لبنان يعيش حالة تجاذبات سياسية متناقضة بين الحلفاء أنفسهم

 

السفير :

العبرة الأساس في مجلس الوزراء العائد، ليست بما صدر عنه من مقررات، أمس، بل بالرد السريع والحاسم لرئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري على الكلام التهديدي الذي صدر عن وزير العدل أشرف ريفي بعد انسحابه من جلسة الحكومة احتجاجا على ما أسماها المماطلة في إحالة قضية ميشال سماحة إلى المجلس العدلي.
قال وزير العدل ما كان مقررا أن يقوله، وعندما لم يتضامن أحد من زملائه الوزراء في «المستقبل» أو «14 آذار» قرر الانسحاب من الجلسة، فلم يُعِره أحدٌ اهتمامًا لولا مبادرة أحد وزراء «الكتائب» بالركض خلفه في أروقة «السرايا». ولم تمضِ دقائقُ على كلام ريفي أمام الصحافيين المعتمدين في «السرايا الكبيرة»، حتى رد سعد الحريري عليه عبر «تويتر» قائلا: «موقف ريفي لا يمثلني ولا يزايدَنَّ أحدٌ علينا باغتيال وسام الحسن أو محاكمة سماحة، فكل من ارتكب جريمة سينال عقابه».
هذا المؤشر الإيجابي، على مسافة نحو أسبوع من لم «الغسيل الوسخ» لبعض «8 آذار»، إن دل على شيء، إنما يدل على ترسخ معادلة الاستقرار، بفعل إرادة فريقَين أساسيَّين هما «حزب الله» و«تيار المستقبل»، برغم عدم تخليهما عن المساحة الضرورية لكل منهما، من أجل انتقاد الآخر، وهو أمر أكثر من حيوي وضروري خصوصا لـ «تيار المستقبل» في ظل ما تشهده المنطقة من تطورات إقليمية تصب في خانة خصوم السعودية.
ومن الإشارات الإيجابية أيضا استمرار جلوس «حزب الله» و«المستقبل» على طاولة واحدة، وهما يتبادلان أطراف الحديث الإقليمي والمحلي، في إطار تقليد صار الطرفان أصحاب مصلحة في تكريسه برغم «الاهتزازات الهينة» التي تحصل بين حين وآخر، أو كتلك التي سنشهدها في الأيام المقبلة، خصوصا في احتفال ذكرى استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري!
وإذا كانت عودة الحكومة للعمل قد شكلت دليلا إضافيا على الحاجة إلى حماية الحد الأدنى من الاستقرار، فإن الاستحقاق الرئاسي، وبرغم تشديد كل الأطراف على أبعاده المحلية، فإن الاستنتاج الذي خلصت إليه أوساط الرئيس نبيه بري هو أن لا لقاء معراب ولا لقاء باريس كفيل بإنتاج رئيس للجمهورية، سواء أكان اسمه ميشال عون أو سليمان فرنجية، طالما أن الاشتباك السعودي ـ الإيراني مفتوح على مصراعيه.
وما يزيد الطين بلة هو المناخ الإقليمي المحموم الذي يرافق القرار الروسي ـ الإيراني بالإمساك بمعظم الحدود السورية شمالا وإنهاء معركة مدينة حلب وريفها الشمالي، وشكَّل الإعلان السعودي عن إرسال قوات برية إلى سوريا وتوسيع المشاركة الجوية في الحرب ضد «داعش»، أحد أبرز مؤشراته، لكن مرجعا لبنانيا واسع الاطلاع جازف بالقول لـ«السفير» إن كل الهدف من هذه «البروباغندا» هو محاولة فرض وقف سريع لإطلاق النار يؤدي إلى وقف اندفاعة الجيش السوري بدفع روسي ـ إيراني باتجاه حلب والحدود التركية.
ويؤكد المرجع أن السعوديين لن يتجرأوا على إرسال جندي واحد إلى سوريا إلا بموافقة الأميركيين وبانخراطهم إلى جانبهم في أي معطى ميداني بري، والكل يعلم أن الأميركيين ليسوا في وارد استفزاز الروس، لا بل يحرصون على تغطية أي عملية بقرار من مجلس الأمن الدولي، وهو أمر سيكون صعب المنال، إلا إذا كان قرار السعوديين سيصب في مصلحة النظام السوري، أي إرسال قوات لقتال «داعش» على الأرض السورية، وذلك عبر البوابة الأردنية التي باتت محكومة بإيقاع التنسيق الأمني السوري الأردني غير المسبوق بإيقاعه المنتظم منذ خمس سنوات حتى الآن.
وكشف المرجع نفسه أن الأميركيين بعثوا بإشارات إيجابية إلى الحكومة السورية في الآونة الأخيرة، عبر أكثر من قناة، وبينها رسالة من موفد يمثل «البنتاغون» تتعلق برئاسة الجمهورية في لبنان.
واللافت للانتباه أنه بالتزامن مع هذه الرسالة، كان جيمس اوبراين المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص المكلف ملف الرهائن الأميركيين في العالم وتحريرهم، يقوم بزيارة معلنة لبيروت في مطلع شباط الحالي، إذ أمضى فيها حوالي 24 ساعة التقى خلالها فريق السفارة الأميركية في عوكر وشخصية رسمية لبنانية وحيدة، وتمحورت أسئلته حول كيفية تقديم المساعدة له من أجل تنفيذ المهمة التي كلفه بها الرئيس الأميركي باراك أوباما في نهاية آب 2015 الماضي، وبينها إماطة اللثام عن ملف المخطوفين والمفقودين الأميركيين على الأرض السورية، فكانت زيارة لبنان و«الأسئلة السورية» خطوة في هذا السياق..

النهار :

كشفت أوساط غربية شاركت في اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا في مدينة ميونيخ عدم التوصل الى وقف فوري للقصف الروسي، فيما أفادت ان البيان الختامي يتضمن اشارة واضحة الى وقف الاعمال العدائية خلال الايام المقبلة من غير ان يشمل ذلك المناطق التي تسيطر عليها المجموعات التي تصنفها الامم المتحدة ارهابية. ويبدو ذلك واحدة من القنابل الموقوتة التي يمكن ان تنفجر في أي لحظة لدى العمل على تطبيق هذا التفاهم، وخصوصاً في غياب أي تفاهم دولي على لائحة موحدة للارهاب، وتخشى المعارضة السورية أن تستغل القوات النظامية عدم شمول الاتفاق وقف النار مع المجموعات الارهابية لتهاجم القوات "المعتدلة".
وعلم ان تفاهماً تم على فتح ممرات انسانية نحو المدن المحاصرة، وفي هذا الاطار اتفق على وضع لائحة بالمدن التي يحاصرها الطرفان ليصار الى مساعدتها إما من طريق الجو (دير الزور) وإما من طريق فتح الممرات كالمدن التي تحاصرها قوات النظام.
ونقلت "رويترز" عن ديبلوماسيين ان المجموعة الدولية لدعم سوريا قد أعدت خطة من ثلاث نقاط لحل الازمة السورية تتضمن وصول المساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة ووقفاً للنار ومعاودة محادثات السلام.
ولم يكن منتظراً من مؤتمر ميونيخ للمجموعة الدولية لدعم سوريا سوى نتائج الحد الادنى من أجل اعادة اطلاق عجلة "جنيف3" المعلقة، ولم يتمكن المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستافان دو ميستورا من اخفاء ملامح الخوف من الفشل عندما قال في دردشة مع "النهار" إنه "مصمم على مواصلة جهوده" لدى طرح السؤال قبل بدء اللقاء عما اذا كان متفائلاً باجتماع وزراء الخارجية لـ 17 دولة وثلاث منظمات دولية هي الامم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الاوروبي.
ولم تكن المواقف المعلنة التي سبقت انعقاد الاجتماع تحمل ما يشجع على احداث نقلة نوعية في الازمة السورية بعد التغييرات الميدانية في الشمال السوري، وجاءت مبادرة موسكو "وقف اطلاق النار مطلع آذار المقبل" لتزيد ضبابية المشهد، فالاميركيون تلقفوا المبادرة لكنهم طالبوا ببدء مفعولها مباشرة، فيما رأت بينما الدول التي تدعم المعارضة السورية مباشرة، أي تركيا والسعودية، وسيلة "لمواصلة الحرب بأساليب مختلفة". وبعد لقاء في فندق "هيلتون" بوسط ميونيخ جمع وفداً من المعارضة السورية برئاسة رياض حجاب ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وقبله لقاء مع وزير الخارجية الايران جون كيري الذي التقى أيضاً نظيره الروسي سيرغي لافروف، خرج حجاب ليعلن امام الصحافيين "أننا نتحدث عن وقف للقصف الروسي وليس عن وقف للنار"، أما وقف النار "فنتحدث عنه بعد خروج (الرئيس السوري بشار) الاسد ومعه الميليشات الخارجية التي تحارب الى جانبه وبعد تشكيل هيئة حكم انتقالية".
وبدا كلام وزير الخارجية الالماني فرانك- فالتر شتاينماير الاقرب الى واقع الامور، اذ اعلن قبل اللقاء أنه "من غير الواضح ما إذا كان التوصل الى اتفاق لوقف النار ممكناً، و"سنحاول تحقيق ما لم يتحقق حتى الآن وخصوصاً تحسين إيصال المساعدات للمحاصرين في سوريا وربط ذلك بخطوات أولى لتقليل أعمال العنف بشكل ملموس".
واتهمت الولايات المتحدة روسيا بـ"تأجيج" النزاع في سوريا بالدعم العسكري لقوات النظام. وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر "انه الدعم الروسي لنظام الاسد في الاشهر الاخيرة، وفي الاونة الاخيرة خلال حصار حلب، الذي أجج النزاع وصعده".
وندد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بشدة بالدعوات الدولية لفتح الحدود التركية امام عشرات الآلاف من النازحين السوريين. وقال اردوغان: "ان كلمة أغبياء ليست مكتوبة على جبيننا. لا تظنوا ان الطائرات والحافلات موجودة هنا من دون سبب. سنقوم بما يلزم".
وصرّح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للتلفزيون الفرنسي:"علينا التحرك ليتنحى بشار الاسد عن السلطة. وهوي رتكب حاليا بمساعدة الروس مجزرة في حق قسم من شعبه وان يكن يتحرك أيضاً ضد عدد من الارهابيين"، مضيفاً: "أطالب بوقف كل العمليات الروسية".

المستقبل :

إذا كان انسحاب وزير العدل أشرف ريفي من جلسة مجلس الوزراء أمس نجح في كسر رتابة المشهد الإعلامي المواكب للجلسة، غير أنّ الخطوة التي أقدم عليها بشكل أحادي منفرد احتجاجاً على عدم البحث في موضوع إحالة جريمة الإرهابي ميشال سماحة على المجلس العدلي لم تؤثر على استقرار المشهد الحكومي العام ربطاً بكونها لم تنسحب على المكوّن السياسي الذي يمثل ولا على مشاركته في الحكومة، سيّما وأنّ الرئيس سعد الحريري سارع إلى التأكيد على أنّ موقف ريفي أتى منعزلاً عن أي تنسيق أو توجيه منه، معرباً عن ثقته بأنّ المجرمين سينالون عقابهم. وقال الحريري في تغريدة عبر موقع «تويتر»: «موقف الوزير ريفي لا يمثّلني، ولا يزايدنّ أحد علينا باغتيال وسام الحسن أو محاكمة سماحة، فكل من ارتكب جريمة سينال عقابه».
وكانت مصادر وزارية قد نقلت لـ«المستقبل» أنه وبينما كان البحث والنقاش قد بلغ البند 18 من جدول أعمال الجلسة، بادر ريفي إلى الطلب من رئيس الحكومة تمام سلام أن يُصار إلى مناقشة البند 68 المدرج على الجدول والخاص بإحالة قضية سماحة على المجلس العدلي باعتبارها «أولوية تتعلق بمجرم كان يريد تفجير البلد غير أنّ القضاء العسكري أخلى سبيله بطريقة معيبة». وعندما طالبه سلام بضرورة التروي ريثما يتم الوصول في النقاش إلى هذا البند، برّر ريفي إصراره على الموضوع بأنّها مسألة تحتلّ صدارة الأولويات لديه كوزير للعدل نظراً لكون اللواء الشهيد وسام الحسن اغتيل بسبب كشفه جريمة سماحة. ثم ما لبث أن غادر الجلسة وأعلن أمام الإعلاميين تعليق مشاركته في الحكومة حتى إدراج هذا الموضوع كبند أول على جدول الأعمال.

الديار :

مجلس الوزراء «منتج» مالياً، لكن الجلسة لم تمر مرور الكرام، وكان نجمها وزير العدل اشرف ريفي الذي انسحب من الجلسة حتى اشعار آخر احتجاجاً على رفض الرئيس تمام سلام ادراج بند احالة الوزيرالسابق ميشال سماحه على المجلس العدلي كي لا ينفجر مجلس الوزراء بعدما تبلغ سلام رفض وزراء حزب الله ادراج هذا البند على جلسة امس، وان الموضوع بات في عهدة القضاء.
الرئيس سلام أوضح للوزير ريفي رداً على مطالبته بقضية سماحه، انه سيتم مناقشة جدول الاعمال وفق ما هو «مجدول» وحسب التسلسل، وهنا رفض ريفي عدم تقديم هذا البند ووضعه في اول الجدول بعد تأجيله لأكثرمن مرة، لكن الرئيس سلام أصر على موقفه رغم تدخل وزراء الكتائب لتقديم هذا البند، ولكن سلام طلب البدء بجدول الاعمال المقترح منه، وهنا رفض ريفي وانسحب من الجلسة، ولم تنفع كل محاولات وزراء الكتائب عن تراجعه عن موقفه والعودة الى مجلس الوزراء.
واعلن ريفي انه اتفق مع وزراء المستقبل ان ينسحب بمفرده من الجلسة، وان وزراء المستقبل والكتائب اعلنوا تأييدهم له. وهدد باللجوء الى عدة خطوات دولية لمحاكمة سماحه وأكد انه لن يستسلم حتى تحقيق ذلك.
وبعد انسحاب ريفي واعلانه سلسلة مواقف غرد الرئيس سعد الحريري على «تويتر» معتبراً ان «موقف اشرف ريفي لا يمثلني، ولا يزايدن احد علينا باغتيال وسام الحسن او محاكمة سماحه فكل من ارتكب جريمة سينال عقابه».
رد الرئيس الحريري فاجأ الاوساط السياسية وقيادات المستقبل والسؤال هل انشق الوزير اشرف ريفي عن تيار المستقبل حتى يقول الرئيس الحريري «ريفي لا يمثلني» خصوصا ان الوزير ريفي يعلن مواقف متمايزة عن تيارالمستقبل منذ فترة، ومواقفه تصعيدية حتى انه انتقد الحوار مع حزب الله، فيما مواقفه متباعدة جداً عن الوزير نهاد المشنوق، وظهر التباين عبر وسائل الاعلام، حتى ان الوزير ريفي اطلق مواقف تجاوزت «السقوف» احياناً ضد حزب الله و8 آذار، فيما الرئيس سعد الحريري اعلن بوضوح تمسكه بالحوار مع حزب الله، حتى ان مواقف الوزير ريفي ضد مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح الوزير سليمان فرنجية علنية، واكد الوزير ريفي عدم «التزامه» بهذا الترشيح والتصويت لأي مرشح من 8 آذار.
لكن «الخلاف» ظهر للمرة الاولى الى «العلن» عبر تغريدات الحريري ورفضه لمواقف ريفي الذي رد على الحريري بزيارة ضريح الشهيد رفيق الحريري وقراءة الفاتحة عن روحه بعد تغريدة الحريري.
الخلاف بين الحريري وريفي يتسع، ويبدو ان الوزير ريفي انشق عن تيار المستقبل منذ فترة، ومواقفه واضحة ومتمايزة عن المستقبل، رغم ان نصائح عديدة وجهت له بضرورة التهدئة.
والسؤال كيف يرد الوزير ريفي على موقف الحريري الاخير تجاهه؟

ـ الانتخابات البلدية ـ

اما على صعيد الانتخابات البلدية، ورغم الاستعدادات اللوجيستية لاجرائها من قبل وزارة الداخلية وتأمين الاعتمادات ونشر «القوائم الانتخابية» لكن اقطاباً سياسيين يعملون على تأجيلها.
واشارت معلومات «انه في ظل الاوضاع السياسية لا مصلحة لرئيس تيار المستقبل سعد الحريري باجرائها خصوصاً في بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع، وان هذه الانتخابات تفرض وجود الرئيس سعد الحريري في بيروت بالاضافة الى تأمين ملايين الدولارات في حين يعاني تيار المستقبل اوضاعاً مالية صعبة، وخلافات عديدة، كما ان الرئيس الحريري سيعاني في طرابلس جراء قوة الرئيس نجيب ميقاتي اللاعب الاساسي في معادلة طرابلس، وقادر على نسج تحالفات تمكنه من حسم معركة المدينة، كما سيعاني الحريري من معركة صيدا بالاضافة الى مدن بقاعية وبالتالي لا مصلحة للحريري باجرائها.
وتضيف المعلومات انه لا ملصحة ايضا للنائب وليد جنبلاط باجراء الانتخابات البلدية خصوصا ان تحالف عون - جعجع سيؤدي الى حسم المعارك في كل القرى المسيحية في الجبل لصالح هذا التحالف، كما ان عون - جعجع باستطاعتهما خوض معارك انتخابية قاسية في القرى المختلطة اذا تم التحالف مع اقطاب دروز، وبالتالي لا مصلحة لجنبلاط باجرائها حاليا، وابلغ هذا الامر الى المعنيين، فيما حزب الله وحركة أمل لا مشكلة لديهما باجرائها، ووجهوا رسالة للجميع بعد الاجتماع بين قيادتي حزب الله وحركة أمل بشأن التحالف البلدي في كل المناطق وتجنب التوترات الحزبية والعائلية، كما ان العماد ميشال عون والدكتور جعجع بحاجة للانتخابات البلدية واذا تحالفا يحسمان في كل المناطق المسيحية.


وحسب المعلومات، فان التحضيرات للانتخابات البلدية قائمة، لكن لا أحد يستطيع القفز فوق اعتراضات الحريري وجنبلاط والاسابيع المقبلة ستكشف الامور، علماً ان معظم القرى اللبنانية وفي كل المناطق بدأت الاستعدادات للانتخابات البلدية عبر اجتماعات تمهيدية.

 

الجمهورية :

الانشغال الداخلي في الملفّات، المعقّد منها كالاستحقاق الرئاسي، وغير المعقّد، لم يحجب الاهتمام بما يجري في الخارج وما يمكن أن تكون له من انعكاسات على لبنان والمنطقة، إذ اتّجهَت الأنظار إلى ميونخ أمس حيث بَدأ الأفرقاء الرئيسيون المعنيون بالملف السوري محادثات صعبة حول اقتراح روسي بوقفٍ لإطلاق النار، تزامنَت مع تحذير رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف من خطر نشوب «حرب عالمية جديدة»، في حال حصَل هجوم برّي خارجي على سوريا، في وقتٍ دعت الولايات المتحدة الأميركية دول «التحالف الدولي» ضد تنظيم «داعش»، إلى تقديم مزيد من المساعدة، وردَّت السعودية على هذه الدعوة بأنّ قرارها إرسالَ قوات برّية إلى سوريا «نهائيّ ولا رجعة عنه». فيما حافظ المشهد الرئاسي على تعقيداته، والعمل الحكومي على إنتاجه، قفز الى الواجهة فجأة سجال من «العيار الثقيل» عشيّة إحياء ذكرى 14 شباط بين ابناء الصف الواحد: الرئيس سعد الحريري ووزير العدل اشرف ريفي الذي انسحب من جلسة مجلس الوزراء امس احتجاجاً على عدم مناقشة طلبه إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة الى المجلس العدلي، معلناً عدم مشاركته في أي جلسة مقبلة للمجلس إذا لم يدرج هذا الملف بنداً أول على جدول اعمالها، فجاء رد الحريري سريعاً مُتبرّأ من موقف ريفي الذي «لا يمثّلني»، قائلاً عبر «تويتر»: «لا يزايدنّ احد علينا باغتيال وسام الحسن او محاكمة سماحة، فكل من ارتكب جريمة سينال عقابه». فردّ ريفي بنشر صورة له امام ضريح الحسن، حيث وضع إكليلاً من الزهر، وقرأ الفاتحة.
ليس ابن ساعته
وأكدت أوساط مطلعة أنّ قرار ريفي بالانسحاب من جلسة الحكومة ومقاطعة جلسات مجلس الوزراء لم يكن ابن ساعته، وقد جاء بعد تأجيل البحث في هذا القرار في جلسات ثلاث متتالية، بحيث بَدا أنّ هناك اتجاهاً للمماطلة في إحالة ملف سماحة الى المجلس العدلي، ريثما يصدر الحكم المبرم من محكمة التمييز العسكرية الذي يقطع الطريق على نقل الملف الى المجلس العدلي.
وأشارت هذه الاوساط الى انّ ريفي، بمقاطعته جلسات الحكومة، تماهى مع ما اتفق عليه في لقاء الرياض الذي جمع أركان «المستقبل» ووزرائه بالحريري، ففي هذا الاجتماع إتفق على اتخاذ وزراء «المستقبل» موقفاً موحداً في حال تمّ تعطيل قرار نقل ملف سماحة الى المجلس العدلي، واجمع المجتمعون على هذا المطلب، وكان الأبرز منهم وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اعتبر «وجودنا في الحكومة خسّرنا كثيراً، ولا يجب ان نستمر فيها اذا لم يحل ملف سماحة الى المجلس العدلي»، واقترح المشنوق ان ينسحب هو وريفي من الحكومة، اذا تعذر انسحاب جميع الوزراء السنّة، كذلك اقترح وقف الحوار مع حزب الله، بحسب الاوساط نفسها.
حوار ثنائي
وعلى وقع هذا السجال، انعقدت مساء امس جلسة الحوار الـ 24 بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، في حضور المعاون السياسي للامين العام لـ»حزب الله» الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل». كذلك حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.
وبعد الجلسة صدر البيان الآتي: «جرى البحث في التطورات الجارية على مستوى المنطقة والانعكاسات المحتملة على لبنان، والحاجة اكثر من اي وقت مضى للحفاظ على الاستقرار الداخلي وحمايته. وناقش المجتمعون الاوضاع الاقتصادية والمالية والحاجة الى اجراءات اصلاحية جدية، وضرورة انتظام عمل الحكومة وانتاجيتها».
ترحيل النفايات
وكان مجلس الوزراء استكمل في جلسته العادية امس مناقشة البنود المتبقية من جلسة الاسبوع الفائت ووافق على إعطاء سلفة بقيمة 130 مليار ليرة لهيئة «أوجيرو» لدفع الرواتب، وعلى صرف تعويضات التعاقد للاساتذة. كذلك وافق على اعطاء سلفة مالية بقيمة 50 مليون دولار لمجلس الانماء والاعمار لتمويل ترحيل النفايات.
وفيما اشار رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر الى أنّ توقيع عقود ترحيل النفايات سيتم خلال يومين وأنّ سلفة الـ 50 مليون دولار هي دفعة اولى لستة أشهر وأنّ الوجهة هي روسيا، كرّرت مصادر ديبلوماسية روسية رفيعة نَفيها لـ«الجمهورية» أن تكون الشركة المعنية بترحيل النفايات من لبنان هي شركة روسيّة، واشارت الى «انّ وجهة الترحيل قد تكون الى احدى دول الاتحاد السوفياتي السابق، وانّ اسم روسيا يزجّ في هذه العملية».
فنيش
وعن غزارة العمل الحكومي بعد فترة من التعطيل قال الوزير محمد فنيش لـ«الجمهورية»: «منذ البداية دعونا الى وجوب معالجة الاسباب التي أدّت الى تعطيل الحكومة وإيجاد مخارج للمواضيع المطروحة لكي تستأنف الحكومة عملها مجدداً، امّا وقد تمّت المعالجة في شأن التعيينات فهذا أمر ايجابي وجيّد، والحكومة لديها تراكم كبير في الملفات بدأت تقاربها بسرعة وبنشاط حيث اننا شهدنا جلستين في الاسبوع، وكان يمكن الاسبوع المقبل ان يشهد جلستين لولا بعض المواعيد عند الوزراء، فالحكومة في اختصار تعمل وهناك روحية جديدة إن شاء الله عند الوزراء ونتمنى ان نستمر في العمل على هذا المنوال».
ولدى سؤاله: هل انّ تفعيل العمل الحكومي سيؤدي الى الاعتياد على غياب رئيس الجمهورية؟ أجاب فنيش: «نتمنى ان لا يستنتج احد استنتاجات خاطئة، فنحن بالتأكيد نحبّذ ونفضّل ونتمنى الوصول الى وفاق لملء الشغور في الموقع الرئاسي ولا شيء يمكن ان يكون بديلاً من وجود الرئيس، حتى انّ عمل الحكومة يبقى ناقصاً، وآلية عملها يشوبها نوع من التعقيد، والحكومة تعمل تقريباً حسب ضرورات المصلحة وليس بكل طاقتها الانتاجية، لأنه في ظل آلية العمل وحلول مجلس الوزراء مكان رئيس الجمهورية، هذا يترك تأثيرات ليست سهلة على نشاط الحكومة.
فلذلك الجميع يتمنى الوصول الى حلول لمسألة الشغور، لكن علينا ان نكون واقعيين. ليس واضحاً انّ هناك في الافق مؤشرات الى وفاق حول مسألة انتخاب الرئيس، فهل اذا عطّلنا الحكومة ندفع في اتجاه انتخاب الرئيس ام نزيد المشكلة تعقيداً فيكون الضرر اكبر على لبنان واللبنانيين؟ فالاتفاق كان لتجنّب مزيد من الاضرار وتقليص مساحتها والسعي في الوقت نفسه لحل معضلة انتخاب الرئيس».

اللواء :

حتى لا يتحول المثل السائر: «كلام الليل يمحوه النهار» إلى مبدأ يحكم العلاقات داخل مجلس الوزراء وبين القوى السياسية في البلد، رفع الرئيس تمام سلام صوته في مجلس الوزراء، وقال: «على طاولة الحوار طرحت موضوع النفايات، وبعد النقاش الذي كان حاضراً فيه رئيس تكتل الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون اتخذ القرار وابلغتموني ان اتخذ القرار المناسب وأنتم تدعمون ما تقرره الحكومة، وقد قررت الترحيل، فلماذا تعارضون الآن؟ موجهاً كلامه إلى وزراء تكتل «الاصلاح والتغيير»، حيث بعد ساعتين من النقاش تمت الموافقة على إقرار 50 مليون دولار لتمويل عملية الترحيل، باعتراض وزراء الكتائب الذين لم يكن هدفهم التعطيل، والذين وقعوا على المرسوم، في حين أصرّ وزراء «التيار الوطني الحر» على موقفهم وامتنعوا عن التوقيع على المرسوم.
المحطة الثانية في جلسة مجلس الوزراء، أمس، تمثلت بخروج وزير العدل اشرف ريفي من الجلسة اعتراضاً على استهلاك جدول الأعمال في مواضيع لم تكن مدرجة مثل ترحيل النفايات ورواتب الأساتذة المتعاقدين بالساعة في المدارس الرسمية، طالباً طرح البند 64 المتعلق بإحالة ملف ميشال سماحة إلى المجلس العدلي، الا ان الرئيس سلام قال ان الوقت لا يسمح بمناقشة هذا الموضوع بسبب اضطراره لرفع الجلسة والسفر إلى ميونيخ لتمثيل لبنان في مؤتمر الأمن العالمي، الأمر الذي لم يرضِ الوزير ريفي الذي غادر الجلسة معلناً تعليق مشاركته ما لم يكون هذا البند الأوّل على جدول أعمال مجلس الوزراء ليعود عن قراره، مذكراً انه قطع سفره وعاد إلى بيروت من أجل المشاركة في الجلسة وبت الموضوع.
ومع هذه القرارات في جلستي الأربعاء والخميس، وعلى مرمى 48 ساعة من الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري واحتفال «البيال» المقرّر لهذه الغاية، والكلمة المنتظرة لرئيس تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري في هذه المناسبة الوطنية، بدا ان صمود الحكومة يتقدّم على ما عداه، بما تعني من وحدة الدولة واستمرار عمل المؤسسات، الأمر الذي يعبر عن إرادة اللبنانيين بالحفاظ على الاستقرار والنأي عن التداعيات الخطيرة المحدقة بسوريا ومنع انعكاساتها على لبنان، بانتظار ان تنضج طبخة الانتخابات الرئاسية، وينتهي اللبنانيون من الشغور الرئاسي.
وهذا المسار الاستقراري، أكدت عليه جلسة الحوار 24 بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، حيث شدّد البيان الذي عكس المناقشات الداخلية على نقطتين:
1- الحاجة أكثر من أي وقت مضى للحفاظ على الاستقرار الداخلي وحمايته، مما يعني تجنيبه الانعكاسات المحتملة للتطورات الجارية على مستوى المنطقة، لا سيما السباق الحاصل حول سوريا بين التدخل العسكري البري والحل السياسي.
2- ضرورة انتظام عمل الحكومة وتفعيل انتاجيتها، وهذا ما ظهر في القرارات الأخيرة، والتي عالجت أوضاعاً مزمنة تتعلق بفئات وظيفية، فضلاً عن القرار الكبير بالتوجه لإقرار الموازنة في مجلس النواب واجراء الانتخابات البلدية وتمويل خطة ترحيل النفايات.
وهذه الوجهة التي سيكرسها خطاب الرئيس الحريري الأحد، ويشدد عليها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في خطاب الثلاثاء في 16 الحالي لمناسبة «ذكرى القادة الشهداء»، مما يُعزّز فرصة الاستقرار، بانتظار فرج الانتخابات الرئاسية.
ترحيل النفايات
وعلى صعيد النفايات، كانت المعادلة في مناقشات الوزراء التي توزعت بين الجدّية والكيدية وتسجيل المواقف والعجز عن تقديم بدائل للترحيل، مع عودة وزراء التيار الوطني الحر إلى قبول فكرة المطامر والتي سبق وعارضوها، ألّا بديل عن هذا القرار، لأنه بين الكلفة الصحية المتزايدة والتي ساهمت النفايات في زيادة الأمراض والضرر البيئي وخيار الترحيل المؤقت، إنتصر الخيار الأقل كلفة، فصحة اللبنانيين أغلى بكثير من أي إنفاق مالي لرفع الأوبئة والمخاطر البيئية عن حياتهم وحياة أطفالهم، بعد وقوع العديد من الإصابات في صفوف الأطفال وتزايد عدد الذين توفوا بسبب أمراض الأنفلونزا والميكروبات الموسمية التي زادت مع النفايات المتراكمة في الشوارع والساحات ومجاري الأنهر والمرتفعات، حيث تتجمّع المياه، سواء في الجبال أو المدن.
وهذه المحصلة التي لخّصها وزير بارز لـ«اللواء» جعلت المجلس لا يتردّد عن حسم الخيار قبل أن يداهمه الوقت لا سيما أن تاريخ 29 شباط، بعد أسبوعين، هو موعد مبدئي لشحن أول دفعة من النفايات إلى روسيا، بعدما يتم توقيع العقد بين مجلس الإنماء والاعمار وشركة «شينوك» البريطانية، خلال اليومين المقبلين، حسب ما أعلن رئيس مجلس الإنماء والاعمار المهندس نبيل الجسر، كاشفاً أن المبلغ الذي أقرّ لترحيل النفايات يغطي المرحلة الأولى من الترحيل، أي الأشهر الستة المقبلة، على أن يباشر دون إبطاء في إطلاق الخطة المستدامة لمعالجة النفايات ووضعها موضع التنفيذ، حسب ما جاء في قرار مجلس الوزراء.
ولفت مصدر وزاري لـ«اللواء» إلى أن وزراء الكتائب طالبوا بالتقدّم بدفتر شروط لتلزيم الحل النهائي القائم على المحارق في مهلة أسبوع ليكون حل الترحيل مؤقتاً ولا يصبح نهائياً.
وطالب الوزراء أيضاً، في هذا الخصوص، بأن يبقى للبلديات الحق في معالجة نفاياتها في إطار مجموعة بلديات أو إتحاد بلديات أو بلديات كبيرة وإذا كانت لديها القدرة على معالجة نفاياتها تنسحب من مشروع الترحيل الذي سيموّل بنسبة من 30 إلى 60 بالمئة من الصندوق الوطني للبلديات.