تقترب الثورة السورية من عامها الخامس، ومنذ أن اشتعلت شرارتها فى السادس والعشرين من فبراير/شباط 2011 بمدينة درعا، لم تتوقف سيول الدماء التى ما زالت تنزف من الشعب السورى "المكلوم"، حقا فهو أصبح يتيمًا، فلا تجد أسرة واحدة إلا وفقدت فردًا من أحبائها.

فى مثل هذا الأيام من عام 2014 تساءلت: "هل سيهدي بابا نويل أطفال سوريا الألعاب فى العام الجديد 2015.. أم أن مشاهد القذائف وسماع أصوات المقاتلات الحربية فى السماء هي ما تتبقى لهم، وهم يلهون بكرات الثلج فى المخيمات، ولن ينتظروا هدايا "سانتا كلوز"؟

حذرت ذلك الرجل العجوز ذا اللحية البيضاء والملابس الحمراء، من الذهاب إلى سوريا والعراق العام الماضي، وقلت له ناصحًا: "عذرًا بابا نويل طريقكُ إلى هناك مسدودٌ.. مسدود".

وبينت له أيضًا، أن بشار الأسد يلقي البراميل المتفجرة منذ 4 سنوات على رؤوس شعبه ليبقى فى السلطة، كشفت له أن هناك سيوفًا تستخدمها جماعات لإقامة دولة إسلامية! قلت له: "إن ذهبت ستجد بشار وشبيحته، وأبو بكر ودواعشيته، فيكون مصيرك إما أن يأكل الأسد "الأيائل" منك، أو يسرق "البغدادى" كيس الهدايا من مزلاجاتك السحرية".

هذا العام الدامى اختلف الأمر، واشتد الصراع ولاحت فى الأفق حرب عالمية ثالثة، وأصبحت بلاد الشام مسرحًا لاستعراض القوة العسكرية للدول، والسوق الأكبر لتجارة الأسلحة ومصدرًا للنفط الذى يشترونه بثمنٍ بخس، دولارات معدودة وكانوا فيه من الطامعين!

صاحب "اللحية البيضاء"، أعلم أن أطفال سوريا، منهم من غرق في البحر الأبيض المتوسط، أقصد "القبر الأبيض المتوسط"، أثناء رحلة هروبه من الموت فى بلادنا قاصدًا بلادكم الخضراء، ومنهم من أُسْقِطَ عليه برميلًا متفجرًا فقُتل، ومنهم من قصفته طائرات (السوخوى) فهَلك، وآخر دمرته طائرة من طراز (إف - 16) فصعدت روحه إلى السماء، ومنهم من أصيب بطلق ناري فتوفي متأثرًا بجراحه، ومنهم من تناثرت أشلاؤه فى تفجير سيارة مفخخة تابعها حزام ناسف، والبقية ماتوا جوعًا بسبب الحصار المفروض عليهم.

عزيزي "بابا نويل" لم يبقَ من أطفال سوريا إلا المعاقون والمصابون، فلن تنفعهم ألعابك وهداياك، فمن يعيش منهم الآن لا يستطيع اللعب ولا يتذوق الفرح، إما حزنًا على فراق أمه أو أبيه أو حتى صاحبه وأخيه، وإما الصغير اليتيم الجريح فقد يده ولا يستطيع أن يمسك كيس الهدايا المليء بكل ما هو جميل ومميز فلن يشعر بالفرحة والسعادة لقدومك، إن استطعت أن تصل إلى هناك! لكني على يقين أنك لن تنظر إلى الشرق الأوسط الدامى الذى يأكل بعضه بعضاً.

في كل عام تصعد إلى الأعلى لتقرع أجراس الكنائس فى أعياد الميلاد، ثم تأمر "الأيائل" بالتجول فى العالم السعيد، من المشرق إلى المغرب، وكانت "الأقزام" تساعدك على الهبوط من مداخن مدافئ المنازل لتترك الهدايا والألعاب للأطفال، ويأتي الصباح المشمس بعام جديد وسعيد.. أدعوكم أن تكون احتفالاتكم صامتة هذا العام فى الغرب فمشرقنا الدامي حزين على أطفاله وبلاده التى دمرتها الحروب والصراعات والتجارب العسكرية!

 

(هافينغتون بوست)