نجح باحثون في معهد هارفارد للخلايا الجذعية في مستشفى ماساشوسيتس العام (MGH) وبالتعاون مع علماء من معهد التكنولوجيا الحيوية الجزيئية ( IMBA) ومعهد علم الامراض الجزيئي في فيينا (IMP)، في تشخيص جينات إذا ما تم سحقها بشكل فعال تفقد ذاكرتها، ويمكن برمجتها من جديد بشكل اسرع وبفعالية اكبر، وقد نشر الباحثون دراستهم هذه في مجلة الطبيعة.

الحمض النووي

قال كونراد هوتشيدلنجر، وهو احد المشاركين في الدراسة والطبيب في مستشفى ماساشوسيتس العام والخبير العالمي في مجال اعادة برمجة الخلايا: “بدأنا هذا النوع من العمل لاننا أردنا ان نعرف لماذا تكون خلية في الجلد خلية جلد وليس اي نوع آخر من الخلايا، ولماذا لا تغير شخصيتها في اليوم التالي او الشهر اللاحق او السنة التي تليها؟”.

وأوضح الخبير بالقول إن كل خلية في جسم الانسان لديها مخطط الحمض النووي نفسه، وعادة ما يتم تشغيل هذه الجينات او وقف عملها خلال التطور الذي يحدد ما ستكون عليه كل خلية لاحقا، ومن خلال التحتكم بهذه الجينات وادخال عناصر جديدة عليها، يمكن للعلماء إعادة تشغيل الاجزاء النائمة في جينوم الخلايا الناضجة وإعادة برمجتها لتصبح خلية من نوع آخر.

ومع ذلك فإن “خلية جلدية تعرف تماما أنها خلية جلدية”، حسب قول جوزيف بيننجر من معهد التكنولوجيا الحيوية الجزيئية، حتى بعد ان يعيد العلماء برمجتها، وهو أمر يتطلب من الخلية نسيان هويتها وشخصيتها وماضيها قبل ان تكتسب شخصية جديدة، واضاف الباحث أن ذاكرة الخلايا تبقى في العادة لمنع اعادة برمجتها، وقال: “اردنا ان نعرف اي العوامل تؤدي الى جعل الذاكرة مستقرة، وما هي الآلية التي تمنع إعادة البرمجة”.

إعادة البرمجة

وقام الباحثون بإنشاء مكتبة جينية تتضمن معلومات عن الجينات التي تتحكم بطريقة تصرف الخلية وبحمضها النووي وتكون بالتالي ذاكرتها الخاصة، وقام الباحثان هوتشيدلنجر وسيهم، تشيلوفي التي شاركت هي الاخرى في وضع الدراسة، بتصميم طريقة لتفحص كل هذه العوامل، ومن بين العوامل التي تمت مراجعتها، وعددها 615، تمكن الباحثان من تشخيص الجينات المنظمة التي تمنع اعادة البرمجة.

وقال اولريخ ايلنغ، الذي شارك ايضا في وضع الدراسة وهو من معهد التكنولوجيا الحيوية الجزيئية: “خلال انقسام الخلايا، تحتفظ الخلايا الجديدة بذاكرتها في الحمض النووي، وعندما نغير هذه الذاكرة من خلال اضافة مكونات جديدة تفقد الخلايا قدرتها على الاحتفاظ بالذاكرة وتفقد كل المعلومات وتتحول الى اوراق بيض فارغة، وعندها يمكننا التحكم بها بسهولة اكبر”.

لاحظ العلماء ايضا ان بإمكانهم استخدام ما يسمونه “اعادة البرمجة المباشرة”، وقالت تشيلوفي: “تفقد الخلايا هويتها ولا تعود تعرف من هي ما يسهل علينا خداعها وتحويلها الى خلايا من نوع آخر”، وقال يوهانس زوبر من معهد علم الامراض الجزيئي في فيينا “هذه التقنية تفتح الطريق اماما لفعل ما نشاء ولنتحكم بالخلايا كما نحب”.