تراجعت إيران عن مساندة اتفاق قوى مدعومة من جهتها في لبنان على انتخاب النائب في البرلمان سليمان فرنجية بعدما أدركت أنها لم تعد كما كانت في السابق المحرك الأساسي للأحداث في سوريا.

 

ووصلت إيران مؤخرا على ما يبدو إلى قناعة بأنها خسرت الكثير من نفوذها على نظام الرئيس السوري بشار الأسد لصالح روسيا التي عززت من حضورها السياسي والعسكري في الأزمة السورية، ومن ثم لا تريد تكرار نفس السيناريو في لبنان.
 


وقالت مصادر سياسية في بيروت إن توسّع النفوذ الروسي في سوريا ساهم إلى حد كبير في زيادة الوضع اللبناني تعقيدا نظرا إلى أن إيران باتت تعتقد أن عليها الإمساك بملف لبنان أكثر من أيّ وقت آخر، في وقت بدت فيه روسيا عاقدة
 


العزم على محاولة التسريع لانتخاب رئيس لبناني بعد إخفاق دام أكثر من عام ونصف العام.
 

 

ووجدت طهران نفسها مضطرة إلى تقاسم النفوذ في سوريا مع موسكو في مرحلة كان فيها النظام في دمشق على وشك الانهيار.
 

 

وقالت المصادر إن إيران تسعى إلى تفادي تكرار التجربة السورية في لبنان، مشيرة إلى أنها باتت تقف على طرفي نقيض مع روسيا من انتخابات الرئاسة وملء الفراغ الدستوري والرئاسي في لبنان.
 


وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول من وعد بتسهيل انتخاب رئيس للبنان خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في 25 مايو 2014، لكن سرعان ما سعت إيران إلى تعطيل التفاهم الذي توصل إليه رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري مع سليمان فرنجية.
 

 

وتريد إيران بذلك إظهار أنها مازالت تتحكم بملف الرئاسة اللبنانية، وأنها تمسك بمفاصل البلاد خصوصا عبر الدعم اللامحدود الذي تقدمه لميليشيا حزب الله صاحبة التأثير الواسع سياسيا.
 


وكان الحريري، الزعيم السني المدعوم من المملكة العربية السعودية، تقدم باقتراح لتقاسم السلطة يصبح بموجبه فرنجية رئيسا للجمهورية على أن يتولى هو منصب رئاسة الوزراء.
 

 

لكن وصول فرنجية، صديق الأسد، إلى سدة الرئاسة يتطلب موافقة الزعيم الماروني ميشال عون، إذ يرى نفسه الأحق بتولي المنصب الذي يجب أن يشغله مسيحي ماروني. وتعتبر موافقة عون حيوية لإنجاح أيّ اتفاق بسبب الدعم الذي يحظى به من ميليشيا حزب الله الشيعية المدعومة من إيران.
 

 

وقالت مصادر لبنانية إن حزب الله كان يقف خلف عون في مواجهة سمير جعجع مرشح قوى 14 آذار، لكنه كان مستعدا طوال الوقت بالدفع بفرنجية كي يكون مرشحه البديل قبل أن يسارع الحريري إلى طرحه.
 


وقال السياسي اللبناني مصطفى فحص إن “طرح الحريري اسم فرنجية للرئاسة أحدث ارتباكا داخل تحالف 8 آذار، وأجبر حزب الله على الدخول في مأزق البحث عن تسويات داخلية يتم من خلالها استرضاء عون المتمسك بالترشح”.
 


وأضاف “حزب الله لم يكن يتوقع ترشيح الحريري لرئاسة الوزراء ضمن الصفقة، ومن ثم كان متوقعا أن يقابل فرض الصفقة بشروطها الحالية عليه بفرض شروط تعجيزية من جهته للقبول بتولي الحريري رئاسة الحكومة”.
 


ويقول مايكل يونغ المحلل السياسي المقيم في بيروت “مع وجود قرابة مليون ونصف مليون لاجئ سوري في لبنان وطرق الخطر الجهادي على أبواب البلاد، تحول لبنان إلى قنبلة موقوتة”.
 


وأضاف “إذا انفجرت هذه القنبلة الموقوتة فستخلق كابوسا مماثلا لكابوس سوريا، لذلك فالفراغ في لبنان يجب أن يصل إلى النهاية بأسرع ما يمكن”.
 

 

وحظيت صفقة الحريري-فرنجية، التي كانت على وشك التحول إلى واقع، بمباركة أميركية وأوروبية. لكن السياسيين المدعومين من إيران قرروا التراجع فجأة.
 

 

ويقول مراقبون إن تعطيل إيران انتخابات الرئاسة والصفقة التي حصلت بين الحريري وفرنجية، برعاية أميركية وأوروبية وسعودية، يستهدف إجبار الإدارة الأميركية على الدخول في حوار مباشر معها، وليس مع أيّ جهة اخرى، في شأن مستقبل لبنان.

 

وذكروا أن إيران مصرّة أكثر من أيّ وقت على اعتبار لبنان تحت وصايتها، وهي تطمح، عبر تعطيل انتخابات الرئاسة، إلى تغيير النظام في لبنان بما يضمن لها السيطرة على مؤسساته بشكل دستوري.
 


وتخطط طهران للوصول إلى هذه السيطرة من خلال إقرار حقوق معينة للطائفة الشيعية في الدستور تسمح لها بالحصول على امتيازات حاسمة في جميع القضايا الداخلية.



المصدر :العرب