الملف الرئاسي أصبح بأمر الواقع مرتبط بالحدث الإقليمي. وقد دخلت إنتخابات رئاسة الجمهورية في نفق مظلم مع تفاقم الخلاف السعودي الإيراني والتشنج في المواقف بين الطرفين بعد إقدام السلطات السعودية على تنفيذ حكم الاعدام بالشيخ نمر باقر النمر. وما أعقبه من إحراق للسفارة السعودية في طهران والهجوم على قنصليتها في مشهد تعبيرا عن غضب الشعب الإيراني على إعدام الشيخ النمر.

فجاء الرد السعودي بقطع العلاقات الدبلوماسية في خطوة حظيت بدعم خليجي وعربي عبرت عنه مواقف الجامعة العربية المستنكرة. ما يعني أن الدول الخليجية وتأتي المملكة العربية السعودية في مقدمتها قد انتقلت من سياسة مسك العصا من وسطها حفاظا على استقرار مجتمعاتها إلى مواجهة التمدد الإيراني.

سيما وأن الولايات المتحدة الأميركية وخلافا لتعهداتها القاضية بضبط التوسع الإيراني والحؤول دون امتداده في المنطقة العربية بعد إنجاز الملف النووي. فإن الادارة الأميركية اعتمدت سياسة التلكؤ في جو من الغموض الذي أثار الكثير من الهواجس والريبة لدى الأنظمة الخليجية. 

إيران لم تكن تتوقع هذا الرد السعودي رغم ما سبقه من مؤشرات واضحة إلى تغيير نمط مواجهة المستجدات انطلق مع عاصفة الحزم.

بما يوحي بأن الزمن الذي كانت فيه المملكة تتردد في المواجهة حفاظا على الاستقرار في المنطقة العربية قد ولى لأن التوغل الإيراني غير المنضبط وغير الملتزم بخطوط حمر او بقواعد اللعبة لم يترك للسعودية اي خيار غير مواجهة التمدد الإيراني وإن كانت هذه المواجهة محكومة بواقع عدم الانجرار إلى حرب عسكرية مباشرة بين الطرفين.  على خلفية هذه التطورات الإقليمية فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية لم يعد واردا في المدى المنظور سيما وأن ورقة الرئاسة باتت في الحسابات الإيرانية لها قيمة كبيرة ولها ثمنها مع حرص الدول الغربية  على التمسك بالحفاظ على استقرار لبنان والذي يؤدي إلى حفظ الأمن في الشمال الإسرائيلي. 

وإيران لا تريد التفريط بهذه الورقة بغض النظر عن شخص المرشح قبل اتضاح الحجم الإقليمي المسموح لها به. والذي لن تتحدد ملامحه قبل وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض في نهاية العام الجاري.

  وفي هذا السياق فقد عبر وزير الداخلية نهاد المشنوق عن هذا الواقع عندما أقر بأن ملء الشغور الرئاسي هو قرار إقليمي ودولي وهو غير متوفر حاليا. وكذلك فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري اعتبر أن هذا القرار متعذر حاليا.  وما يؤكد على أن إنتخابات رئاسة الجمهورية قد دخلت ثلاجة الانتظار هو الدفع الكبير  لتفعيل العمل الحكومي.

والتركيز في جولة الحوار الأخيرة بين حزب الله وتيار المستقبل تمحور حول هذه النقطة بعد أن كان ملء الشغور الرئاسي بنده الأول الذي لن يتم تخطيه قبل إنجازه..