لم تأتِ صفقة التبادل بين الدولة اللبنانية وبين «جبهة النصرة» كما كان يشتهي عدد كبير من نزلاء سجن رومية ممن يواجهون اتهامات بالارهاب وبالانتماء الى «النصرة»، بل إن ثمة خيبة أمل تخيم على عدد من «الرؤوس الكبيرة» الذين كانوا ينتظرون أن تشملهم صفقة التبادل، قبل أن يُفاجأوا بأنها اقتصرت على عدد من السوريين الذين تربطهم علاقات مباشرة بأمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلي والدائرة المحيطة به.


وتشير المعلومات المتوفرة لـ «السفير» الى أن حالة من الغضب والسخط تسيطر على المبنى «ب» في سجن رومية، خصوصا أن كثيرا من السجناء كانوا يمنون النفس بأن ترد أسماؤهم ضمن لوائح «النصرة»، وبعضهم كان يختلق الكثير من الأعذار للتغيب عن المحاكمات تجنباً لصدور أي حكم بحقه يحول دون إدراج إسمه في صفقة التبادل.


وتقول هذه المعلومات إن كثيرا من السجناء الاسلاميين أبلغوا ذويهم وبعض المشايخ ووكلاءهم من المحامين أنهم «طلعوا من المولد بلا حمص»، وأن أولوية «جبهة النصرة» كانت لبعض السجناء السوريين، باستثناء جمانة حميد كونها إمرأة، معتبرين ان «جبهة النصرة» أفرجت عن العسكريين الـ 16 من دون ثمن أو مقابل جدي من الدولة اللبنانية، وكان بوسعها إخراج العديد من الموقوفين من الذين دخلوا الى السجن بسبب انتمائهم لها أو تعاملهم معها، لكن يبدو أنها أرادت أن تتعاطى مع هذه الصفقة من منطلق سوري بحت وضيّق، وضربت الآمال التي عاش عليها الموقوفون منذ عملية الاختطاف عرض الحائط.


وتقول مصادر بعض المشايخ والمحامين لـ «السفير» إن كثيرا من السجناء المتهمين بالارهاب، ومع الاعلان عن وصول صفقة التبادل الى خواتيمها، سارعوا الى إجراء سلسلة اتصالات عبر وسطاء مع قنوات على ارتباط بـ «جبهة النصرة» وطلبوا منهم إدراج أسمائهم ضمن اللوائح، وعدم التساهل في هذا الموضوع، وعدم تفويت هذه الفرصة التي من الصعب أن تتكرر، لكن الجواب لم يأتِ بحسب ما كانوا يشتهون، حيث تم إبلاغهم أن الدولة اللبنانية تضع خطوطا حمرا على كثير من الأسماء التي لا يمكن إدراجها، لكنهم لم يفقدوا الأمل في أن يكون لهم نصيب من هذه الصفقة.


وتشير هذه المصادر إلى أن حالة من الذهول عمّت المبنى «ب» يوم الجمعة الفائت عندما وصلت سيارات الأمن العام لنقل ثمانية مساجين سوريين من سجن رومية، وأن بعض السجناء صبوا جام غضبهم على «جبهة النصرة» عندما علموا أن أسماءهم لم تدرج على اللوائح وأن الصفقة انتهت من دون أن يفرج عنهم، لا سيما أن البعض كان ينتظر أن يشمل التبادل أسماء كبيرة مثل: الشيخ عمر الأطرش، والمسؤول الاعلامي لتنظيم «فتح الإسلام» أبو سليم طه، إضافة الى القيادي في التنظيم أبو تراب اليمني.


ويقول أحد المحامين المطلعين على ملف الموقوفين الإسلاميين إن الأجواء في المبنى «ب» في سجن رومية «ليست على ما يرام»، وإن كثيرا من السجناء باتوا على قناعة بأن كل ما كانت تعلنه «جبهة النصرة» عن اهتمامها ببعض الموقوفين اللبنانيين ممن كانوا يتعاملون معها، كان «فقط للاستهلاك»، حيث جاءت صفقة التبادل لتثبت العكس، وبالتالي فقد خذلتهم «النصرة».


ويضيف: لم يعد بمقدور الموقوفين المعترضين القيام بأي حركة احتجاجية في سجن رومية، لا سيما بعد التدابير الصارمة التي اتخذتها القوى الأمنية مؤخرا، وإن أي اتجاه لإعلان الإضراب أو ما شابه ذلك، لن تكون الدولة اللبنانية معنية به، كونها تتعاطى مع ملف هؤلاء عبر القضاء المختص ووفق القوانين المرعية الإجراء، وليس من المنطق أن يكون الاعتراض على «جبهة النصرة» التي أخرجتها صفقة التبادل من هذا الملف نهائيا.