الكرة في ملعب «حزب الله» لإنهاء الشغور: هذا، ما انتهت إليه، برؤى متباينة، قوى الرابع عشر من آذار، منقسمة بين من ارتأى ترشيح «ثامني» وبين من ارتأى ترشيح «ثامني» آخر، وبين عنصر مشترك رغم افتراق الترشيحات: الالتزام بحضور جلسات الانتخاب. 

الكرة في ملعب الحزب. التقطها الحزب. مضغها الحزب. ابتلعها الحزب. ما عادت موجودة. أي المرشحين الحليفين له؟ أي مسلك تجاه حلفاء آخرين؟ حضور الجلسات؟ التعاطي مع المستجدات المتعلقة بهذا الموضوع؟ إعادة الطمأنة بأنه «لا داعي للاستعجال». لا! بح! الآن تُسمع صفّارات الإنذار! إنها الحرب الكونية! فلا وقت للتفاصيل، للترهات، للدساتير والكراسي! 

سنة ونصف السنة وأكثر والكل يتجاذب الموضوع على أساس أن كرسي الرئاسة الشاغر محفوظ في الأمانات. لكن السيد حسن قال لنا بالأمس الحقيقة: هو لا يفضل استدامة الشغور، وتجاوز مرحلة ابتغاء «الفراغ». هو لم يعد يرى شيئاً في هذا الموضوع لأنه ما عاد يراه كموضوع: لم تعد الرئاسة نفسها موجودة. لم تظهر إحداثيتها على الشاشة! الرئاسة الوحيدة التي ينبغي الحفاظ عليها هي رئاسة بشار الأسد. 

المرشحون الرئاسيون اللبنانيون يصلحون للدفاع عنها كمرشحين، لكن لا وقت للفصل بينهم لاختيار رئيس. فقط عندما يزول الخطر عن كرسي الرئاسة السوري يمكن، ربما، وقتها، إعادة نبش الموضوع. في الوقت الحالي «الخط احترق». الكرسي غير موجود. 

خرج السيد تماماً عن موضوع الاستحقاق حتى بدت الرئاسة لو عاد اليها في ثنايا الخطاب خروجاً عن الموضوع، فأقلع عنها تماماً. 

مرشحون أقوياء؟ لا أقوياء غيرنا - قالها الحزب. لكن الموضوع الآن ليس الرئاسة بل تخليص «أهل السنة» من تغرير إسرائيل بهم. اهتم السيد بإظهار أن أكثرية الفلسطينيين من أهل السنة، وأن إسرائيل شردت واستباحت وتضطهد شعباً بأكثريته من السنة. لكن السوريين بالنسبة إلى السيد أمر آخر. في سوريا مجرد التذكير بأن أكثريتها من أهل السنة فيه خدمة لإسرائيل! وطبعاً، أن يكون العالم الإسلامي بأغلبيته العظمى سنياً فهذا شيء «غير مفكر به بعد» عند السيد. 

إسرائيل تغرر بالسنّة يقول السيد. لكن من هو السني الطيب، السنّي الذي يرضى عنه الحزب؟ لا المعتدل السني ولا المتطرف السني، لا السني السوري ولا السني السعودي أو الخليجي ولا السني التركي «العثماني«، وطبعاً ليس السني المضطهد في إيران. هو يعد أهل السنة بأن يهندس له تسننهم الفقهي والهوياتي والحضاري في أقرب وقت، انطلاقاً من مجريات الحرب السورية. 

مخطئ مع ذلك من يخلص الى أن السيد يتذرع بالحرب الكونية فقط ليؤجل موضوع الرئاسة، أو لأنه يملك نظاماً دستورياً بديلاً في جعبته. مخطئ مع ذلك من يستنتج أن السيد يكتفي بـ»رفع السقف» في نطاق إسهام الحزب بالصراع الإقليمي. 

في مكان ما، السيد يكشف عن شيء في منتهى الصدق، في مكان ما، بل في أمكنة عديدة، هو يشعر بالسخن. في عز التضعضع للجبهة الداخلية المناوئة لتغلّبية حزبه وخطط ايران، هو يشعر بطوق جدي يطاله، ويرد بابتلاع كرة الرئاسة حين تقذف الى مرماه، ما دام ليس وقتها الآن! الكرسي لم يعد شاغراً: الكرسي لم يعد.. موجوداً!