عقابٌ خليجي للدولة الراعية لجنون نصرالله , والكل يتحمّل المسؤولية

 

السفير :

لم تتوقف الريبة في صدق الرياض بتنفيذ هبة الثلاثة مليارات دولار أميركي القاضية بتسليح الجيش اللبناني بأسلحة وذخائر فرنسية، وقد وصفها قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي في تشرين الثاني الماضي بأنها «حبر على ورق»، قبل أن تقوم قيامة البعض من اللبنانيين عليه، ما اضطره لإصدار توضيح على الأرجح لم يكن مقتنعاً به، بدليل أنه عندما زار واشنطن مطلع الشهر الحالي، كان صريحاً في محادثاته مع الأميركيين بدعوتهم إلى التعامل مع قضية الهبة السعودية «وكأنها لم تكن»، وهو أمر استبقه الأميركيون بزيادة مساعداتهم العسكرية للجيش اللبناني، منذ مطلع العام الحالي.
في هذا السياق، لم يكن قرار السعودية بوقف المساعدات المقررة للجيش والقوى الأمنية اللبنانية من ضمن هبتي الأربعة مليارات دولار، مفاجئاً لأحد، ذلك أن كل المعطيات كانت تشير منذ زمن بعيد إلى أن القرار متخذ لأسباب داخلية سعودية، خصوصاًَ أنه لم تسجل سابقة من هذا النوع في تاريخ المملكة، لجهة إقدام ملك جديد على إلغاء قرار صادر عن سلفه الملكي، فضلاً عن سابقة ثانية تتمثل في محاولة إلزام عائلة الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز بتغطية هبة المليار، الأمر الذي أثار حفيظة واحتجاج ورثة الملك السابق، فكان أن لجأوا إلى المحاكم في مواجهة تنصل الديوان الملكي السعودي من تغطية المليار.
يصبح السؤال في هذه الحالة متمحوراً حول الإخراج والتوقيت اللذين لجأ اليهما السعوديون لاستثمار قرار متخذ سلفاً بإلغاء الهبتين الماليتين لاعتبارات سعودية بالدرجة الأولى، خصوصاً أن الشركات المصنّعة للأسلحة تبلغت من شركة «اوداس» الوسيطة يوم الإثنين الماضي وبرسائل رسمية قرار إلغاء «الطلبيات» المقررة.
الأكيد أن الدوافع التي ذكرها البيان الرسمي السعودي ليست هي الدوافع الحقيقية لإلغاء الصفقتين معاً، وهي دوافع تسبق بوقت طويل، الهجوم على السفارة السعودية في طهران، إثر إعدام الشيخ محمد باقر النمر، وما اتُهم به لبنان من نقض التضامن العربي مع السعودية، في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير ولاحقاً الاجتماع الإسلامي في جدة، وهما اتُخذا ذريعة لإلغاء الهبتين.
وإذا أخذنا بـ «الدوافع السعودية» التي فاجأت السفير السعودي في بيروت كما سعد الحريري العائد حديثاً من السعودية، فإن اللافت للانتباه أن مسؤولاً لبنانياً مقرباً جداً من السعودية أوضح لـ «السفير» أن مقابلة الرئيس تمام سلام التلفزيونية الأخيرة، أثارت حفيظة المسؤولين السعوديين، خصوصاً أنه دافع فيها عن الموقف الذي اتخذه وزير الخارجية جبران باسيل في القاهرة، وهنا بات السؤال المطروح «إذا كانت الحكومة اللبنانية عاجزة عن السيطرة على حدودها مع سوريا وفي الداخل، فهل باتت عاجزة، وهي محسوبة برئاستها وثلثي مكوناتها على السعودية، عن اتخاذ موقف سياسي متضامن مع المملكة، وكيف يمكن لنا أن نفسر أن مسؤولاً حزبياً لبنانياً يتجرأ على القول إنه «جندي في ولاية الفقيه» بينما يخجل كل حلفاء سعد الحريري بعلاقتهم بالمملكة، بل يوجهون انتقادات قاسية لها كما حصل في أكثر من مناسبة»؟
لا أحد يملك تفسيراً نهائياً أو محدداً للتوقيت السعودي، برغم أن عقود الهبة السعودية بلغت مرحلة متقدمة من الالتزامات المالية والعقدية مع الشركات الفرنسية المصنّعة للأسلحة والمعدات العسكرية. إذ بدأت نهاية العام الماضي شركة «اوداس «الوسيطة المشرفة على تنفيذ الصفقة، بالتوقيع على اتفاقات تصنيع المعدات المطلوبة مع هذه الشركات، ما يعني أن الالتزامات المالية التي رافقتها، ستملي على السعودية إيداع المزيد من المبالغ، عندما تبدأ عمليات تسليم الدفعة الأولى من المعدات في نيسان المقبل.
ولقد كان على السعوديين، الذين تستنزفهم «عاصفة الحزم» على اليمن، البحث عن إعادة ترتيب أولوياتهم المالية، لتمويل صفقات عسكرية تبلغ قيمتها أكثر من خمسين مليار دولار، يخصصون غالبيتها لمواصلة الحرب اليمنية، فيما تعاني ميزانية المملكة من عجز بلغ 98 مليار دولار، تمت تغطيته، باستدانة 20 مليار دولار من المصارف، وبيع 70 مليار دولار من الأصول الخارجية السعودية.
ومن المعروف أن الهبة السعودية ولدت من رحم تساؤلات الملك الراحل عبدالله عن استنكاف الجيش اللبناني عن مواجهة «حزب الله» ومنعه من تجاوز حدود لبنان الشرقية باتجاه سوريا، خلال لقائه برئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في الرياض، في خريف العام 2013، أي في زمن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي كان يعتبرها السعوديون والحريري «حكومة حزب الله»، ولذلك، يصبح السؤال كيف تقررت في تلك اللحظة، وتلغى مع حكومة تمام سلام التي تمت تسمية رئيسها في الرياض قبل بيروت، وهل اختيار التوقيت على مسافة خمسة أيام من عودة الحريري الى بيروت هو اختيار مقصود أو العكس؟
وإذا كان السعوديون قد حصلوا الشهر الماضي على ضمانات سياسية وتقنية فرنسية غير مسبوقة، بينها مفاتيح لتعطيل الأسلحة عن بعد، لو قُدّر لها أن تسقط في يد «حزب الله»، أو تنفيذاً لأي قرار سعودي آخر، فإن السؤال المطروح هو: ما الذي استجدّ في الأسبوعين الأخيرين حتى استدعى مراجعة سعودية شاملة سرعان ما تبنتها دول خليجية مثل الإمارات والبحرين؟
أما هبة المليار الواحد التي حملها سعد الحريري، من الرياض الى السرايا الحكومية في بيروت، مطلع آب 2014، فكانت ملغاة منذ ان اعترض ورثة الملك الراحل عبدالله على استمرار تمويلها من التركة الملكية لعبدالله، بعدما تبين ان المليار دولار، التي تسلم المشرفون عليها 350 مليون دولار في مصرف لبناني خاص، وليس في حسابات المالية العامة، هي هبة من المال الخاص للملك عبدالله، وليس من المالية السعودية العامة. وهناك فضيحة حقيقية، واكبت هبة المليار، قبل إلغائها، إذ تفيد معلومات فرنسية أن مرجعاً حكومياً لبنانياً سابقاً (على الأرجح بالتفاهم مع مرجع سابق ونائب حالي)، حصل على عمولة 47 مليون دولار، لقاء إيداع المبالغ الأولى من هبة المليار الواحد، في مصرف لبناني في بيروت، كمقدم على الفوائد التي توفرها هذه المبالغ!

النهار :

"هذه المرة لن تكفي بيانات الادانة لمواقف "حزب الله" ولا للسياسات التي تتبعها وزارة الخارجية لان ما حصل ينذر بكارثة ان لم يجر تداركها واذا كان ممكناً بعد تداركها". هذا الكلام لم يصدر عن أوساط تهوى التهويل والتضخيم بل عن مراجع موثوق بها رصينة بدت في ذروة التخوف من تداعيات خطوة هي سابقة في السياسة السعودية تجاه لبنان وتمثلت كما هو معروف بصدمة القرار السعودي وقف المساعدات السعودية للجيش وقوى الامن الداخلي في سياق قرار المملكة "بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية بما يتناسب مع هذه المواقف ويحمي مصالح المملكة".
وبرزت طلائع الصدمة في قرار وقف هبة المليارات الثلاثة لتسليح الجيش والتي تعد الاكبر في تاريخ تسليحه والتي تقررت في نهاية عام 2013 ولم يتسلم الجيش منها سوى الدفعة الاولى في 20 نيسان 2015 ومن ثم هبة المليار دولار التي تقررت عقب الهجوم المسلح على عرسال في آب 2014 ووضع توزيعها في عهدة الرئيس سعد الحريري. لكن الامر لم يقف عند حدود وقف الهبتين فحسب، بل تجاوزه الى المضمون السياسي للقرار السعودي الذي فنده مصدر مسؤول عبر وكالة الانباء السعودية "واس" الرسمية عازيا القرار الى "مواقف لبنانية مناهضة للمملكة على المنابر العربية والاقليمية في ظل مصادرة ما يسمى "حزب الله " لارادة الدولة كما حصل في مجلس جامعة الدول العربية وفي منظمة التعاون الاسلامي من عدم ادانة الاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران والقنصلية العامة في مشهد فضلاً عن المواقف السياسية والاعلامية التي يقودها ما يسمى "حزب الله" في لبنان ضد المملكة العربية السعودية وما يمارسه من ارهاب بحق الامة العربية والاسلامية". واذ قدر المصدر المواقف التي صدرت عن بعض المسؤولين والشخصيات اللبنانية بمن فيهم رئيس الوزراء تمّام سلام بوقوفهم مع المملكة، شدّد على "اعتزازها بالعلاقة المميزة التي تربط المملكة بالشعب اللبناني الشقيق والتي تحرص دائماً على تعزيزها وتطويرها".
وقد سارعت دول خليجية مثل الامارات العربية المتحدة والبحرين الى تأييد القرار السعودي، بينما أثار القرار في لبنان عاصفة تداعيات راسماً الكثير من المخاوف والتساؤلات القلقة في ظل الاطار الصارم الذي عبرت عنه السعودية مدللة على جدية غير مسبوقة في المضي في نهج جديد من المواجهة مع الاتجاهات التي يتبعها حيالها "حزب الله" والديبلوماسية اللبنانية ممثلة بوزير الخارجية جبران باسيل وعبره الخط السياسي الذي يمثله. وراوحت المخاوف بين حدين: الأول يتمثل في اعتقاد ان القرار السعودي يشكل صدمة جراحية قاسية ورسالة واضحة بأن ترك لبنان عرضة لهذه السياسات لن يمر بعد الآن من دون أثمان موجعة ولكنها تبقى اجراءات موضعية ولو دفع الجيش جراءها الثمن الأكبر بحرمانه أكبر فرصة لتسليحه وتطوير عتاده وتحديثه. والثاني يذهب أبعد من الصدمة الأولى الى التخوف من ان يكون القرار طليعة قرارات أخرى متدحرجة أثيرت حيالها احتمالات تطوير هذه الاجراءات بما يطاول الدعم المالي للدولة المتمثل بودائع في مصرف لبنان وكذلك موضوع اللبنانيين العاملين في السعودية ودول الخليج. لكن هذا الاحتمال بدا في طور الاستبعاد ولو ان معنيين رسميين وسياسيين تحدثوا عن ضرورة التحرك باقصى سرعة لدى المملكة لتدارك التطور السلبي للامور.

التداعيات الداخلية
وعلمت "النهار" انه طرحت على المستوى الرسمي فكرة دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد إستثنائيا من أجل البحث في القرار السعودي، ولكن صرف النظر عن الفكرة خشية أن يتحوّل المجلس ساحة سجال مما يؤدي الى إنهيار الحكومة التي عادت لتوها الى إستعادة نشاطها بعد أزمتها الأخيرة. كما انه من المستبعد أن يتوحد مجلس الوزراء في إصدار قرار لمناشدة السعودية التراجع عن قرارها في ضوء ما صدر من ردود فعل وخصوصاً عن "حزب الله". ومع طرح اقتراحات منها ان يقوم الرئيس سلام بزيارة عاجلة للمملكة السعودية، سارع رئيس الوزراء الى اصدار بيان جاء فيه ان "الامانة تقتضي القول إن للمملكة العربية السعودية مكانة كبيرة في وجدان اللبنانيين"، كما شدد على ان "أي ضيم يصيب اخواننا في المملكة أو في باقي أنحاء الخليج العربي انما يصيبنا في الصميم"، ليخلص الى "تمني اعادة النظر في القرار الخاص بوقف المساعدات عن جيشنا وقواتنا الأمنية".
أما على الصعيد السياسي، فأعرب الرئيس سعد الحريري عن أسفه وقلقه للقرار "رداً على قرارات متهوّرة بخروج لبنان على الاجماع العربي وتوظيف السياسة الخارجية للدولة اللبنانية في خدمة محاور اقليمية". وذكر بدعم السعودية وكل دول الخليج للبنان حمل بشدة على "حزب الله" آملاً في ان "تنظر المملكة الى ما يعانيه لبنان بعين الأخ الأكبر". ولفت في ردود الفعل الكثيفة التي أثارها القرار قول وزير الداخلية نهاد المشنوق من "ان الخبر الأسوأ ان قرار المملكة هو أول الغيث"، محذراً من "الآتي الأعظم خصوصاً انها المرة الأولى التي يواجه لبنان تحدياً مصيرياً كهذا". ورأى ان "خروجنا عن عروبتنا قد ينزع الغطاء الأخير الذي يتفيأ لبنان ظله ما قد يشرع أبوابنا على العواصف التي تحيط بنا".
لكن رد "حزب الله" على القرار جاء عنيفاً إذ رأى انه قرار متخذ منذ فترة طويلة بسبب "الأزمة المالية الخانقة داخل السعودية"، مكرراً هجومه على المملكة ومدافعاً أيضاً عن وزارة الخارجية اللبنانية، فيما لم تصدر الوزارة أي رد او تعليق على القرار السعودي.
أما في الاطار السياسي الداخلي، فبرز امس تحرك للرئيس الحريري نحو بكركي وطرابلس ومن ثم زيارته ليلاً لرئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط حيث أكد الحريري "التوافق على ان موضوع الرئاسة مهم وحيوي ويجب النزول الى المجلس وانتخاب رئيس للجمهورية"، كما أكد جنبلاط ان "لا مهرب إلا بانتخاب رئيس".

 

اشتباكات!
ولم يمر يوم أمس من غير اشتباكات مفاجئة في السعديات ليلاً بين عناصر من "سرايا المقاومة" وافراد من "تيار المستقبل" سارع الجيش الى تطويقها. وقال مختار السعديات رفعت الاسعد لـ"النهار" ان المنطقة تعرضت لهجوم من "سرايا المقاومة" وعاد الهدوء الى المنطقة بعد تدخل الجيش فيما اتهم مصدر في "السرايا" مسلحين بالتعرض لعناصرها.

 

المستقبل :

بعد أيام من خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي تهجّم فيه على المملكة العربية السعودية واحتمال تدخلها البرّي في سوريا، وبعد «مصادرة ما يسمّى حزب الله اللبناني لإرادة الدولة.. كما حصل في جامعة الدول العربية وفي منظمة التعاون الإسلامي من عدم إدانة الاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران والقنصلية العامة في مشهد»، اتخذت الرياض «قرارات» بعد مراجعة «شاملة» لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية «منها» إيقاف المساعدات المقرّرة لتسليح الجيش اللبناني وقدرها ثلاثة مليارات دولار «وما تبقّى من مساعدة المملكة المقرّرة بمليار دولار المخصّصة لقوى الأمن الداخلي». فيما أكدت وقوفها الى جانب «الشعب اللبناني الشقيق بكافة طوائفه»، مع التشديد على أنها «لن تتخلّى عنه وستستمرّ في مؤازرته».
سلام
هذا القرار الذي حظي بدعم فوري من الإمارات ومن ثمَّ البحرين، استدعى «تمنيات» لبنانية بإعادة النظر فيه كان أبرزها من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي أمِلَ «إعادة النظر بالقرار الخاص بوقف المساعدات عن جيشنا وقواتنا الأمنية». وأضاف أن لبنان «العربي الهويّة والانتماء حريص أشد الحرص على علاقاته الأخوية مع أشقائه العرب وبخاصة مع المملكة العربية السعودية، ونحن نعتبر أن أي ضيم يصيب إخواننا في المملكة أو في باقي أنحاء الخليج العربي إنما يصيبنا في الصميم».
الحريري
أما الرئيس سعد الحريري فدعا المملكة لأن تنظر الى ما يعانيه لبنان «بعين الأخ الكبير، ونحن على يقين بأنها لن تتخلّى عن شعب لبنان»، متفهماً قرار وقف المساعدات المقرّرة للجيش والقوى الأمنية الذي تلقّاه اللبنانيون «بمشاعر الأسف والقلق»، باعتباره جاء ردّاً على «قرارات متهوّرة بخروج لبنان على الإجماع العربي وتوظيف السياسة الخارجية للدولة اللبنانية في خدمة محاور إقليمية».
وقال الحريري إن لبنان «لا يمكن أن يجني من تلك السياسات»، التي وصفها بـ«الرعناء»، سوى ما نشهده من «إجراءات وتدابير تهدّد في الصميم مصالح مئات آلاف اللبنانيين»، مؤكداً أن كرامة المملكة وقيادتها هي «من كرامة اللبنانيين الشرفاء الذين لن يسكتوا على جريمة تعريض مصالح لبنان واللبنانيين للخطر، وإذا كان هناك من يفترض أن لبنان يمكن أن يتحوّل في غفلة من الزمن الى ولاية إيرانية فهو واهم».
جنبلاط
بدوره تمنى رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط أن تستمرّ المملكة في «عطفها على لبنان الذي احتضنته منذ عشرات السنين، من الحرب الأهلية مروراً بمؤتمرات باريس واحد واثنين وثلاثة وصولاً الى عدوان 2006 وغيرها الكثير الكثير من المحطات». وقال جنبلاط لـ«المستقبل» تعليقاً على القرار السعودي: «نشجب التصريحات المعادية للمملكة العربية السعودية ولدول الخليج التي صدرت عن بعض السياسيين اللبنانيين»، مشدداً على كونها تصريحات «مسيئة ومدمّرة لعلاقات لبنان التاريخية»، وآملاً في «أن تتجاوز المملكة هذه التصريحات وتنظر الى مصلحة لبنان وغالبية اللبنانيين».
تأييد عربي
وسارعت الإمارات الى الإعراب عن «تأييدها الكامل» لقرار المملكة، معتبرة أن القرار اللبناني الرسمي بات «مختطفاً ضد مصلحة لبنان ومحيطه العربي كما يبدو واضحاً من هيمنة ما يسمّى بـ«حزب الله» ومصادرته للقرار الرسمي اللبناني». ودعت اللبنانيين الى «إعادة لبنان الى محيطه العربي بعيداً عن التأثيرات الإيرانية».
كما أعربت وزارة الخارجية البحرينية عن تأييدها للقرار السعودي، معتبرة أن «حزب الله الإرهابي بات متحكماً بالقرار الرسمي اللبناني»، آملة في أن «تعيد الدولة اللبنانية حساباتها وتردع» هذا الحزب.

الديار :

القرار السعودي بوقف الهبة المالية لتسليح الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي لم يكن مفاجئا وكان متوقعا بعد ان تم تداول هذا الامر وعلى نطاق واسع في وسائل اعلام عربية ودولية وبأن الهبة السعودية هي من اموال الملك عبدالله بن عبد العزيز الشخصية الذي تعهد بتقديم المساعدة للجيش اللبناني وليس من موازنة المملكة وبوفاة الملك عبدالله توقفت الهبة ولم يجددها الملك سلمان بن عبد العزيز كما ان الهبة السعودية لم يتسلم منها الجيش الا عدداً من الصواريخ ولم تغير بالواقع التسليحي خصوصا ان وزير الدفاع سمير مقبل طلب في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة سلفة مالية للجيش لكي يشتري الذخيرة.
واللافت ان قرار المملكة العربية السعودية تزامن مع حملة داخلية على حزب الله ستؤدي الى عودة التشنجات الداخلية ووقف كل المساعي الرئاسية وفرملة عمل الحكومة في ظل الاتهامات لحزب الله والدفاع عن السعودية من قبل حلفاء الرئيس سعد الحريري وبالتالي فإن ما سيحصل سيصيب حتما الجهود الرئاسية للحريري بالفشل. وفي حين اشارت اوساط نيابية في حزب الله ان المملكة السعودية تخوض منذ فترة طويلة حربا ضد حزب الله عبر حجب المنار عن عربسات الى الجهد السعودي لوضع الحزب على لائحة الارهاب الى الحملات الاعلامية ضده الى تحريض المجتمع الدولي والعربي عليه وتهديد المقيمين اللبنانيين في المملكة العربية السعودية وصولا الى الموقف السعودي في مؤتمر دول مجلس التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية، ووقوفها وراء الاجراءات المالية.
واعتبرت الاوساط «ان المتضرر الاول من بيان المملكة العربية السعودية هو الرئيس سعد الحريري شخصيا والبيان موجه ضده تحديدا وللجهود التي يبذلها لانجاز الاستحقاق الرئاسي لان الموقف السعودي سيساهم بتأجيج الصراع الداخلي ويهدد الحوار بين المستقبل وحزب الله وتابعت الاوساط كيف سيتحرك الحريري الان والموقف السعودي قطع عليه استكمال مشاوراته، وكيف يمكن ان يطلب الان من الرئيس بري فتح خطوط الحوار بينه وبين حزب الله؟ واذا كانت كلمة الحريري في البيال لشد عصب 14 آذار ولكن الان كيف سيأتي بسليمان فرنجية رئىسا للجمهورية وكيف سيحاور حزب الله الداعم للعماد ميشال عون علما ان الحريري لم يبد اي محاولة لفتح الحوار. وختمت الاوساط الموقف السعودي يصب الزيت على نار الازمة اللبنانية.

ـ بيان حزب الله ـ

كما رد حزب الله على الموقف السعودي مؤكدا ان القرار السعودي اتخذ منذ فترة طويلة وخاصة مع بدء العهد الحالي في السعودية وهو امر تداولته وسائل الاعلام واشار البيان ان السعودية تعاني ازمة مالية خانقة بسبب حربها في اليمن وانخفاض اسعار النفط مما ادى الى اجراءات تقشف داخل السعودية.
واكد البيان ان تحميل حزب الله مسؤولية هذا القرار السعودي وكذلك وزارة الخارجية اللبنانية ما هو الا محاولة فاشلة فالمضمون والشكل والتوقيت لا تخدم احدا ولا تنطلي على عاقل او حاكم او مسؤول وان موضة الكذب والنفاق المحلي التي سرعان ما ستنخرط في حملة الاتهامات الباطلة والتزلف الرخيص لن تؤدي بدورها الى حجب الحقيقة ولن تؤدي الى تغيير الموقف السياسي للحزب وختم البيان بالتأكيد ان القرار السعودي يكشف زيف الادعاءات السعودية الباطلة في مكافحة الارهاب وما بينها حسب ما كان يفترض خطوة دعم الجيش اللبناني ويؤكد ان موقفها الحقيقي هو رعاية الارهاب وتسليحه وتمويله وخلق الفتن والمشاكل على امتداد العالم العربي والاسلامي.

ـ خلفيات القرار السعودي ـ

واستغربت مصادر سياسية تزامن البيان السعودي بوقف الهبة للجيش مع كلام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بتسليح الجماعات المسلحة في سوريا بصواريخ ارض جو ضد الطائرات في المقابل فإنها تحجب المساعدات عن الجيش اللبناني الذي يقوم بالتصدي للجماعات المسلحة والسؤال هل الهدف السعودي اضعاف الجيش في عرسال والمناطق اللبنانية لصالح القوى الارهابية ولضرب الاستقرار الداخلي خصوصا ان الجيش اللبناني هو الضامن للاستقرار عبر ضرب القوى التكفيرية في لبنان وكشف شبكات الارهاب. وسألت المصادر عن اسباب الحملة الداخلية لبعض القوى ضد حزب الله وتأييدها للقرار السعودي وسألت هل تخلت هذه القوى عن مطالبتها بأن يكون لبنان واحة للديموقراطية في العالم العربي وهل تخلوا عن مساحة الحرية في لبنان المعروف بتنوعه وتعدد آراءه السياسية والوقوف مع هذه الدولة العربية وتلك. وبالتالي فإن وسائل الاعلام اللبنانية تنقل يوميا بيانات ضد السعودية وايران وسوريا وروسيا واميركا وبالعكس وهذا امر طبيعي فحزب الله ينتقد السياسة السعودية فيما تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري يشن هجمات يومية على ايران وهذه تأتي ضمن المواقف السياسية ولذلك فإن السؤال لماذا القرار السعودي في هذا التوقيت وما هي خلفياته ولماذا اضعاف الجيش حاليا في ظل كلام سعودي عن شن حرب برية ضد سورية وهل يتطلب القرار السعودي مرحلة جديدة من التوترات في لبنان.

ـ مواقف لـ 14 آذار ـ

وما ان صدر الموقف السعودي حتى صدرت بيانات عن الرئىس تمام سلام وسعد الحريري ووزراء ونواب اعلنت تفهمها للموقف السعودي جراء هجمات حزب الله على المملكة وهي هجمات مرفوضة ومدانة.

ـ البيان السعودي ـ

وكانت وكالة الانباء السعودية (واس) نقلت عن مصدر مسؤول في المملكة العربية السعودية قوله ان المملكة توقف مساعداتها لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي اللبناني نظرا للمواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين. أضاف المصدر المسؤول: انه في ظل هذه الحقائق فإن المملكة قامت بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية بما يتناسب مع هذه المواقف ويحمي مصالح المملكة، واتخذت قرارات منها:
أولا: إيقاف المساعدات المقررة من المملكة لتسليح الجيش اللبناني عن طريق الجمهورية الفرنسية وقدرها ثلاثة مليارات دولار اميركي.
ثانيا: إيقاف ما تبقى من مساعدة المملكة المقررة بمليار دولار أميركي المخصصة لقوى الأمن الداخلي اللبناني.
وأضاف المصدر: «أن المملكة العربية السعودية وقد عملت كل ما في وسعها للحيلولة دون وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، لتؤكد في الوقت ذاته وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق بكافة طوائفه، وأنها لن تتخلى عنه وستستمر في مؤازرته، وهي على يقين بأن هذه المواقف لا تمثل الشعب اللبناني الشقيق».

 

الجمهورية :

فوجئ اللبنانيون أمس بقرار المملكة العربية السعودية إعادة النظر في علاقاتها مع لبنان ووقف الهبة العسكرية له، والبالغة أربعة مليارات من الدولارات، نظراً «للمواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين». وقد حرّكَ هذا القرار مجدداً المخاوف الرسمية والشعبية من تداعياته على اللبنانيين في الخليج ومصالحهم، خصوصاً في ظلّ وصف وزير الداخلية نهاد المشنوق القرار السعودي بإجراء مراجعة شاملة للعلاقة مع لبنان بـ»الخبَر الأسود» وتحذيره من»الآتي الأعظم». ولم تقتصر المخاوف على مستقبل الاغتراب اللبناني بل انسحبَت على مصير الاستحقاق الرئاسي في ضوء الحراك الذي نشَط بعد عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان، وعلى مصير غيره من الاستحقاقات، وكذلك على مصير القرار الإقليمي ـ الدولي بالحفاظ على الاستقرار في لبنان، والذي كانت الهبة السعودية إحدى مرتكزاته الأساسية. وجاء هذا القرار السعودي في ظلّ انسداد الأفق الرئاسي على رغم جولات الحريري الرئاسية قبل جلسة الانتخاب في 2 آذار، ووسط التخبّط الحكومي بعد تعثّر خطة ترحيل النفايات وتنَحّي الوزير أكرم شهيّب عن مهمّته، وإلغاء تلزيم شركة «شينوك» للترحيل بعد انتهاء المهلة المحدّدة لها رسمياً وتعذّر تقديمها المستندات الرسمية كاملة، فيما لبنان يواصل معركته ضد الإرهابيين. في غمرة التوتر الايراني ـ السعودي في المنطقة، رفعت السعودية من منسوب استيائها من مواقف «حزب الله» وسياسة لبنان الخارجية وعدم تضامنها مع الرياض في المحافل الدولية وإدانة إيران على خلفية التعدي على البعثات الديبلوماسية السعودية في طهران، وبدأ اعتراضها يتظهّر تباعاً، وقد تجلّت اولى ترجماته في ما أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس) نقلاً عن مصدر مسؤول حول «إيقاف المساعدات المقررة لتسليح الجيش اللبناني عن طريق فرنسا وقدرُها ثلاثة مليارات دولار أميركي، وما تبقّى من المساعدة المقررة بمليار دولار أميركي لقوى الأمن الداخلي اللبناني».
وأوضح المصدر أنّ وقف المساعدات جاء «نظرًا للمواقف اللبنانية التي لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين»، مشيراً إلى «أنّ المملكة تقابل بمواقف لبنانية مناهضة لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية في ظلّ مصادرة ما يسمّى حزب الله اللبناني لإرادة الدولة». وذكّر المصدر بما حصل في مجلس جامعة الدول العربية وفي منظمة التعاون الاسلامي «من عدم إدانة الاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد».

«حزب الله» يردّ
وردّ «حزب الله» على القرار السعودي ببيان أكد فيه أنّ هذا القرار «لم يفاجئ أحداً على الإطلاق في لبنان». وأشار إلى «أنّ العالم بأسره، واللبنانيين خصوصاً والمؤسسات المالية المحلية والعالمية تَعلم علمَ اليقين بأنّ السعودية تعاني من أزمة مالية خانقة بسبب حجم النفقات الضخمة لعدوانها الآثم على اليمن الشقيق وبسبب مؤامرة انخفاض أسعار النفط في السوق العالمي والتي تقف السعودية وراءها، وقد أدّت هذه الأزمة المالية إلى إجراءات تقشّف غير مسبوقة داخل السعودية وإلى وقفِ الالتزامات المالية مع كثير من الشركات السعودية والعالمية وإلى إيقاف عدد من العقود والاتفاقات، ومن بينها تندرج خطوة وقفِ تمويل الصفقات المفترَضة لدعم الجيش اللبناني».
واعتبَر الحزب أنّ تحميله المسؤولية عن القرار السعودي وكذلك لوزارة الخارجية اللبنانية «ما هو إلا محاولة فاشلة في المضمون والشكل والتوقيت لا تَخدع أحداً ولا تنطلي على عاقل أو حكيم أو مسؤول».
وقال «إنّ جوقة الكذِب والنفاق المحلّي التي سرعان ما تنخرط في حملة الاتهامات الباطلة والتزلّف الرخيص لن تؤدي بدورها إلى حجبِ الحقيقة التي يعرفها اللبنانيون، ولن تؤدّي إلى تغيير الموقف السياسي الثابت لـ«حزب الله» من التطورات والأحداث في المنطقة».
واعتبَر أنّ قرار السعودية «يكشف مجدداً زيفَ ادّعاءاتها الباطلة في مكافحة الإرهاب، ومن بينها حسب ما كان يفترض، خطوة دعم الجيش اللبناني، ويؤكد أنّ موقفها الحقيقي هو رعاية الإرهاب وتسليحه وتمويله وخلق الفتَن والمشاكل أينما كان على امتداد العالم العربي والإسلامي».
سلام
ومن جهته، أسفَ رئيس الحكومة تمّام سلام للقرار السعودي «المفاجئ»، وقال: «إنّنا ننظر الى هذه الخطوة باعتبارها أوّلاً وأخيراً شأناً سيادياً تقرّره المملكة العربية السعودية وفق ما تراه مناسباً، على رغم أننا ما كنّا نريد أن تصل الأمور الى ما يخالف طبيعة العلاقات التاريخية بين لبنان وبلاد الحرَمين، التي نحرص على إبقائها علاقات أخوّة وصداقة ومصالح مشتركة ونسعى دائماً لتنزيهها عن الشوائب».
واعتبر «أنّ أيّ ضيمٍ يصيب إخواننا في المملكة أو في بقية أنحاء الخليج العربي إنّما يصيبنا في الصميم». وتمنّى على الرياض «إعادة النظر بالقرار الخاص بوقف المساعدات عن جيشنا وقوّاتنا الأمنية».
الحريري
وبدوره، اعتبَر الحريري أنّ خطوة المملكة «غير المسبوقة» هي «ردّ على قرارات متهوّرة بخروج لبنان على الإجماع العربي، وتوظيف السياسة الخارجية للدولة اللبنانية في خدمة محاور إقليمية، على صورة ما جرى أخيراً في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب واجتماع الدول الإسلامية».
وأكد أنّ لبنان «لا يمكن ان يجنيَ من تلك السياسات، التي أقلّ ما يمكن ان يُقال فيها إنّها رعناء، سوى ما نَشهده من إجراءات وتدابير تهدّد في الصميم مصالح مئات آلاف اللبنانيين، الذين ينتشرون في مختلف البلدان العربية، ويشكّلون طاقة اقتصادية واجتماعية يريد البعض تدميرها، تنفيذاً لأمر عمليات خارجي».
وشدّد على أنّ «كرامة المملكة وقيادتها هي من كرامة اللبنانيين الشرفاء، الذين لن يسكتوا على جريمة تعريض مصالح لبنان واللبنانيين للخطر، وإذا كان هناك من يفترض انّ لبنان يمكن ان يتحوّل في غفلة من الزمن، الى ولاية إيرانية فهو واهِم، بل هو يتلاعب بمصير البلاد ويتّخذ قراراً بجَرّ نفسِه والآخرين إلى الهاوية».
المشنوق: الآتي أعظم
ومِن جهته، قال المشنوق إنّ «الخبَر الأسوأ أنّ قرار المملكة العربية السعودية إجراءَ مراجعة شاملة لعلاقتها بلبنان، ومعها التضامن الإماراتي والبحريني والخليجي، هو أوّل الغيث»، محذّراً مِن «الآتي الأعظم، خصوصاً أنّها المرّة الأولى التي يواجه فيها لبنان تحدّياً مصيرياً كهذا».
وأضاف: «خروجُنا عن عروبتنا قد يَنزع الغطاء الأخير الذي يتفيّأ لبنان ظلَّه، ما قد يشرّع أبوابَنا على العواصف التي تحيط بنا من كلّ جانب وتهدّد الدول والكيانات». ودعا المشنوق رئيسَ الحكومة إلى «عقد جلسة خاصّة لمناقشة سياسة لبنان الخارجية، العربية والإسلامية».
جعجع
وإلى ذلك، حمّلَ رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع حزب الله المسؤولية عن «خسارة لبنان مليارات الدولارات مِن جرّاء تهجّمِه الدائم على المملكة العربية السعودية».
ودعا الحكومة إلى «الالتئام على الفور واتخاذ التدابير اللازمة إنْ لجهة الطلب رسمياً من حزب الله عدمَ التعرّض للمملكة من الآن فصاعداً، أو لجهة تشكيل وفد رسمي برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام لزيارة السعودية والطلب منها إعادةَ العمل بالمساعدات المجمّدة.»

اللواء :

أدت مراجعة المملكة العربية السعودية لعلاقاتها مع لبنان، إلى قرارين ماليين متلازمين وكشف عنهما، من دون قرارات أخرى:
الأول: إيقاف المساعدات المقررة من المملكة لتسليح الجيش اللبناني عن طريق الجمهورية الفرنسية وقدرها ثلاثة مليارات دولار أميركي.
والثاني: إيقاف ما تبقى من مساعدة المملكة المقررة بمليار دولار أميركي لقوى الأمن الداخلي.
وجاء في حيثيات القرارات السعودية التي كشف عنها مصدر سعودي مسؤول عبر وكالة الأنباء السعودية (واس) أمس، ان المراجعة التي أدّت إلى هذا الموقف الجديد، استندت إلى المواقف اللبنانية التي «لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين، فالمملكة العربية السعودية تقابل بمواقف لبنانية مناهضة لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية، في ظل مصادرة ما يسمى بـ«حزب الله» اللبناني لإرادة الدولة»، في إشارة من دون تسمية إلى موقف وزير الخارجية جبران باسيل في مجلس جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي من عدم إدانة الاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران والقنصلية في مشهد، فضلاً عن رفض لبنان الدخول في التحالف العسكري الإسلامي الذي تدعمه الرياض.
وطالب عضو مجلس الشورى السعودي السابق عبد الله اليزولف الحكومة اللبنانية بإعادة حساباتها، مؤكداً ان المملكة وقفت مع لبنان منذ استقلاله وحريصة على امنه واستقراره، وهي لا تمنن اشقاءها.
وعلى الرغم من هذا القرار، أكدت المملكة انها «ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني بكل طوائفه، وهي على يقين بأن المواقف التي صدرت لا تمثل الشعب اللبناني الشقيق».
وأكد المصدر السعودي المسؤول ان المملكة «تقدر المواقف التي صدرت عن الرئيس تمام سلام وغيره من الشخصيات وهي تعرب عن اعتزازها بالعلاقة المميزة التي تربط المملكة بالشعب اللبناني الشقيق، وهي تحرص دائماً على تعزيزها وتطويرها».
وأعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة تأييدها الكامل لقرار المملكة «الذي يأتي في أعقاب تكرار المواقف السلبية اللبنانية تجاه الإجماع العربي، بصورة واضحة ومثيرة للاستياء والاستغراب».
ووصفت مملكة البحرين التي ايدت القرار أيضاً بأن قرار الرياض يهدف إلى ان «لا يقع اللبنانيون اسرى املاءات «حزب الله» الارهابي المتحكم بالقرار الرسمي اللبناني، معربة عن املها في ان تعيد الدولة اللبنانية حساباتها وتردع «حزب الله» اللبناني».
الموقف في لبنان
إزاء هذا التطوّر الخطير، ناشد الرئيس تمام سلام الملك سلمان بن عبد العزيز وأخوانه في القيادة السعودية وأبناء الشعب السعودي الكريم إعادة النظر بالقرار الخاص بوقف المساعدات للجيش والقوى الأمنية، معرباَ عن «أسمى آيات التقدير لخادم الحرمين الشريفين وبلاده».
وإذ أبدى الرئيس سعد الحريري تفهّمه التام لقرار المملكة، وإدراكه لحجم الألم الذي وقع على الأشقاء السعوديين، عندما استنسب وزير الخارجية أن يتخذ قراراً يجافي المصلحة اللبنانية والإجماع العربي، أعلن أنه «يتطلّع إلى قيادة المملكة لأن تنظر إلى ما يعانيه لبنان بعين الأخ الكبير»، مؤكداً أنه على «يقين بأن المملكة لن تتخلّى عن شعب لبنان مهما تعاظمت التحديات واشتدّت الظروف».
ولئن اقتصر موقفا الرئيسين سلام والحريري على تفهّم القرار السعودي باعتباره شأنا سيادياً، وعزياه إلى القرارات المتهوّرة بخروج لبنان عن الإجماع العربي، فإن مواقف أخرى مسؤولة صدرت عن كل من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، والنائب مروان حمادة طالبت بإجراءات أكثر جذرية، فالأول دعا الرئيس سلام إلى عقد جلسة خاصة لمجلس الوزراء لمناقشة سياسة لبنان الخارجية العربية والإسلامية، ورأى في القرار السعودي بأنه «أول الغيث وأن الآتي أعظم»، معتبراً أن «خروج لبنان عن عروبته قد ينزع الغطاء الأخير الذي يتفيّأ لبنان بظلّه»، فيما طالب الثاني باستقالة الحكومة فوراً، لكفّ يد وزير الخارجية بعلاقاتنا العربية وبمصالح لبنان الحيوية التي أضرّ بها رغم المناشدات والتحذيرات المستمرة من زملائه في الحكومة ومن معظم القوى السياسية اللبنانية.
أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فقد حمّل «حزب الله» مسؤولية خسارة لبنان مليارات الدولارات نتيجة تهجّمه على المملكة، داعياً الحكومة إلى الالتئام فوراً لاتخاذ التدابير اللازمة لجهة الطلب رسمياً من «حزب الله» عدم التعرّض للمملكة من الآن وصاعداً، أو لجهة تشكيل وفد رسمي برئاسة الرئيس سلام لزيارة السعودية والطلب منها إعادة العمل بالمساعدات المجمّدة.
لكن الحزب تنصّل من مسؤوليته عن القرار السعودي مهاجماً إياه، كما دافع عن وزارة الخارجية، معتبراً بأن القرار لم يفاجئ أحداً، وأن المسؤولين في الحكومة وفي الوزارات المختصة كانوا على علم بأن هذا القرار متّخذ منذ فترة طويلة.
حراك الحريري
في هذا الوقت، واصل الرئيس الحريري جولته على القيادات الدينية والسياسية، في إطار حركة الضغط التي يمارسها منذ عودته إلى بيروت، لدعوة النواب إلى النزول إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، وهو في هذا السياق، زار أمس البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، ومنها انتقل إلى طرابلس وأدّى صلاة الجمعة في مسجد الصدّيق بدعوة من مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار الذي أقام على شرفه مأدبة غداء، ثم عاد مساءً إلى بيروت وزار رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، في حضور نواب اللقاء وتناول العشاء إلى مائدته.
واعتبر الرئيس الحريري، خلال هذه الحركة أن إبقاء الفراغ على هذا الشكل وخاصة في رئاسة الجمهورية هو خيانة للدستور، وتمنّى على الجميع الذهاب إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس، مشدداً على أن موضوع رئاسة الجمهورية هو الأساس، مثل انتخاب الرئيس واللعبة الديموقراطية هي الأساس، مؤكداً التزامه بالمرشح سليمان فرنجية، معلناً إيمانه بأننا في دولة ديموقراطية ولدينا دستور وقادرون على اجتراح الحل من لبنان حتى ولو كانت هناك ضغوط إقليمية.
وفيما أعلن الحريري في طرابلس أنه باقٍ في لبنان لمدة طويلة، ووعد قيادات الشمال بجولة قريبة، لاستنهاض البلد، علمت «اللواء» أن رئيس تيّار «المستقبل» طلب من البطريرك الماروني مساعدته في الضغط لتسريع انتخاب رئيس للجمهورية، مع أنه لا يوفّر وسيلة لهذه  الغاية، وشرح له الخطوات  التي يقوم بها لإنهاء الشغور الرئاسي، فأبدى البطريرك  الراعي دعمه له حيال هذا الأمر، ومازحه قائلاً: «نريد أن نحتجزك هنا»، بعدما لفت نظره  إلى أن عودته «حرّكت البلد».
أما زيارة كليمنصو، فقد اعتبرت أنها بمثابة ردّ لزيارة جنبلاط إلى «بيت الوسط» لدى عودة الحريري إلى بيروت في 14 شباط، وتخلل اللقاء عرض لمجمل خطوات الرجلين لإنهاء الشغور الرئاسي، والعقد الموجودة التي ما تزال تحول دون توفير النصاب لجلسة 2 آذار المقبل.
وكانت مناسبة أطلع خلالها الحريري جنبلاط على نتائج محادثاته مع الرئيس نبيه برّي بخصوص الاستحقاق الرئاسي، من دون أن يكشف عن الخطوات التي سيقوم بها الرجلان على هذا الصعيد، غير التأكيد على أن من يعطّل انتخاب الرئيس يعطّل البلد، في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، فضلاً عن الأزمات وفي مقدمتها أزمة النفايات والمالية العامة للدولة.
أزمة النفايات
وإذا كانت أزمة النفايات لم تغب عن لقاء كليمنصو، ولا سيما لجهة العودة إلى خيار المطامر، بعد سقوط خيار الترحيل إلى روسيا، بعد اعتذار الشركة البريطانية «شينوك» عن تأمين الوثائق اللازمة لهذا الغرض من موسكو ضمن المهلة الرسمية، مثلما أعلن أمس مجلس الإنماء والاعمار، فإن اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة هذه الأزمة، هي برئاسة الرئيس سلام، يفترض ان تحدد الخيارات البديلة، واهمها خيار المطامر، فيما وزراء آخرون يطالبون باعتماد المحارق.