الغيرة والمشاكل والتوتّر غالباً ما تحكم علاقة السلفة بسلفتها. ونلاحظ عادةً في المجتمع السلفةَ الغيور التي تنزعج من سلفةٍ أجمل منها، أو زوجها أغنى من أخيه، أو محبوبة أكثر من قبَل عائلة الزوج. ويمكن أن تكون الغيرة متبادلة بين السَلَفات إلى حدّ توتير أجواء العائلة ككُل. وتتطوّر الغيرة إلى شجار والشجارُ إلى مشكلة مزمِنة لا تُحلّ عادةً بسهولة. تَنعم بعضُ «السلَفات» بحياةٍ يَسودها الهدوء والموَدّة، بينما تجتاح حياةَ أخريات المشاكل. العلاقات المتوتّرة بين «سِلْفتين» يمكن أن تَنشأ نتيجة «القِيل والقال». فقد يتطوّر الخلاف بينهما بسبب نقلِ أهلِ الزوج أو الأقارب أو الجيران كلامَ «سِلْفة» عن أخرى: «قالت عنكِ» أو «قلتِ كذا»، فيما تشَكّل الغيرة بدورها عاملاً أساسياً في اندلاع المشاكل بين السلَفات».

نوعان من الغيرة:

- الصحّية: وليس لها آثار ضارّة على العلاقة

- غير الصحّية: وتدفَع الإنسان الغيور إلى حسَد الآخرين على مقتنياتهم وإلى التخطيط لوضعِ الحواجز أمامهم ومنعِهم من النجاح، أو ببساطة تشويه صورتِهم للفتِ الانتباه نحوَه.

غيرة النساء

الغيرة بين النساء «آفة» منتشرة بكثافة. ويُعتقَد أنّ المرأة وحدَها من يَقدر على كشف غيرة امرأة أخرى منها، لأنّ الغيرة سلوك أنثوي بامتياز. فبالنسبة للرجل، تتلخّص غيرة امرأة من أخرى بملاحظة سلبية ضدّها فحسب.

وتخفي الغيرةُ في طيّاتها انعدامَ ثقة المرأة بنفسِها في الدرجة الأولى. ويمكن للغيرة أن تتحوّل إلى هوَس يدفع الغيورةَ إلى عدم التوقّف عن انتقاد من تغارُ منها، فتسعى إلى التقليل من شأنها وتخترع الأكاذيب لتشويه سمعتها تمهيداً لإخراجها من دائرة الضوء وتحريض المحيط ضدّها.

وغالباً ما تحاول الغيورة في البداية مصادقة المرأة التي تغار منها، فتكون ودودة معها بطريقة مفرطة سعياً إلى كسبِ ثقتها. تَعمل بعدها على محاصرتها وتضييق الخناق عليها. فاقترابُها من فريستها يَسمح لها بمراقبتها لإتقان تقليدِها ولكشفِ نقاطِ ضعفها بهدف فَضحِها في المجتمع والتقليل من شأنها وهزِّ صورتها والتغلّب عليها.

وتقوم الغيورة بتشويه سمعةِ المرأة التي تَحسدها من خلال التحدّث مع أكثر الأشخاص ضعفاً واستعداداً لتصديق الأكاذيب التي ستحيكها والحكايات التي تتناول المحسودة بطريقة سلبية. وقد تَصرف الغيورة طاقةً هائلة لعزلِ المرأة التي تغار منها، ولابتكار استراتيجيات تزعِجها وتؤذيها.

لماذا هذه الكراهية؟

الغيرة التي تسيطر على علاقات عدد من النساء في المجتمع، أكان في العمل أو في العائلة أو في الحبّ، غالباً ما تَظهر جَليّةً في معاملة السلَفات لبعضهنّ البعض بسبب تنافسهنّ على حيازة إعجاب أهل الزوج والعائلة والمجتمع. ويَكمن مصدر الغيرة في قيام السِلْفة الحاسدة دائماً بمقارنة نفسِها بالسِلْفة المحسودة، وبسبب مشاكل نفسية لا تتمكّن المرأة الغيور من تخَطّيها. فهدفُها الوحيد أن تصبح تماماً مثلَ المرأة التي تَحسدها، لأنّها تَحظى بنظرها بالكثير من النجاح.

الغيرة توَلّد النزاع

تبوح ليندا بمشكلتها لـ«الجمهورية»، فهي معَلّمة في إحدى المدارس ولا تهتمّ سوى لعملها وأسرتِها، ولكن يبدو أنّ سِلْفتها التي تسكن البناية نفسَها تسَبّب لها الغيظَ والقلق. فهي تَغار منها، وتترقّب ماذا ترتدي ليندا كلَّ يوم لتشتريَ ثياباً مماثلة، وإذا ما سافرَت مع زوجها في رحلةِ استجمام تقَلّدها في الشهر التالي. وهكذا دواليك، فهي لا تنفكّ تنسَخ تصرّفاتها وتَبغي الحصول على مقتنياتها يومياً.

وتشير ليندا منزعجة: «أنا لا أهتمّ لِما تفعله ولا أبالي حتّى بغيرتها وبمحاولتها فعلَ أيّ شيء أقوم به، ولكنّ غيرتها تتطوّر إلى افتعالها المشاكلَ معي»، موضحةً: «هي تَسكن الطابقَ العلويّ ما يتيح لها إمكانية رمي الماء من شرفتِها بعشوائية بعدما أقوم بنشرِ الغسيل، فتبَلّل عمداً الملابسَ التي أكون قد غسَلتها، وهي وقحة إلى حدّ أنّها تتحجّج بعدم انتباهها وبأنّها كانت تنَظّف شرفتَها ولم تنتبه إلى غسيلي».

الزوج «يَطفش»

الغيرة التي تولَد داخل المرأة من سِلْفتها تكون خطيرة للغاية إذا ما تخطّت الحدود المقبولة، وقد تتسَبّب بالمشاكل بينها وبين زوجها وليس فقط بينها وبين السِلْفة التي تغار منها.

ويروي طوني لـ«الجمهورية»، وهو موظّف مبيعات في القطاع الخاص، أنّ زوجته تغار غيرةً عمياء من زوجة أخيه، «فإذا اشترى أخي سيارة جديدة لزوجته، تبدأ زوجتي بالضغط عليّ لأشتري لها سيارة جديدة». «وهي لا تنفكّ تقارن حياتنا ومستوانا الاجتماعي في المنزل بحياة أخي وزوجته: أنظُر إلى أخيك وإلى ما يقدّمه لزوجته».

ويؤكّد طوني متوتّراً: «زوجتي قبلَت بي وبوضعي قبل أن نتزوج، وأنا لا أملك ما يملكه أخي من إمكانات، فأعمالُه مزدهرة وتدرّ عليه المالَ الوفير. وهي لم تكشف لي يوماً قبل ارتباطنا عن غيرةٍ مِن الآخرين أو عن حبّ للمادّيات قد يصل إلى تهديد علاقتنا بالدمار. فأنا لم أعُد أتحمّل هذا الوضع وتَنشب الكثير من المشاكل بيننا بسبب غيرتِها تلك».

الحدود والاحترام والثقة بالنفس

تَجَنُّبُ المرأة للغيرة من سلفاتها وابتعادُها عن المشاكل معهنّ، يساعد على استقرار حياتها الزوجية والعائلية والنفسية. لذا مِن المهمّ أن تعتني كلّ سيّدة بشؤونها وبأمور منزلها بدلَ تضييع وقتها بالانشغال بحياة الآخرين عموماً وبحياة سلفاتها خصوصاً.

وينصَح الخبَراء المرأةَ بأن تكون تصرّفاتها ومتطلّباتها في إطار بيتها وحياتها نابعةً عنها، وليست ردّةَ فعل على ما تقوله وتفعَله سلفتُها. وعند زيارة منزل أخ الزوج عليها احترام خصوصية هذا البيت وعدم التنقّل فيه بحرّية، لأنّ وضع الحدود يحافظ على هذه العلاقة ويفيد استقرارَها.

وفي حال حدوث أيّ مشكلة بين سلفتين، على كلّ واحدة منهنّ عدم تصعيد الموقف أو إقحام الزوج في هذا الشأن، بل من المهمّ التعامل بصبر وحكمة مع سوء التفاهم أو الإشكال، لأنّ هذه العلاقات العائلية طويلة الأمد ولا تُنصَح المرأة أبداً بالاستهانة بها.