في 25 كانون الثاني العام 2011، نجح الغضب الذي تأجج على صفحات التواصل الاجتماعي في شق طريقه من الواقع الافتراضي على شبكة الإنترنت، إلى الواقع الحقيقي ليحتل الميادين ويسقط النظام، في ثورة شعبية تفوقت على خيال الثوار.
وفي الذكرى الخامسة لـ «ثورة 25 يناير»، بدا أن الغضب الذي اندفع في الشوارع واحتل الميادين، يشق طريق العودة مرّة أخرى، ولكن من الميادين إلى الواقع الافتراضي!
سعت الدولة المصرية، ونجحت بالفعل، في إظهار الميادين خاوية سوى من عشرات من مؤيدي النظام الحالي، الذين نزلوا إلى ميدان التحرير للاحتفال بعيد الشرطة والثورة معا، رافعين صور الرئيس عبد الفتاح السيسي ومعلنين تأييدهم للنظام، وقد تكفلت قوات الأمن بحمايتهم، برغم عدم حصولهم على إذن مسبق بالتظاهر، بحسب تصريحات قيادات الأمن، التي أكدت أن وزارة الداخلية لم تطلب تصريحات بالتظاهر في ذكرى الثورة، بخلاف ما يفرضه قانون التظاهر.. على المعارضين!
الميادين الخالية تحققت عبر حملة موسعة، بدأت قبل ذكرى الثورة لمنع أي تظاهرة احتجاجية في هذا اليوم، واستخدمت الدولة المصرية فيها كل أدواتها، حتى أنها لم توفر هيئة الأرصاد الجوية التي حذرت المواطنين من سوء الأحوال الجوية، ونصحتهم بعدم النزول إلى الشارع، فيما كانت قوات الأمن تقوم مبكراً بتمشيط محيط ميدان التحرير، وتوسع دائرة الاشتباه لتعتقل كل من يحتمل تحريضه على التظاهر في ذكرى الثورة، مع تهديدات مباشرة من قيادات الأمن باستخدام الذخيرة الحية ضد الاحتجاجات غير المصرح بها، في موازاة حملة فتاوى دينية تساند النظام المصري في مسعاه.
رغم ذلك لم يخلُ «25 يناير» من أنوار الثورة وإن بدت خافتة، فالذين خلت منهم الميادين عجت بهم وسائل التواصل الاجتماعي، التي انتشرت فيها شعارات الثورة وذكرياتها وصورها مع تعهدات بالبقاء على عهدها ومبادئها.
وحدها فتاة قررت التوجه منفردة في «مسيرة» من مسجد مصطفى محمود في حي المهندسين إلى ميدان التحرير، مرتدية شعار «لساها ثورة يناير». الفتاة التي غادرت السجن قبل أشهر بعد إدانتها بموجب قانون التظاهر، لا يزال أخوها علاء عبد الفتاح يقضي فترة عقوبته في السجن... أصرت سناء سيف على إبقاء أحد أنوار الثورة مضاءة.

  مصطفي بسيوني