إستقالة ريفي تُربك 14 آذار , والحريري ضائع بين القرار السعودي وبين إسترضاء الداخل , ورئاسة الجمهورية طارت والحكومة لا دور لها وبالتالي لبنان في مهب الأخطاء السياسية من كل الاطراف

 

السفير :

تدحرجت مفاعيل القرار السعودي بإيقاف الهبة المخصصة للجيش والقوى الأمنية، متخذة أبعادا داخلية حادة، رفعت من جديد حرارة مناخ الانقسام السياسي والمذهبي على الساحة اللبنانية، إلى حد بات يهدد بتمدد التداعيات في أكثر من اتجاه، وصولا إلى الشارع المحتقن.
ولعل من أهم التساؤلات التي تلت «العقاب» السعودي للبنان، ما يتعلق منها بدلالات وقف العمل بالهبة، من نوع: هل ما جرى مؤشر إلى أن المظلة الإقليمية والدولية التي قيل إنها تحمي الحد الادنى من الاستقرار اللبناني قد ثُقبت؟ هل قررت الرياض توسيع جبهة المواجهة مع إيران وحلفائها لتبلغ لبنان، بعد تحييده نسبيا طيلة الفترة الماضية؟ وإذا صح هذا الاحتمال، إلى أي درجة يمكن أن يكون الرئيس سعد الحريري الطامح إلى رئاسة الحكومة هو المتضرر السياسي الأكبر من الحسابات الخاطئة أو الاندفاعات المتهورة؟
وإذا كان الحريري قد عاد في المرة السابقة إلى لبنان متأبطا هبة المليار دولار، فإن المفارقة هذه المرة أن السعوديين واكبوا عودته إلى بيروت، بسحب بساط المليار من تحته، وهو أمر أصاب بشظاياه صورة الحريري نفسه، وإن يكن رئيس «تيار المستقبل» والقيادات الأخرى في «14 آذار» قد سارعوا إلى ملاقاة القرار السعودي واستثماره في معركة الضغط على «حزب الله»، انطلاقا من تحميله مسؤولية إيقاف الهبة، وبالتالي محاولة تأليب ما أمكن من الرأي العام عليه.
تجميع «14 آذار»
وبعدما كانت قوى «14 آذار» تترنح تحت وطأة الافتراق في الخيارات الرئاسية بين مكوناتها، فرضت متطلبات الملاقاة السياسية للموقف السعودي لملمة صفوفها المبعثرة وإعادة تجميعها حول «الخصم المشترك»، فكان اللقاء الموسع لهذه القوى في «بيت الوسط»، حيث بدت الصورة أقوى من الموقف الذي لم يتجاوز إطار تجديد الأدبيات الداعمة للسعودية والمناهضة لخيارات «حزب الله».
وعلمت «السفير» أن بعض الأطراف التي حضرت الاجتماع، لا سيما «القوات اللبنانية»، لم تكن راضية عن البيان الذي صدر، معتبرة أن سقفه أتى متواضعا، ولا يلبي متطلبات اللحظة السياسية، فيما ظهر رأي آخر، كان هو الغالب، دعا الى انتظار جلسة مجلس الوزراء اليوم وإعطائها فرصة لتصحيح الخلل قبل الذهاب نحو طروحات أو خيارات أخرى.
ولفت الحريري الانتباه بعد الاجتماع إلى أن «البيان الوزاري لم يُحترم، وكنا واضحين في موضوع النأي بالنفس، ولكن لم يعد جائزا أن يكون لبنان خارج الإجماع العربي الموجود»، مشددا على «أن المطلوب من مجلس الوزراء موقف واضح، وإلا سيكون لنا كلام آخر».
وقال مصدر قيادي في «القوات» لـ «السفير» إن البيان لم يكن على قدر تطلعاتها، مشيرا إلى أن المطلوب تحميل الحكومة مجتمعة، رئيسا وأعضاء، مسؤولية الخلل الحاصل في السياسة الخارجية، خصوصا أن الرئيس تمام سلام أقر بأن موقف وزير الخارجية في مجلس وزراء خارجية الجامعة العربية كان منسقا معه.
وأثنى المصدر على قرار وزير العدل أشرف ريفي بالاستقالة من الحكومة، مشيرا إلى انه لم يكن هناك لزوم لقول الرئيس سعد الحريري قبل عودته إلى بيروت بأن موقف ريفي لا يمثله، لأن هذا الكلام كشف وزير العدل سياسيا.

استقالة ريفي
وقد انتقى ريفي لحظة «مركبة» لتقديم استقالته التي حاول من خلالها أن يصيب عصافير عدة، بحجر واحد، فهو من جهة أراد تسليف السعودية موقفا عمليا داعما لها لتعزيز مكانته لديها تحسبا لكل الاحتمالات في المستقبل، وأراد، من جهة أخرى، توجيه رسالة شديدة اللهجة إلى الحريري بعد تفاقم الخلافات بينهما، من دون أن ينجح لقاء «غسل القلوب» الأخير في معالجتها، بل ساءت العلاقة بعده إلى درجة امتناع ريفي ومناصريه عن استقبال الحريري في طرابلس، إضافة إلى أن ريفي يفترض أن «قلب الطاولة» سيعزز رصيده في طرابلس ويكرسه صاحب حيثية شعبية، بمعزل عن «المستقبل»، بل ربما في مواجهته.
والأرجح، ان استقالة ريفي ستبقى موضعية في تأثيراتها، ولن تكون توطئة لانهيار الحكومة التي لا بديل عنها، خصوصا أنها لم تكن منسقة أصلا مع قيادة «المستقبل»، كما يتبين من مضمون الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس فؤاد السنيورة بريفي أمس، علما أن هناك من يقول إن الحريري ارتاح الآن من «عبء» وزير العدل الذي بالغ في التمايز إلى حد إحراج رئيس «المستقبل».

جلسة ممسوكة؟
وبينما يُتوقع حصول نقاش حاد حول السياسة الخارجية بين وزراء «8 و14 آذار»، خلال الجلسة الطارئة لمجلس الوزراء اليوم، رجحت مصادر مطلعة أن يبقى هذا النقاش مضبوطا بسقف حماية الحكومة وأن ينتهي إلى تفعيل تسوية البيان الوزاري على قاعدة «المحاصصة» في السياسة الخارجية أيضا، بحيث يأخذ كل طرف ما يريحه، من خلال الجمع بين الالتزام بالنأي بالنفس عن الأزمة السورية والتشديد على الانسجام مع الإجماع العربي ورفض وسم المقاومة بالإرهاب.
وأبلغت مصادر وزارية في «8 آذار» «السفير» أن الاتصالات والمشاورات التي جرت أمس تُبَيِّن أن جلسة اليوم غير مرشحة للانفجار من الداخل، لكنها في الوقت ذاته لن تكون نزهة، كاشفة عن أن «المستقبل» لن يتجه نحو طرح أو التمسك بطلب تقديم اعتذار إلى السعودية، الأمر الذي من شأنه أن يسهل إيجاد مخارج.
وأكدت المصادر أنه لا مشكلة لقوى «8 آذار» مع مبدأ «الإجماع العربي»، شرط ألا يتعارض مع مصلحة لبنان، كما أنها لا تعارض اعتماد الحكومة سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية عملا بالبيان الوزاري، الى جانب ضرورة رفض أي توصيف لـ «حزب الله» بأنه إرهابي، مشيرة الى أن النقاش قد يفضي الى بعض الإيضاحات الإضافية لمسار سياسة لبنان الخارجية.

بري.. ومحاذير الثرثرة
وفي سياق متصل، أكد الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس أنه شجع على انعقاد جلسة مجلس الوزراء اليوم، معتبرا أنها ضرورية لإعادة تثبيت سياسة لبنان الخارجية، وفق القاعدة المتفق عليها، وهي النأي بالنفس عن الأزمة السورية والتمسك بالإجماع العربي في ما يتعلق بالقضايا المشتركة.
ورأى أنه لا مانع، بعد صدور الموقف الموحد عن الحكومة، في أن يتوجه وفد الى السعودية، لإعادة تصويب العلاقة اللبنانية - السعودية.
وتعليقا على ردود الفعل التي أعقبت القرار السعودي بإيقاف الهبة للجيش اللبناني والقوى الأمنية، استغرب بري «هذه الثرثرة التي تؤدي الى الهرهرة»، منبها الى أن الوضع اللبناني المحتقن والهش لا يحتمل مثل هذه المهاترات السياسية التي قد تؤدي الى الانزلاق نحو الفتنة.
ولفت الانتباه الى أن ايران التي تمثل قوة إقليمية أساسية تؤكد في كل مناسبة حرصها على إقامة علاقات جيدة مع الرياض، وحتى عندما هوجمت السفارة الإيرانية في طهران، سارعت القيادة الإيرانية الى استنكار ما حصل وتوقيف الفاعلين، مشددا على أنه «من الطبيعي أن نكون نحن أيضا من المتمسكين بإبقاء جسور التعاون والتواصل ممدودة مع الدول العربية»، وتساءل: هل لبنان أقوى من إيران، حتى نذهب أبعد مما ذهبت اليه؟
وعما إذا كان مستعدا لزيارة السعودية في هذا التوقيت من أجل تخفيف حدة التوتر، تلبية للدعوة السابقة الموجهة اليه، أكد أنه سبق له أن أعلن عن قبول الدعوة، لكنه سيلبيها في الظرف المناسب.

 

النهار :

الرئاسة شاغرة، والحكومة تترنح، ومجلس النواب معطل، ولبنان المكبل في الداخل محاصر في الخارج بسلسلة اجراءات تبدأ بواشنطن وعواصم القرار ولا تنتهي بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي. واذا كانت كل احتمالات التصعيد واردة في ذروة الاشتباك الاقليمي، فان مساعي واتصالات نشطت أمس للتهدئة وعدم دفع الامور الى مأزق لا عودة عنه، او تفجير داخلي لا تحمد عقباه.
مجلس الوزراء سيعقد جلسة استثنائية صباح اليوم في غياب وزير العدل أشرف ريفي الذي قدم استقالته قائلا إنه باق في مواجهة دويلة "حزب الله". وأفادت مصادر وزارية بارزة "النهار" ان لا استقالات اضافية اليوم ولا استقالة للحكومة في انتظار بيانها، لكن خيار الاستقالة سيظل واردا اذا اتجهت الامور الى التصادم.
وقالت المصادر إن الوزير ريفي، وان لم يفاجئ كثيرين باستقالته، يرجح ان يكون اتخذ خطوته من دون اطلاع أحد عليها في ما عدا الرئيس سعد الحريري. ولفتت الى دلالة التأييد الواسع لريفي في الشارع الطرابلسي الذي عبر عنه باعتصامات شعبية واسعة. كما اشارت الى ان استقالة ريفي أثارت اهتماماً ديبلوماسياً غربياً ترجمته اتصالات لسفراء بمراجع رسمية أبدوا خلالها قلقا على الوضع الحكومي كلا في ظل هذه الاستقالة.
وعن الجلسة الاستثنائية اليوم، علمت "النهار" ان الرئيس تمام سلام سيشدد على ان لبنان ملتزم التضامن والاجماع العربيين ولن يخرج عنهما. ويجري سلام اتصالات سياسية مع مختلف القوى للخروج بموقف واضح للحكومة لأن "العلاقة مع السعودية مصلحة وطنية عليا، ولا يُمكن القبول بالمسّ بها". وبدأ العمل منذ ليل أمس على مشروع بيان سيصدر بالاجماع أو بالاكثرية ومن غير المستبعد أن يتلوه الرئيس سلام نظرا الى أهمية الموضوع. وأبلغت مصادر في قوى 8 آذار "النهار" أن وزراء هذا الفريق سيشاركون في الجلسة.
وكان الرئيس الحريري رأى "ان البيان الوزاري لم يُحترم، وكنا واضحين في موضوع النأي بالنفس، ولكن اليوم لم يعد جائزا أن يكون لبنان خارج الإجماع العربي الموجود.وقال عقب اجتماع قوى 14 آذار في "بيت الوسط" ان المطلوب من مجلس الوزراء موقف واضح، وإلا سيكون لنا كلام آخر.
وأبرز رئيس مجلس النواب نبيه بري مسألة تماسك الحكومة. وردد امام زواره انه يؤيد انعقاد جلسة مجلس الوزراء اليوم "وتثبيت سياسة لبنان الخارجية على قاعدة التمسك بالاجماع العربي في القضايا المشتركة وتطبيق سياسة النأي بالنفس في ما يتعلق بسوريا".
وردا على كل الردود التي انطلقت على قرار السعودية وقف الهبتين الماليتين، اعتبر بري ان من الافضل "الحد من الثرثرة في هذا الموضوع لان الوضع لا يحتمل".
وصرّح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ"النهار" بأن المطلوب هو "هدنة كلامية بين كل الاطراف وليس من مصلحة لبنان أن يكون خارج الصف العربي لإنه سيكون عندئذ خارج الاقتصاد العربي". وتساءل: "لو فرضنا أن حزب الله مسيّطر على البلد فهل من مصلحته أن يكون قابضا على بلد منهار؟" وأضاف: "إننا في أزمة خانقة وخطيرة وبإمكاننا أن نحوّلها فرصة إذا بقيت الدولة على قيد الحياة ليكون لبنان أكبر قاعدة لإعمار سوريا.ما نحتاج اليه هو تبريد العقل".
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان "إمكان رفض حزب الله صدور موقف تضامن مع العالم العربي، يعني قراراً لدى الحزب بتفجير الحكومة واستقالتها".


14 آذار
من جهة أخرى ، علمت "النهار" من مصادر إجتماع قادة 14 آذار مساء امس في "بيت الوسط" أن المؤتمر الصحافي الذي سيعقده الرئيس الحريري السادسة مساء اليوم سيحدد الموقف مما سيصدر عن مجلس الوزراء الاستثنائي ويطلق مواقف تتصل بالتطورات الراهنة. وتحدثت عن إتصالات جارية مع مكونات الحكومة وخصوصاً الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط فضلاً عن حزب الكتائب من أجل إيجاد الصيغة التي تصحح موقف الحكومة من مؤتمريّ القاهرة وجدة.
وكانت قوى 14 اذار عقدت اجتماعا موسعاً أصدرت بعده بياناً حمّلت فيه "حزب الله وحلفاءه ومن يسير في ركابه مسؤولية افتعال المشكلة الخطيرة مع المملكة العربية السعودية وغيرها من المشكلات، كما مسؤولية ضرب استقرار لبنان المالي والأمني والمعيشي". وكررت المطالبة بانسحاب "حزب الله" من القتال الدائر في سوريا والمنطقة التزاماً لسياسة النأي بالنفس.
واذ طلبت قوى ١٤ آذار من الحكومة اللبنانية احترام الدستور وقرارات الشرعية الدولية والاجتماع فورا لاتخاذ موقف واضح وصارم يؤكد التزام لبنان التضامن والإجماع العربيين ورفض أي تعرض أو انتهاك لسيادة اي دولة عربية، كررت تأييدها الكامل للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي في رفضها المسّ بسيادة أو استقلال أية دولة عربية وهي ترفض تحويل لبنان قاعدة تستخدم من اجل معاداة اية دولة عربية أو التدخل في شؤونها الداخلية.
وعلمت "النهار" ان فكرة تشكيل وفد من هذه القوى يتوجه الى السعودية سقط لعدم الثقة بالتزام قوى 8 اذار ما يمكن ان يتعهده أي وفد، كذلك تحميل الحكومة مسؤولية تسوية علاقات لبنان الخارجية من دون التعدي على صلاحياتها الا اذا قررت طلب المساعدة.

 

المستقبل :

عشيّة انعقاد جلسة استثنائية للحكومة لاتخاذ «موقف واضح» يؤكّد التزام لبنان «بالتضامن والإجماع العربي ورفض أي تعرُّض أو انتهاك لسيادة أي دولة عربية»، ومع تواصل مواقف التضامن مع المملكة العربية السعودية، حمّلت قيادات قوى 14 آذار في اجتماع موسّع في «بيت الوسط» مساء أمس «حزب الله» وحلفاءه و»مَن يسير في ركابه مسؤولية افتعال المشكلة الخطيرة» مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، داعية الحكومة إلى اتخاذ موقف «واضح وصارم يؤكّد التزام لبنان بالتضامن والإجماع العربي». فيما لوَّح الرئيس سعد الحريري بعد الاجتماع بـ»كلام آخر» في حال عدم اتخاذ الحكومة موقفاً واضحاً اليوم، رافضاً أن يكون لبنان «خارج الإجماع العربي».
ودعا بيان 14 آذار الحكومة إلى «رفض أي تعرُّض أو انتهاك لسيادة أي دولة عربية»، مكرّراً تأييد 14 آذار «الكامل للمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.. ورفض تحويل لبنان إلى قاعدة يتم استخدامها من أجل معاداة أية دولة عربية أو التدخُّل في شؤونها الداخلية». كما رفض أن يتحوّل لبنان إلى «ضحيّة سياسية واقتصادية وثقافية لأيّة دولة وبصورة خاصة دولة تحاول بسط نفوذها على الدول العربية».
سلام يناشد
جاء ذلك قبل ساعات من انعقاد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء دعا إليها الرئيس تمام سلام لبحث الموقف في ضوء القرار السعودي. وأوضحت مصادر حكومية أنّ الغاية من هذه الجلسة «وضع النقاط على الحروف» وتأكيد التضامن مع المملكة ورفض أي إساءة إليها. وأضافت أنّ المطلوب التمييز ما بين نأي لبنان بنفسه عن الوضع السوري وبين نأي لبنان عن الإجماع العربي، الأمر الذي يتنافى وهويّة لبنان العربية.
ومهّد الرئيس سلام لهذه الجلسة بمناشدة العاهل السعودي «الأب الكبير للجميع» الملك سلمان بن عبدالعزيز «إعادة النظر في موقف المملكة إزاء الهبة العسكرية للجيش والقوى الأمنية». وقال أمام زوّاره: «نحن مع الإجماع العربي ولا يمكن أن نكون خارجه بأي شكل من الأشكال»، مؤكّداً أنّ المملكة ودول الخليج «لن يتخلّوا عن لبنان وهم يعرفون جيداً ويميّزون جيداً بين مَن يحاول تعكير صفو العلاقة وبين مَن يعمل ليلاً ونهاراً على تعزيز هذه العلاقة». وفي ما خصّ موقف لبنان في مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي في جدّة كرّر سلام أنّ وزير الخارجية جبران باسيل اتّخذ هذا الموقف «من دون علمي ومن دون التشاور معي». أمّا بالنسبة إلى اجتماع جامعة الدول العربية فقال إنّ باسيل تشاور معه بالنسبة إلى ذكر اسم «حزب الله» في البيان، «لكن هذا لا يعني أنّنا لم نكن قادرين على تأييد المقررات والاعتراض على بند فيها إذا كان يتعارض مع سياستنا بالنأي بالنفس».

الديار :

فجّرت السعودية قنابلها السياسية في وجه الرئيس سعد الحريري منذ عودته الى لبنان، فاصابت تيار المستقبل وفريق 14 آذار مقتلاً، رغم ان اهدافها المباشرة هي حزب الله.
- القنبلة السعودية الاولى: «ممنوع المسّ بحلفائنا»، بعدما توجه الحريري الى الدكتور سمير جعجع في اليوم الاول لعودته بـ «مزاح ثقيل» في ذكرى والده مما اضطره، وبعد امر سعودي، الى زيارته والاعتذار منه.
- القنبلة الثانية: وقف الهبة للجيش اللبناني والقوى الامنية.
- القنبلة الثالثة: استقالة وزير العدل اشرف ريفي.
كل هذه «الضربات» الموجعة، جعلت قيادات 14 آذار تتداعى للاجتماع برئاسة الحريري للململة ما يمكن لملمته، فجاء بيانه عنيفاً جداً، كالعادة، ضد حزب الله والذي حمّله كل المسؤولية بالمشكلة مع السعودية، ولم يكتف بهذا فقط بل حمّل الحزب و«كل حلفاء الحزب ومن يسير في ركابه، مسؤولية ضرب استقرار لبنان المالي والامني والمعيشي».
بيان 14 آذار لم يختلف في المضمون عما كان يصدر من تصريحات لهذا الفريق حول الهجوم على حزب الله وايران، حيث ردد الاسطوانة ذاتها وانما باسلوب مختلف حين قال: «اذا استمر حزب الله وحلفاؤه من خلال السلاح غير الشرعي في تغليب مصلحة ايران على مصلحة لبنان العليا، فان ذلك سينال من دوره وانتمائه وحضوره العربي»، وبالتأكيد هوّل لبنان بلقمة عيش اللبنانيين في دول الخليج.
ولم ينس البيان شكر دول الخليج التي «فتحت ابوابها جميعاً في كل المراحل الصعبة وكانت افضل سند لنا»، هذا وهدد الحريري بعد الاجتماع انه «اذا الحكومة لم تتخذ مواقف في جلستها الاستثنائية اليوم فسيكون هناك كلام آخر». (التفاصيل ص7).

استقالة ريفي

وبالنسبة لاستقالة وزير العدل اشرف ريفي، فكانت الخطوة متوقعة، حيث بدا انه يعدّ لها وقد سبق له ان حذّر من خطوات سيتفاجأ بها الجميع.
وقد تضمن بيان الاستقالة تفصيلا عن كل الاسباب التي ادت الى اتخاذه قرار الاستقالة، «من التعطيل الذي فرضه حزب الله وحلفاؤه داخل الحكومة وخارجها، مروراً بعرقلة احالة ملف ميشال سماحة الى المجلس العدلي في محاولة سافرة لإحكام السيطرة على القضاء عبر المحكمة العسكرية وليس انتهاء بتدمير علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية». وختمه «بانه باق في مواجهة دويلة حزب الله». (التفاصيل ص7).
وقالت المعلومات أن وزيرة المهجرين أليس شبطيني ستحل مكان ريفي كوزيرة للعدل بالوكالة.

تهديد بمزيد من الاجراءات السعودية

مصادر نيابية قرأت التصعيد السعودي على الساحة اللبنانية بانها «مربكة» بعد خسارتها لكل رهاناتها في سوريا والعراق واليمن بعد الانهيارات العسكرية الميدانية، مما جعلها تدخل بالمباشر على خط المواجهة في لبنان لاعادة التوازن المفقود باعتقادها، وبعدما شعرت بضعف حلفائها الذين تحملهم المسؤولية عن «هيمنة ايران على القرار اللبناني» بمن فيهم الحريري الذي لم يستطع ملء الفراغ الذي تركه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حتى ان «الغضب» السعودي طال ايضاً رئيس الحكومة تمام سلام المتهم بتغطية موقف وزير الخارجية في كل من مؤتمري وزراء خارجية دول الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي.
ولن تكتفي السعودية بهذا المقدار، تقول المصادرالنيابية، فهناك من بدأ يهوّل بالمزيد من اجراءات الضغط على لبنان مثل وقف تأشيرات العمل، وزيارة اللبنانيين الى دول الخليج وتفعيل عمليات الطرد لتشمل شيعة محسوبين على حزب الله ومسيحيين محسوبين على التيار الوطني الحرّ.


مصادر في 8 آذار اكدت ان كل ما تفعله الرياض لن يغيّر شيئاً من موقف حزب الله، ولن يعدّل موازين القوى على الساحة اللبنانية، وهي تدرك ان حلفاءها اصبحوا في وضع ضعيف لا يسمح لهم بالتصدّي للحزب، وسألت المصادر ما الذي تحاول السعودية فعله في لبنان وخدمة لمن؟.

 

اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء

هذا ويعقد اليوم مجلس الوزراء جلسة اسثتنائية في السراي الحكومي لمناقشة تداعيات القرار السعودي بوقف الهبة للجيش والقوى الامنية، وتقول المعلومات انه سيصار الى التأكيد على النأي بالنفس.
لكن معلومات اخرى تقول ان وزراء 14 آذار سيستمرون في التشويش الى حدود اسقاط الحكومة، لكن السؤال المطروح: هل هناك قرار اقليمي دولي باسقاط حكومة سلام؟

بري: هل لبنان اقوى من ايران لنذهب ابعد مما ذهبت اليه؟

قال الرئيس نبيه بري لزواره امس انه شجع على انعقاد جلسة لمجلس الوزراء الاستثنائية اليوم لانها ضرورية من اجل تثبيت سياسة لبنان الخارجية وفق القاعدة المتفق عليها، وهي النأي بالنفس عن الازمة السورية والتمسك بالاجماع العربي في ما يتعلق بالقضايا العربية المشتركة. اضاف: لا مانع بعد صدور الموقف الموحد عن الحكومة في ان يتوجه وفد الى السعودية لاعادة تصويب العلاقة اللبنانية - السعودية.
وحول ردود الفعل التي اعقبت القرار السعودي بالغاء الهبة للجيش اللبناني والقوى الامنية، استغرب بري هذه الثرثرة التي تؤدي الى «الهرهرة»، منبهاً الى ان الوضع اللبناني المحتقن والهش لا يحتمل مثل هذه المهاترات السياسية التي قد تؤدي الى الانزلاق نحو الفتنة.
واشار الى ان ايران التي تمثل قوى اقليمية اساسية تؤكد في كل مناسبة حرصها على اقامة علاقات جيدة مع الرياض، وحتى عندما هوجمت السفارة السعودية في طهران، سارعت القيادة الايرانية الى استنكار ما حصل وتوقيف الفاعلين، مشدداً على انه من الطبيعي ان نكون ايضاً من المتمسكين بابقاء جسور التعاون والتواصل ممدودة مع الدول العربية، متسائلاً: هل لبنان اقوى من ايران حتى نذهب ابعد مما ذهبت اليه؟
وعما اذا كان مستعداً لزيارة السعودية في هذا الوقت من اجل تخفيف حدة التوتر، اكد انه سبق له ان اعلن عن قبول الدعوة الرسمية التي وجهت اليه لزيارة المملكة، لكنه سيلبيها في الظرف المناسب.

 

الجمهورية :

في الوقت الذي ظلّ قرار المملكة العربية السعودية بوقف المساعدات للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وإعادة تقييم العلاقات مع لبنان، محورَ تفسيرات وتأويلات متناقضة من هنا وهناك، فإنّ اتصالات حثيثة تجري داخلياً ومع الرياض من أجل تدارُك هذه المضاعفات وإعادة تطبيع العلاقات اللبنانية ـ السعودية ربّما يؤسّس لها موقف يتوقّع أن يتّخذه مجلس الوزراء الذي ينعقد في العاشرة صباح اليوم للبحث في الأمور الطارئة، مبني على سياسة «النأي بالنفس» عن الأزمة السوريّة والتمسّك بالإجماع العربي. وعلمت «الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة تمام سلام قرّر دعوة المجلس إلى الانعقاد بعد توافر معلومات عن إمكانية حصول تدابير أخرى تضاف إلى وقفِ الهبات. كذلك عُلم أنّ الموقف الذي سيَصدر عن المجلس والذي سيُتّخَذ بالأكثرية إذا لم يَحظ بالإجماع، سيؤكّد سياسة التضامن العربي ورفضَ الإساءة للدول الصديقة، وخصوصاً المملكة العربية السعودية. علمت «الجمهورية» أنّ أكثر من صيغة طُرحت للخروج من الأزمة وتجاوُزها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أن يُصدر مجلس الوزراء موقفاً في بيان رسمي يجدد فيه الإدانة الواضحة لِما تعرّضت له سفارة الممكلة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد الإيرانية بعيداً من سلسلة المواقف الأخرى التي سجّلها لبنان امام مؤتمر وزراء الخارجية العرب بداية، وصولاً الى موقفه في منظمة المؤتمر الإسلامي وما أثار من لغط أدّى الى قرار الممكلة بوقف العمل بالهبة العسكرية من الأسلحة الفرنسية.
وقال دعاة هذا المخرج إنّ وزراء حزب الله لا يمكنهم القبول بهذا المخرج باعتباره خروجاً على مضمون البيان الوزاري الذي يدعو الى النأي بالنفس، فيما يتوقع ان يربط وزراء التيار الموقف الجديد بما يمكن تسميته إعادة تفسير للبيان الوزاري وشكل سياسة النأي بالنفس وموقف لبنان من التضامن العربي.
وأياً كان رد حزب الله والتيار الوطني الحر فإنّ وزراء «المستقبل» سيؤكدون «أنّ حزب الله قدّم أكبر نموذج للخروج عن سياسية النأي بالنفس والخروج على مصلحة لبنان العليا. فمواقف الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله، في رأيهم، لم تكن يوماً لتراعي هذا البيان ومضمونه، لا بل فإنّ جميع مواقفه من الممكلة لا علاقة لها بأيّ حدث لبناني إنما انطلاقاً من تبنّي مواقف الحوثيين في اليمن ومن خلفهم الموقف الإيراني المتصادم مع الممكلة على الساحات السورية والبحرينية كما اليمنية».
وقالت المصادر إنه وفي ظل هذا الجو لن يكون هناك اتفاق على بيان يصدر بإجماع الوزراء، وهو ما قد يقود الى مخرج آخر فيكتفي رئيس الحكومة ببيان شخصيّ شديد اللهجة يتضمن ما سجّله من مواقف امام زوّراه امس يُدين الهجمات على المصالح السعودية ويرفق بيانه بإعلان النيّة عن زيارة عاجلة الى الرياض للقاء الملك سلمان لاستيعاب الموقف من أجل استعادة الهبة السعودية العسكرية خصوصاً انّها تأتي في وقت هو الأشد خطورةً وأنّ الجيش في حاجة الى هذه الأسلحة لِما يترقّبه من عمليات عسكرية قد تستهدف مواقعَه الحدودية في عرسال ومحيطها».
وبناءً على هذه المعطيات، قالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ الحكومة ستكون اليوم امام استحقاق خطير قد يهدد وحدتها. علماً انّ ما سبق الدعوة الى الجلسة وتلا استقالة الوزير اشرف ريفي قد تحدّث عن مشروع لاستقالة وزراء من قوى 14 آذار والمستقبل رفضاً لمواقف بعض زملائهم في «التيار الوطني الحر» وحزب الله، وهو ما دفع رئيس الحكومة الى إجراء عدد من الإتصالات انتهت الى التأكيد انّ مثل هذه الخطوات غير واردة على الإطلاق قبل استنفاد الوسائل الأخرى الضامنة لاستعادة الهبة السعودية.
غير أنّ مصادر وزارية قالت لـالجمهورية» إنّ جلسة اليوم مفتوحة على كلّ الاحتمالات ضمن سقف عدمِ الإطاحة بها. وتوقّعت أن تمرّ استقالة الوزير ريفي من دون حصول أيّ ارتدادات. وأكّدت أن لا نيّة لوزراء «المستقبل» بالاستقالة لا اليوم ولا لاحقاً». وأضافت: «لم يتّخذ أحد قراراً بالتصعيد، لكن لا أحد يعلم كيف ستتطوّر الأمور».
برّي
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره ليل أمس إنه أيّدَ انعقاد مجلس الوزراء وتجاوبَ مع المساعي التي بُذلت لعقد الجلسة اليوم، مُعتبراً «أنّها ضرورية لإعادة تثبيت سياسة لبنان الخارجية على القاعدة المتّفَق عليها، وهي النأي بالنفس عن الأزمة السورية والتمسّك بالإجماع العربي في ما يتعلق بالقضايا العربية المشتركة وعلاقة لبنان بأشقّائه العرب».
ورأى بري أنّه بعد صدور هذا الموقف عن مجلس الوزراء، لا مانعَ من ان يتوجّه وفد الى السعودية لإعادة تصويب العلاقة اللبنانية ـ السعودية.
وعن الردود التي ترتّبت على القرار السعودي بإلغاء هبة الأربعة مليارات من الدولارات، استغرب بري ما سمّاه «هذه الثرثرة التي تؤدي الى الهرهرة»، مُنبّهاً الى انّ الوضع اللبناني المحتقن لا يتحمل المهاترات السياسية التي تؤدي الى الفتنة.
ولفتَ بري الانتباه الى «أنّ إيران بما تمثله من قوّة اقليمية تؤكد في كلّ مناسبة حرصَها على إقامة علاقات جيّدة مع السعودية، فعندما هوجمَت السفارة السعودية في طهران سارعت القيادة الإيرانية الى الاستنكار وتوقيف المرتكبين». وتساءل: «هل لبنان أقوى من إيران حتى يفتح كلّ منّا»على حسابو»؟
وشدّد بري على ضرورة الحفاظ على أمتن العلاقات بين لبنان والدول العربية، ولا سيّما منها المملكة العربية السعودية، وذلك من اجل مصلحة لبنان قبل مصالح هذه الدوَل، وإنّ معالجة هذا الموضوع هي لأجل لبنان قبل الآخرين».
وسُئل بري هل يمكن ان يلبّي الدعوة الموجّهة اليه سابقاً لزيارة السعودية فيزورها لمعالجة الوضع المستجد في العلاقة بين البلدين، فكرّر التأكيد «أنّ هذا المستجدّ هو من شأن مجلس الوزراء، أمّا بالنسبة الى زيارتي فقد دُعيتُ لزيارة السعودية وقبلت الدعوة ولكنّني سألبّيها في الوقت الذي أراه مناسباً».
وعن استقالة وزير العدل أشرف ريفي وهل إنّ على مجلس الوزراء ان ينظر في هذه الاستقالة ويتّخذ القرار في شأنها؟ أجاب بري: «إنّ الأمر المطروح الآن للمعالجة هو موضوع القرار السعودي ومضاعفاته، وبعد أن يعالجه مجلس الوزراء يمكن عندئذ البحث في موضوع استقالة ريفي وغيرها».

اللواء :

تدفق الأحداث على نحو غير متوقع، طوال يوم أمس، أدى إلى دعوة الحكومة اللبنانية التي لا يُشارك في جلستها اليوم وزير العدل أشرف ريفي بعد أن أعلن استقالته، للنظر ببند وحيد يتعلق بتصحيح سياسة لبنان الخارجية التي عبّر عنها وزير الخارجية جبران باسيل، والتي صبّت في خدمة المشروع الإيراني بضغط من «حزب الله» الذي حمّله بيان 14 آذار مع حلفائه، في إشارة إلى «التيار الوطني الحر» وقوى 8 آذار، «مسؤولية افتعال مشكلة خطيرة مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي»، فضلاً عن تحميله «مسؤولية ضرب استقرار لبنان المالي والأمني والمعيشي».
وعليه، اتجهت الأنظار إلى ما يمكن أن يصدر رسمياً عن مجلس الوزراء اليوم، والذي يفترض أن يقوّم السياسة الخارجية ويعلن موقفاً واضحاً لا يحتمل التأويل أو المواربة أو المجاملة بانحياز لبنان إلى أشقائه العرب على قاعدة التضامن معهم، لا سيما في هذه المرحلة البالغة الصعوبة، لمنع التدخّل الإيراني من تحقيق هيمنة ومكاسب على حساب العرب.
وسيطالب البيان، وفقاً لمعلومات وزارية، المملكة العربية السعودية، من موقع التمنّي والتقدير، بإعادة النظر بموقفها من وقف المساعدات المالية لتسليح الجيش اللبناني وفق هبة الأربعة مليارات دولار.
وستأخذ صياغة البيان بعين الاعتبار مصالح اللبنانيين العاملين في الخليج، والذين يقترب عددهم من نصف مليون، فضلاً عن الأخذ بعين الاعتبار مصلحة لبنان العليا وليس مصلحة أية دولة أجنبية.
وسيركّز البيان اللبناني والمتوقع أن يصدر عن الحكومة على التزام لبنان برفض أي تعرّض أو انتهاك لسيادة أية دولة عربية.
لكن مصادر قريبة من 14 آذار كشفت أن ثمّة مخاوف من أزمة داخل الحكومة قد تنشأ على خلفية جلسة اليوم، وأن تيّار «المستقبل» يفصل بين طاولة الحوار الموسّعة وطاولة الحوار الثنائي مع «حزب الله»، وهو قد يُعيد النظر في موقفه من المشاركة في هذا الحوار.
وأشارت هذه المصادر إلى أنه إذا حدث تأزم سياسي لجهة شلّ عمل الحكومة أو اضطراب سياسي بسبب توقف الحوار الثنائي، فإن الانتخابات البلدية التي يجري التحضير لها ستصبح بحكم المعطّلة في أيار المقبل.
إتصالات تهدئة
إلا أن المعلومات أشارت إلى أنه وبعد أن صدر بيان 14 آذار الذي اجتمعت قياداته في «بيت الوسط» بدعوة من الرئيس سعد الحريري، تكثفت الاتصالات لتوفير مناخ تهدئة، وأن يكون الموقف الحكومي ملمّاً بالوضع والحؤول دون أي تطوّر يعرّض اقتصاد لبنان من خلال تعرّض مصالح اللبنانيين في الخليج لأي هزّة، كما أبلغ الوزير رشيد درباس «اللواء» ليلاً.
وعلمت «اللواء» أن الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط إلى جانب الرئيسين تمام سلام والحريري دخلوا على خط التحضير الهادئ لجلسة الحكومة اليوم، بما في ذلك النقاط التي سيتضمّنها البيان، باعتبار أن الجلسة مرشحة لأن تنتهي بنتيجتين: بيان رسمي واضح، ولجنة وزارية برئاسة سلام تتوجّه إلى الرياض لشرح الموقف اللبناني والتصحيح الذي خرج به بيان الجلسة.
وفي المعلومات أيضاً، أن الكتل الوزارية عقدت اجتماعات تنسيقية لتحديد السقف السياسي المقبول والمرفوض، في ظل حدة الانقسام، واعتبار وزارة الخارجية أن موقفي باسيل في كل من القاهرة وجدة جاءا مبنيين على البيان الوزاري وبالتنسيق مع رئيس الحكومة.
سلام
غير أن الرئيس سلام أكد أنه «في ما خصّ موقف لبنان في مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي لم يكن هناك أي تشاور معه حوله، لا من قريب ولا من بعيد، واتخذ الموقف دون علمه، أما بالنسبة لبيان القاهرة، فقد كان يمكن أن نؤيّد القرارات، واصفاً الإشارة وكأن هناك تغطية كاملة منه لأداء باسيل بأنها «أمر غير صحيح».
وأعاد الرئيس سلام التأكيد على أن ما تعرّضت له المملكة من اعتداء سافر لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال، إنه اختراق لكل المواثيق والأعراف الدولية، فهذا الأمر لا يمكن أن يكون عندنا أي لبس فيه، مؤكداً الوقوف إلى جانب المملكة في هذا الأمر من دون أي تحفّظ.
وأشار سلام إلى أنه هو الذي يتحدث باسم الحكومة وفق الدستور، وأن على مجلس الوزراء أن يقول ما يجب أن يُقال، وسيتم اتخاذ الموقف الذي يجب اتخاذه، ودرس كل المستلزمات لعودة الثقة وإعادة العلاقات التاريخية بين لبنان والمملكة وبين لبنان ودول الخليج، مناشداً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «الإنسان الكبير أب الجميع أن يُعيد النظر بمواقف المملكة ويُساهم في تعزيز هوية لبنان وشخصيته العربية».
ووفقاً لمصدر سياسي مواكب للاتصالات التي جرت ليلاً، فإن نقاشات الجلسة لن تكون سهلة، لكنه استبعد أن يتفجر الموقف داخلياً، معتبراً ان الوضع حسّاس جداً، وإن كان حرص اللاعبين الأساسيين هو أن لا يسقط الهيكل على الجميع.
وأشار المصدر، إلى ان المناقشات التي جرت في اجتماع قيادات 14 آذار، والتي انتهت إلى ثلاث نقاط مترابطة تتعلق بمصالح لبنان الحيوية المتمثلة بالعودة إلى الحاضنة العربية، وانسحاب حزب الله من سوريا، والأخذ بعين الاعتبار المصالح اللبنانيين العاملين في الخليج، لامست خطورة انفراط عقد الحكومة بعد أن طرح هذا الموضوع كبند على جدول الأعمال لإنهاء تفرّد وزير الخارجية بإعلان مواقف عبر المنابر الدولية لا تتفق مع مصالح لبنان العليا، أو على الأقل تحويل الحكومة إلى حكومة تصريف الأعمال رسمياً لنزع الغطاء عن حزب الله ومشاركته غير المقبولة في الحرب السورية.
ولاحظ المصدر ان وزراء 8 آذار الذين عقدوا مشاورات للتداول في لموقف فهموا من «حزب الله» انه ليس في وارد أخذ البلد إلى المجهول.
الحريري
في كل الأحوال، فإن الرئيس الحريري سيعقد في السادسة من مساء اليوم مؤتمراً صحفياً، ستنقل وقائعه على الهواء مباشرة، سيحدد فيه موقفه من تداعيات القرار السعودي، في ضوء الموقف الذي سيصدر عن الحكومة، وهو كان أوضح، بعد اجتماع قيادات 14 آذار ان المطلوب من مجلس الوزراء اليوم موقف واضح والا سيكون لنا كلام آخر، معتبراً ان البيان الوزاري لم يحترم، وكنا واضحين في موضوع الناي بالنفس، ولكن اليوم لم يعد جائزاً ان يكون لبنان خارج الإجماع العربي.
ونفى الحريري ان يكون باسيل نسق موقفه مع الرئيس سلام، مشيراً إلى انه حتى المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي نفسه ادان الأمر وكذلك فعل العراق، كما نفى ان تكون الهبة السعودية متوقفة منذ مُـدّة، مشيرا إلى ان هذا الكلام غير صحيح، وانه كان من المنتظر وصول بعض المعدات بين شهري نيسان وايار المقبلين، لكنه بفضل الذكاء الواسع لبعض السياسيين اللبنانيين وصلنا إلى ما وصلنا اليه اليوم.
وأوضح مصدر نيابي شارك في اجتماع «بيت الوسط» ان النقاشات تركزت على الموضوع السعودي فقط من زاوية الحرص على إنهاء المشكلة مع المملكة، نتيجة القرار بوقف هبة تسليح الجيش اللبناني.
ونفى المصدر ان يكون موضوع استقالة الوزير اشرف ريفي قد طرح لا من قريب ولا من بعيد، لكن النقاش إنحصر في السؤال عمّا إذا كان يمكن البدء بالمطالبة باستقالة الحكومة، أو إعطاء فرصة، أو ان تكون خطوة دعوتها للاجتماع كافية لإنهاء المشكلة مع المملكة، وارتؤي في نهاية النقاش الذي استغرق ساعتين، ان الموقف الذي ستتخذه الحكومة اليوم هو المدخل لمعالجة الأزمة مع المملكة، وعليه يُبنى على الشيء مقتضاه والخطوات التي يمكن ان تتخذ.
علماً ان موضوع القيام بتحريات في الشارع لم تطرح على وجه الإطلاق.
وبالنسبة إلى مسألة عدم ذكر اسم باسيل أو «التيار الوطني الحر»، في البيان، كشفت المصادر لـ «اللواء» انه كان هناك اتفاق مسبق منذ السبت الماضي بين حزب «القوات اللبنانية» وقوى الرابع عشر من آذار على عدم تسمية الوزير باسيل والتيار الحر بالاسم بالبيان الذي صدر عن الاجتماع، ولفتت المصادر إلى انه كان هناك مطالبة من بعض المجتمعين بضرورة ان يكون البيان اقوى من الذي صدر، ولكن تمّ التوافق في النهاية على الاكتفاء بهذا البيان في انتظار موقف الحكومة الذي سيصدر عنها في اجتماع اليوم.
وفي أوّل تعليق له على البيان، قال وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب لـ «اللواء» باسم «التيار الحر» انه قد يشكر 14 آذار على البيان الذي صدر لأن ما تطالب به هذه القوى من خلال النقاط التي اوردتها سبق وأن طالبنا بها كوزراء للتيار الوطني الحر في جلسات سابقة للحكومة، موضحا ان الوزير باسيل كان قد طالب باتخاذ قرار داخل مجلس الوزراء، لكنه لم يقلق أي تجاوب. مذكراً بالموقف الذي كان اتخذه باسيل بالنسبة لادانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران واحترام ميثاق جامعة الدول العربية والالتزام بعدم التدخل بالشؤون الداخلية لأي دولة عربية.
واعتبر انه في حال تمّ اتخاذ موقف داخل الحكومة اليوم فهذا سيكون مؤشرا ايجابيا وبداية حل للمشكلة مع السعودية.
استقالة ريفي
أما بالنسبة لاستقالة وزير العدل، فقد فوجئ زوّار المصيطبة بمفاجأة الرئيس سلام بالاستقالة، ولاحظ هؤلاء أن رئيس الحكومة الذي تبلغ هاتفياً بنبأ الاستقالة أبدى انزعاجاً من هذه الخطوة.
وفي المعلومات ان «بيت الوسط» لم يكن أيضاً على إطلاع على استقالة ريفي المفاجئة، لا سيما بعد «ترتيبات المصالحة» التي حصلت وما قيل عن التزام وزير العدل بقرار التيار ورئيسه.
وتضمنت استقالة ريفي التي قدمها إلى الشعب اللبناني والرئيس سلام حيثيات تتعلق بدوافعه التي شددت على مواجهة الدويلة والاستمرار في معركة إنقاذ لبنان.

الاخبار :

هل قرّر تيار المستقبل المغامرة باستقرار البلاد الهش؟ أم أن تصعيده الكلامي أمس هدفه حصراً إرضاء النظام السعودي ونيل بعض «الصغائر»، كتأجيل الانتخابات البلدية التي يخشاها؟ تتداول القوى السياسية بإجابتين. الأولى تقول إن السعودية تريد مواكبة تصعيدها في سوريا وسائر الإقليم بتوتير الأوضاع في لبنان، وصولاً إلى المغامرة بأمنه، بهدف الضغط على حزب الله وإشغاله عن تأدية دور جوهري في الحرب السورية، وإن الرياض أرسلت الرئيس سعد الحريري إلى بيروت لقيادة هذه المواجهة.

لكن غالبية القوى السياسية تتحدّث عن عدم قدرة الرياض على الضغط باتجاه مواجهة لبنانية تتخطى السياسة إلى الأمن، لأنها لن تكون في مصلحة حلفائها، وأن كل ما يريده النظام السعودي هو حشر حزب الله في الزاوية، وإظهاره وحيداً بلا حلفاء عندما يتعلّق الأمر بانتقاد السياسة السعودية في المنطقة، والضغط عليه لتحقيق مكاسب لتيار المستقبل وفريق 14 آذار، سواء في الاستحقاق الرئاسي وغيره من الملفات الداخلية، أو في رسم السياسة الخارجية.
قرار السعودية تجميد الهبتين المقدمتين إلى الجيش اللبناني يوم الجمعة الفائت بدا كصافرة انطلاق التصعيد المستقبلي. التيار الأزرق وحلفاؤه يريدون تجميد عمل الحكومة، إذا لم تُصدر في اجتماعها الاستثنائي اليوم بياناً تسترضي فيه النظام السعودي. تبرير كل ما يفعله هذا النظام كان الطاغي أمس على مواقف رموز 14 آذار التي مارست الابتزاز بلا أي قفازات: إما أن تصمت جميع القوى اللبنانية عن كل ما يرتكبه هذا النظام في المنطقة، كالعدوان على اليمن مثلاً، أو أن يصبح «الأمن الاجتماعي» للبنانيين الذين يعملون في الخليج مهدداً.


المغرّد السعودي «مجتهد»: الرياض تعيد الهبتين مقابل الإفراج عن أمير الكبتاغون

 

وعبارة «الأمن الاجتماعي» وردت أمس في بيان قوى 14 آذار التي اجتمعت في منزل الرئيس سعد الحريري في وادي أبو جميل. وطالب المجتمعون الحكومة باتخاذ قرارات في جلستها اليوم، وإلا سيكون لهم كلام آخر، بحسب ما عبّر الحريري. مصادر المستقبل أكّدت أن الخيارات المتاحة هي تعليق العمل الحكومي، ووقف الحوار الثنائي مع حزب الله. الحزب لم يقل كلمته بعد، بانتظار ما سيقترحه الرئيس تمام سلام في جلسة مجلس الوزراء اليوم. لكن الرئيس نبيه بري اقترح صيغة للحل، عندما عبّر أمس عن أمله بأن «يصدر عن مجلس الوزراء اليوم بيان يؤكد التضامن مع الدول العربية في القضايا العربية المشتركة، على أن يستمر الالتزام بالنأي بالنفس في الموضوع السوري». وعندما سُئل بري عما إذا كان سيلبي الدعوة التي وجهت إليه لزيارة السعودية، أجاب: في الظروف المؤاتية، سألبيها. ودعا الرئيس بري إلى الكف عن «الثرثرة المحلية» في موضوع تجميد الهبتين السعوديتين.
أما باقي حلفاء الحزب، فالتزموا الصمت، أو عبّروا عن مواقف تحابي السعودية، باستثناء قلة، كالوزير السابق وئام وهاب الذي استمر في الدفاع عن الحزب، ومهاجمة تيار المستقبل، وتحذيره من محاولة العبث بالأمن الداخلي.
الاجتماع في منزل الحريري كان قد شهد مزايدة من النائب مروان حماده، الذي طالب باستقالة جماعية من الحكومة، وهو ما رفضه رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة، والوزير ميشال فرعون والنائب جورج عدوان الذي دافع بقوة عن بقاء الحكومة وضرورة حماية المؤسسات وعدم التخلي عنها. عدوان مثّل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي استبق اللقاء برفض تحميل مسؤولية الغضب السعودي لوزير الخارجية جبران باسيل، قائلاً إن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة. ورفض عدوان في الاجتماع ذكر اسم باسيل في البيان أو الإشارة إليه. ورغم نفي النائب السابق فارس سعيد لهذه المعلومة، فإن مصادر أكثر من طرف مشارك في اللقاء أكدتها.
وعلى هامش اللقاء، عبّر عدد من مسؤولي حزب الكتائب عن امتعاضهم من عدم مشاركة وزراء الحزب ونوابه في اللقاء، و»احتكار» النائب سامي الجميل لتمثيلهم. وخرجت الأصوات المعترضة إلى العلن، بتصريح للوزير سجعان قزي قال فيه إنه لن يلتزم بأي قرار يصدر عن اجتماع منزل الحريري «إذا لم أكن مشاركاً فيه». وكان لافتاً أن الحريري تعمّد تخصيص المقعد الذي على يمينه للجميل، فيما جلس عدوان على يسار السنيورة، وهو ما عدّته مصادر في 14 آذار رسالة سلبية من الحريري إلى جعجع.