لبنان يغرق بالفضائح والنفايات , ومحاولات عبثية لترتيب الوضع السياسي الداخلي

 

السفير :

رجب طيب اردوغان الذي كان يريد الصلاة في «الجامع الأموي» ويتحدث عن حلب كأنها حارة في اسطنبول، ويتناول المكونات الطائفية والعرقية السورية كأنها محميات او خصوم يجب تطهيرها، بلغ لحظة الخطر!
لم يسبق أن كان اردوغان بمثل هذا الاضطراب والاستفزاز خلال السنوات الخمس من الحرب في سوريا، وعليها. وأمام ما يجري حوله، في الشمال السوري وفي الدم المسفوك في الشوارع التركية بالامس، يتأرجح الرئيس التركي ما بين احتمالين: الجنوح الى العقل واعادة التموضع، او الاقدام على خطأ اخير قاتل. محاولة المزج بين الاحتمالين لم يعد لها معنى.
ماذا ستفعل أنقرة الان؟ فكلما انتكست أذرع اردوغان في الداخل السوري، وارتبك حكمه، كلما سال دم في الشوارع التركية. غريبة قد تبدو هذه المعادلة بالنسبة الى كثيرين، لكن الاكثر غرابة انه كلما كبر الخوف بين المواطنين الاتراك من المستقبل، كلما ذهب اردوغان موغلاً اكثر في الحريق السوري. «صفر مشكلات» صارت اضحوكة سياسية. النيران من حوله في كل مكان، وفي الداخل التركي. فإلى أين سيمضي من هنا؟ هذا هو على ما يبدو، السؤال الكبير.
لم تكن هذه المعادلات اكثر وضوحاً مما هو حاصل الان. ولا حاجة للعودة الى تاريخ الدخول الروسي العاصف قبل نحو خمسة شهور. بالامس، رمت السلطات التركية كرة النار من بين يديها في كل الاتجاهات. قالت صراحة ان الاكراد السوريين والنظام السوري، مسؤولون عن التفجير الانتحاري الذي اوقع نحو 100 قتيل وجريح في شوارع أنقرة. ليست المرة الاولى التي ينجح فيها اردوغان في محاولة الاستفادة من تفجيرات تطال مواطنيه، لتعزيز الثقة بسياساته. فعلها من قبل في تفجيرات سوروتش والسلطان احمد والريحانية وغيرها.
قبل التفجير الانتحاري في انقرة بيومين، انبرى اردوغان للحديث صراحة عن عزمه تغيير «قواعد الاشتباك» في الشمال السوري، بعدما تهاوت معاقل مسلحيه في ارياف حلب. حدد مدينة اعزاز السورية كـ «خط احمر» أخير يمنع المقاتلين السوريين الاكراد من اسقاطه. ابتلع بألم «خسارة» بلدة تل رفعت قبلها، وشاهد بعجز تقدم الجيش السوري والحلفاء (ايران و «حزب الله») في ارياف حلب.
تبلور مشهد الارتباك الاردوغاني بوضوح اكبر منذ تحرير سلمى في الريف اللاذقاني، وتوالي الانتكاسات التركية – السعودية، بتقهقر الفصائل المسلحة على محاور وجبهات عدة، في الشمال والجنوب، وآخرها بالامس في كنسبا التي قد تفتح لاحقا بوابات جحيم اضافية على فصائل تقاتل منذ سنوات بأموال وتسليح تركي – سعودي، في محافظة ادلب، في ظل ما جرى ويجري في ارياف حلب واللاذقية ودرعا.
اذن، بدا أن اردوغان يحاول مجدداً التلاعب بالمعادلات الحارقة ذاتها. يتيح له ذلك اما ترك هوامش اكثر رحابة له للابتزاز السياسي في ما يتعلق بمستقبل المشهد السوري، او العمل على توسيع احتمالات التورط اكثر في النار السورية، اذا كان سيصل غدا الى مرحلة اتخاذ القرار .. الخطر.
وفي ظل فورة التهديدات اللفظية بتدخل بري تركي – سعودي، سرعان ما بدت انها لا تتمتع بتأييد، لا اوروبي ولا اميركي، ظهر خياران في حال قرر اردوغان التدخل برياً لمنع تحرير إعزاز، كلاهما مر. فإما التوغل العسكري التركي مباشرة نحو إعزاز من دون غطاء من سلاح الجو التركي، وهو سيجعل قواته مكشوفة في معركة خاسرة، او ارتكاب «الخطأ» الذي يتشوق له الحلفاء الروس والسوريون، بالتجرؤ بارسال قوات برية تركية الى إعزاز بحماية مقاتلات جوية تركية، غالب الظن ستتولى أنظمة الـ «اس 300» و «اس 400»، تحييدها على عجل، تنفيذاً للوعيد الروسي بالانتقام لاهانة اسقاط مقاتلة «السوخوي» الروسية في اواخر تشرين الثاني الماضي.
وربما بسبب ذلك، ولادراك القيادة العسكرية التركية صعوبة الخوض بمثل هذه المغامرة الخاسرة مباشرة، تحدثت التقارير بالامس عن ادخال مئات المسلحين السوريين و «الجهاديين» من تركيا الى إعزاز، وبينهم من جرى نقلهم من ادلب الى الداخل التركي ومن هناك الى المدينة السورية التي اقتربت منها «وحدات حماية الشعب» السورية الكردية التي اجتمع سلاحا الجو الاميركي والروسي على حمايتها من السماء.
ومنذ السبت الماضي، تقصف المدفعية التركية بوتيرة يومية مواقع يسيطر عليها المقاتلون الأكراد قرب إعزاز. وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض، إن ما لا يقل عن 500 مقاتل سوري عبروا الحدود التركية إلى إعزاز، بينما قالت مصادر لوكالة «رويترز» إن «ألفين على الأقل من المقاتلين دخلوا البلاد مرة أخرى من تركيا خلال الأسبوع الماضي»، مضيفة أن «القوات التركية سهلت نقل مقاتلي المعارضة من جبهة لأخرى على مدى عدة ليال، ورافقتهم سراً لدى خروجهم من محافظة إدلب، وسفرهم لمدة أربع ساعات داخل تركيا، ثم دخولهم سوريا مرة أخرى لدعم إعزاز».
ونقلت «رويترز» عن أبو عيسى، أحد قادة «الجبهة الشامية» التي تدير معبر باب السلامة الحدودي، «سمحوا لنا بنقل كل عتادنا، من أسلحة خفيفة إلى ثقيلة، من قذائف وراجمات صواريخ حتى الدبابات».
تفجير انقرة الانتحاري يسقط على لحظة عنوانها اقتراب استعادة الريف الشمالي لحلب، وجوهرها إعزاز. حملة «التأديب القمعي» التي يمارسها اردوغان ضد القرى الكردية في الداخل التركي، متصلة باعتقاده بخطر الكانتون الكردي الذي يحذر منه، من جرابلس الى عفرين. إعزاز، تقع في قلب هذا الخط الكردي. وإعزاز بهذا المعنى، هي الذريعة الاخيرة، لكنها محرجة وقاتلة في الوقت ذاته، اذ ان «خطرها» بالنسبة اليه، قد يكون اكبر من «خطر» الرئيس بشار الاسد، بعدما رفع منذ خمسة اعوام شعار اسقاطه حتما، فيما قوات الجيش السوري تتابع بمثابرة استكمال تحرير الريف الحلبي.
فماذا سيفعل اردوغان الان؟ هل يقرر المقامرة بتحدي الروسي والسوري والايراني (بالاضافة الى الاميركي) في معركة المصير هذه؟ كيف يمكن ان تكون الاخبار اكثر قتامة من الان وها هي كنسبا يستعيدها الجيش؟ وهي معركة تعني بوضوح ان الرهان القديم على ريف اللاذقية المرتبط بحلفائه من الفصائل التركمانية وغيرهم، للضغط على الحاضنة الشعبية للنظام في الساحل، والذي هو بتماس مع لواء الاسكندرون والبحر المتوسط، اخذ بالتبدد رويدا رويدا في الكيلومترات الاخيرة المتبقية تحت سيطرة المسلحين.
وبذلك اصبح الجيش السوري اكثر قرباً من محافظة ادلب، اذ تبعد كنسبا عن حدودها 3 كيلومترات، وعن جسر الشغور نحو 13 كلم، واكثر قرباً من الحدود التركية ـ السورية. وبحسب المصادر الميدانية، يكون الجيش قد سيطر على مساحة 750 كلم مربعا منذ بدء عمليته العسكرية ويبقى 135 كلم مربعا تقريبا أي ما يقارب 18 في المئة من مساحة الريف، يسيطر عليه المسلحون ويتواجدون في قرى ابرزها كباني، شحرورة، البيضاء، بيت جناورو، والكندة وبعض المزارع الصغيرة.

النهار :

لم تكن استدارة مجلس الوزراء نحو الخطة الاولى لانهاء أزمة النفايات التي تعتمد "خيار المطامر" مفاجئة بعدما تكاملت معالم فوضى غير مسبوقة حيال خطة وافق عليها المجلس وأقرها وحين وصلت الامور الى نقطة بداية ترحيل النفايات اصطدم الجميع بتعثرها لاسباب لا تزال تدور في غياهب "الالغاز". ولعل ابلغ دليل على الضياع الذي أصاب الحكومة والمعنيين بملف النفايات تمثل في برج بابل حقيقي شهدته الجلسة الماراتونية لمجلس الوزراء أمس والتي غاب عنها كل شيء بما فيه جدول الاعمال لتملأ قضية فشل خطة ترحيل النفايات الساعات الخمس بمبارزات كلامية متمادية بدا مستغربا بالنسبة الى بعض الوزراء ان رئيس الوزراء تمام سلام أفرط في المرونة لتركه المهرجان الكلامي يتمادى فيما النتيجة بدت مبتوتة أساساً بالعودة عن خيار ترحيل النفايات الى اعتماد المطامر، وهو الخيار الذي لم يعد منه بد ولكن بحزم حاسم هذه المرة من شأنه ان يشهر بأي فريق سياسي لا يسهله. واذ تناوب على الكلام 22 وزيرا من أصل 24، علمت "النهار" ان ملف ترحيل النفايات وصل، على حدّ وصف مصادر وزارية، الى مرحلة النزع التي تسبق الوفاة أو قد تعني إمكان حصول تطور في الساعات المقبلة تؤدي الى عودته الى الحياة في ضوء ما سيرد من موسكو من جواب حاسم.
وتحدثت عن معطيات جديدة ستتضح هويتها اليوم، مشيرة الى ان الرئيس سلام ركز في جلسة مجلس الوزراء على" اللغط الذي رافق الملف لكنه لا يلغي حقيقة أن الشركة البريطانية التي رست عليها مهمة الترحيل جدية لكنها ويا للاسف لم تتلق المستند المطلوب من روسيا مما يشير الى حلقة مفقودة في الموضوع علما أن الدولة الروسية عبر وزيريّ الخارجية والبيئة والسفارة في بيروت أبلغتنا عن الاستعداد لاستقبال النفايات من لبنان.وإذا لم نتلق الجواب غداً (اليوم) سنعود الى حل المطامر". وأفادت المصادر ان الاتجاه الغالب في مجلس الوزراء تمثل في العودة الى حل المطامر. وأوضحت ان اللجنة الوزارية التي اعيدت الى التفعيل ستجتمع برئاسة الرئيس سلام غدا السبت وستحدد ما هي المطامر التي ستركز عليها: هل هي المطامر التي حددتها سابقا خطة وزير البيئة محمد المشنوق والتي تنطلق من مبدأ المناطق؟ أم المطامر التي حددتها خطة وزير الزراعة أكرم شهيّب وهي سرار والناعمة والسلسلة الشرقية؟ وأضافت ان الاتصالات إنطلقت امس من أجل توفير توافق سياسي على المطامر، في حين دعا وزير العمل سجعان قزي الى عدم إنتظار التوافق والذهاب الى التنفيذ لإن الموضوع لم يعد يتحمّل تأجيلاً.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الرئيس سلام كان اقترح في بداية الجلسة إرجاء البحث ودعوة اللجنة الوزارية المكلفة سابقاً معالجة الملف الى إجتماع غداً للبحث في الأمر، إلا أن الوزير بطرس حرب أبدى تحفظه عن الأمر معتبرا أن اللجنة سبق لها أن رفعت تقريرها إلى مجلس الوزراء وتمت مناقشته ووافقت اكثرية مجلس الوزراء على التقرير المعتمد الطمر الصحي وإطلاق مناقصات المحارق الحديثة. ورأى أن المطلوب اليوم هو أن تؤكد الحكومة موافقتها على التقرير وليتحمل الجميع مسؤولياتهم. ولفت في كلام حرب مطالبته بإصدار القرار من مجلس الوزراء وتكليف اللجنة متابعة التنفيذ والطلب من الجيش والقوى الأمنية المؤازرة في تنفيذه مع وجوب إتخاذ تدابير في حق الشركة التي أوكِلَ إليها أمر الترحيل وخصوصاً إذا تبيّن أن هناك مستندات مزوّرة . كما لفت في مداخلة للوزير جبران باسيل دعوته الى اعتماد المحارق وقال "لا يمكن حل موضوع يتعلق بهيبة الدولة ونترك أموراً أخرى مهمة عالقة دون حل. فلا يمكن وقف سدّ في جبيل فيما تطلب مني أن أؤمن لك مطمراً في جبيل".
وتكلم الوزير نهاد المشنوق فرأى ان المطروح هو العودة الى قضية المطامر في ظلّ التوافق السياسي وتنفيذ القرار أو العودة الى اجراء المناقصات التي اجهضت في الماضي.
واقترح الوزير اشرف ريفي ان يطرح الموضوع على هيئة الحوار لمعالجته سياسياً. ورفض الوزير نبيل دو فريج العودة الى مناقصات جديدة لأن الأمر يتطلب خمسة أو ستة أشهر والمطلوب أن يقرر مجلس الوزراء ما يجب فعله بالنفايات المنتشرة بين المنازل وعلى الطرق، ملاحظاً أن مجلس الوزراء ألغى المناقصة تحت وطأة الضغط وهو بذلك إرتكب خطأ. وأيّد الوزير وائل أبو فاعو ما قام به الوزير اكرم شهيب وقال بـ"لا نقبل بالتشكيك في نزاهتنا والكارثة الصحية تزداد وتتعاظم على كل لبنان وستظهر النتائج بعد سنوات على مستوى التشوهات والأمراض السرطانية" وطالب بإتخاذ قرار سياسي "وإلا فلنعلن أننا دولة عاجزة فكفانا بهدلة".

بري والحريري و2 آذار
في غضون ذلك، تتخذ الحركة السياسية النشيطة للرئيس سعد الحريري في اتجاه الدفع نحو احداث اختراق في الازمة الرئاسية في جلسة 2 آذار بعدا مهما في ظل معطيات تشير الى ان هذه الحركة، وان لم تضمن توفير النصاب، للجلسة فهي آيلة حتماً الى احداث وقائع سياسية جديدة في المسار الرئاسي يصعب القفز فوقها ولو تجاهلها ظاهرياً "حزب الله " حتى الآن . اذ ان الدعوات المتكررة التي يطلقها الحريري الى نزول الجميع الى مجلس النواب والاحتكام الى الانتخاب ايا يكن الفائز بدأت تحدث تحريكا قويا للمناخ الرئاسي ليس على المستوى الداخلي فحسب بل أيضاً على المستوى الديبلوماسي. وربما أمكن ادراج الاجتماع الذي عقد أمس في السرايا بين الرئيس سلام والسفراء الاوروبيين في سياق الضغوط الغربية لانجاز الاستحقاق، اذ دعا السفراء الى انتخاب رئيس للجمهورية "من دون مزيد من التأخير وفقا لاحكام الدستور". وأكد الحريري أمس انه سيواصل الضغط لانهاء الفراغ قائلا: "سنشارك في كل الجلسات تحت سقف الدستور والديموقراطية وليربح من يربح ولن نعطل".
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره انه "أول من طالب النواب بالتوجه الى مجلس النواب وبالنزول الى ساحة النجمة وانتخاب رئيس الجمهورية. وشددت على هذا الامر قبل الحديث والاعلان عن ترشيح النائب سليمان فرنجيه، وحتى هذه اللحظة لا تبدو المؤشرات ايجابية ومتوقعة حتى موعد جلسة الانتخاب في 2 آذار المقبل رغم كل المساعي التي تبذل في هذا الشأن".

 

المستقبل :

بينما تكاد خطة «الترحيل» تلفظ أنفاسها الأخيرة صباح اليوم مع انتهاء المهلة المعطاة لشركة «شينوك» البريطانية لكي تقدّم المستندات الأصلية المطلوب تأمينها بغية تنفيذ التعاقد معها لنقل النفايات اللبنانية إلى روسيا، تعود الأزمة أدراجها نحو مربعها الأول بشكل أعاد الحلول المطروحة بشأنها إلى نقطة «الطمر». وإذا كان رئيس الحكومة تمام سلام قد آثر عدم الإسراع والتسرّع في نعي «الترحيل» رسمياً قبل بتّ الموضوع نهائياً مع الشركة المعنية، فهو حرص في الوقت عينه على نفي حصول أي تزوير في الوثائق التي تسلمتها الدولة من قِبل الشركة من دون أن يستبعد في المقابل العودة إلى «البحث جدياً في حل المطامر إذا فشل الترحيل»، متهماً البعض في لبنان بالدفع نحو إطالة أمد أزمة النفايات «لتبقى قضيته ومنابره»، مع تشديده على وجوب تحمّل كافة القوى السياسية مسؤولياتها تجاه إيجاد سبل معالجة الأزمة.
وكان سلام قد أكد أمام مجلس الوزراء ما عاد فأعلنه ليلاً خلال إطلالته عبر برنامج «كلام الناس» لناحية تلقيه من السفير الروسي ألكسندر زاسبكين اتصالين في 28 كانون الثاني الفائت و8 شباط الحالي لإبلاغه بتأييد بلاده خطة ترحيل النفايات اللبنانية إلى الأراضي الروسية، فضلاً عن إثارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الموضوع بنفسه معه خلال لقائهما في 15 الجاري في ميونيخ حيث طمأنه إلى أنّ موسكو عازمة على مساعدة لبنان في ملف النفايات مؤكداً العمل على ترتيب الأمور المتصلة بعملية الترحيل وأن المسألة تحتاج فقط إلى مزيد من الوقت.
وبنهاية المناقشات على طاولة مجلس الوزراء أمس تم التوافق على أنه في حال سقوط عملية الترحيل بسبب عدم تقديم الشركة المعنية المستندات المطلوبة منها بحلول اليوم «لا بدّ حينها من العودة إلى الخيار الذي كان قد سبق لمجلس الوزراء أن أقرّه في 9/9/2015 والقاضي باعتماد المطامر الصحية كحل بديل»، وعلى هذا الأساس دعيت اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة هذا الملف إلى الاجتماع قبل ظهر الغد لاتخاذ القرارات المناسبة. وأوضحت مصادر وزارية لـ «المستقبل» أنّ جلسة الحكومة خلصت إلى نتيجة واحدة: «الاتفاق على أنّ الطمر هو الحل البديل للترحيل لكن من دون الخوض في كيفية اعتماد هذا الحل والأماكن القابلة للاستخدام كمطامر مطابقة للشروط الصحية والبيئية». وأفادت المصادر أنه في خضم النقاش حول أسباب اللغط الحاصل حول خيار الترحيل برز ما أعلنه وزير الزراعة أكرم شهيب أثناء شرحه مسببات هذا اللغط لناحية تأكيده وجود أيدٍ وجهات معلومة بالأسماء وراء عرقلة عملية الترحيل إلى روسيا كاشفاً في هذا السياق أمام مجلس الوزراء عن معطيات مؤكدة تفيد أنّ أحد المستشارين الصحافيين المقربين من إحدى الشركات العاملة في مجال النفايات في لبنان بعث بمراسلات موثقة إلى روسيا لتحريض المسؤولين المعنيين هناك على رفض استقبال النفايات اللبنانية.
الحريري 
على صعيد منفصل، واصل الرئيس سعد الحريري حراكه السياسي النشط أمس من خلال سلسلة لقاءات ومشاورات عقدها في بيت الوسط، حيث ترأس كذلك اجتماعاً للأمانة العامة والمكتبين السياسي والتنفيذي في تيار «المستقبل» تناول خلاله مجمل الأوضاع والتطورات السياسية في لبنان والمنطقة، متوجهاً إلى كوادر «المستقبل» بالتشديد على صعوبة المرحلة الراهنة، ومنبهاً إلى أنّ «استمرار الفراغ يهدد البلد ويعتبر مقتلاً للبنان».

الديار :

ما يحصل في ملف النفايات من فضائح امر غير مستغرب، في ظل هذه الطبقة السياسية التي لا تعرف «لقمة الحلال» وتعيش على «الحرام» في ممارساتها، ولو حصلت هذه الازمة في اي بلد في العالم لسقطت الحكومة وتدحرجت رؤوس الى السجون، ولكن هذه الطبقة السياسية تعمل على هواها لانها تدرك ان المحاسبة في لبنان مستحيلة، في ظل هيمنة الطبقة السياسية على كل مفاصل الحياة السياسية.
3 ساعات من النقاشات في مجلس الوزراء وسط «مماحكات» و«نكايات» ولم يقدم اي وزير حلاً علمياً متكاملاً، وكل طرف يلقي المسؤولية على الطرف الآخر.
قضية النفايات عادت الى نقطة «الصفر»، والنفايات باقية في الشوارع، وان ملايين الدولارات التي صرفت على الدراسات ذهبت هدراً. و«الانكى» ان اجتماعات اللجان يخصص لها مصاريف وبدل اتعاب، كأن مال الدولة «سايب» للبعض. كما ان القوى السياسية المهيمنة في اطار الحدود الجغرافية لمطمر الناعمة، وتحديداً الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي اللبناني وقوى الحراك المدني ترفض فتح المطمر. وهناك بداية لتحركات جديدة. واهالي الشويفات يرفضون فتح الكوستابرافا تحت اي حجة. وكذلك البعض في عكار يرفض فتح مطمر سرار اذا لم يفتح مطمر في المناطق الشيعية، وبالتالي فان الحكومة ستكون امام مواجهة جديدة مع الحراك المدني وستبقى النفايات في الطرقات. كما ان تلويح البعض من الوزراء باستخدام الجيش امر مستحيل، لان الجيش لا يمكن ان يقف ضد اهله وناسه، كما ان الامر يحتاج الى قرار سياسي لا يمكن ان يتوافر في هذه الظروف.

ـ محضر جلسة مجلس الوزراء ـ

«الديار» حصلت على مداخلات الوزراء في جلسة الحكومة حول النفايات واظهرت «مماحكات» وعدم النقاش الجدي.
واستهل رئيس الحكومة الجلسة بتقديم عرض لمشكلة النفايات والترحيل، ثم جرى نقاش عرض فيه الوزير اكرم شهيب المكلف معالجة ملف النفايات للموضوع، وطلب اعفاءه من المهمة بعد ن فشل فيها معلنا انه يتحمل المسؤولية.
واقترح الرئيس سلام ارجاء البحث ودعوة اللجنة الوزارية المكلفة سابقا معالجة الملف لاجتماع غدا لبحث الامر. وهنا ابدى الوزير حرب تحفظه عن الامر مدليا بأن اللجنة سبق لها ان رفعت تقريرها الى مجلس الوزراء وتمت مناقشته ووافقت اكثرية مجلس الوزراء على التقرير المعتمد للطمر الصحي واطلاق مناقصات المحارق الحديثة وتحفظ بعض القوى السياسية ما حال دون اتخاذ القرار. ورأى ان المطلوب اليوم هو ان تؤكد الحكومة على موافقتها على التقرير وليتحمل الجميع مسؤولياتهم، ويبقى للجنة متابعة التنفيذ وليس اعادة البحث بطرح نتيجة بحثها مجددا على مجلس الوزراء. هذا، والبلد والناس غارقون في الزبالة والامراض.
وايد الوزير درباس طرح الوزير بطرس حرب وطالب باتخاذ التدبير اليوم وعدم ارجائه، لانه اصبح معيبا التأجيل والتردد. كما ايّد الطرح الوزيران قزي والحاج حسن الذي اعتبر ان الدولة يجب ان تأخذ قرارها وتنفذه ولو بالقوة وقد دلت التجارب على ذلك في بعض الامكنة، ورفض العودة الى اللجنة معلنا انه لن يشترك فيها داعيا الى ايجاد مطامر.
واثار الوزير بو صعب عدم جدية الشركة المتعهدة وعمالة احد المسؤولين فيها لاسرائيل، وعندما شرح رئيس الحكومة ان الشركة نفت صحة هذه الشائعة لكن التكذيب لم ينشر، عاد بو صعب لطرح الشبهات حول جدية الشركة، لكن رئيس الحكومة اوضح ان لديها عقداً مع الحكومة البريطانية. واشار الى ان رئيس الحكومة لم يتعاط بجدية مع الملف وطلب الوزير دو فريج شطب عبارة ان رئيس الحكومة لم يتعاط بجدية مع ملف النفايات». فرفض بو صعب ذلك معتبراً ان موضوع الترحيل يمكن ان نفشل فيه. واقترح اتخاذ القرار اليوم بغض النظر عن وجود الشركة. وشدد الوزير حكيم على ضرورة صدور قرار اليوم بشأن هذه القضية عن مجلس الوزراء واعتماد الحزم في تنفيذه.
وتكلم الوزير نهاد المشنوق فرأى ان المطروح هو العودة الى قضية المطامر في ظل التوافق السياسي وتنفيذ القرار او العودة الى اجراء المناقصات التي اجهضت في الماضي ودعا الى الاتفاق على خيار والسير به.
من جهته، اقترح الوزير اشرف ريفي ان يطرح الموضوع على هيئة الحوار لمعالجته سياسيا. ورفض دو فريج العودة الى مناقصات جديدة، لان الامر يتطلب خمسة او ستة اشهر، والمطلوب ان يقرر مجلس الوزراء ما يجب فعله بالنفايات المنتشرة بين المنازل وعلى الطرق، معتبراً ان مجلس الوزراء الغى المناقصة تحت وطأة الضغط، وهو بذلك ارتكب خطأ. ولفت الى ان المقالع الموجودة تتسع لملايين الاطنان من النفايات، انما مطلوب قرار سياسي.
واعتبر وزير المالية علي حسن خليل ان ايلاء البلديات أمر حل مشكلة النفايات هو كلام نظري وغير جدي. والكتلة الكبرى من النفايات هي في بيروت والضاحية وقسم من جبل لبنان، والبلديات غير قادرة على حل هذه المشكلة.
واضاف: لقد اتفقنا على ان يناقش مجلس الوزراء في نهاية الشهر المحارق. فنفايات بيروت والضاحية وجبل لبنان تحتاج ثلاث مطامر فتنتهي المشكلة وسأل هل تستطيع امل وحزب الله تدبير مطمر لنفايات الضاحية؟ وكذلك الامر بالنسبة للمناطق الاخرى.
وأيد ابو فاعور ما قاله شهيب رغم ما سيذهب اليه البعض من تشكيك بنا، الا اننا لا نقبل التشكيك في نزاهتنا والكارثة الصحية تزداد وتتعاظم على كل لبنان، وستظهر النتائج بعد سنوات على مستوى التشوهات والامراض السرطانية. وطالب باتخاذ قرار سياسي، وإلا فلنعلن اننا دولة عاجزة، فكفانا «بهدلة».
وطالب الوزير جريج بالعودة الى قرار مجلس الوزراء السابق بتنفيذ خطط اللجنة التي ترأسها الوزير شهيّب.


وأدلى وزير الخارجية جبران باسيل بمداخلة معتبرا ان الترحيل هو أسوأ حل «وليست مهمتنا انا والياس بوصعب ايجاد حل بديل، حتى ولو أتت الموافقة غدا على الترحيل، فنحن نرفض هذا الحل لأنه غير معتمد في اي مكان في العالم».
وأضاف: «الحل الثاني اطلاق المحارق، وبانتظار ذلك نعطي البلديات الصغيرة حق معالجة نفاياتها ودفع عائداتها، أما البلديات الكبيرة فيمكنها اعتماد المطامر او اجراء مناقصات جديدة مع المطامر. وبصورة خاصة ضمن المقالع والكسارات والموضوع يحتاج الى قرار سياسي». واستبعد المضي بهذا الحل دون فتح مطمر الناعمة.
وقال: «نحن لم نعرقل موضوع النفايات بل ان القوى السياسية هي التي افتعلت هذه المشكلة. فهناك هدر في سوكلين وتأخير في اجراء المناقصة في الحكومة السابقة. والتركيبة ذاتها تمنع الحل. ولا نقبل ان يقال اننا مسؤولون عن المشكلة. لا يمكن حل موضوع يتعلق بهيبة الدولة ونترك اموراً أخرى مهمة عالقة دون حل. فلا يمكن وقف سدّ في جبيل فيما تطلب مني ان اؤمن لك مطمراً في جبيل».
من جهته، اعتبر وزير الدفاع سمير مقبل ان عرقلة عملية الترحيل تدفعنا الى البحث عن مطامر وهو قرار سياسي يحتاج الى تغطية أمنية.
وهنا ختم الوزير حرب المناقشة بضرورة تكليف اللجنة متابعة التنفيذ والطلب الى الجيش والقوى الأمنية المؤازرة في تنفيذ القرار، مع وجوب اتخاذ تدابير ضد الشركة التي أوكل اليها أمر الترحيل، خصوصاً اذا تبين ان هناك مستندات مزوّرة، بالاضافة الى مصادرة الكفالة. ولاقى موقف حرب تأييد فنيش الذي رأى ان لا مفر من المطامر.

 

الجمهورية :

لم تسجَّل أمس أيّ مؤشرات إيجابية حول مصير جلسة الانتخابات الرئاسية المقررة في الثاني من آذار المقبل، باستثناء استمرار بعض المواقف الداعية للنزول إلى المجلس وخوض العملية الانتخابية ديموقراطياً، فيما الجميع مقتنعون ضمناً بأنّ «كلمة السر» ما تزال في الخارج ولا يتوقّع صدورها ووصولها قريباً. في هذه الأثناء عادت البلاد إلى الغرق أكثر فأكثر في ملف النفايات، وعاد «كلّ ديك على مزبلته صيّاح»، في وقتٍ بدأ البعض يتحدّث عن وجود مؤامرة تقوم على إلهاء البلاد وقواها السياسية في متاهات الرئاسة والنفايات، بعيداً من ثروته النفطية والغازية الكامنة في مياهه الإقليمية والمهدّدة بالأطماع الإسرائيلية، وآخر ما عُلم في هذا المجال أنّ إسرائيل اتّفقَت مع اليونان وقبرص على مدّ أنبوب نفطي من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى أوروبا يُخشى أن يتمّ إمراره في مساحة 871 ميلاً التي قرصَنتها إسرائيل من المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة. عبَرت حكومة الرئيس تمّام سلام أمس في سلام، بعدما علّق مجلس الوزراء جدول أعماله أمام استفحال النفايات التي باتت تشكّل تهديداً مباشراً من كل النواحي، واستُحضِر خيار طمرها مجدداً في حال سقوط خطة الترحيل.
فقد توافقَ المجلس بعد مناقشات مستفيضة على انّه في حال سقوط قرار ترحيل النفايات بسبب عدم تقديم شركة «شينوك» المستندات المطلوبة خلال المهلة المعطاة لها والتي تنتهي العاشرة صباح اليوم، لا بدّ من العودة الى الخيار الذي كان قد سبقَ لمجلس الوزراء أن أقرّه في 9/9/ 2015 وهو اعتماد المطامر الصحية حلّاً بديلاً، فيما دعيَت اللجنة الوزارية المكلفة متابعة هذا الملف الى الاجتماع قبل ظهر غد السبت لاتخاذ القرارات المناسبة.
مصادر وزارية
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ الجلسة التي دامت خمس ساعات ونصف ساعة كان يمكن اختصارها بنصف ساعة، والسبب أنّ 28 وزيراً استفاضوا في مداخلات لم تحمل جديداً من حيث الاسلوب نفسه والاتهامات نفسها، وعادت لعبة رمي الكرة من فريق الى فريق».
وأضافت: «إنّ الجديد فقط هو تقاطع كلّ الآراء في نهاية النقاش عند ضرورة العودة الى المطامر لأنّه لم يعُد هناك من خيارات اخرى، واعتراف الوزراء جميعاً بأنّ المصيبة ستقع على رأس الحكومة مجتمعةً.
ولذلك وافقَ الجميع على المؤازرة الأمنية ولم يتذرّع أحد لا بالحراك ولا بالرفض الشعبي».
وعلمت «الجمهورية» أنّ الوزير اكرم شهيب طلب من مجلس الوزراء التنحّي عن المهمة لأنّ كلّ الحلول وصلت الى حائط مسدود. وعاد البحث الى نقطة الصفر، ولكن لم يُتّخذ قرار صريح في هذا الصدد لأنّ المداخلات تشابكت بعضها ببعض، وانسحبَت الى خارج الجلسة حيث استمرّ الوزراء في التراشق بالاتهامات حول المسؤولية عن هذا الفشل.
وكان سلام شكا في بداية الجلسة من الالتباس الكبير الذي حصل حول الوثائق المزوّرة. وقال: «شركة «شينوك» عملت بجدّية لكنها «ما قلّعت». وتحدّث عن معطيات وخلافات عرقلت عملية الترحيل، مضيفاً أنّ لبنان طلب إقراراً رسمياً من السلطات الروسية بالموافقة على الترحيل وتبيان ما حصَل في الساعات الماضية، وأنّه سينتظر حتى العاشرة من صباح اليوم.
درباس
وأعلن الوزير رشيد درباس الذي خرج من الجلسة لأنه لم يفهم شيئاً، على حد قوله، وأكّد لـ«الجمهورية أنّه متشائم حيال إيجاد حل لأزمة النفايات، ورأى «أنّنا سنعود الى خطة المطامر وإنما بالكلام فقط»، مبدياً اعتقاده «أنّنا سنصبح جمهورية زبالة».
وقال: «لم أفهم المناقشات الوزارية حول موضوع يفهمه الشعب كلّه». وأضاف: «لقد أسَرّ لي زميلي الوزير آلان حكيم عبارةً أعجبتني جداً فاستعملتها خلال الجلسة، لقد قال لي: هؤلاء لا يستهينون بذكائنا بل بغبائنا، فعلاً لقد حصل استخفاف بغبائنا وبغباء الشعب».
ولفتَ درباس الى انّه استعان ببيت شعر لأبي الطيّب المتنبي يقول: واحتمال الأذى ورؤية جانيه غذاء تضوى به الأجسام
وقال: «نحن نرى مَن يؤذينا وكأنه يغذّينا بالضعف والظلم، هناك مجموعات سياسية فشلت مشاريعها السياسية فوجَدت في النفايات بيئة حاضنة لإعادة إحيائها، وهناك أثرياء لا يأكلون ولا يطعمون أولادهم إلّا مِن مستوعبات القمامة، وهناك إعلام لا يتألّق بريقه إلا على منبر من القمامة، وهؤلاء يشكّلون منظومة واحدة يَربطها خيط واحد هو المصالح المشتركة لإغراق لبنان في النفايات».
قزّي
وطالبَ وزير العمل سجعان قزي الحكومة بوضع حدّ لموضوع ترحيل النفايات «الذي أصبح أضحوكة»، مُقترحاً بأن يتّخذ مجلس الوزراء اليوم (أمس) قراراً بالعودة الى الخطة الاساسية، أي المطامر، وإعطاء التوجيهات للأجهزة المعنية للعمل على حماية عملية تنفيذ هذا القرار. وأكّد «أنّ الرأي العام لم يعُد يستطيع ان يتحمّل رؤية النفايات في الشوارع التي تتسبّب بضرر كبير للصحة العامة».
زعيتر
ودار خلال الجلسة سجال بين وزيرَي الأشغال العامة غازي زعيتر والخارجية جبران باسيل عند مناقشة البند المتعلق بتجزئة مشاريع تأهيل الطرق وتحديثها.
فبَعد العرض الذي قدّمه زعيتر حول توزيع الزفت أصرّ باسيل على القول إنّ منطقة البترون لم تأخذ حصّتها العام الماضي، فذكّره زعيتر بأنّ عدداً كبيراً من الطرق تمّ تزفيته، مؤكّداً أنّ لديه مستندات بذلك.
واحتدّ النقاش ودخلت فيه منظومة الإنماء المتوازن والحسابات المناطقية. فطلب سلام من زعيتر الهدوء، فخاطبَه زعيتر: «دولة الرئيس كرامتك على رأسي، لكن لا يحق لأحد أن يتّهمني هذه الاتهامات، فأنا أملك كذلك وثائق عن صفقات هدر وسأبرزها في الوقت المناسب. وطلبَ زعيتر من سلام سحبَ البند ووقفَ عملية التجزئة مستردّاً المشاريع الى وزارة الأشغال.
وقال زعيتر لـ«الجمهورية: «شرحتُ لمجلس الوزراء كلّ الأمور المتعلقة بتوزيع الأشغال والزفت، وقدّمت كلّ التفاصيل وبالأرقام، وقلت إنّ مبدأ التجزئة يوفّر الوقت، وهو معتمد منذ 2005، لكنّ بعض الوزراء أصرّوا على المناكفة وتقديم حجَج ليست صحيحة، ولديّ المستندات التي تثبت أنّ مشاريع الإنماء وُزِّعت بالتوازي، وأصلاً عودةُ المشاريع إلى وزارة الأشغال وإدارة المناقصات أمرٌ يُريحني أكثر لأنّه يحرّرني من طلبات هذا الوزير أو ذاك».
وأضاف: «الآن بات الأمر يعود للوزارة بتحديد الاحتياجات والأولويات وستذهب كلّ المشاريع الى إدارة المناقصات، وهذا يتطلب وقتاً للتنفيذ وربّما يحتاج بعضُها 8 أشهر فليكُن، ولن أعيدَ هذا البند إلى مجلس الوزراء».
ملفّ سماحة
وفي سياق قضيّة الوزير السابق ميشال سماحة، علمت «الجمهوريّة» أنّه «بعد النقاش المستفيض خلال جلسة مجلس الوزراء في ملفّ النفايات، تمَّ تخطّي ملف سماحة الذي وضِع على جدول الأعمال ليتمّ البحث في قضية جسر جلّ الديب، عندها طلبَ ريفي الكلام وتوجّه إلى سلام قائلاً: «لقد تمّ تخطّي بند سماحة، وبما أنّ هذا الموضوع حيوي لأهالي جلّ الديب والمواطنين الذين يسلكون أوتوستراد الشمال - بيروت، فلا مانعَ من مناقشته وإقراره، ولكن في النظام يجب مناقشة ملفّ سماحة».
وبعد الانتهاء من ملفّ جلّ الديب وإقراره والوصول إلى ملفّ سماحة رفعَ سلام الجلسة على أن يبحث فيه خلال جلسة لاحقة، ما فسّر بأنّه استمرار لتأجيل البتّ به ريثما يصدر حكم محكمة التمييز العسكريّة الذي إنْ صدر سيقطع الطريق على إحالة قضية سماحة على المجلس العدلي.
وبعد الجلسة أعلن ريفي انّ هناك خطوات سيتّخذها «في القريب العاجل»، وسيعلن عن التفاصيل في مؤتمر صحافي يعقده اليوم.

اللواء :

أنهى الرئيس تمام سلام أمس عاماً ثانياً من «المعاناة والصبر» في رئاسة الحكومة، هذه الحكومة التي تتولى مجتمعة وبالوكالة صلاحيات رئيس الجمهورية، وسط صعوبات دستورية وسياسية عرضت الحكومة لأكثر من مرّة، وعلى مدى أشهر، من التعثر والتعطيل.
واليوم، تدخل حكومة «المصلحة الوطنية» عامها الثالث ويعلن رئيسها صراحة انه يشعر انه «وحيد» ويحس بنفسه انه «يتيم»، لكنه يؤكد انه «ماضٍ» في تحمل المسؤولية للتقليل من عذابات لبنان، وحرصاً على الحفاظ على حدّ أدنى من الاستقرار لا سيما الاستقرار الأمني.
والسنة الثالثة، والتي يأمل الرئيس سلام الا تطول وتنجح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، امامها تحديات بالغة الصعوبة والتعقيد:
1- أزمة النفايات التي تقترب من نهاية عامها الأوّل من دون حدوث أية معالجة فعلية، فغداً تعود اللجنة الوزارية للاجتماع لوضع يدها على ملف المطامر، فيما لو عجزت شركة «شينوك» البريطانية عن تقديم المستندات الأصلية من وزارة البيئة الروسية حول قبول السلطات الرسمية الروسية استقبال النفايات اللبنانية، ضمن المهلة الرسمية المحددة عند العاشرة من صباح اليوم، فيما يقترب وزير الزراعة اكرم شهيب المكلف بهذا الملف من الخروج منه، بعدما أبلغ مجلس الوزراء رغبته بذلك.
2- الوضع الاقتصادي الذي يواجه نمواً يقف عند درجة الصفر، من دون ان يقترب من حافة الانهيار، لكن المسألة تحتاج إلى إقرار الموازنة التي تنقل لبنان إلى مكان مريح جداً مالياً وسياسياً من وجهة نظر الرئيس سلام الذي أكّد ان وزير المال علي حسن خليل سيتوجه إلى الولايات المتحدة لمناقشة الإجراءات الأميركية ضد «حزب الله» ولابلاغ الاميركيين ان لبنان بتشريعاته وباداء حكومته ملتزم التزاماً تاماً بالقوانين المالية الدولية.
مع العلم ان الوفد النيابي اللبناني سيتوجه بدوره غداً إلى واشنطن، في إطار مهمة محددة أهدافها سلفاً وتتكامل مع زيارة الوزير خليل التي لم يُحدّد موعدها بعد.
3- تحديات داخلية تتعلق بممارسة الوزراء والأداء والمناكفات الدائمة بينهم، فاليوم يعقد وزير الخارجية جبران باسيل مؤتمراً صحفياً يتحدث فيه عمّا دار في جلسة أمس لمجلس الوزراء من سجال مع وزير الاشغال غازي زعيتر حول تجزئة الانفاق على الطرق، كما يعقد وزيرالعدل اشرف ريفي مؤتمراً صحفياً لاعلان موقف من موضوع إحالة أو عدم إحالة قضية الوزير السابق ميشال سماحة للمجلس العدلي، كاشفاً عن خيارات سيلجأ لها لحماية العدالة وعدم التفاهم حيال هذا النوع من الجرائم التي تمس الوحدة الوطنية.
4 - مواجهة ما يحصل في إدارات بعض الأجهزة الأمنية والتفتيش المركزي، ووضع المسيحيين في إدارات الدولة، حيث أن تشكيل مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي يتوقف على إنهاء الأزمة داخل جهاز أمن الدولة، في حين أن تشكيلات في بعض الوزارات التي يقف على رأسها وزراء مسيحيون من المتوقع أن تحدث أزمة.
5- أما في ما يتعلق بالنزوح السوري، حيث يستضيف لبنان أكثر من مليون و350 ألف سوري أي ما يساوي 30 في المائة من عدد سكان شعبه، في وضع غير مسبوق في تاريخ إيواء النازحين في العالم، فقد كشف الرئيس سلام أن من إنجازات الحكومة أنها أوقفت النزوح منذ عام ونصف، وأنه شرح لمؤتمر لندن مخاطر ترك الوضع في لبنان على غاربه وعدم تقديم ما يحتاج من مساعدات، باعتباره دولة مضيفة.
وكشف سلام أن لبنان تكبّد خمسة مليارات دولار نتيجة الخدمات الصحية والتعليمية على النازحين، واستهلاك هؤلاء للبنى التحتية من ماء وكهرباء وصحة.
6- وعلى صعيد تسليح الجيش اللبناني والقوى الأمنية بموجب الهبة السعودية، أكد سلام نقلاً عن مسؤولين سعوديين أن لا تراجع عن الهبة، لكن لا يحق لمن يتلقى الهبة أن يسأل الواهب عنها أو يشكك بها، وهي تأتي في إطار إتفاق فرنسي - سعودي - لبناني يمتد لخمس سنوات، مؤكداً أن لبنان يقف إلى جانب السعودية لأنه عربي، وعلى قاعدة «أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، وأن السعودية ودول الخليج لم تقصّر يوماً من الأيام في مساعدة لبنان، مشيراً إلى أن إيران دولة صديقة، لكن لبنان لن يكون ضمن الوصاية الإيرانية، مؤكداً أن الحاكم الحقيقي للبلد هو أن تبقى الأمور الداخلية تحت السيطرة.
الحريري: الرئاسة أولاً
وسط هذه التحديات التي تواجه حكومة الرئيس سلام، أشارت الساعات الماضية في ضوء الأجواء التي وزعتها عين التينة، وما بدا يصدر عن لسان النواب من كتل متعددة أن مصير جلسة 2 آذار لن تختلف عن سابقاتها، وأن مسألة الانتخاب تتعدي قضية توفير النصاب إلى تحقيق تقارب سعودي - إيراني مدعوم دولياً، ويمر حكماً عبر هيئة الحوار الوطني.
وفي هذا السياق، شدّد الرئيس سعد الحريري، خلال ترؤسه اجتماعاً للأمانة العامة والمكتبين السياسي والتنفيذي في تيّار «المستقبل» على ضرورة نزول النواب الي المجلس لانتخاب رئيس للجمهورية، معتبراً الرئاسة أولوية، مشيراً إلى أنه سيواصل الضغط لإنهاء الفراغ الرئاسي، وعدم السماح لأحد بتحوير الأنظار عن هذا الموضوع الجوهري.
وأعلن الرئيس الحريري أن نواب «المستقبل» سيشاركون في كل جلسات مجلس النواب تحت سقف الدستور والديموقراطية، وليربح من يربح، ولن نعطّل، مشدداً على أن تيّار المستقبل لا يمكن أن يمنع عملية التعطيل لكن يمكنه إطلاق المبادرات لتعطيل مفاعيل التعطيل، من خلال تدوير الزوايا لتجنيب البلد أزمات جديدة وحمايته بأي ثمن.
مجلس الوزراء
في هذا الوقت، بدا أن ملف النفايات الذي استحوذ على أربع ساعات من نقاشات مجلس الوزراء عاد إلى نقطة الصفر، مثل حكاية «إبريق الزيت»، من دون أن يفهم أحد من الوزراء ماذا حصل في هذا الملف، الذي اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن لعنته ستظل تلاحق الحكومة.
وأوضح مصدر وزاري ان مجلس الوزراء اتخذ قراراً مبدئياً بالعودة إلى المطامر في حال لم نحصل على جواب مقنع ونهائي من الشركة الموكلة عملية الترحيل.
وقال: صحيح انه حصل تفاهم على المطامر ولكن من غير المعلوم ما إذا كان سيتم الاتفاق على تحديد امكنة للطمر أم اننا سنعود إلى نقطة الصفر.
وكشف عن ان الوزير شهيب طلب اعفاءه من مهمته، لكن أحداً من الوزراء لم يعترض، لذلك عاد الأمر إلى اللجنة الوزارية المكلفة متابعة النفايات والتي ستجتمع عند العاشرة من قبل ظهر السبت.
وبالنسبة لتجزئة عقود نفقة وزارة الاشغال أوضح ان وزير الاشغال غازي زعيتر اعتبر في مداخلة له ان هناك من يشكك في ادائه وأن معارضة الوزير باسيل هي لأسباب سياسية وطلب سحب البند من جدول الأعمال، وكان ردّ من الوزير محمّد فنيش بأن الوزارة هي للجميع وأن الوزير يخدم كل لبنان، فيما أعلن وزراء الكتائب بأنهم ضد التجزئة وطالبوا بتوازن في توزيع الاعتمادات.

الاخبار :

تنتهي ظهر اليوم المهلة الاضافية الممنوحة لشركة "شينوك"، كي تقدّم وثائق صحيحة "غير مزوّرة" تؤكّد موافقة الجهات الروسية المختصة على استيراد نفايات بيروت وجبل لبنان. هذه المهلة التي لا تستند الى أي مسوّغ قانوني، لم تكن سوى وسيلة لكسب المزيد من الوقت والسعي الى التملّص من النتائج بطريقة ما، إذ إن جميع المعنيين بصفقة تصدير النفايات، بما فيهم الوزراء، باتوا مقتنعين بأنها طارت، وأن هذا "الخيار المجنون" كانت لديه فرصة واحدة ليتحقق: عبر المافيات، هنا وفي روسيا.

الحديث المتعاظم في روسيا عن فتح تحقيق "جنائي" بوجود تزوير لوثائق رسمية لم يشغل بال أحد هنا، ما عدا حملة "بدنا نحاسب"، التي تقدّمت بإخبار الى النيابة العامة. أمّا في مجلس الوزراء، فالبال كان مشغولاً في كيفية تفادي مصادرة الكفالة المالية بقيمة 2.5 مليون دولار من شركة "شينوك"، على غرار ما حصل مع شركة "هووا" الهولندية بعد ثبوت تورطها في تزوير وثائق موافقة سيراليون. بعض الوزراء أصرّ في جلسة أمس على تطبيق القانون ومصادرة الكفالة فوراً بعد انتهاء المهلة، إلا أن رئيس الحكومة تمام سلام، ومعه وزير الزراعة أكرم شهيب، المكلّف بإدارة صفقة النفايات، شكّلا رأس حربة في الدفاع عن شركة "شينوك" ومنعا أي "تطاول" ينال من نزاهتها؛ فقد كرر سلام حكاياه عن حماسة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لاستيراد النفايات اللبنانية، في اللقاء الذي جمعهما في ميونخ الاحد الماضي، وكرر أيضاً تطمينات السفير الروسي لدى بيروت ألكسندر زاسبيكين الى سلامة الصفقة وحيوية الشركات التي أبرمتها، علماً بأن الاخير نفى، بطريقة "دبلوماسية"، أن يكون للسفارة في بيروت أي دور في هذا الملف، مستخدماً تعابير تميّز بين "الرغبة في المساعدة" و"الاجراءات النظامية".
من جهته، انهمك شهيب بعرض الاوراق المشكوك في صحّتها على الوزراء، وهي الاوراق نفسها التي رفض إبرازها في الجلسة السابقة بحجّة انتظار الاوراق الاصلية الآتية من روسيا في "الحقيبة الدبلوماسية". بدا الهدف من عرض هذه الاوراق هو التصدّي لأي اتهام لشركة "شينوك" بالمشاركة في استعمال وثائق مزوّرة وإظهارها بمظهر الضحية، لا الفاعل، تماماً كمجلس الوزراء واللجنة الوزارية التي يرأسها شهيب شخصياً، ومجلس الإنماء والاعمار، الذي أصدر بياناً "وقحاً"، ردّ فيه على "بعض التصريحات الصادرة في 17/2/2016، التي تجاوزت كل الحدود"، إذ هاله اتهامه "بتغطية الفساد والسرقة والفشل"، واستخدام عبارات مثل "بوطة" وغيرها، معتبراً أن "التشهير المجاني بهذه المؤسسة يسيء إلى صورة الدولة اللبنانية وسمعتها". طبعاً، لا يعتبر مجلس الانماء والاعمار ما يحصل في ملف النفايات منذ تسعينيات القرن الماضي فضيحة تطال إدارته قبل أي جهة أخرى، بما في ذلك استخدامه كممر سهل وميسر للصفقات الكريهة التي لم تُبق شيئاً حسناً في صورة الدولة وسمعتها.
الورقة الأبرز التي عرضها شهيب دفاعاً عن "شينوك" هي رسالة تفيد بأن وزارة البيئة الروسية أخذت علماً بوجود اتفاق بينها وبين شركة روسية، ولكنها لا تنص صراحة على موافقتها على هذا الاتفاق وشروطه. 


على أي حال، لم ينشغل الوزراء كثيراً في البحث عن "الحقيقة"، بل أعادوا تكرار مواقف سابقة "عمومية" أدلوا بها طيلة الاشهر الثمانية الماضية، بحسب ما قال أحد الوزراء. المهم أن خلاصة "المباراة" كانت عدم دعوة مجلس الوزراء الى عقد جلسة طارئة كما أشيع، وعدم إحالة الملف برمته الى القضاء لمحاسبة المسؤولين، ولكن تمت دعوة اللجنة الوزارية الى الاجتماع مجدداً السبت، بعد ضمّ وزير من حزب الكتائب (وزير الاقتصاد والتجارة ألان حكيم على الارجح) إليها، ليكتمل عقد التمثيل الحزبي في هذه اللجنة. وبحسب مصادر وزارية، ستتولى اللجنة نفسها، التي فشلت حتى الآن، طرح خيارات "مجنونة" أخرى بعد سقوط خيار التصدير.