" تسعى الى التحكم بمشاعر الناس من خلال هذه الاضافات الجديدة التي طوّرت مفهوم التفاعل من زر "اللايك" (الذي بات مرادفا للشركة وكأنه علامتها التجارية) الى ازرار اخرى مختلفة. ويستند هؤلاء الى واقع ان اكثر ما يظهر في News Feed لدى المستخدم يعتمد على المنشورات الاكثر تفاعلا. .( Our goal with News Feed has always been to show people the things they want to see...الكلام لـ "فيسبوك")! ومن المعروف ان الموقع اجرى دراسة في العام 2012 حول السلوك البشري على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قام بالتحكم بالاخبار التي تظهر امام عدد من المستخدمين وتبيّن أن حذف الاخبار الايجابية انعكس على الرواد الذين اظهروا ايجابية اقلّ، والعكس صحيح. غير أن غصن تلفت الى أن المستخدم قادر على التحكم بحسابه وما يوّد متابعته. الا أن "فيسبوك" نفسها سبقت واكدت أن اضافة الرموز التعبيرية سوف توّفر للشركات فرصة افضل لفهم كيفية استجابة الناس للمحتوى الذي تنشره

والجدير ذكره أن ثمة من يؤكد بأن هذه الرموز سوف تطيل المدة التي يقضيها الرواد على موقع "فيسبوك"، ما يعني حكماً فرصة اكبر لمشاهدة الاعلانات، وهذه هدية على طبق من فضة للمعلنين والشركات!