عجزت الحكومة اللبنانية إلى حد الآن عن اتخاذ خطوات ملموسة لإقناع السعودية بالعودة عن إجراءاتها الأخيرة التي ستجعل لبنان في وضع أكثر صعوبة.

واتضح أن رئيس الوزراء تمام سلام، والأطراف المحسوبة على السعودية، ليس في أيديهم ما يقدمونه لها سوى التصريحات الإعلامية، والاعتذارات الشخصية، وأن مفاتيح القرار اللبناني بيد خصومها سواء حزب الله أو الجهات الأخرى المتحالفة معه، وخاصة التيار الوطني الحر بزعامة الجنرال ميشال عون.

وأعلن تمام سلام الخميس أنه يبذل جهدا ويسعى لتجاوز الواقع الراهن للعلاقات اللبنانية مع السعودية ودول الخليج. جاء هذا خلال جلسة مجلس الوزراء العادية التي انعقدت في السراي الحكومي، برئاسته.

ونقل وزير الإعلام رمزي جريج بعد انتهاء الجلسة، عن سلام قوله إنه “يبذل جهدا كبيرا ويسعى في كل الاتجاهات من أجل تجاوز الواقع الراهن للعلاقات مع المملكة العربية السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي”.

وبحسب جريج، فقد أعرب سلام عن أمله في أن يراعي الوزراء في مواقفهم السياسية التداعيات التي يعيشها لبنان، مؤكدا أن “الوضع حساس ودقيق وعلى الجميع العمل في الاتجاه المفيد وإلا فإن النتائج ستكون عكسية ومضرة”.

وقال مراقبون إن الأزمة الحالية كشفت محدودية تأثير الأطراف المحسوبة على السعودية في مقابل سيطرة حزب الله وحلفائه على المؤسسات الهامة والحيوية خاصة المؤسستين الأمنية والعسكرية، فضلا عن وسائل الإعلام.

وأشار المراقبون إلى أن السعودية ستجد نفسها مجبرة على مراجعة الدعم الذي دأبت على تقديمه للبنان ولجهات وشخصيات محدودة التأثير السياسي، وأنها قد تكون مضطرة لبناء علاقات جديدة وفق مصالحها.

لكنهم حذروا من أن نتائج الغضب السعودي لن تقف عند الحلفاء، وأنها ستمس لبنان ككل، خاصة أن حزب الله ومن ورائه إيران لن يكونا قادرين على ملء الفراغ الذي يمكن أن يحدثه انسحاب الاستثمارات الخليجية من لبنان، أو إعادة عشرات الآلاف من العمالة اللبنانية في دول الخليج.

ورغم المكابرة التي يبديها حزب الله وإعلامه تجاه القرارات السعودية والخليجية، فليس من المستبعد أن يدفع ببعض حلفائه مثل رئيس البرلمان نبيه بري لأجل التحرك لتهدئة خواطر السعوديين وتقديم تطمينات بتخفيف لهجته العدائية تجاه الرياض خوفا من أن تستمر الأزمة طويلا خاصة أن الموقف السعودي يبدو صارما هذه المرة ويستند إلى موقف أكثر حزما في مختلف الملفات الإقليمية.

ويراهن حزب الله على أن تستجيب الرياض لدعوات حلفائها بعدم معاقبة لبنان، ولذلك دعم وزراؤه تكليف رئيس الحكومة بإجراء ترتيبات لزيارة السعودية ودول الخليج لامتصاص حالة الغضب.

والتقى سلام الأربعاء السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري، وحمله رسالة إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، معربا عن رغبته في زيارة المملكة لتوضيح الموقف اللبناني.

لكن الكاتب السياسي اللبناني قاسم قصير أكد أن “السعودية لا تريد إعطاء موعد سريع لزيارة سلام، حتى لا توحي بأن المشكلة مع حزب الله تم حلها سريعا”.

واعتبر قصير أن زيارة رئيس الحكومة "لن تحل المشكلة. متى حصلت ستكون مؤشرا على الحل، وستأتي تتويجا لقرار سعودي بتهدئة الأوضاع. غير ذلك لن تكون ذات جدوى”.

 

صحيفة العرب