رأت أوساط واسعة الاطلاع في بيروت لصحيفة “الراي” الكويتية ان “أضرار العاصفة الديبلوماسية ـ السياسية بين طهران والرياض التي تهبّ على لبنان لم تعد خافية، وأكثرها وضوحاً إنهيار المساعي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وصعود مستوى التشنج السياسي، الأمر الذي من شأنه ترْك البلاد على كف المجهول”.

وبدت هذه الأوساط حاسمة في القول إن “الاستحقاق الرئاسي مرشح للدخول في “غياهب النسيان” تحت وطأة احتدام المواجهة الاقليمية المفتوحة على مزيد من الكباش، رأت انه رغم الضوضاء السياسية فإن “ستاتيكو” الانتظار في لبنان سيبقى على حاله”.

وألمحت الى ان “التوتر السعودي ـ الايراني لن يبدّل من قواعد اللعبة في بيروت مهما بلغ الضجيج الكلامي من حدة بين حلفاء الطرفين، اذ لا مصلحة لأحد في انفلات الأمور، وانضمام لبنان تالياً الى “نادي” الدول المشتعلة في المنطقة”.

وعاودت هذه الأوساط تأكيد ان “حزب الله الذي يقاتل في غير ساحة اقليمية يحتاج الى استقرار نسبي في لبنان لـ”حماية ظهره”، فهو ليس في وارد فتح جبهات أخرى حتى مع اسرائيل لان معركته الاستراتيجية الأهمّ الآن هي في سوريا”.

وأشارت الى ان “تيار المستقبل لا مصلحة له في اي فوضى داخلية، ويحاول بـ”اللحم الحي” تَجرُّع سياسية “ربْط النزاع” مع “حزب الله” وفي الوقت نفسه لعْب دور “رأس الحربة” في مواجهة رياح التطرف التي تهبّ على بيئته نتيجة انفجار الصراع المذهبي في المنطقة”. وبهذا المعنى فإن “الكوابح التي أمْلت التعايش الاضطراري بين “حزب الله” و”تيار المستقبل” في حكومةٍ واحدة لضبط ايقاع الصراع الداخلي وإدارة أزمة الفراغ الرئاسي المديد، بأقلّ أثمان ممكنة ما زالت قائمة رغم ضراوة المواجهة الإيرانية ـ السعودية”.

وكشفت أوساط بارزة في 8 و 14 آذار لـ”الراي” ان “الحوار القائم برعاية رئيس البرلمان نبيه بري لن يتأثر بالمنخفض الساخن الذي يهبّ على لبنان، وربما يصبح أكثر الحاحاً على المستوييْن الوطني او الثنائي بمعزل عن تداعيات الكلام الكبير الذي يقال على المنابر”.

وفُهم من اوساط بارزة في 8 آذار ان “حزب الله الذي قال ما أراد قوله في شأن الموقف من السعودية، يحرص على الاستمرار في الحوار مع “تيار المستقبل” اذا لم يتعرّض الأخير لضغوط تجعله يغادر الحوار”.

وإذ عبّرت اوساط في 14 آذار عن “الرغبة في الاستمرار بسياسة «الاحتواء»، عبر الحوار كأفضل الطرق لمنع تفاقم الصراع وانفلاته، اكدت بدورها الحرص على مواصلة هذا الحوار على مستوييْه الجماعي والثنائي”. وتتقاطع هذه القراءة مع تقديرات لدوائر مراقبة في بيروت رأت ان “ما يجري بين ايران والسعودية الآن لا يعدو كونه سقوطاً لـ”القفازات الحريرية” التي كانت تخفي الضراوة التي يشهد عليها يومياً اليمن وسورية وحقول الألغام المتفجرة على نحو تصاعدي في العلاقة بين الطرفين”.

ولفتت هذه الدوائر الى ان “مَن يدقق في المدى الذي بلغته المواجهة بين المحوريْن الاقليمييْن ربما لا يُفاجأ بالتطورات الأخيرة التي أوحت بـ”حرْق المراكب” بينهما، ولعلّ سجلّ الاتهامات المتبادلة بين الطرفين يعكس حجم العداء ورأس جبله المخفي”.

ورغم هذه اللوحة القاتمة، فان “المحك الأهم في لبنان يبقى الاستقرار الأمني الهشّ مع شبه التسليم من الجميع بأن اي تسوية سياسية صارت “خارج الخدمة” الى أجَل غير مسمى ويصعب تالياً التكهن بما سيكون عليه اي حلّ في المستقبل”.

وأوحت الأجواء في بيروت بـ”مخاوف أمنية فعلية لانه غالباً ما «تغيّم في الخارج فتشتّي في لبنان»، في اشارة الى خطر حصول انفجارات واغتيالات نتيجة الاحتقان الاقليمي المتعاظم والذي يلقي بشبحه على الوقائع اللبنانية”.

ولم تستبعد مصادر سياسية بارزة تماماً “حصول تفجيرات من النوع الذي يتسلل الى لبنان بين الحين والآخر، لكنها بدت أقلّ قلقاً من إمكان وقوع اغتيالات من شأنها خلْط الأوراق او قلب الطاولة عبر استهداف شخصيات مؤثّرة غالباً ما تفرض على نفسها نظام تحوّط شديداً”.