بدأت ماكينات القوى السياسية في بيروت والمناطق التحضير للانتخابات البلدية والاختيارية في أيار المقبل والتي يبدو أن لا مفر من اجرائها وعدم سريان عدوى التمديد النيابي الى البلديات التي تعكس أولا خيارات الاهالي في بلداتهم وقراهم، وان كانت "مطعمة" بنكهة سياسية، وخصوصا في بيروت والمدن الكبرى.

لكن ثمة غمزاً في المجالس السياسية في اتجاه "حزب الله" و"تيار المستقبل"، وهمساً فحواه انهما يتهربان من هذا الاستحقاق الذي يشغل القوى السياسية في بعض المناطق اكثر من الانتخابات النيابية بسبب ارتباط البلديات بتوازن العائلات وانقساماتها، إلى درجة أن الرئيس نبيه بري ردد في احد مجالسه: "مئة مرة انتخابات نيابية ولا واحدة بلدية"، ولا سيما ان اكثر اللوائح المرشحة لا تقدم نفسها على اساس البرامج، بل من خلال الاتكاء على الأفرقاء السياسيين.
ودفاعاً عن التيارين الأزرق والأصفر يرفع بري الصوت ويقول إن هذين الفريقين الكبيرين لا يعارضان اجراء هذا الاستحقاق والحفاظ على الحد الأدنى من المؤسسات في البلاد. ويُلاحظ عدم وجود اي جهة تستطيع القول انها لا تريد خوض هذه المعركة في ظل انشغالاتها باستحقاقات اكبر ومعطلة، وفي مقدمها الشغور المفتوح في رئاسة الجمهورية والقابل للتمدد بفعل عدم "تنازل" اي من المرشحين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجيه للآخر، ولا سيما بعد ارتفاع جدران التباعد بين الطرفين.
وبعد التصويب على "المستقبل" واتهامه بالسعي الى التنصل من هذه الانتخابات على أساس أنه سيواجه جملة من المطبات، خصوصا في طرابلس بفعل خلافاته مع الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي والنائب محمد الصفدي وجهات أخرى مناوئة لهذا الفريق، باشر الحريريون وضع خططهم على الورق. وهم لا ينفون سوء الخيارات التي اتخذت في الانتخابات البلدية الأخيرة في عاصمة الشمال، والتي أوصلت تشكيلة من الأجنحة المتكسرة، إلى درجة لا يغيب يوم من دون الحديث عن مشكلة أو خلاف في عاصمة الشمال باعتراف النائب سمير الجسر وقوله إن "التجربة السابقة لم تكن ناجحة".
ويحيل الجسر الاتهامات التي تصوب نحو"المستقبل" على الحرب السياسية والاعلامية المفتوحة على فريقه. ويقول لـ" النهار" ان هذا التيار "اول من يريد اجراء هذه الانتخابات. وكل ما يوجه ضدنا مردود على أصحابه". ويسأل: "لماذا نخاف هذا الاستحقاق، حتى في طرابلس؟ لدينا كل الثقة بحجم حضورنا وعلاقتنا بجمهورنا ولا مانع لدينا من السير فيها، على نقيض كل من يتهمنا". ويدعو المشككين بخيارات "المستقبل" في هذا المجال الى سؤال وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي جال على المسؤولين والقوى لانجاز الانتخابات البلدية في موعدها ومن دون تأخير.
ويؤكد الرئيس بري أنه لم يسمع من الوزير المشنوق إلا تشديداً على اهمية الاستحقاق البلدي والإختياري، خصوصاً ان لا قدرة لأي جهة على القول للبنانيين ان السلطات المعنية غير قادرة على إجراء الانتخابات البلدية.
وكان الثنائي الشيعي "أمل" و"حزب الله" باشر عقد اجتماعات قبل ثلاثة اسابيع من خلال الدوائر المسؤولة عن ملف البلديات وبتوجيه من بري والسيد حسن نصرالله. وكان اتفاق على ابقاء القديم على قدمه، بمعنى سريان اتفاق 2010 في البلدات والمدن واحتفاظ كل فريق بالبلديات والمواقع كما هي مع استبدال الأسماء التي تخصه إذا رأى ذلك مناسباً مع مراعاة وقائع العائلات. وثمة اتفاق خطي موقع من قيادة الطرفين في الانتخابات السابقة سيسيران وفق بنوده من دون زيادة أو نقصان.
وبعد وضوح رؤية هذا الثنائي وتكرارها في البيت الشيعي، صار واضحاً أن فرعا جديدا لهذه المدرسة افتتحه "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" في البيت المسيحي، وسيدشنانه في البلديات تحضيرا للانتخابات النيابية، إذا كتبت لها الحياة وانتخب اللبنانيون رئيساً لجمهوريتهم المعطلة.