لقاء السعودية الغامض لا جديد فيه , ولقاء طهران أكثر غموضا

 

السفير :

سليمان فرنجية مرشحاً جدياً لرئاسة الجمهورية، لمَ لا؟
لا أحد يشكك لا بمارونية ولا بمسيحية ولا بوطنية ولا بعروبة زعيم «تيار المردة».
لا هو من الصنف الذي يخجل بعلاقته بالمقاومة، وقائدها السيد حسن نصرالله، ولا بالرئيس نبيه بري، ولا هو من طينة من يتقنون نقل البارودة من كتف الى كتف. كان مع سوريا في عزّ نفوذها في لبنان قبل جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وظلَّ معها في أصعب مراحل علاقتها بلبنان، وفي عزّ الأزمة الوطنية السورية المفتوحة منذ خمس سنوات، وهو من قلة قليلة من أهل السياسة ممن يتباهون بعلاقتهم بالرئيس بشار الأسد وبالصداقة المفتوحة بين الأسرتين.
لا أحد يشكك بصدق تمثيل هذا الزعيم الماروني الطرفي. لم يتهم جمهور الشمال بالخيانة بعد سقوطه في الانتخابات قبل عشر سنوات، ولم يقطع أواصر الصداقة والعلاقات مع كل الحساسيات الشمالية، وخصوصاً الطرابلسية. ظل مقتنعا بأن ما يجري من استنفار للغرائز الطائفية والعصبيات المذهبية والمناطقية هو موجة عابرة وأن الناس لا بد أن تعود الى أصالتها.. وكسب الرهان.
ويوم صدرت وثيقة بكركي باسم قادة الموارنة الأربعة ميشال عون وأمين الجميل وسمير جعجع وسليمان فرنجية برعاية البطريرك بشارة الراعي، كان موقف زعيم «المردة» أنه لا يجوز اختزال معادلة «الرئيس القوي» بالرباعي الماروني، داعيا الى ترك الباب مفتوحا على احتمال خامس وسادس بين الموارنة أنفسهم!
فجأة، صار فرنجية هو «المزور» وهو «الوكيل» و«البديل» وغيره هو «الحقيقي» و«الأصيل».
فجأة سقطت السياسة وكل الجدران التي كان يختبئ وراءها موارنة المقلبين الآذاريين. كل ما كان مباحاً لهذا وذاك، قبل سنة أو سنتين، سواء اندرج في خانة «المناورة» أو «المشروعية»، صار معيباً مع «ابن فرنجية».
قد يكون موقف جعجع مبرراً الى حد كبير. بينه وبين سليمان فرنجية خصومة معمّدة بالدم الزغرتاوي الذي سال في اهدن قبل 37 سنة. خصومة لم يكسرها سوى حرص هذا أو ذاك على عدم اهتزاز البنيان المسيحي الهشّ أصلاً، أو رأفة بمن تبقّى من المسيحيين.. قبل الرهان على تجنيس أساطيل المغتربين.
لم يندم فرنجية على دور لعبه في معركة مواجهة قانون محاسبة سوريا وصدور القرار 1559، وعندما دافع عن خيار التمديد لإميل لحود، كان يمارس فعل الخيانة مع قناعاته الشخصية، لكنه تجاوز جرحه الشخصي وكل مراراته مع «ابن بعبدات»، ليصوت له من موقع «الخط» و «الضرورة» ليس الا.
هو سليمان فرنجية الشاب الذي لا يدّعي «عبقرية» في السياسة على شاكلة من أتى قبله مدعياً احتكاره علوم السياسة شهادة وخبرة.. وكان جواب «ابن فرنجية» أن الحق على «الرانجر» العسكري!
إن أي ساذج في السياسة، يدرك أن سعد الحريري عندما يقرر في هذه اللحظة، أن يلتقي سليمان فرنجية، في مناسبة اجتماعية مدبّرة في باريس قبل أقل من أسبوع، لا يمارس ترفاً في السياسة، ولا يمكن الا أن يستشير مرجعيته السعودية، ذلك أن من ينادي بتسوية في سوريا تضمن رحيل بشار الأسد، لا يمكن أن يقبل بتسوية في لبنان تساوي بنتائجها ومضمونها اعادة الأسد الى لبنان، ولكن هذه المرة من عقر دار رئاسة الجمهورية!
قد لا يكون السعوديون في وارد تسوية، وربما يريدون تحييد لبنان لتفادي خسارات اضافية لاحقة، وربما هم يناورون، وهذا الأمر لا يمكن الا أن يضعه شخص مثل سليمان فرنجية في الحسبان، خصوصاً أنه من الصنف الذي يصارح الحلفاء وأقرب المقرّبين اليه بكل ما يضعه من احتمالات، بما فيها احتمال أن يكون الخيار الحريري جدياً لاعتبارات حريرية شخصية وسياسية أولا وسعودية وأميركية ثانياً.
وأي ساذج في السياسة اللبنانية يعلم أن فرنجية لا يمكن أن يقدم على خطوة أقل من رحلة باريس من دون أن يضع الحلفاء، خارج الحدود وداخلها، في مناخاتها وما يمكن أن تؤول اليه.
يسري الأمر نفسه على الحريري الذي بات يضع علاقته بـ «الوسطي» وليد جنبلاط في موقع متقدم عن معظم علاقته بكل مكونات «14 آذار»، وخصوصا «القوات اللبنانية» و «الكتائب». من هنا، يمكن تفسير الحرص الحريري على وضع جنبلاط في «كل شاردة وواردة» قبل اللقاء وبعده، الى حد جعل مرجعاً لبنانياً سابقاً يردد في مجلسه الخاص أنه يملك معلومات مفادها أن السعوديين فوّضوا الحريري بملاقاة التسوية التي دعا اليها الأمين العام لـ «حزب الله»، بالتنسيق الكامل مع جنبلاط، بهدف تحييد لبنان عن الاشتباك الاقليمي المفتوح وغير المضمونة نتائجه.
هذه الملاحظات لا تمنع طرح أسئلة:
هل أطلع الحريري المجموعة «المستقبلية» التي استدعاها الى الرياض في عطلة نهاية الأسبوع على «الحقيقة»، وبالتالي، طلب منهم التصرف كأن شيئا لم يحصل، أم أنه تعمد ابلاغهم النفي المطلق لأصل اللقاء.. وفي هذه الحالة أو تلك، ما هو المقصود وهل يخشى من بروز عناصر تؤدي الى التخريب (من داخل كتلته أو من خارجها) على النتيجة المتوخاة، سواء أكانت مناورة سياسية أم تسوية رئاسية؟
ماذا طرح الحريري من أسئلة على فرنجية وطلب أجوبة عليها، وفي المقابل، ما هي الاستفسارات التي طرحها زعيم «المردة» وطلب من زعيم «المستقبل» أجوبة عليها، وهل التقى الطرفان على عناوين سياسية محددة، وهل تتقاطع هذه العناوين مع مفهوم السلة المتكاملة للتسوية التي دعا اليها كل من الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله؟
هل هناك تفسير موحّد لمفهوم التسوية الشاملة، فإذا جاء رئيس من «8 آذار» (فرنجية)، هل تكون التتمة برئيس حكومة من «14 آذار» (الحريري)، وماذا عن رئاسة المجلس النيابي المقبل والقانون الانتخابي والثلث الضامن والوزارات السيادية وقيادة الجيش.. والأهم من ذلك، أين سيكون موقع رئيس الجمهورية المقبل من الصراع الإقليمي المحتدم في كل ساحات المنطقة بين الرياض وطهران؟
عندما بلغت بيروت أولى إشارات اللقاء الباريسي، كان جواب أحد المعنيين مباشرة أن الحريري ليس في موقع من يصنع تسويات في لبنان، في ظل ما اعتبره قراراً سعودياً حاسماً بكسر ما أسماها «الأحادية السنية»، وأن هذا اللقاء موجه ليس ضد ميشال عون بل ضد سمير جعجع، ومن ثم باقي مسيحيي «14 آذار».
قد يكون الشق الأول موضع التباس، لكن الشق الثاني صار مكشوفاً بدليل ما يقال في السر والعلن في المجالس الحريرية بحق رئيس «القوات»، خصوصاً بعد أن فتح الأخير خطاً مباشراً مع السعوديين، وهذا الخلاف نتاج تراكم عمره من عمر «السين سين» الأولى، ومن ثم تفاقم في أكثر من محطة ليس آخرها لقاء روما قبل سنتين بين العماد عون والرئيس الحريري، والموقف من «القانون الأرثوذكسي»، و «اعلان النوايا» بين الرابية ومعراب، والموقف من الحوار الثنائي بين «المستقبل» و «حزب الله»، ومن ثم طاولة الحوار الوطني وكلها محطات خلافية بين الاثنين.

النهار :

لم يكن مرور الذكرى الـ 72 للاستقلال للسنة الثانية من دون رئيس للجمهورية أمرا تفصيليا وعابرا وخصوصا وسط التداعيات المتراكمة على مختلف الصعد لتمادي هذا الفراغ والذي لم يكن ادل على وقعه من ملء ساحات وسط بيروت التي افتقدت تكرارا العرض العسكري التقليدي بعروض من شتى المشارب والاتجاهات التي تعكس فراغ الدولة كلا وتصاعد النقمة الاجتماعية حيال الازمات المتوالدة والمتكاثرة. أمران أساسيان برزا في يوم 22 تشرين الثاني هذه السنة هما عودة احياء "الحراك المدني" في هذه المناسبة وتوهج ازمة الفراغ الرئاسي التي وان تميز حزب الكتائب وحده من دون سائر الاحزاب بتنظيمه تظاهرة تحت عنوان "الجمهورية بدا راس" فان الوطأة الثقيلة للفراغ تشظت في كل الاتجاهات وزادتها ملامح التحركات السياسية المتعاقبة عبر لقاءات الرياض وباريس التي شكلت الازمة الرئاسية محورها الاساسي.
وفيما تعود الحركة السياسية والرسمية اليوم الى وتيرة انتظار محطات داخلية مثل جولة الحوار الوطني المقررة غدا وترقب المساعي المتواصلة من اجل عقد جلسة لمجلس الوزراء لبت ازمة النفايات، تواصلت بين الرياض وباريس اللقاءات السياسية البارزة التي حركت المشهد الداخلي واحدثت تموجات واسعة فيه منذ هبوب "عاصفة" اللقاء الذي ضمَّ الاسبوع الماضي الرئيس سعد الحريري ورئيس "تيار المردة " النائب سليمان فرنجية على رغم تمسك الفريقين بنفي حصوله "رسميا ". ذلك ان هذه اللقاءات اكتسبت أبعادا جدية في ظل اتساعها لاحقا بحيث عقد الجمعة الماضي لقاء موسع في الرياض ضم، الى الرئيس الحريري، الرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ووزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب السابق غطاس خوري ومدير مكتب الرئيس الحريري السيد نادر الحريري والمستشار الاعلامي للرئيس الحريري هاني حمود، ومن ثم اتبع امس بلقاء في العاصمة الفرنسية للحريري ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط ووزير الصحة وائل ابو فاعور. وأفادت معلومات ان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الموجود ايضا في باريس يفترض ان يكون التقى الحريري كذلك.
وأبلغ مصدر بارز في قوى 14 آذار "النهار" ان رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس السنيورة زار الرياض واجتمع مع الرئيس الحريري للاطلاع منه على المعطيات المتصلة بلقائه النائب فرنجية ولاطلاعه على نتائج اللقاء القيادي لـ14 آذار الخميس الماضي. وفهم ان الرئيس الحريري ليس في أجواء موضوع انتخاب رئيس للجمهورية وإنما في أجواء تفعيل عمل الحكومة ومجلس النواب وخصوصا في ضوء المرونة التي يظهرها النائب فرنجية على هذا الصعيد. ورأى المصدر ان لقاء باريس للحريري وفرنجية حرّك الاهتمام بالانتخابات الرئاسية ولكن من دون الدخول عمليا في تفاصيلها خلافا للاجواء المضخمة والاستنتاجات المتسرعة التي ملأت بعض الكواليس السياسية والمنابر الاعلامية في الايام الاخيرة.
وفي المقابل، قالت مصادر وزارية لـ"النهار" إن لقاء الحريري وفرنجية تم بناء على طلب الاخير الذي دخل في موضوع ترشيحه للرئاسة الاولى وسط حرص من فرنجية على سرية اللقاء. وقد استمع الحريري الى ضيفه وسعى بعد اللقاء الى إطلاع حلفائه إن بصورة غير مباشرة عبر الرئيس السنيورة وإن مباشرة عبر اللقاء مع النائب جنبلاط ورئيس حزب الكتائب. واوضحت ان التسوية على هذا الصعيد غير ناضجة بعد باعتبار ان قوى 14 آذار لم تتخل عن ترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ، وان الكتائب لم تتخل عن ترشيح الرئيس امين الجميل ، وقوى 8 آذار لم تتخل عن ترشيح العماد ميشال عون. ولفتت الى ان لقاء الحريري - فرنجية أوجد دينامية في مرحلة تشهد تحولات في سوريا ولكن من غير أن يعني ذلك أن عربة الانتخابات الرئاسية قد انطلقت في لبنان.
أما في ما يتصل بلقاء الحريري وجنبلاط والذي حضره ايضا النائبان السابقان باسم السبع وغطاس خوري والسيد نادر الحريري، فاسترعى الانتباه ان البيان الصادر عنه تعمد رسم الاطار الجدي لمجمل هذا التحرك في ما عكس رغبة من الفريقين في ابراز الاطار الواسع البعيد من الاستخلاصات المتسرعة حياله. وأفاد البيان ان اللقاء تناول "ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لايجاد تسوية وطنية جامعة تحفظ ميثاقنا الوطني وتكرس مرجعية اتفاق الطائف وتعالج بداية أزمة الشغور الرئاسي وتضع حدا لتداعي مؤسساتنا الوطنية وتطلق عمل المؤسسات الدستورية وتفعل عمل الحكومة ومجلس النواب وتؤمن المظلة السياسية والامنية لحماية لبنان". وأشار الى اتفاق على متابعة الاتصالات مع باقي المكونات الوطنية والقوى السياسية "للبحث في سبل اطلاق هذه التسوية وانجازها في أسرع وقت".
وقالت مصادر مواكبة لهذه اللقاءات ان ما صدر عن لقاء الحريري وجنبلاط امس يعزز المعطيات التي تتحدث عن مروحة استعدادات يجريها الحريري وتحظى بدعم من افرقاء آخرين من اجل الشروع في مفاوضات جدية مع "حزب الله " عبر الحوار الثنائي بين "المستقبل " والحزب ومن ثم عبر الحوار الوطني الموسع في ملف التسوية الشاملة الذي طرحه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله وإن تكن آليات هذه "المفاوضات" لا تزال عرضة للأخذ والرد.

سلام
وردا على سؤال لـ"النهار" عن أصداء هذه التحركات وصف رئيس الوزراء تمام سلام لقاءات باريس بانها " ايجابية انطلاقا من الاصداء الايجابية التي نسمعها عنها " مؤكدا ان "أي اجتماع او حوار تفاهمي ثنائي او جماعي بين القوى اللبنانية مرحب به اذا كان يصب في مصلحة البلاد وخيرها".
وفي الموضوع الحكومي قال الرئيس سلام انه لا يزال يجري الاتصالات ويعقد الاجتماعات من أجل بلورة آليات اقتراح تصدير النفايات الى الخارج الذي تم التوافق على اعتماده مبدئيا وخصوصا بعدما طرحه في الجلسة الاخيرة للحوار الوطني. ولكنه أضاف الى انه "لا تزال هناك أسئلة واستيضاحات كثيرة مع الشركات الراغبة في المشاركة في موضوع التصدير حول عقود التلزيم والكلفة والوجهة". وأكد انه لن يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء قبل بلورة كل عناصر الحل لافتا الى ان وزير الزراعة اكرم شهيب يتابع معه هذا الملف عن كثب ويتفرغ له وخصوصا ان عامل الوقت ضاغط ولم يعد مقبولا التأخر في ايجاد الحل.
وعلمت "النهار" ان ملف ترحيل النفايات لا يزال يحتاج الى مزيد من الوقت لبلورة الاتجاهات الاقل كلفة على الحكومة ووجهة التصدير وان الامر ربما يستغرق ما بين اسبوعين وثلاثة على اقل تقدير علما ان وجهة الترحيل ستكون الى احدى الدول الاوروبية أو الافريقية.

 

المستقبل :

في خضمّ الشعور الوطني بالعجز والشلل والمراوحة على مختلف الصعد المؤسساتية والحياتية، وبينما يقف البلد على شفا حفرة إقليمية مشتعلة متحسّباً وحابساً الأنفاس خشية أن يلفحه لهيبها المتأجّج في سوريا، تتجه الأنظار إلى الحراك السياسي المتفاعل الذي يقوم به الرئيس سعد الحريري لخرق جدار الأزمة وتحريك المياه الوطنية الراكدة توصّلاً إلى محاصرة الشغور الرئاسي وإنهائه من ضمن تسوية ميثاقية جامعة تضع حداً لتداعي المؤسسات وتؤمن مظلة سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية للنهوض بالبلاد، وفق فحوى الاتفاق الذي حصل خلال لقائه أمس في باريس رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط. 
وأوضح المكتب الإعلامي للحريري إثر استقباله جنبلاط في مقر إقامته في العاصمة الفرنسية يرافقه الوزير وائل أبو فاعور، بحضور النائبين السابقين باسم السبع وغطاس خوري ونادر الحريري، أنه «تم خلال اللقاء التباحث بالأوضاع العامة في لبنان والمنطقة وبالأزمة السياسية المتمادية وما باتت تمثله من مخاطر جمة على ميثاق لبنان واستقراره وأمنه واقتصاده الوطني في ظل الأحداث الدامية في محيطنا العربي»، مؤكداً حيال ذلك أنه جرى الاتفاق بين الجانبين «على ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لإيجاد تسوية وطنية جامعة تحفظ ميثاقنا الوطني وتكرس مرجعية اتفاق الطائف وتعالج بدايةً أزمة الشغور الرئاسي وتضع حداً لتداعي مؤسساتنا الوطنية وتطلق عمل المؤسسات الدستورية وتفعل عمل الحكومة والمجلس النيابي وتؤمن المظلة السياسية والأمنية لحماية لبنان والنهوض باقتصاده الوطني من أوضاعه الحالية وتوجد حلولاً للأزمات الاجتماعية المتراكمة».
وختم البيان بالإشارة إلى أنّ الحريري وجنبلاط اتفقا كذلك «على متابعة الاتصالات مع باقي المكونات الوطنية والقوى السياسية للبحث في سبل إطلاق وإنجاز هذه التسوية بأسرع وقت ممكن».

الديار :

الاجتماع الذي حصل في باريس بين الرئيس سعد الحريري والوزير سليمان فرنجية له مردود كبير، ويأتي بعد طرح التسوية من قبل حزب الله، وهو الحزب الوحيد الذي يمون على العماد ميشال عون ويمكنه الطلب اليه الانسحاب لصالح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، على حدّ ما يعتقد كثيرون وعلى حدّ ان رئيس الجمهورية القادم يكون قد أتى من 8 آذار ورئاسة الحكومة تكون لـ 14 آذار. واجتماع الرئيس سعد الحريري بالوزير سليمان فرنجية ليس صدفة في منزل رجل الاعمال جيلبير شاغوري الذي لا يحفظ سراً الا ويقوله، ولذلك تسرّب من عنده الكثير عن الاجتماع انما الأمور الاستراتيجية بقيت بين الرئيس سعد الحريري والوزير سليمان فرنجية.
وبحث الرجلان الشروط المعروضة والشروط المضادة وكيفية الحكم في لبنان وماذا عن دور رئيس الجمهورية وماذا عن دور رئيس الحكومة، وكيفية تركيب الحكم في المرحلة المقبلة اذا جاء فرنجية، لكن الأكيد ان الرئيس سعد الحريري موافق على مجيء الوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، ولذلك عاد الى الرياض وجمع الرئيس فؤاد السنيورة وأركان حكمه واجتمع معه الرئيس سعد الحريري لمدة 6 ساعات، وكان البحث كله حول ترشيح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وتناقش كثيرون في الموضوع ورأوا ان مجيء الوزير سليمان فرنجية افضل من مجيء العماد ميشال عون وان اللعبة الوحيدة التي يتم فيها ازاحة عون هو ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، لان العماد ميشال عون لا يستطيع رفض مجيء رئيس ماروني له شعبية مارونية مثل الوزير سليمان فرنجية. وسيضطر تحت ضغط الحلفاء وضغط الوضع العام ان ينسحب للوزير فرنجية وهو كان يطالب برئيس ذي شخصية يواجه الطائف وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، والوزير سليمان فرنجية قادر على إعطاء مركز الرئاسة حجمها وقادر على ان يلعب دور رئيس الجمهورية الذي له كلمة في البلد، لذلك رأى تيار المستقبل ان افضل حل وافضل رد على التسوية التي قدمها السيد حسـن نصـرالله هـي ترشيح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، ومن اجل ذلك تم الاتفاق على اجتماع الحريري - فرنجية في باريس لبحث الشروط والشروط المضادة في شأن رئاسة الجمهورية، ورأى تيار المستقبل ان افضل ضربة توجه للعماد ميشال عون هو انه كما بايع الوزير فرنجية العماد عون الترشيح لرئاسة الجمهورية عندها سيصبح العماد ميشال عون مضطرا بأن يتنازل لصالح الوزير سليمان فرنجية ويرشحه للرئاسة على أساس انهم حلفاء موارنة ومتفقون على ذات الخط وان الوزير سليمان فرنجية حليف للعماد ميشال عون وشريك في تكتل التغيير والإصلاح وبالتالي لا حجة للعماد عون برفض الوزير فرنجية رئيسا للجمهورية، ويكون تيار المستقبل قد ضرب عصفورين بحجر واحد، ازاح العماد ميشال عون من رئاسة الجمهورية، ولبّى التسوية وعاد الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة مع الوزير سليمان فرنجية، وعندها تبدأ التسوية بالعمل من خلال قانون الانتخابات وانتخاب مجلس نواب جديد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية يتمثل فيها الجميع.
اما مسألة الثلث زائد واحد فلم تعد مطروحة ان يأخذها رئيس الحكومة، بل اصبح مطروحا حكومة وحدة وطنية يشترك فيها الجميع، انما هنالك فيتو من الدكتور سمير جعجع على ترشيح الوزير سليمان فرنجية وهو سيقول للرئيس سعد الحريري انه لا يوافق على ترشيح الوزير فرنجية، وقد بدأت وسائل الاعلام القريبة من القوات اللبنانية تقول للرئيس سعد الحريري هل أصبحت قريبا الى هذا الحد من الرئيس بشار الأسد، ذلك ان الوزير سليمان فرنجية يعلن علناً انه مع نظام الرئيس بشار الأسد وان الرئيس الأسد هو اخ له، وهو معه في السرّاء والضرّاء، والدكتور سمير جعجع لا يناسبه ان يأتي خصمه الوزير فرنجية رئيسا للجمهورية، ويعتبر ان الرئيس سعد الحريري بخطوته السير بالوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية يكون قد طعن جعجع في الظهر، لكن الرئيس الحريري يقول ان جعجع اتفق مع العماد عون على اتفاق النوايا ولم يطلع الحريري على التفاصيل وقرر التحالف مع العماد ميشال عون دون ان يستشير الرئيس سعد الحريري في شأن هذا الموضوع، ولذلك من حق الرئيس الحريري ان يرشح الوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، لانه المخرج الوحيد لازاحة عون، فليس من شخصية مارونية تستطيع إزاحة عون من رئاسة الجمهورية وتسبب له احراجاً كبيراً مثل ترشيح الوزير سليمان فرنجية والطلب من العماد ميشال عون الانسحاب من الرئاسة.
الوزير وليد جنبلاط غادر الى باريس ليجتمع اليوم مع الحريري الذي يكمل استشارات بشأن ترشيح الوزير فرنجية لرئاسة الجمهورية، ولا ندري ما هو موقف الوزير وليد جنبلاط لكنه قد يؤيد مجيء الوزير فرنجية الى رئاسة الجمهورية، للانتهاء من الفراغ وإعادة المؤسسات وسير البلد وسير الحركة السياسية في البلاد ولان الوزير جنبلاط يضمن حقه في تمثيل الطائفة الدرزية أيا يكن الرئيس سواء كان فرنجية ام غيره، وهو زعيم الطائفة الدرزية بامتياز، ولا يهمه من يكون رئيسا للجمهورية، ويريد الوزير وليد جنبلاط الانتهاء من العماد عون كمرشح يفرض نفسه على رئاسة الجمهورية ويعطل النصاب، ويعتبر الوزير جنبلاط انه بترشيح الوزير سليمان فرنجية يكون قد سحب ورقة تعطيل النصاب من العماد ميشال عون واجبره على المجيء الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية او استطاع تأمين النصاب لانتخاب رئيس للجمهورية يكون الوزير سليمان فرنجية.
اما حزب الله فيعتبر الوزير فرنجية حليفه ويؤيده ويدعمه ويعتبر ان الوزير فرنجية هو في نفس خط المقاومة ومع سوريا، وان العلاقات تاريخية وليست جديدة مع الوزير فرنجية.
وبالنسبة الى الرئيس نبيه بري فهو يؤيد مجيء الوزير سليمان فرنجية بقوة، ويعتبر ان هنالك تنسيقاً دائماً مع الوزير سليمان فرنجية ظهر في الجلسة التشريعية عندما قرر الوزير فرنجية حضور الجلسة التشريعية بينما كانت القوات اللبنانية والعماد ميشال عون يقاطعون الجلسة التشريعية ما لم يتم وضع قانون الانتخابات على جدول الاعمال، لكن الوزير فرنجية قرر حضور الجلسة التشريعية ووقف ضد العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع في هذا المجال وأعطى رصيدا للرئيس نبيه بري وهذا ما اراح الرئيس بري كثيرا وزاد من التنسيق بين الوزير فرنجية والرئيس بري الذي اصبح يؤيد الوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية. وبالتالي الرئيس بري يريد ان ينتهي من العماد ميشال عون حتى شعبيا، فهو تأثر كثيرا لانه خسر مقعد سمير عازار في جزين من قبل مرشحي التيار الوطني الحر في المنطقة، كما ان الخلاف بين الوزير جبران باسيل وكتلة امل في شأن المغتربين ظاهر وواضح إضافة الى الخلاف بين الوزير جبران باسيل والرئيس نبيه بري حتى شخصيا من خلال أمور عديدة أهمها النفط، وتلزيمه والسيطرة عليه.
على هذا الأساس الخطوة التي قام بها الرئيس سعد الحريري لترشيح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية والاجتماع به في باريس هي خطوة موفقة سياسيا ضربت خطة العماد ميشال عون وسيضطر العماد عون للانسحاب لاحقا كي يترشح الوزير سليمان فرنجية مؤيدا من حركة 8 آذار ومن حزب الله ومن الرئيس نبيه بري ومن كتلة المستقبل والنواب المستقلين ويؤمن أكثرية كبيرة من الأصوات لانتخابه رئيسا للجمهورية.

الجمهورية :

يتركز الحديث في الآونة الأخيرة عن تسوية سياسية يصار بموجبها إلى انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وهذه الأجواء كناية عن معلومات في شِقّ منها، وعن مسار سياسي في الشِق الآخر والذي يدلّ إلى وجود حركة استثنائية غير مسبوقة إلّا في المحطات المفصلية والمفترقات الأساسية والتي لا يمكن سوى ان ينتج عنها شيء، وما يدعِّم هذا المناخ السرية التامة التي تطبخ فيها الأمور، ما يؤشر إلى جديتها، خصوصاً انها ترافقت مع لقاءات مكثفة يجريها الرئيس سعد الحريري كان قد بدأها مع أركان فريقه قبل أن يستكملها مع شخصيات أخرى ومن ضمنها النائب وليد جنبلاط، حيث تضمّن السطر الأخير من البيان الصادر عن اللقاء بينهما إشارة قوية إلى وجود تسوية تُطبخ على نار حامية، وذلك بمجرد تأكيدهما على «متابعة الاتصالات مع باقي المكونات الوطنية والقوى السياسية للبحث في سبل إطلاق هذه التسوية وإنجازها بأسرع وقت ممكن»، وهذه السرعة تذكِّر بالسرعة نفسها التي رافقت ولادة حكومة الرئيس تمام سلام. وفي حين تحدثت المعلومات عن انتقال رئيس حزب الكتائب سامي الجميل إلى باريس للقاء الحريري، طرحت أوساط جملة من التساؤلات السياسية: لماذا لا يصار إلى وضع حركة الحريري في إطار استمزاج الآراء في محاولة لتحقيق خرق سياسي في أعقاب المبادرة التي طرحها الأمين العام السيد حسن نصرالله، وذلك بدلاً من تحميلها أكثر من قدرتها على الاحتمال؟ وهل طرح اسم فرنجية مجرد شائعة ومناورة وجس نبض أم انه ينمّ عن توجّه جدي؟ ولماذا هذا الضباب الكثيف الذي يلف الجو السياسي في البلد؟ وهل ميزان القوى المحلي والإقليمي حسم لمصلحة محور الممانعة من أجل أن توافق 14 آذار على انتخاب فرنجية؟ وماذا عن موقف السعودية المتمسكة برحيل الرئيس السوري ورفضها أي مساومة في هذا الموضوع؟ واستطراداً هل ما ترفضه في سوريا يمكن ان تقبله في لبنان؟ وماذا عن موقف المكونات الحزبية والمستقلة في قوى 14 آذار، كما مصير هذه الحركة؟ وهل سيتخلى «حزب الله» عن رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون؟ وماذا عن ردّة فعل الأخير؟ لا يوجد في السياسة ما هو مستحيل، ولكن في الوقت نفسه يصعب تحويل المستحيل إلى أمر ممكن، خصوصاً في ظل المعوقات الكثيرة القائمة. فالولايات المتحدة التي أقرّ مجلس شيوخها بغالبية ساحقة من الحزبين الجمهوري والديموقراطي قراراً بتشديد الخناق على «حزب الله»، لن تكون في وارد ترييحه إلى حد إيصال الرئيس الذي يمثله ويحقق أهدافه؟
والرياض التي تخوض مواجهة شرسة مع محور الممانعة في كل الدول العربية حفاظاً على القرار العربي المستقل، لن تتهاون مع انتخابات رئاسية في لبنان تجعل الموقف الرسمي اللبناني داعماً لهذا المحور على حسابها؟ وتيار الاعتدال في الطائفة السنية الذي يخوض مواجهة مع التطرف السني، لن يسمح بانتخابات تزكّي حالة التطرف وترفع من منسوبه؟
وقوى 14 آذار التي رفعت عنوان «العبور إلى الدولة» ووضعت باقة من الشهداء والشهداء الأحياء، لن تتهاون مع انتخابات تقطع جسر العبور إلى الدولة وتزكّي خيار الدويلة؟
فلكل هذه الأسباب وغيرها من الصعوبة بمكان جعل هذا المستحيل واقعاً، ولكن لا شك أن لبنان دخل في مرحلة جديدة، وأن الأيام والأسابيع المقبلة كفيلة بتبيان الحركة الكواليسية وتظهيرها بشكل تسوية سياسية.
الحريري وجنبلاط
وكان الحريري قد استقبل، في مقر إقامته في باريس، جنبلاط يرافقه وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور بحضور النائبين السابقين باسم السبع وغطاس خوري ونادر الحريري.
وأشار المكتب الإعلامي للحريري أنه «تم خلال اللقاء التباحث بالاوضاع العامة في لبنان والمنطقة وبالأزمة السياسية المتمادية وما باتت تمثله من مخاطر جمة على ميثاق لبنان واستقراره وأمنه واقتصاده الوطني في ظل الأحداث الدامية في محيطنا العربي.
وتم الاتفاق على ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لإيجاد تسوية وطنية جامعة تحفظ ميثاقنا الوطني وتكرّس مرجعية اتفاق الطائف وتعالج بداية أزمة الشغور الرئاسي وتضع حداً لتداعي مؤسساتنا الوطنية وتطلق عمل المؤسسات الدستورية وتفعّل عمل الحكومة والمجلس النيابي وتؤمن المظلة السياسية والأمنية لحماية لبنان والنهوض باقتصاده الوطني من أوضاعه الحالية وتوجِد حلولاً للازمات الاجتماعية المتراكمة.
كذلك تم الاتفاق على متابعة الاتصالات مع باقي المكونات الوطنية والقوى السياسية للبحث في سبل إطلاق هذه التسوية وإنجازها بأسرع وقت ممكن».
عريجي لـ«الجمهورية»
ولم يشأ وزير الثقافة روني عريجي تأكيد حصول اللقاء بين الرئيس الحريري والنائب فرنجية أو نفيه، وقال لـ»الجمهورية»: «الاهمية لا تكمن في ما اذا كان اللقاء انعقد ام لا، فالجميع يلتقي الجميع، لكن المهم هو ان تجري حركة سياسية ايجابية تُخرج البلاد من المأزق السياسي الذي تتخبط فيه، ونأمل في ان تنتج هذه الحركة حلاً لمصلحة لبنان».
وأيّد عريجي كل مبادرة تحرّك الوضع السياسي في اتجاه ايجابي وتدفع كل الاطراف الى التحدث معا. ورأى انّ مبادرة الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله وتجاوب الرئيس الحريري معها فتحا كوة في جدار الازمة السياسية السميك.

«التيار الوطني الحر»
وفي معلومات لـ«الجمهورية» ان «التيار الوطني الحر» متريّث في التعليق على كل الحركة السياسية القائمة، في انتظار تبلور الصورة بشكل كامل واكتشاف مدى جدية العروض المطروحة.
كذلك ينظر «التيار» الى اي تسوية سياسية من منظار شامل، أي بما تتضمنه من اجوبة حول المطالب المسيحية لجهة مواصفات الرئيس، وقانون الانتخابات النيابية وتوازنات الحكومة».
وفي هذا السياق برز موقف حمّال أوجه للوزير جبران باسيل عن الأصيل والوكيل، حيث قال: «نحن شعب مفتوح أمامه بلاد العالم، والبرهان من هاجر وعمل ونجح، وحتى في تلك الارض التي هاجروا اليها سعينا منذ الـ 2003 الى إعطائهم حقهم بالجنسية حى تحقق ذلك بعد 12 عاماً، وهم لبنانيون في الأصل، فيما أعطينا اللبنانيين غير الأصيلين الجنسية، وفي كل مرة نستبدل الأصيل بغير الأصيل، الحقيقي بالمزيف».