يعتبر التسويق من أهم ركائز العملية الإنتاجية، فليس التسويق أمراً يختص به دارس العلوم التجارية وحده، بل هو على تماس مع حياة كل فرد ومشارك في المجتمع. إن عمليات البيع والشراء، اختيار سلعة ما، تعتبر جزءاً من عملية التسويق. 
وعلى الرغم من ممارسة الإنسان لبعض هذه التصرفات التسويقية ومشاركته في النظام التسويقي، فإنه لا يدرك ذلك، حتى أنه لا يدرك معنى التسويق ولا منزلته وأهميته في حياته، ولا يهتم بكيفية إدارة الأنشطة التسويقية. 
في عصرنا الحديث لم تعد المشكلة أن ننتج سلعة ما، أو كيف نقوم بإنتاجها. بل أصبحت المشكلة "كيف نستطيع تسويق منتجاتنا؟"، لأنه في حال لم نستطع النجاح في تسويق ما لدينا، فمن المؤكد ستكون النتائج فاشلة. 
انصبّت الجهود في الماضي على مضاعفة الإنتاجية. أما في الزمن الحالي، فإن البقاء في السوق يعتمد بشكل أساسي على دراسة حاجات المستهلك وتوفيرها له بالمواصفات المطلوبة في الزمن والمكان المناسبين وبالثمن القادر على تحمّله.

يقول الخبير فيليب كوتلر (Philip Kotler): "إن التسويق هو مجموعة الأنشطة البشرية التي تستهدف تسهيل التبادل". وهذا التعريف هو الأكثر تداولاً، ويتضمن ما يلي: 
- إن التسويق نشاط إنساني، على خلاف أنشطة أخرى كالإنتاج والاستهلاك. 
- إن التسويق هدفه تسهيل عملية التبادل، سواء جرى التبادل لصفقة واحدة، أو إجراء عمليات تبادل مختلفة. 
- إن التبادل لا يقتصر على السلع، وإنما يشمل الخدمات أيضاً. كما أنه من الممكن أن تكون المبادرة في عملية التبادل من طرف المشتري عندما ينزل إلى الأسواق باحثاً عن سلعة ما، كما يمكن أن تكون من طرف البائع الذي ينزل أيضاً إلى السوق باحثاً عن مشترين لما ينتج من سلع. وبناءً على ذلك، فإن التبادل يتطلّب: 
- أطرافاً ترغب في إجراء التبادل. 
- أن يمتلك أحد الأطراف شيئاً يكون ذا قيمة في نظر الطرف الآخر. 
- كل من الطرفين قادر على إجراء الاتصال وتسليم ما لديه. 
هناك مفهوم حديث للتسويق، وهو أنه "العمل الإداري الخاص بالتخطيط الاستراتيجي لجهود المشروع وتوجيهها والرقابة على استخدامها في برامج تستهدف الربح للمنظمة، وإشباع حاجات المستهلكين. إنه ذلك العمل الذي يتضمن توحيد كل أنشطة المنظمة (بما فيها الإنتاج والتمويل والبيع) في نظام عمل موحّد". 
ولعل أهم التعاريف هو تعريف الجمعية الأميركية للتسويق "إن التسويق هو تنفيذ أنشطة المشروع المختلفة التي تهدف إلى توجيه تدفق السلع والخدمات من المنتج إلى المستهلك أو المستخدم". 


وقد رأى الخبير روبرت بارتل Robert Bartels، أن "التسويق عملية اقتصادية، اجتماعية وثقافية، هدفها تلبية حاجات المستهلكين لمنتجات وخدمات مقبولة وبأسعار مقبولة". لقد أخذت الكثير من الشركات بالمفهوم الأخير، وكانت شركة جنرال إلكتريك السبّاقة في تطبيق هذا المفهوم في خططها. ومن هنا لا بد من التمييز بين البيع والتسويق من خلال ما يلي: 

* الرؤية الوظيفية 
البيع يقوم على فكرة البحث عن الطرق والأساليب التي يُمكن للمؤسسة اللجوء إليها لتمكينها من تصريف المنتجات المتراكمة لديها، بينما التسويق يبحث عن الطرق التي تجنب المؤسسة ظاهرة تراكم المنتجات. إذاً، البيع إجراء علاجي، في حين التسويق إجراء وقائي. 

* البحث عن الربح 
تعتبر القدرة على تحقيق الربح أفضل المقاييس المعمول بها للحكم على مدى نجاح أو فشل المؤسسات، كما يعتبر تحقيق الربح عنصراً مشتركاً بين البيع والتسويق، لكنّ هناك فرقاً بينهما في كيفية تحقيق هذا الربح، فالربح من خلال البيع يكون من خلال زيادة المبيعات، أما في التسويق فيسعى إلى الربح من خلال رضا المستهلك، الذي يضمن استمرارية وولاء المستهلك للسلعة، واستعداده لدفع ثمنها. 

* الموقع في أنشطة المؤسسة 
البيع يقتصر دوره على تصريف الإنتاج، أي أن نشاط البيع يلي نشاط الإنتاج، أما التسويق فيتضمن بحوث التسويق وبحوث التصميم ودراسة سلوك المستهلك وعمليات النقل والتخزين بشكل يجعل نشاط التسويق سابق ولاحق للإنتاج. 
إذاً، التسويق نشاط حركي يزخر بالمنافسة الشديدة، وهو جزء هام من الحياة اليومية لكل إنسان مهما كان عمره أو تعليمه أو دخله وعمله ووظيفته. ولا تقتصر ممارسة التسويق على العاملين في إدارات التسويق في المؤسسات، أو على الشركات المتخصصة بالتسويق. بل يشارك الجميع في عملية التسويق. ولذا، يمكن القول إننا نعيش في عصر التسويق، فهو الصانع للاقتصاد.