يثير خبر تغطية التماثيل الرخامية العارية للألهة الرومانية وحجبها تماماً في متحف كابيتوتلني في العاصمة الإيطالية مراعاةً لمشاعر الرئيس الإيراني حسن روحاني الجدل إذ يظهر الإنفصام الغربي وفشله في التعامل مع الإسلام، فبعد أكثر من 30 عاماً مضوا في إعتبار الغرب لإيران كدولة ارهابية وشن الحرب والحملات الإعلامية ضد الإسلام والمسلمين خصوصاً بعد تفشي ظاهرة الإرهاب، فيعود الغرب ،  ويستقبل روحاني على فراش من السجاد الأحمر لا وبل يستر ويغطي تماثيله العارية.. ويعبر ذلك عن إستعداده إلى تخطي كل العقبات ومعانقة الإسلام عندما تكون هناك مصالح مشتركة.  

  ماذا ينتظر الغرب و واشنطن بعد ابرام الاتفاق النووي؟  يعتبر الإتفاق الإيراني الغربي مفصلاً تاريخياً بالغ الأهمية و مرحلة جديدة من مراحل الصراع الدولي القائم اليوم . و انتظرت ايران هذه اللحظةً بفارغ الصبر بعد ما يقارب عامين من المفاوضات.

و في محاولة لفهم تلك المبادرة لا بد من التطرق الي البحث في اسباب هذا التقارب و النظر في التنازلات التي قدمها الطرفان.

كان واضحاً أن الهدف الأمريكي الأول هو الإعتراف بإيران كقوة إقليمية و خصوصاً بعد إقتناع أمريكا بأن رحيل الأسد ليس بالأمر السهل، ولكن وعلى الخلاف مع الكثير من التحليلات التي تعتبر أن الميدان السوري كان السبب المباشر الذي قرب الغرب من إيران، كان الداخل الأمريكي وواقع سياستها الداخلية هو السبب الاساسي، فمنذ أكثر من خمس سنوات بدأ يزداد تأثير لوبيات مناهضة للإيبك داخل الكونجرس الأمريكي وهذه اللوبيات تختلف بأيديولوجيتها وسياستها عن سياسات الإيبك الصهيونية، ولها مصالح اخرى و ترى هذه اللوبيات أنه لا بد من الإعتراف بالدولة الفلسطينية ووقف الحرب و سياسات الإستيطان.

وبعد مرور زمن قصير على الربيع العربي الذي خرقته ميليشيات متعددة من هنا و هناك وتعمل لحساب أطرافٍ عدة، ازداد الإستياء الأميركي وأصبحت أمريكا تشعر بالقلق مع إزدياد مخاوفها من عدم احتواء هذه الجماعات، فهذا ما بات واضحاً في التدخل الروسي في سوريا دون اثارة اي ردة فعل اميريكية لا و بل كان واضحا ان هناك تنسيقا ايضا. حرصت اميركا على التأكد من أن إيران لن تصنع صواريخ ذات رؤوس نووية وأن مشاريعها ستبقى بأهدافٍ سلمية و الهدف الثاني الأكثر أهمية فكان سعي أمريكا لإشراك إيران في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية عبر حلفاء طهران في النظام العراقي.

وأما بالنسبه لإيران، فكان رفع الحصار هو الهدف الأهم.

لقد رضخت إيران للمطالب الأمريكية وقبلت بتقليل نسبة تخصيب اليورانيوم من نسبة 20% إلى 5%, تقليل عدد أجهزة الطرد المركزي من 19 ألف جهاز إلى 9 ألف فقط. كما قبلت من من الحد من البحوث والتجارب النووية و قبلت الخضوع لعمليات تفتيش من قبل خبراء اجانب.

هذه جملة من التنازلات التي قدمتها إيران أما تنازلات أميركا فتتعدى أهميتها ووزنها التنازلات الإيرانية. فعندما قبلت أميركا برفع العقوبات وبشكلٍ كلي تخلًت عن سلاح كان يمكن أن تمارس من خلاله حرب نا عمة طويلة الأمد.

و قبلت بتحديد سقف زمني للإتفاق ويعني ذلك أنه يمكن لإيران وبعد فترة من الزمن أن تكمل برنامجها النووي بشكلٍ شرعي ما لم يتغير ذلك. وأخيراً تم رفع إيران عن قائمة الإرهاب في حين ما زالت الحرب قائمة في اليمن وسوريا والعراق ولم يتغير وضع الميليشيات الشيعية وأخذت الحكومة الأمريكية الحالية على عاتقها عبء توتر علاقتها مع إسرائيل فأخذت بهذه الطريقة منحاً واضحاً في سياستها قد تعرض نفسها لموجهة الكثير من التحديات والضغوطات في المستقبل في حين ينتظر ايران الكثير من المفاجات السارة ليست اخرها المعانقات الاوروبية..