برغم أن رئيس كتلة "المستقبل" النيابية فؤاد السنيورة لم يكن متحمساً، على الأرجح، لمبادرة الرئيس سعد الحريري الى اقتراح اسم النائب سليمان فرنجية لتولي رئاسة الجمهورية، إلا أن زواره يلمسون أنه يحاول، ولو بصعوبة، أن يستحضر كل الحجج الممكنة للدفاع عن هذه المبادرة ولإقناع نفسه والآخرين بها، بعدما أصبحت تعبّر عن "خيار حريري" و "إرادة ملكية".

ويتوقف الرئيس السنيورة، وفق زواره، عند مرور 19 شهرا وأربعة أيام على الشغور الرئاسي بسبب نظرية "الرئيس القوي"، ملاحظا أن ستة رؤساء للجمهورية وصلوا الى قصر بعبدا تحت شعار "العضلات السياسية المفتولة"، فكيف انتهت عهودهم؟

ويتابع: لقد أفسدنا عقول الناس بمقولة الرئيس القوي، وانتهى الامر الى حصر الخيار بالأقطاب الموارنة الأربعة، بدل ان نوسّع بيكار الاحتمالات ونسعى الى اختيار الرئيس القوي بعقلانيته وحكمته، المتبصر بالأمور، والقادر على جمع اللبنانيين انطلاقا من أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن وليس رئيس طائفة ورمزها، داعيا الموارنة الى الخروج من هاجس الأعداد والأحجام، وتأدية الدور - القائد في لبنان والمنطقة.

ويعتبر أن سوء إدارة الملف الرئاسي أدى الى إقفال الأفق، وبالتالي كان لزاماً علينا أن نختار من بين المرشحين الأربعة المعروفين، فكان الطرح القائل بانتخاب فرنجية للرئاسة، مؤكدا ان هذا الطرح لم ينته، والرئيس سعد الحريري جدي ومتمسك به، "ونحن إذا كنا نتفهم موقف القوات اللبنانية فإننا في الوقت ذاته لا نجاريه، خصوصا انه ليس لدى المعترضين أي بدائل عملية".

ويكشف السنيورة عن أن مبادرة ترشيح فرنجية ما كانت لتتم من دون تفاهم سعودي - ايراني غير مباشر، موضحا انه جرى إقناع الأميركيين والأوروبيين بها، وليسوا هم أصحابها، ولافتا الانتباه الى ان تخفيف اندفاعتها لاحقا مرتبط بكون طهران عادت واستخدمت المكابح وفرملت تجاوبها مع المبادرة، لأسباب تتعلق بالوضع السوري وبالعلاقة مع السعودية، إضافة الى أن هناك اعتبارات داخلية مؤثرة تمثلت في مواقف العماد ميشال عون وسمير جعجع وأمين الجميل.

ويجزم بأن كل خطوة خطاها فرنجية منذ أن بدأ التداول باسمه في الكواليس وصولا الى المراحل اللاحقة، إنما تمت بمعرفة السيد حسن نصرالله. ويبرر السنيورة مبادرة تيار "المستقبل" الى اقتراح اسم فرنجية للرئاسة بالقول انها محاولة لتجنب الأسوأ ولتحصين لبنان في مواجهته. ولماذا قررتم دعم ترشيح فرنجية وليس العماد ميشال عون، علما ان من يقبل بالأول يمكنه ان يقبل بالثاني؟

يوضح السنيورة، وفق زواره، أن هناك ثلاثة أسباب تقف خلف تفضيل رئيس تيار "المردة" على الجنرال، وهي:

- ان عون لا يزال ينطلق في جوهر سياساته من مبدأ رفض اتفاق الطائف، بينما فرنجية يتموضع تحت سقف الطائف.

- ان عون هو من أشد المتحمسبن للقانون الانتخابي "الارثوذكسي" الذي يضرب أسس العيش المشترك والنظام اللبناني، في حين أن فرنجية وضع يداً في هذا المشروع ثم سحبها.

- ان عون لم يقدم في الوزارات التي تولاها تياره نموذجا صالحا، وملفا "الكهرباء" و "الاتصالات" هما من بين أبرز الامثلة على ذلك، فيما قدم فرنجية نموذجا إيجابيا مضادا عكسه بسام يمين في "الطاقة" وروني عريجي في "الثقافة".. وحتى تجربة فرنجية نفسه في "الداخلية" كانت جيدة.

ويرى السنيورة أن عون حطم كل شيء، «ولا توجد أرضية مشتركة يمكن أن نقف وإياه عليها"، ملاحظا ان الجنرال استطاع بسلوكه أن يحرج جميع الموارنة وأن يلزمهم بسقف وأجندة محددين، بعدما نجح في تعبئة الشارع المسيحي، "وحتى ورقة إعلان النيات بين التيار الحر والقوات اللبنانية تندرج ضمن الإذعان لمنطق عون".

ويشدد على أن المرشح الوحيد لدى "المستقبل" لرئاسة الحكومة في المرحلة المقبلة هو الرئيس سعد الحريري، مؤكدا "التمسك بحلفائنا في 14 آذار الذين لا نريد أن نغادرهم، وقد انطوى حضور سمير جعجع الى مسجد الأمين في ذكرى استشهاد الوزير محمد شطح على رسالة واضحة في هذا المجال، ونحن نؤكد أن 14 آذار تتسع للاختلاف وليس للخلاف".

ويؤكد السنيورة، كما ينقل عنه زواره، أن «حزب الله ليس عدواً لنا، وإن نكن نختلف معه حول أمور أساسية"، لافتا الانتباه الى ان انحراف بوصلة الحزب لا يعني أنه أصبح عدواً. ويضيف: البعض عاتبنا على قبولنا بالحوار مع الحزب.. ولكن لماذا لا نحاوره؟ إذا كان مقبولا ان تحصل مفاوضات بين الأعداء لصناعة السلام، فمن الأولى ان ننفتح على شركائنا في الوطن، ولو اننا في موقع الخصومة السياسية.

وتعليقا على الحملة التي يشنها النائب وليد جنبلاط على عبد المنعم يوسف، ينقل زوار السنيورة عنه قوله: سبب الحملة هو ان المطلوب من يوسف أن يسأل خاطر البيك، لكنه لم يسأل خاطره.. لقد رُفعت 127 دعوى على يوسف ولم يمسكوا عليه شيئا، ولعل أخطر ما يواجه الادارة اللبنانية هو منطق الاستتباع.

ومن خارج ضغط اليوميات السياسية، يشير السنيورة الى أنه عندما سقطت العروبة، طفت على السطح الهويات المذهبية والطائفية، مشددا على ضرورة استعادة العروبة المستنيرة التي تتسع لكل الهويات. كما يؤكد وجوب اعتماد الإصلاح الديني لمواجهة التطرف، والتمسك بمكافحة الفساد لبناء الدولة.

(السفير)