24 دقيقة أطلق فيها ميشال حايك توقعاته السنوية عن لبنان والمنطقة والعالم أدّت إلى جلبة وضجيج سياسي وإعلامي منه ما ظهر إلى العلن عبر الجدل الواسع الذي أثاره عن "تمرّد وتمرّد" وزير التربية الياس أبو صعب ما دفع بالأخير إلى إصدار بيان توضيحي، ومنه ما بقي خفيّا على الجمهور.  

  وكعادته، يطلق حايك ما "شعر به" عبر موهبة خارقة رافقته منذ صغره، من دون أن يكثر من التكهّنات وتفسير "رؤياه"، ويقفل عائدا الى منزله لينام بهدوء.  

لكنّ توقعاته هذه السنة، أحدثت ضجّة على أكثر من مستوى سياسي محلّي وإقليمي، كونها حملت في طيّاتها ألغازا عدّة، وهي استكملت في جزء منها توقعات أطلقها السنة الماضية وخصوصا في ما يتعلق برئاسة الجمهورية، إذ كرر حايك أن صورة رئاسة الجمهورية هي نفسها: يوجد رئيسان وليس رئيس، لأنّ الأول لا يكفي، وأضيف على الصورة الثابتة: الرئيس الأول ليس توافقياً ولا غير توافقي، بل هو امتصاص لأزمة مرحلية.  

وأردف: "عقدة عون تصبح عقدتين قبل أن تحلّ، وسليمان فرنجية لن يكون عقدة هو حلّ (...)" وفي الموضوع الرئاسي قال حايك أيضا بأنّ "حزب الله سيصوغ موقفا جديدا يوفِق فيه بين تيارين وثمة علامة استفهام حول احتساب سنوات الشغور الرئاسي". ولفت إلى أنّ " مقطعاً من خطاب القسم لن يكون خالياً من دمعة".

وأشار إلى أن الكلمة الفصل في الإنتخابات الرئاسية لن تكون للخارج أو للداخل بل "للقضاء والقدر الذي سيكون الناخب الأكبر".  

وأحدث حايك موجة تساؤلات في توقعاته التي طاولت "حزب الله"، واللواء عباس ابراهيم، وليلى الصلح وجبران باسيل وأحمد الحريري ومارسيل خليفة والسفارات الروسية والسعودية والفرنسية إلى الكثير مما لا مجال لذكره.   بالأمس، وضّب حايك حقائبه وغادر لبنان، كما هي عادته في كلّ سنة، حيث لا يعود إلى البلد إلا نادراً، في حال استجدّت رؤى جديدة "شعر" بأنّ عليه أن يعلنها.  

يقول حايك كلمته ثمّ يمشي، غير آبه بما تحدثه من جلبة، واللافت أنه لا يتابع تداعياتها إلا إذا دقّت بابه، ولا يتابع أيضا "المنافسة" بين منجمين وفلكيين ومبصرين يطلقون مئات التوقعات، فهو منذ بداياته لا يعتبر نفسه ضمن دائرة هؤلاء: إنه ميشال حايك وكفى.   في هذه السنة، قدّم جردة سريعة من حوالي 90 توقعاً صحّت بغالبيتها في غضون السنة والنصف الماضية التي تدور عادة فيها التوقعات.

ولعلّ أبرز ما سجّله من توقعات العام الماضي قوله بأنه سيحدث كشف لمخطط يهدف لعمل تخريبي في لبنان فيه كلمة "برج" وكانت الصورة غير واضحة لديه... وهذا ما يعيد الى الأذهان انفجار برج البراجنة الإرهابي الذي أودى بالمئات من اللبنانيين الأبرياء.

وتحدث عن "انفجار شعبي لن يرحم الوزراء والنواب" في إشارة الى الحراك المدني الذي انطلق في لبنان بسبب أزمة النفايات، وتوقع آخر قال فيه أن "تمثال يسوع الملك" سيشدّ إليه الأنظار بسبب حديث يطاله، فكان تصريح ناريّ في بحر السنة للنائب خالد الضاهر يدعو فيه الى إزالة الشعائر الدينية ومنها تمثال يسوع الملك.

  ثمّ توقع بأن يتمّ طلي طائرة في مطار بيروت بمعالم لبنانية، فجاء عيد طيران الشرق الأوسط الـ70 وطلاً رئيس مجلس إدارتها محمّد الحوت إحدى الطائرات بألوان العلم اللبناني.

  وتطرّق إلى حلّ ملفّ العسكريين اللبنانيين المخطوفين جزئياً قائلاً أن الملفّ سيعود إلى الواجهة عبر مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، في حين أن بداية السنة الماضية شهدت محاولات عدّة من "طباخين" محليين لسحب التفاوض في الملف من يد ابراهيم وصحّ توقعه وأطلق هؤلاء في الشهر الماضي.

ومن توقعاته أيضا ما قاله عن معارك "سوكلين" ومشكلة النفايات (توقعها عام 2014 عن 2015) والمعركة في "أوجيرو" مع عبد المنعم يوسف.   وتحدّث عن اندلاع حرب جديدة في اليمن، وعن لملمة باريس لجراحها مرارا.

  يقول حايك ما لديه ويغادر، لا يعلّق ولا يردّ ولا يعطي مقابلات، نجح منذ أعوام في خلق "إطار خاص" به بات يشبه "الهالة". يغادر لبنان طيلة أيام السنة ليجوب العالم متعمّقا في "الماورائيات" التي تختلف من حضارة إلى أخرى: من حضارة المايا، إلى البرازيل، فأميركا فروسيا وفرنسا والصين وسواها من البلدان.  

في هذه السنة تفاعل الوسط السياسي كعادته مع توقعاته، في دائرته الضيقة أخبار كثيرة لكنّها ممنوعة على الإعلام، لكنّ المناخ العام الذي ظهّره يشير إلى أن لبنان سيعود إلى "دائرة الحياة" على رغم الخطر الذي يحوط بشخصيات عدّة، لكنّ أيّ أصولية دينية لن تجد لها أرضاً خصبة في لبنان لأنها ستتواجه بمقاومة عسكرية وشعبية جارفة.  

بعض توقعاته أفرحت التجار ومنها أنّ منطقة "سوليدير" ستعود إلى الحياة بعد لعنة، وبعضها تلقفها الفنانون بعد قوله أن "تسونامي فني لبناني سيغزو العالم"، وبعضها وضع علامات استفهام لدى بعض الأحزاب والدول والشخصيات الرفيعة.   لكنّ أكثر ما فاجأ حايك - بحسب الدائرة الضيقة حوله- بل شكّل له "صدمة" هي "الشعبية" التي نالها توقعه حول أوسكار، الكلب الذي يقتنيه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بحيث قال أنه "سيكون الحدث والقضية".

وفي اليوم التالي انهالت على حايك الإتصالات من كلّ حدب وصوب لتطمئّن على مصير أوسكار!

لبنان 24