وسط الأجواء التي تضجّ بمشاريع التسويات الإقليمية، راهنت العواصم الغربية على أنّ الوقت حان لسرقة الحلّ في لبنان إستناداً إلى التعاون الحاصل مع إيران، فوُلدت ما عرف بـ"تسوية النائب سليمان فرنجية الرئاسية". واعتبرت هذه العواصم أنّ وصول فرنجية قابل لانتزاع موافقة من "حزب الله" وسوريا وإيران، مقابل النجاح في إنقاذ المؤسسات من الإنهيار، وبالتالي قطع الطريق على الذهاب إلى نظام سياسي جديد على أنقاض اتفاق الطائف.

 

لكنّ التجاوب الإيراني الذي راهنت عليه هذه العواصم لم يكن فعّالاً هذه المرّة وتجمّد عند رفض "حزب الله". وفهمت الأوساط الديبلوماسية الغربية رسالة الحزب، إنّ "التفاهمات الإقليمية لا تكفينا للسير بتسوية في لبنان، فنحن نريد تفاهمات وتسويات تشمل الواقع اللبناني بمعزل عن التسويات الإقليمية".

وفيما تنقل هذه الأوساط عن مصادر قريبة من "حزب الله" توقعاتها بأنّ جلسة انتخاب الرئيس المقرّرة في 16 الشهر الجاري لن يكتمل نصابها، وأنّ فرنجية ربما قد قرّر عدم المشاركة فيها بسبب غياب حلفائه عنها، فإنّها سمِعت بنقاط يشترطها "حزب الله" قبل ولوج باب التسوية الرئاسية والقبول بعودة الرئيس سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، وهي حدّدت بالآتي:

أولاً: قانون انتخابي جديد يستند إلى النسبية، وتُدرك هذه الأوساط أنّ هذا البند يشكل المدخل الواسع للذهاب في اتجاه إنتاج نظام سياسي جديد خصوصاً أنّ مجلس النواب هو البنية التحتية للنظام السياسي في لبنان، وهو ما يعني أيضاً إقصاء تيار "المستقبل" عن مساحة القرار.

ثانياً: انسحاب لبنان من المحكمة الدولية ووقف تمويله لها، بعد تصنيفه لها بأنّها محكمة تستند إلى الإدانة السياسية وليس وفق الوقائع والمعطيات القضائية.

ثالثاً: فتح ملف تورّط تيار "المستقبل" والمتعلق بمدى تورّطه في الحرب التي نشبت في سوريا.

وتستنتج الأوساط الديبلوماسية أنّ "حزب الله" الذي يُدرك جيداً المشروع الأميركي بفتح ملف التسوية مع إسرائيل يُريد إبقاء الملف اللبناني مفتوحاً لكي يضمن لنفسه الحماية، كون فتح ملف التسوية سيعني حكماً فتح ملف المقاومة في لبنان، اضافة الى أنّه لن يقبل بإعادة إحياء "اتفاق الطائف" بل إنه يريد نظاماً سياسياً جديداً يعكس التوازنات والمعادلة الجديدة على الارض.