من لم يعلم تاريخ التيار الوطني الحر برئاسة زعيمه النائب ميشال عون كأنه لم يدرس تاريخ لبنان القائم على المصالح الضيّقة والحسابات السياسية.

فبعد إقصائه من قصر بعبدا ونفيه بعملية لبنانية-سورية مشتركة عاد من منفاه في فرنسا سنة 2005 ليعلن في السنة التي تليها عن ورقة تفاهم بينه وبين حزب الله المقرّب من النظام السوري.

هذه الورقة التي وصفت بأنها أعمق من اتفاق يبدو أنها اليوم معرّضة للتفكك والإنهيار أمام قرار المملكة العربية السعودية والمتعلّق بوقف الهبة للجيش اللبناني وقوى الأمن على أثر مواقف يشنّها حزب الله وحلفائه في لبنان ضدّ المملكة.

ففي حين اعتبر النائب حسن فضل الله أن هذه الهبة هي مجرّد كلام في كلام ولم تكن يومًا حقيقة ردّ عليه وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب في اتصال مع جورج صليبا خلال حلقة الأسبوع في ساعة يوم أمس أن "المملكة كان كلامها حقيقيا وأنهم لا يؤيدون بعض الأشخاص الذين يقولون بعدم صحة هذه الهبة" واستشهد ابو صعب بالشحنة التي أرسلتها السعودية إلى المطار.

وقبيل بدء جلسة مجلس الوزراء الإستثنائية اليوم صرّح بو صعب "نحن نؤيد تشكيل وفد وزاري لزيارة السعودية" ليأتي الردّ الصّاعق من الوزير محمد فنيش فقال "عندما تعتذر السعودية عن إساءتها لحزب الله والمقاومة نفكّر بموضوع تشكيل وفد وزاري لزيارة المملكة ".

هذا التراشق بالتصريحات بين وزراء حزب الله ووزير التيار الوطني الحرّ يدلّ على عمق الخلاف بين الحليفين اللذين طالما حاولا أن يظهرا بمظهر الحليف المتماسك والمندمج في الآراء.

فهل هذا الخلاف له دلالة في موضوع جمهور الرئاسة؟ لم يستطع حزب الله رغم ثقله الشيعي أن يقنع حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري بطبع ختم الموافقة على عون رئيسًا، هذا الأمر مما لا شك فيه أثار امتعاضًا لدى وزراء التيار وربما يحاولون اتخاذ خط الرجعة عن قراراتهم علّهم بذلك يحظون بمباركة السعودية خاصة ان الأخيرة أظهرت عن قدرتها على قلب الموازين في لبنان بحركة واحدة وأثبتت في خطوة إرسال رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى لبنان بأنها أقوى شعبيًّا وتحظى بدعم من كل الأقطاب ربما بذلكك يحقق الجنرال ما يحلم به.

فالسؤال الذي سنطرحه هنا: هل سنقول يومًا: التيار الوطني الحر إلى السعودية در؟ سؤال برهن الحسابات السياسية.