من بعد ما شرّعت بعبدا أبوابها ، محتفلة بالتسوية ، ومن بعد ما نفض الغبار عن كرسي الرئاسة لينصّب عليه سليمان فرنجية فخامة رئيس جمهورية لبنان العظيم ، تحوّلت عاصفة التوافق بين الحريري - فرنجية والتي أصابت الطبقة السياسية بحالة من الضوضاء وخلط الأوراق ، إلى صمت متعثر .

ومن خلال التصريحات الأخيرة والتسريبات التي تناقلتها مصادر سياسية وإعلامية ، نجد أنّ هناك محاولة لنحر التسوية ولإطلاق رصاصة الرحمة على المضي بها من قبل الفرق المسيحية والحلفاء المتحولقين حولهم .

وفي تفصيل الأمور بحسب محاورها ، فإن ما صرّحت به مصادر البطريرك الراعي عن تحفظ سوريا حول طرح فرنجية ، يقلب المعايير على الساحة السياسية لترتفع أسهم عون المدعوم بحليفه الوفي حزب الله ، وبتمسك الأسد بمجيئه رئيساً .

هذه التطورات تلتقي وتصريحات فرنجية الذي يرفض بدوره أن يأتيَ رئيساً إلا بدعم حلفاء الثامن من آذار ، والمصر على موقفه أن ترشيحه يأتي خلف الجنرال وأنّه سينسحب لصالحه إن صدقت الأقاويل بإستعداد جعجع لتبني عون مرشحاً مسيحياً توافقياً .

وممّا يبدو أنّ الأمور ذاهبة في هذا الإتجاه ، فالجنرال عون لن يتبنى فرنجية رئيساً وهذا ما أشارت إليه ضمنياً مصادر المردة حيث أعلنت أنّ الجنرال رفض استقبال فرنجية ، من ناحية أخرى فجعجع والذي فوجىء بتخلي الحريري عنه في معركة الرئاسة ، قد أعلن أنه لن يمشيَ بتسوية تأتي بحليف بشار ، ولا نستبعد في إطار التصعيدات ونسف التسوية الحريرية التي نضجت بترتيبات من بري و جنبلاط ، أن يتنازل جعجع عن كرسي بعبدا للجنرال حليف النوايا .

في هذه المعادلة لا يتبقى لنا من الأطراف المسيحية غير حزب الكتائب ، والذي تشهد اجتماعاته الأخيرة معارضةً لإعلان سامي الجميل استعداده لتبني ترشيح فرنجية ضمن شروط معينة ، هذا الصوت المعارض الذي أعلنه نديم الجميل مؤكداً أنه لن يمضيَ بفرنجية مرشحاً تحت أي اعتبارات .

ممّا يجعل التوافق العوني بمثابة خلاصاً للكتائب من فرنجية الذي يهدد الحزب بإنقسام داخلي بين مؤيد ومعارض ؟!

 

إذاً ، التسوية اليوم على نار باردة ، وتأخر إعلان ترشيح فرنجية من قبل الحريري وجنبلاط وبري ، يجعلنا نتساءل عن مدى الجدية في السير بهذا الطرح  ...

إلا أنّه في حال فشلت معادلة التسوية فالخاسر الحقيقي بها هو سعد الحريري الذي تعالى عن حساباته السياسية لأجل الوطن  خاسراً بذلك شعبيته ومؤيديه .