أهم ما بدأت به سنة 2016 أنها أراحت أعصاب اللبنانيين من أخبار أهل السياسة. فلا استقبالات ولا تصريحات ولا مواعيد ولا لقاءات علنية أو سرّية. الجميع في إجازة.

 

فإذا أردت أن تطلب وزيراً أو نائباً أو أي مسؤول لمعايدته بمناسبة الأعياد فإنك لن توفّق، لأن الذي يردّ على مكالمتك يكون عادة مدّبرة المنزل، وتقول لك بعربية مكسّرة: مستر مش هون. مسافر هوليداي!

عند جدّ الله يعطيهم العافية. الشباب تعبوا من كثرة الشغل ليلاً ونهاراً. فالوزراء ولشدّة إنتاجيتهم ولكثرة القرارات والتدابير التي اتخذوها في جلسات ماراتونية لمجلس الوزراء يستأهلون أكثر من إجازة.

وكذلك نواب الأمّة الممدون لأنفسهم ذهبوا إلى الخارج للترويح عن النفس ولكي يريحوا أعصابهم، لأن جلسة يتيمة للهيئة العامة لمجلس النواب أتعبتهم وباتوا في حاجة إلى قسط من الراحة. والله يعطيهم العافية.

وبغض النظر عن حقّ كل إنسان، مسؤولاً كان أم مواطناً عادياً، بالراحة وبالاستمتاع بالإجازات والفرص، ثمة إيجابية لا بدّ من تسجيلها، وهي أن البلاد التي تعيش حال فراغ على كل المستويات، من رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب إلى الحكومة، لم يشعر المواطنون فيها أنه بغياب وزير أو نائب أو أكثر عن الساحة قد تغير شيء في واقع الأمر. فأمور الناس ماشية فيهم وبلاهم. لا فرق إن هم غابوا عن السمع في فترة الأعياد، وهم في الأساس غائبون عن هموم الناس، ومستمرون في تعطيل مصالحهم، أو لم يغيبوا.

لن أبدأ سنتي بالنقّ، إذ أمامنا 365 يوماً لهذه المهمة، ولكن هذا المشهد الغيابي استفزني، وإن كان فيه بعض من راحة، خصوصاً أن التعميم في هذا المجال قد يكون مجحفاً. فالقوى الأمنية التي وصلت نهارها بليلها لكي يستطيع المواطنون أن يعيدّوا براحة بال وطمأنينة وبأقل حوادث سير ممكنة، وهم الذين سارعوا لإنقاذ المئات الذين علقوا في ثلوج "فلاديمير"، من الواجب ألّا يصنفوا في خانة الغياب، بل من الواجب أن توجّه إليهم التهاني، إذ يكفي أنهم الوحيدون مع متطوعي الصليب الأحمر ورجال الدفاع المدني والاطفائية كانوا في الطرقات بعيدين عن عيالهم بينما كان الآخرون يقضون أجمل الآوقات.

فبمزيد من الغياب والفراغ والشغور ننتظر عودتهم الميمونة فقط لكي نقوم بواجب المعايدة لا أكثر ولا أقلّ!

(أندريه قصاص)