لانتخاب رئيس للجمهورية.. سجّلت آخر جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية مفارقات عدّة أبرزها:

أولا: غياب المرشحين اللذين تبنتهما كتلة ١٤ آذار منفردين ومُتنافرين ، النائب سليمان فرنجية والجنرال ميشال عون عن حضور الجلسة. وهذا خرقٌ فاضح للأعراف البرلمانية والديمقراطية، فضلاً عن تفريطه بالمصلحة الوطنية العليا، والتي تقتضي الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية. وإذا كان غياب الجنرال عون متوقّعاً ومفهوما، ذلك أنّه يرفض حضور أية جلسة لا تضمن فوزه، كذلك فإنّ حليفه حزب الله يُبقي لعبة التعطيل في يده، لذا فهو لن يحضر، ولن يضغط على حلفائه لتأمين النصاب.

أمّا غياب النائب فرنجية فهو مُستهجن ونافر ومُنفّر، ذلك أنّ من قدّمهُ للمنصب الرئاسي، مُعرّضاً تحالفاته الداخلية للانتكاس والتدمير، وكان يأمل منه على الأقل الابتعاد ما أمكنه ذلك عن الجنرال عون وحليفه حزب الله، لتزداد فرص وصوله للمنصب الرئاسي ،إذا به يرتدّ على عقبيه بعد اقترابه من تيار المستقبل، إلى مزيد من الارتماء في أحضان الحزب، ورهنه حضور الجلسات الانتخابية بحضور هذا الأخير.

وهذا أفقده الكثير من المصداقية والأهلية لرئاسة البلاد في ظل الظروف الراهنة، والمضطربة داخليا وإقليمياً.

ثانيا: ربما من حسنات هذه الجلسة، واستمرار غياب الجنرال عون، توقُّف "ندبيات" قائد القوات سمير جعجع، التي كانت تلي كل جلسة انتخابية عُقدت منذ أكثر من ١٨ شهراً، فقد دأب الحكيم بعد فرط كل جلسة، على التباكي على الدستور والديمقراطية، والمنصب المسيحي الأول الذي يُعرّضهُ الغائبون لافدح الأخطار، وعلى رأسهم حليفه المستجد ميشال عون، وهنا يُسجّل أنّه كان حريّاً بالحكيم ، أن يكون حكيماً، ويُضمّن تفاهمه مع عون بنقاطه العشر، نقطة حادية عشرة، توجب على الجميع حضور جلسات الانتخاب، صونا للدستور والمصلحة الوطنية العليا، واعتصاما بالموقف الأخلاقي الذي يهيب بكل نائب أن يواصل القيام بمهامه ومسؤولياته بعيدا عن حسابات الربح والخسارة.

ثالثاً: بات من المُلح على القوى التي دأبت على الحضور طوال الفترة الماضية والمتمادية، أن ترفع صوتها بوجه المبتزّين والمتاجرين والمستهترين بمصير الشعب اللبناني برُمّته، وأن يتحدوا لافهام هؤلاء المشعوذين، أنّهم بدورهم سيلجأون إلى التعطيل في حال كان الابتزاز والارتهان والمتاجرة كافيا وكفيلا بإيصال رئيسٍ للبلاد مستهتر بالدستور وموجباته.

وحان الوقت لرفع شعار: لا للمرشّح الواحد، لا للمرشّح المفروض بقوة السلاح، لا للمرشّح الغارق حتى أذنيه ،مع حاشيته في الفساد، لا لمرشح ال٩٩،٩٩٩ ، بعد ما شارف هذا الرقمُ المهزلة على الاضمحلال والزوال في البلاد البعيدة والقريبة من بلادنا.