تستمر تفاعلات قضية تنفيذ المملكة العربية السعودية حكم الإعدام بالشيخ نمر باقر النمر، في المواقف – المؤيدة أو المنتقدة – كما في تحليل استشراف التداعيات المحتملة، وفيما رأى بعض الكتاب أن قضية النمر لا علاقة لها بالحرية ولا بحقوق الإنسان، إنما الأمر هو ملف الإرهاب والتعدي على الدولة، تنبأ آخرون بتداعيات سلبية جداً على السعودية نتيجة لما حصل.

 

فبحسب الكاتب السعودي أحمد عدنان فإن "السعودية أعدمت 47 إرهابيا، من بينهم 2 من الشيعة والبقية من السلفيين، فثارت ثائرة إيران"، لافتاً إلى أن "سبب إعدام نمر النمر ليس تهجمه على وزير الداخلية الأسبق الأمير نايف بن عبدالعزيز. فعبدالله الحامد فعل الشيء ذاته ولم يعدم، كما أن علاقة آل النمر بالأسرة الملكية، بل وبوزارة الداخلية تحديدا، أكثر من وطيدة، وبالتالي ليس هناك مجال للشخصنة. ولم يعدم النمر بسبب دفاعه عن حقوق الشيعة أو نقد مؤسسة الحكم، أغلب السعوديين، سنة وشيعة، يفعلون ذلك كل يوم".

وبحسب عدنان فقد "أعدم نمر النمر لسببين: الأول هو عمالته لإيران، والثاني هو تكوينه لميليشيا: معتبرا، ودائماً بحسب الكاتب نفسه، أن "مشروع العمالة والميليشيا بدأ بخطاب جاذب: في لبنان مقاومة إسرائيل، وفي اليمن الثورة على الحرمان، وفي السعودية تحدث النمر عن مظالم السعوديين عامة، وحقوق الشيعة خاصة. كان ذلك غطاء ومقدمة للمشروع الميليشيوي الذي بدأ فعلا. كان رجال الأمن في الشوارع موضوع استهداف لميليشيا النمر، بل إن القبض عليه احتاج معركة دامية بعد أشهر طوال من الاختباء والتمرد".

ويضيف: "لا يعقل أن يكون انتماء الفرد إلى طائفة معينة درعا أمام القانون، ولا يعقل أن يكون للإرهاب مذهب أو طائفة. هذا ما طبقته السلطات السعودية، حين استهدف الدواعش مساجد وحسينيات شيعية تم القبض عليهم وتقديمهم للقضاء، والإعدام مصيرهم عاجلا أو آجلا. وهذا نموذج لتصدي الدولة للإرهاب السلفي إضافة إلى إعدام الإرهابيين السلفيين الذين طبقت عليهم العقوبة مع النمر ممثل الإرهاب الشيعي، كان منهم فارس آل شويل أحد رموز تنظيم القاعدة التي استهدفت في المملكة السعوديين والأجانب ومؤسسات الدولة والسنة والشيعة على السواء"، مشيراً إلى أن "السلطات السعودية شنّت حربا لا هوادة فيها على القاعدة وداعش، وهي لن ترحم الإرهاب الإيراني المنتسب زورا إلى الشيعة، ولن يطالبها أي وطني بالتقاعس مع هؤلاء أو أولئك، ولو تهاونت أو فرقت بين إرهاب وإرهاب لن يحترمها أحد"، ومؤكداً أنه "لو تم التعامل بدلال مع ظاهرة النمر لذابت هيبة الدولة، ولوجدت السعودية أن حربها على الميليشيات الإيرانية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان أصبحت داخل البيت السعودي، وبعد أن كانت المشكلة نسخة من نمر النمر سنستيقظ على المئات من أشباهه".

وفي سياق متصل، يقول عدنان: "لا أحب الاختباء خلف الأصابع. هناك من اعتقلوا تعسفيا في المملكة بسبب ممارسة حقهم في التعبير عن الرأي أو بسبب نشاط حقوقي، وأنا أطالب بإطلاق سراحهم جميعا. وهناك مشكلة في ملف المواطنة سعوديا، وأنا اطالب بحلها سريعا وجذريا، لكن ما أنا متأكد منه أن قضية النمر لا علاقة لها بالحرية ولا بحقوق الإنسان ولا بالمواطنة. إنما الأمر هنا هو ملف الإرهاب والتعدي على الدولة، لو كانت إيران حريصة على الشيعة السعوديين لتحدثت مثلا عن الشاعر عادل اللباد أو لتطرقت إلى الكاتب نذير الماجد الذي اعتقل سابقا، لكنها لا تهتم بغير عملائها"، ويشير إلى أن "الصراخ الإيراني على إعدام النمر لابد من ربطه مع حلقات عدة: غضب إيران على التحالف الإسلامي الذي أعلنته المملكة ضد الإرهاب، ولجوء قيادات من تنظيم القاعدة في إيران، حصرية قتال الحرس الثوري الإيراني وحزب الله ضد المعارضة السورية وليس ضد داعش في سوريا، تمرد الحوثيين على الدولة اليمنية، تأسيس الحشد الشعبي في العراق لإبادة السنة، حالة إسحاق الزكزاكي في نيجيريا، كلها سلسلة تؤكد ارتباط إيران والإرهاب بنسيج واحد".

"كيهان" تتنبأ بالأسوأ في المملكة

في المقابل، اشارت صحيفة "كيهان" الايرانية المقربة من المرشد علي خامنئي الى ان "السلطات السعودية وبضوء أخضر من اميركا واسرائيل اقدمت على اعدام الشيخ نمر باقر النمر، متوقعة ان تؤدي هذه المغبة الى اثارة احتجاجات واسعة وانهيار النظام الملكي نهائيا".

ولفتت الصحيفة الايرانية الى ان السعودية تعيش فترة عصيبة للغاية منذ تولي الملك سلمان سدة الحكم وتفويض محمد بن سلمان ادارة البلاد فعلاً، بسبب ابتعادها عن "التعقل" في سياستها الخارجية، مشيرة الى ان اخفاقات السعودية في المشهد اليمني مهدت الطريق لاستمرار اعتماد السياسات غير العقلانية من قبل حكام السعودية، ومنها تنفيذ حكم اعدام الشيخ النمر.

وتابعت الصحيفة، بحسب وكالة "مهر" الايرانية، ان السعودية تحاول تبرير خيبتها في المشهد اليمني وحرف الانظار عن تداعيات هذه الحرب العبثية من خلال اعدام الشيخ النمر وقمع الشيعة، معتبرة ان المسؤولين السعوديين لا يتجرأون على مثل هذه الجريمة الا بعد اخذ الضوء الاخضر من اميركا واسرائيل، لأن النظام السعودي ليس الا اداة بيد القوى الغربية في المنطقة وتعمل بالوكالة عنها

علّة الطائفية

توازياً، رأى الكاتب المصري محمد سيف الدولة أن "تنفيذ أحكام الإعدام بالجملة عمل بربري، ويزيد من اشتعال الفتنة والحروب الطائفية فى المنطقة، لكن الادانة الإيرانية لإعدام الشيخ النمر فقط دونا عن باقى الـ 47 ضحية، لا يقل طائفية، فمن حق ايران ان تمثل الإيرانيين فقط وتدافع انهم، ولكن ليس من حقها ان تتحدث باسم الشيعة العرب او الشيعة فى العالم، لان لهؤلاء بلاد وشعوب ينتمون اليها وستدافع عنهم ان عاجلا او آجلا ضد ظلم واستبداد حكامهم". وقال: "من يريد الدفاع عن حقوق البشر فليدافع عن الكل ولا يفرق بين الناس على أساس الدين او المذهب او الطائفة، وإلا فليصمت".

 

لبنان24