ترى مصادر صحيفة “النهار” الكويتية أن الكلمة الفصل تبقى محصورة بيْن طرفيْن يمثلان الصراع الدائر في المنطقة، وهما “حزب الله” و”تيار المستقبل”، وتتساءل: هل سيتمكّن حزب الله من اقناع الرئيس سعد الحريري بالسير بقانون انتخاب يؤمن صحة التمثيل وفرص التغيير المطلوبة، ليفتح الحزب بالمقابل باب عودة الحريري الى الحكم؟

وعليه، تجزم المصادر بأن مفاعيل مبادرة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المدوّية لن تتعدى اطار خلط الأوراق وقلب الموازين بمعنى تنشيط الساحة السياسية بحثاً عن الحلول، وتلفت الى أنه طالما أن لا اتفاق على اطار لقانون الانتخاب، فإن حزب الله لن يسير بأية مبادرة لا تأخذ بعين الاعتبار معيار السلة المتكاملة التي طرحها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، بمعنى آخر لا تتضمّن اتفاقاً على قانون الانتخاب بدل الاكتفاء بالاشارة اليه من ضمن عناوين عامة يمكن أن تبقى حبراً على ورق كما اثبتت التجارب التاريخية في لبنان!

وفي السياق، ترى مصادر “النهار” أنه، بعيداً عن التكهنات والتحليلات، ثمة مؤشرات يجب التقاطها من هذا التطور الهام، ابرزها:

أولاً، ان اعلان دعم العماد ميشال عون لا يعني بالضرورة تعبيد طريقه الى بعبدا بالورود، خصوصاً ان الترشيح ما زال بحاجة الى اصوات كتل وازنة في المجلس النيابي، في طليعتها كتلة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، وكتلتيْ رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط.

وتذكّر المصادر بأن الحريري هو اول من قال لعون في السابق بأنه مستعد للسير بترشيحه لرئاسة الجمهورية في حال نجح الأخير بالاتفاق مع جعجع، متسائلةً: هل صحيح أن الحريري بعيد عن اجواء الاتفاق الماروني أم أن الهدف الأساس من مبادرته كان المناورة بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للضغط ضمناً باتجاه المسار الحالي للأمور، خصوصاً أن كلا الفريقين (عون وجعجع) اكّدا بعيْد الاعلان انهما على تنسيق متواصل مع حلفائهما؟!

ثانياً: إن كان الوزير فرنجية قد اعلن استمراره بالترشح في وجه عون، فأي دور يمكن أن يلعبه حزب الكتائب، الذي تحوّل بدوره الى بيضة القبّان مسيحياً؟! واذا كانت مصادر الحزب رفضت الادلاء بأي موقف، فهل سيحسم الموقف في اجتماع الكتائب اليوم (الأربعاء) ليلاقي الاجماع الثنائي المسيحي في خطوة يراد منها الحفاظ على شعبيته وعدم تحمّل وزر تعطيل اجماع تاريخي وصفه البعض بـ المعجزة بعد سنين من الخصومة الدامية؟! أم أنه سيلتزم الصمت ليدلي بموقفه في صندوق الاقتراع في جلسة الانتخاب المنتظرة؟!

ثالثاً: اذا كانت القوّات قد رشّحت الحريري فعلياً لرئاسة الحكومة، وقد أعلنت ذلك رسمياً على لسان رئيس جهاز الاعلام والتواصل ملحم الرياشي امس، فأي موقف سيتخذه الحريري من مبادرة حليفه المسيحي الأول، الذي لم يترك له مبرراً لرفضها؟!

رابعاً: أي موقف سيتخذه حزب الله من معادلة مرور مرشّحه الأقوى في معراب؟ بعد أن مرّ مرشّحه الثاني (فرنجية) من بيت الوسط؟! وهل يعني هذا التطور ارتفاع حظوظ القبول بفرنجية لدى الحزب، على قاعدة أن فرنجية مرشّح المستقبل الذي لم ينقطع الحوار معه يوماً بعكس عون الذي بات مرشّح القوات المرفوضة من قبل الحزب كما يعلم الجميع؟

خامساً: هل يمكن أن تتحول الجلسة الـ 35 لانتخاب الرئيس في 8 شباط الى عرس ديموقراطي بدورها بعد العرس المسيحي في معراب؟ وهل سيسمح حزب الله بتنافس حليفيه على الرئاسة؟ ام سيقول كلمته الفصل وينهي الصراع بترشيح مفاجئ لشخصية ثالثة خفت الحديث عنها مؤخراً، كقائد الجيش العماد جان قهوجي مثلاً؟!

سادساً وأخيراً: تستخلص المصادر بأنه على الرغم من مفاعيل الخرق الذي احدثه ترشيح جعجع لعون، سواء على مستوى تحريك الملف الرئاسي ام على مستوى تحريك الجمود والمراوحة السياسية بصورة عامة، غير أن تأثيره المضاعف يتركّز على الساحة المسيحية. هناك حيث التفاؤل المسيحي عموماً بالتقاء منتظر منذ عقود، وتحديداً منذ ورقة التفاهم بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” وتساؤلات الشارع المسيحي عن جدوى اتفاق عون مع الحزب في ظل عجزه عن التفاهم مع خصومه في الطائفة نفسها، هذا ما جهة.

أما من جهة ثانية، فترى المصادر أن الرابح الأكبر من الزلزال الذي هزّ الساحة السياسية هو حكيم معراب، الذي ادرك أن حظوظه نحو الرئاسة معدومة في المدى المنظور، فاتجه نحو تدعيم مكانته وزعامته مسيحياً من خلال الظهور بثوب المنقذ والمخلص المستعد للتنازل والتنزه عن طموحاته ومطامعه الشخصية لصالح انقاذ الجمهورية وموقع المسيحيين فيها، ليبقى السؤال الأكبر: ماذا سيربح عون من هذا الترشيح اذا كان لن يحقق حلمه بالتربع على عرش الرئاسة الأولى؟!

 

 

النهار الكويتية