التسوية السياسية تحتاج الى رجال أحرار وهذا هو المفقود في لبنان

 

السفير :

مع انكشاف معظم عناصر «شبكة برج البراجنة وجبل محسن»، باستثناء عدد قليل ممن هم قيد الملاحقة، تتصرف الأجهزة الأمنية ومعها «حزب الله» على أساس أن التهديدات الأمنية «عالية وجدية وقائمة في كل لحظة»، لكن هذه الجهوزية لا تمنع مسؤولاً أمنياً بارزاً من الاستنتاج أن تنظيم «داعش» تلقى حالياً ضربة قوية شبيهة بتلك التي تلقاها بعد انكشاف أمر الإرهابي نعيم عباس في شباط 2014 ومعظم المجموعة التي كانت تعمل معه، وبالتالي، سيحتاج بعد تفكيك «شبكة إبراهيم رايد» إلى فترة زمنية لإعادة تنظيم خلية جديدة شبيهة بالتي قتل أو أوقف معظم عناصرها، من دون إغفال احتمال وجود «خلايا نائمة»، خصوصاً في ظل وجود ما لا يقل عن عشرة إرهابيين خطيرين موزعين بين الشمال ومخيم عين الحلوة.
اكتملت صورة شبكة برج البراجنة وجبل محسن بالوقائع والأسماء والصور والأدلة، غير أن الجهد الاستعلامي الذي يندرج في خانة «الأمن الوقائي» لم ولن يتوقف، بحثاً عن خلايا ارهابية جديدة، وفي الوقت نفسه، ارتفعت وتيرة التدابير الأمنية سواء في الضاحية الجنوبية أو في مناطق لبنانية أخرى، فيما فُتح ملف التهريب عبر الحدود على مصراعيه مع انكشاف أدوار بعض من هرَّبوا الارهابيين من سوريا الى لبنان أو أمَّنوا لهم الإيواء لفترة زمنية معينة مقابل مبالغ مالية زهيدة.
وقال المسؤول الأمني لـ «السفير» ان جهد الأجهزة الأمنية سيتركز في المرحلة المقبلة على محاولة إقفال كل معابر التهريب في البقاع الشمالي، كما سيستمر العمل الأمني الدؤوب من أجل منع توفير بنية تحتية ولوجستية للإرهابيين اذا تمكنوا من عبور الحدود أو اذا تم تجنيدهم في لبنان، خصوصاً في ظل معطيات تشير الى وجود عشرات اللبنانيين الذين يشاركون حالياً في معارك على أرض سوريا والعراق ضمن تشكيلات «داعش».
ووفق المعلومات التي توافرت لـ «السفير» فإن لا مركزية بنية تنظيم «داعش» لا تمنع من تمتع التنظيم بمزايا لامركزية كثيرة على مستوى المجموعات التي تنضوي تحت رايته شرط توفر الآتي:
أولاً، اعتراف التنظيم بالمجموعة التي تعلن انتماءها اليه.
ثانياً، التعامل مع المجموعة بوصفها باتت تشكل امتداداً للتنظيم المركزي الأساسي في سوريا والعراق مع التأكيد على أهمية الالتزام القيادي والطاعة.
ثالثاً، الاستفادة من سهولة تنقل شخصيات قيادية بين التنظيم الأم والمجموعات العاملة خارج سوريا والعراق.
رابعاً، قدرة هذه المجموعات على الاستفادة من الموارد المالية والعسكرية والتنظيمية لـ «داعش».
خامساً، أهمية التزام خطاب «داعش».
سادساً، توافر آلية تواصل، وهذه النقطة مفتوحة على احتمالات شتى سواء عبر المواقع الالكترونية أو مواقع التواصل وصولاً الى استخدام بعض الألعاب التي يمكن تبادل الرسائل فيها والتواصل عبرها (نموذج «البلاي ستايشين» بآخر موديلاتها)، فضلاً عن استمرار صيغة الشيفرة المعمول بها منذ عقود طويلة من الزمن.
وما تتوقف عنده الأجهزة الأمنية اللبنانية هو وجود شخص مثل «أبو البراء» اللبناني (محمد عمر الايعالي) ضمن صفوف قيادات التنظيم في الرقة، إذ إن الأخير متصل مباشرة بأحد مساعدي أبو بكر البغدادي وهو أبو محمد العدناني، بدليل أنه نجح في إيصال عدد كبير من اللبنانيين عبر تركيا الى الرقة حيث كانوا يقدمون هناك «بيعة الحرب» أو «البيعة الشاملة» الى العدناني.
وفضلاً عن مشاركة العشرات في القتال، تمكنت الأجهزة الأمنية، وخصوصاً الأمن العام، من توقيف حوالي ثلاثين شاباً لبنانياً خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، معظمهم على عتبة العشرين من عمرهم وكانوا في طريقهم الى تركيا ومن ثم الرقة للمشاركة في دورات دينية أولاً وعسكرية ثانياً، عن طريق «ابو البراء»، كما تم إحصاء قيام لبنانيين بتنفيذ عمليتين انتحاريتين في العراق وحوالي 10 لبنانيين في سوريا منذ مطلع الصيف الماضي حتى الآن.
كما قُتل نحو 15 لبنانياً خلال الفترة نفسها في العراق وسوريا خلال مشاركتهم في معارك «داعش» وآخرهم نجل الشيخ عمر بكري فستق الذي يحمل الجنسيتين اللبنانية والإنكليزية.
ويستنتج الأمنيون المعنيون بمتابعة ملف «داعش» لبنانياً في ضوء هذه الوقائع والأرقام والمعطيات، أن الضغط الذي مارسته الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية بصورة يومية على هذه المجموعات، جعل معظم من تم تجنيدهم يتوجهون أو يحاولون التوجه الى سوريا، كما أن ضغط «التحالف الدولي» سابقاً و «عاصفة السوخوي» الروسية مؤخراً، جعل «داعش» يركز على أهمية المعركة التي يخوضها على أرض «الدولة» (العراق وسوريا)، لكن من دون أن يهمل باقي الساحات بدليل التفجيرات التي حصلت في فرنسا، والتي كان يُفترض أن تتزامن مع سلسلة تفجيرات في لبنان (برج البراجنة وجبل محسن) واسطنبول وبريطانيا وتونس، حيث أُحبط في الأخيرة هجوم كان سيطال شخصيات ومراكز حيوية في مدينة سوسة التونسية، بالتزامن مع هجمات باريس (الليلة نفسها).
وبحسب أمنيين لبنانيين يتواصلون مع أجهزة أمنية أوروبية وأجنبية، فإن لبنان وبرغم إمكاناته الأمنية المتواضعة كان قد وجه تحذيرات واضحة للأجهزة الأوروبية وخصوصاً الفرنسية غداة مجزرة «شارلي إيبدو» في السابع من كانون الثاني الماضي، بأن المطلوب من الفرنسيين عدم الاكتفاء في موقف المتفرج «إذ إننا نحن ندفع الفاتورة الآن ولكنكم ستدفعون الفاتورة قريباً».
واللافت للانتباه أن الفرنسيين أجابوا على التحذيرات اللبنانية بالكشف أنهم رصدوا غداة «مذبحة شارلي إيبدو» أكثر من أربعة آلاف اتصال ضمن الأراضي الفرنسية لمتضامنين مع منفذي المجزرة، معظمهم من حاملي الجنسية الفرنسية، وهم ألمحوا الى أن هذا ما نعرفه ولكن الأخطر هو وجود أرقام مضاعفة من المتعاطفين وربما يكون الكثير منهم قد تم تجنيده ضمن شبكات ارهابية.
والمؤلم في هذا السياق ما قاله مسؤول فرنسي كبير لنظيره اللبناني غداة تفجيرات باريس «بأننا لو كنا نعرف أن الكلب الذي نطعمه يمكن أن يعضنا لما كنا قد أطعمناه»، في أوضح اعتراف بالتسهيلات التي كانت أجهزة أجنبية تقدمها لـ «مجموعات جهادية» شرط أن تتحكم بالمسارات التي تتوجه اليها (مثلاً سوريا بدل مالي)!
ويلمح المسؤول اللبناني الى أن مسؤولاً في جهاز أمني غربي (دولة كبرى) أبلغه بصريح العبارة غداة عملية الكوماندوس الأميركية التي أدت الى مقتل «أبو سياف» في حزيران 2015، أن الأميركيين حصلوا خلال العملية المذكورة على وثائق بالغة الأهمية تكشف شبكة علاقات «داعش» وآليات عملها وبنيتها الإدارية، غير أن هذا «الكنز الأمني الذي لا يُقدَّر بثمن» لم يُترجم في أي بنك للأهداف، الأمر الذي يطرح علامات استفهام كبيرة، حول الشبكات التي كان يمكن اكتشافها والأهداف التي كان يمكن لـ «التحالف الدولي» ضربها. كما تطرح علامات استفهام حول عدم استهداف حقول نفط «داعش» واستمرار الحدود التركية ـ السورية مفتوحة في مسافة تتراوح بين 80 و100 كيلومتر، الأمر الذي يوفر يومياً تدفق مئات المقاتلين الأجانب!

النهار :

بعد ثلاثة أيام من الاعتداءات الدامية في باريس، ألقى الرئيس فرنسوا هولاند خطابا نارياً أمام جلسة مشتركة استثنائية لمجلسي البرلمان في قصر فرساي، متعهداً تكثيف الغارات الجوية على تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في سوريا "مصنع الارهابيين" الى تعزيز غير مسبوق للاجراءات الامنية في فرنسا، وأعلن انه سيدعو الولايات المتحدة وروسيا الى ائتلاف واسع ضد التنظيم المتطرف الذي تبنى الاعتداءات التي أسفرت عن مقتل 129 شخصاً وجرح نحو 350 في هجمات هي الأوسع تتعرض لها فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.

وبعدما شارك ظهراً في الوقوف دقيقة صمت وطنية حداداً على الضحايا في جامعة السوربون، تحدث هولاند أمام البرلمان قائلاً إن "فرنسا في حال حرب وهي تعرضت لهجوم ولطريقة العيش فيها من ارهابيين". وأضاف ان المخططين "يجب ان يعلموا بأن جرائمهم التي لن تتمكن من تثبيط عزيمة فرنسا ستزيد تصميمنا على تدميرهم"، مشدداً على ان "المطلوب ليس احتواء هذا التنظيم بل تدميره".
وأوضح ان باريس "ستكثف عملياتها في سوريا. لن يكون هناك تراجع ولا هدنة"، مذكراً بأن حاملة الطائرات "شارل ديغول" ستتوجه الخميس الى شرق المتوسط "مما سيزيد قدراتنا على التحرك ثلاثة اضعاف". ولفت الى ان "سوريا باتت أكبر مصنع للارهابيين يشهده العالم، والمجتمع الدولي لا يزال منقسماً وغير متجانس الى حد بعيد. اليوم، لا بد من مزيد من الغارات".
ورأى هولاند ان الرئيس السوري بشار الاسد "لا يمكن ان يشكل حلاً للنزاع السوري"، مؤكداً ان "عدونا هو داعش". وطالب بأن "يجتمع كل من يستطيعون فعلاً التصدي لهذا الجيش الارهابي"، وأيد مجدداً تشكيل "تحالف كبير ووحيد". وكشف انه سيلتقي "في الايام المقبلة" الرئيسين الاميركي باراك اوباما والروسي فلاديمير بوتين "لتوحيد قوانا"، وسيطلب من مجلس الامن الانعقاد لاصدار قرار يعبر "عن الارادة المشتركة لمكافحة الارهاب".
ومساء الاثنين، أفاد الاليزيه ان هولاند سيلتقي وزير الخارجية الاميركي جون كيري اليوم.

 

تدابير مشددة
وعلى الصعيد الداخلي، تحدث الرئيس الفرنسي عن اجراءات أمنية مشددة جداً، في ما بدا استجابة لمطالب المعارضة اليمينية بزعامة نيكولا ساركوزي. وقال إن مشروع قانون سيحال على البرلمان الاربعاء يلحظ تمديد حال الطوارئ ثلاثة أشهر، وان مراجعة الدستور ستجرى للسماح للسلطات العامة بـ"التحرك ضد الارهاب الحربي".
وهذا الاجراء يتيح خصوصاً فرض قيود على حركة التنقل واجراء تفتيش اداري. وكانت حال الطوارئ اعلنت ليل الجمعة - السبت بعد الاعتداءات. كذلك اعلن الرئيس الفرنسي استحداث 8500 وظيفة جديدة في الامن والقضاء، وشدد على ان "قضية دفاع الشرطيين المشروع عن النفس" ينبغي "التصدي لها من دون تأخير" على الصعيد التشريعي.
وأمل ان يشمل سحب الجنسية حاملي الجنسية المزدوجة "ممن ولدوا في فرنسا" في حال الارهاب، وهو مطلب آخر لليمين.
وخلص الى القول: "علينا ان نكون قادرين على طرد الاجانب الذين يشكلون تهديداً بالغ الخطورة في شكل أسرع".
ولم يلفظ الرئيس الفرنسي كلمة اسلام راديكالي في كلمته. وقال: "اننا لسنا في حرب حضارات، لكننا في حرب ضد الارهاب الجهادي".

 

المستقبل :

شكلت قمة الدول العشرين في انطاليا مناسبة للبحث المعمق في الأزمة السورية، أصل مشكلة الإرهاب المتفشي والذي بلغ أوروبا عبر الهجمات الأخيرة من باريس مرورا باسطنبول وليس انتهاء ببيروت، وبناء عليه، فإن محاربة الإرهاب لا تتم من دون حل للأزمة السورية، وفق ما رأى أغلب قادة العالم المشاركين في القمّة.
وأشار الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى «تقدم متواضع» في الجهود الديبلوماسية للتوصل الى تسوية للنزاع في سوريا، بعد محادثات دولية في فيينا. واضاف «سجلنا أخيرا تقدما متواضعا على الجبهة الديبلوماسية الحساسة (...) شهدت محادثات فيينا للمرة الاولى اتفاق جميع البلدان الرئيسية» في اشارة الى اتفاق في العاصمة النمسوية السبت الماضي حول انتقال سياسي في سوريا.
واعتبر في تصريح على هامش قمّة العشرين ان «هذه اهداف طموحة واضحة. لقد خابت الآمال الديبلوماسية في سوريا من قبل»، لافتا الى ان «هناك عددا من السبل يمكن من خلالها افشال هذه الدفعة الديبلوماسية». واشار اوباما الذي اجرى الاحد محادثة قصيرة غير معلن عنها مسبقا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الى انه ما زال هناك خلافات بين الرئيسين حول مستقبل بشار الاسد «الذي لا نعتقد ان له دوراً في مستقبل سوريا بسبب حكمه الوحشي». واضاف ان «ما يختلف هذه المرة وما يعطينا جرعة امل، هو ان جميع اطراف النزاع السوري وافقت للمرة الاولى على عملية لإنهاء هذه الحرب».
أما الرئيس الروسي فقال في اعقاب قمة مجموعة العشرين انه «من الضروري» تشكيل تحالف دولي لمكافحة الارهاب. واضاف «لقد تحدثت خلال جلسة الامم المتحدة احتفالا بعيدها السبعين، تحديدا عن هذا الامر، والاحداث المأسوية التي تلت ذلك اثبتت اننا كنا على صواب».
واعتبر بوتين ان «فرنسا هي احدى الدول التي تبنت موقفا متشددا حيال رحيل الرئيس الاسد شخصيا. لقد سمعنا مرارا من اصدقائنا الفرنسيين ان حل مسألة رحيل الرئيس الاسد شرط مسبق لاي تغييرات سياسية». وتابع «لكن هل حمى هذا باريس من اعتداء ارهابي؟ كلا». واوضح بوتين «بالنسبة لي لا يجب ان نضع في اولوياتنا مسائل هي بطبيعتها ثانوية! اول ما يجب القيام به هو توحيد جهودنا في مكافحة الارهاب والمنظمات الارهابية. ويجب على هذا الاساس الاتفاق على اصلاح سياسي» في سوريا.
وقال بوتين إن بلاده مستعدة لدعم المعارضة السورية بغارات جوية في القتال ضد «داعش». وأضاف: «يمكنني أن أؤكد أننا فتحنا قنوات اتصال مع.. المعارضة السورية في ميدان القتال وطلبوا منا تنفيذ غارات جوية«. واعتبر أن «جزءا من المعارضة المسلحة تعتبر أن هناك إمكانية لبدء عمليات عسكرية كثيفة ضد المنظمات الإرهابية، وضد داعش خصوصا«.
واعتبر أن الحرب المشتركة بين قوات النظام والمعارضة السورية ضد «داعش» من الممكن أن تصبح أساسا جيدا للتسوية السياسية القادمة، وقال «يتخيل لي أنه من الممكن أن يصبح ذلك قاعدة جيدة وأساسا جيدا للعمل القادم على ساحة التسوية السياسية«.
كما اكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، في تصريحات صحافية على هامش قمَة أنطاليا، أنه «لا يمكن حل المشاكل في المنطقة وفي مقدمتها الإرهاب واللاجئين، دون التوافق على حل يحظى بقبول كل من يعيش في سوريا«.
وتطرق اردوغان للملف السوري، مؤكدا أن الهدف الاساسي للجهود الرامية للحل في سوريا هو «ضمان وحدة الأراضي السورية، وإخلائها من الإرهاب، والتوصل إلى هيكل سياسي ذي شرعية«. وأضاف أن «ربط الإرهاب بأي دين، أمر خاطئ جداً، وإن موقفا كهذا يعتبر إهانة كبيرة لأتباع ذلك الدين، لأن حق الحياة مقدس في جميع الديانات«.
واعتبر «ربط الهجمات الإرهابية بقضية اللاجئين محاولة للتنصل من المسؤولية الإنسانية»، داعيا إلى «العمل لمكافحة الإرهاب، وبذل الجهود لحل أزمة اللاجئين بشكل متزامن«.
وفي المواقف التركية أيضا، قال وزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي اوغلو إن قادة العالم المشاركين في قمة مجموعة العشرين بتركيا لم يناقشوا احتمال شن عملية عسكرية برية في سوريا وإن تركيا لا تخطط لتقوم بهجوم كهذا بنفسها. وأوضح أن تدابير أمنية جديدة ستتخذ لمكافحة تنظيم «داعش» لكنه لم يتطرق للتفاصيل وقال إن تركيا تتبادل معلومات المخابرات مع حلفائها في أعقاب هجمات الجمعة الماضية التي نفذها مجموعة من المتطرفين في باريس. وقال أيضا إن احتمال ترشح الأسد في أي انتخابات بسوريا «ليس خيارا مطروحا«.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون امس في مؤتمر صحافي أثناء قمة مجموعة العشرين في تركيا «الناس تريد أن تعرف أن هناك خطة شاملة لمستقبل سوريا ومستقبل المنطقة لانه من الصحيح تماما القول إن بضع قنابل وصواريخ اضافية لن تغير الوضع«. وأضاف «كلما تمكنا سريعا من إضعاف وتدمير داعش أصبحنا أكثر أمنا لكننا سنكون آمنين فقط على المدى الطويل إذا استطعنا استبدال هذا الفضاء غير المحكوم... بحكومة سورية مناسبة«.
وأوضح أن الاختلافات في الرأي بشأن مستقبل الأسد كبيرة لكن الفجوة تقلصت على ما يبدو مضيفا أن هناك آمالا بأن تسير العملية بوتيرة أسرع.
وأبلغ كاميرون الرئيس الروسي خلال لقائهما على هامش القمَة أن قصف المعارضة المعتدلة في سوريا «خطأ». وأضاف «كانت الفجوة كبيرة بيننا نحن الذين يعتقدون أن الأسد يجب أن يرحل فورا وأمثال الرئيس بوتين الذين يدعمونه ويواصلون دعمه. أعتقد ان الفجوة تقلصت... أتمنى أن نتمكن من سد الفجوة بشكل أكبر لكن الأمر يتطلب حلا وسطا بين الجانبين«.

الديار :

طاولة الحوار تعقد اليوم في عين التينة وليس في مجلس النواب لاعتبارات امنية ناتجة عن نصائح اسديت للرئىس بري بنقلها الى عين التينة كون الاجراءات الامنية في محيطه افضل من منطقة الوسط التجاري، هذا بالاضافة الى تجنب الانتقال من عين التينة الى مجلس النواب في ظل ما تشهده البلاد من خطر ارهابي، وفي ظل معلومات عن رصد نشاط للخلايا الارهابية بالاضافة الى معلومات المخابرات الاجنبية عن اخذ الحيطة والحذر ووجود سيارات مفخخة وانتحاريين رغم الاشادة الدولية بعمل الاجهزة اللبنانية وسرعة اكتشاف منفذي تفجيري برج البراجنة.
في ظل هذه الاجواء الامنية تعقد الجلسة ولكن في موازاتها تلتئم للمرة الاولى في اجواء سياسية مريحة وغير متشجنة منذ بدء جلسات الحوار، وهذه الاجواء فرضها التضامن اللبناني الواسع بعد متفجرتي البرج ومبادرة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالدعوة الى التسوية الشاملة ورد الرئيس الحريري بايجابية مع التأكيد بأن المدخل للتسوية يكون بالانتخابات الرئاسية.
جلسة الحوار ستبدأ النقاش من حيث انتهت الجلسة الماضية اي بمواصفات رئىس الجمهورية واذا حسم هذا الامر دون الدخول في الاسماء، فانه سيتم الانتقال الى البند الثاني اي قانون الانتخابات، كما سيطغى الملف الامني على النقاشات وتحصين البلد والمبادرات كما سيطرح الرئيس سلام موضوع النفايات وربما فكرة الترحيل، ولذلك فان هناك تعويل بأن تخرج الجلسة باجواء ايجابية، خصوصاً ان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم جدد التأكيد على التسوية الشاملة. وقال: ان التسوية الداخلية التي طرحها السيد حسن نصرالله لا بديل عنها وتدعو الى تسوية فيها تبادل للتنازلات والمكاسب، واشار الى ان الجهة الوحيدة التي استطاعت ان تواجه الارهاب التكفيري هو مشروع المقاومة وهؤلاء الارهابيون لا يستطيعون الاستمرار.
في المقابل، اوحى نواب المستقبل بهذه الاجواء الايجابية. واشار نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ان التناغم الايجابي الذي لاحظناه بكلام السيد نصرالله عن «تسوية شاملة» وكلام الرئيس الحريري عن ان اي تسوية يجب ان تبدأ بانجاز الرئاسة يمكن ان يؤسس لامر ايجابي، وربما الى تكاتف كل القوى السياسية لتحصين البلد.
اما النائب سمير الجسر فاشار الى وجود اجواء ايجابية معتبراً ان مفتاح الحل انجاز الاستحقاق الرئاسي، وهذه الخطوة الاولى لاي تسوية سياسية.
واستبعدت مصادر سياسية مطلعة للحوار ان لا تفضي الجلسة او الجلسات القريبة الى مقاربات مشتركة حول «السلة الكاملة» التي دعا اليها السيد نصرالله. وقالت انه من المبكر الحديث عن حصول خرق ايجابي داخل طاولة الحوار، رغم ان خطر الارهاب اشعر الجميع بخطورة المرحلة وضرورة تحصين الوضع الداخلي.

ـ مصادر امنية: احد موقوفي الوطى من ضمن المجموعات الارهابية ـ

وفي الموضوع الامني، قالت مصادر امنية ان اعضاء الشبكة الذين اعتقلوا في احدى الشقق في وطى المصيطبة مع آخرين بينهم شخص خطير، وليس بعيداً عن المجموعات الارهابية التي جرى توقيفها في برج البراجنة، وتم التحقيق معه عن دوره، والشخص الذي اعتقل كان موضع متابعة من الاجهزة الامنية لعلاقاته واجتماعاته، علماً أن التحقيق سيتركز على «قرب» سكنه من السفارة الروسية. واشارت المعلومات ان السلاح الذي وجد في المبنى ربما كان قديماً ويتم التحقيق بالامر. واوضحت المصادر ان المشتبه الآخر الذي جرى تحويله الى القضاء وهو المدعو محمد عبدو طالب هو من الاشخاص الخطرين والذي كان من ضمن الرؤوس التي ادارت التحضير للعمليات الارهابية.
ولاحظت المصادر ان الاسلوب الذي اعتمده الارهابيون في تفجيري برج البراجنة واحبط جانب اساسي منه، هو نفسه الذي استخدم في الهجوم الذي تعرضت له العاصمة الفرنسية يوم الجمعة، وهو الاسلوب نفسه الذي كان اعد ضد جبل محسن، لو لم يتمكن الجيش من ضبط العبوة الناسفة وتمكن الامن الداخلي من توقيف الانتحاري الذي كان سيفجر نفسه هناك وكل ذلك بهدف ايقاع الفتنة سواء بين جبل محسن وباب التبانة او بين منطقة برج البراجنة ومخيم البرج.
اما على صعيد الشبكة التي تولت تفجيري برج البراجنة، فتبين وحسب التحقيقات ان المخطط الرئيسي للعملية هو احد قيادات داعش في الرقة «س.ش.» وان عبد الكريم الشيخ سوري الجنسية هو القائد التنفيذي للعملية في لبنان وكان يسكن في شقة في الاشرفية ويتولى الاتصال بعواد الدرويش والذي استأجر شقة في برج البراجنة، وان الارهابي ابراهيم رايد تولى نقل الانتحاريين والمتفجرات من الهرمل الى طرابلس مع الانتحاري ابراهيم الجمل كما ان عدنان سرور من بلدة اللبوة تولى المساعدة في نقل الارهابيين الى شقة في الدكوانة، وان الانتحاريين سوريين الاول يدعى وليد والثاني عماد وان العملية الاساسية كانت تستهدف مستشفى الرسول الاعظم عبر 5 انتحاريين لكنه تعذر تنفيذها بسبب الاجراءات الامنية لكنه تم استبدال العملية ونقلها الى برج البراجنة.
وتشير المعلومات ان توقيف الارهابي ابراهيم الجمل في طرابلس ساهم بكشف اعضاء الشبكة نتيجة ارتكابه «خطأ مميت» جراء عدم تخلصه من شريحة الخلوي الاساسية والتي جرى من خلالها التواصل مع شقة برج البراجنة وتمت مداهمتها وتوقيف اعضاء الخلية فيها لانهم كانوا يعتقدون ان ابراهيم الجمل حرق شريحة الهاتف، علماً أن هناك لبنانيين ما زالوا متوارين وهما: «ب.ب» و«ج.ب».

 

الجمهورية :

الضربات الإرهابية التي هزّت باريس بدّلت في أجندة المجتمع الدولي الذي وضَع في طليعة أولوياته مكافحة الإرهاب عبرَ اتّخاذ كلّ الإجراءات الكفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة التي أصبَحت عابرة للحدود وقادرة على هزّ استقرار أيّ دولة في العالم. والإرهاب الذي استهدفَ الضاحية الجنوبية مجدّداً، بعد فترة طويلة نسبياً من الاستقرار الأمني، يتّجه لتحويل أولوية القيادات اللبنانية من سياسية إلى أمنية، خصوصاً بعد إعلان أكثر من مسؤول سياسي وأمني دخولَ لبنان في حرب مفتوحة مع الإرهاب. وفي حال سَلكت الأمور هذا الاتجاه يَعني أنّ الأمن نجَح في تحقيق ما عجزَت عنه السياسة لجهة الدفع نحو تسوية سياسية تُعيد تفعيلَ عمل المؤسسات الدستورية، وتحصينَ الوضع الداخلي بشبكة أمان سياسية. وفي موازاة الدافع الأمني، أوجَدت دعوة الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله إلى تسوية على طريقة السلّة المتكاملة مناخاتٍ إيجابية وتفاؤلية، خصوصاً بَعد تلقّفِها سريعاً من جانب الرئيس سعد الحريري الذي اعتبَر أنّ المدخل لتحقيقها يَكمن في الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وفي الوقت الذي كانت فيه مصادر الشكوى من رفض الحزب الوصولَ إلى مساحة مشترَكة مع الفريق الآخر بفِعل التمسّك بشروطه ومرشّحِه، وجَّه نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم رسالةً قوية تَستكمل ما بدأه نصرالله، وقد تُشكّل خرقاً سياسياً يَفتح الباب أمام التسوية السياسية، حيث دعا إلى «تسوية فيها تَبادُل للتنازلات والمكاسب من أجل انتهاز الفرصة والانتقال من لبنان الذي يَشكو إلى لبنان المتعافي»، ما يَعني استعدادَ الحزب للتنازل، الأمرُ الذي يشكّل التحدّي الأبرز أمام هيئة الحوار لتلقّفِ هذا الجوّ وترجمتِه، هذه الهيئة التي تلتئم اليوم في عين التينة، بدلاً من مجلس النواب، تجَنّباً لانعكاس الإجراءات الأمنية على العجَلة الاقتصادية في وسط بيروت، وقد استبَقتها قوى 14 آذار في اجتماع تنسيقي يرمي إلى توحيد الموقف والرؤية من القضايا المطروحة، مِن مواصفات الرئيس إلى مبادرة نصرالله، وما بينهما الوضع الأمني. في ظلّ الاستنفار العالمي في مواجهة إرهاب «داعش» الذي هدّد أمس الدوَل التي تشارك في ضربات جوّية ضده في سوريا، بأنّها ستَلقى نفس مصير فرنسا، وتوعَّد بشنّ هجوم في واشنطن، ومع بقاء لبنان في دائرة الاستهداف، خصوصاً بعد التحذيرات الرسمية والأمنية من تكرار مشهد التفجيرات الإرهابية، ومع تزايُد الحديث عن تحرّك ديبلوماسي عربي ودولي مكثّف باتّجاهه، غابَ التشنّج عن الخطاب السياسي وسادت لغة التهدئة.
الجنرال براون
وقد وصَل الى لبنان عصر أمس قائد القوات الجوّية في القيادة الوسطى الأميركية الجنرال تشارلز براون آتياً من عمان، في زيارة الى لبنان تستمر حتى اليوم الثلاثاء.
وعلمت «الجمهورية» أنّ زيارة براون الى بيروت كانت مقررة سابقاً، لكن بَعد التفجير المزدوج في برج البراجنة والتفجيرات الارهابية التي شهدتها باريس اخيراً بدأت ترتدي طابعاً آخر.
وسيَبحث براون مع المعنيين في التنسيق لمكافحة الارهاب وفي تسليح الجيش اللبناني وتسريع تزويده بالذخائر والأعتدة وتكثيف برنامج التدريب لمواجهة الارهاب في ضوء تجارب الجيش الاميركي في الدول التي حاربَ فيها الارهاب.
وكان القائم بأعمال السفارة الاميركية في بيروت ريتشارد جونز زار وزير الخارجية جبران باسيل معزّياً «بالحادث المأسوي الذي وقعَ في برج البراجنة»، ومهنّئاً في الوقت نفسه «على ردّة الفعل السريعة من قبَل القوى الأمنية»، آملاً في «أن تتوصّل الى كشف كلّ الخيوط والقبضِ على الإرهابيين المسؤولين عن هذا الحادث الرهيب».
ولدى سؤاله: هل تتخوَّفون من الوضع الأمني في لبنان؟ أجاب: «من الواضح أنّ للناس مخاوفَ أمنية في كلّ أنحاء العالم، لذا لا يمكنهم أن يشعروا بأمان في أيّ مكان. وبعد الاعتداءات التي استهدفَت باريس أين يمكن أن يكون الأمان؟ لا يمكننا أن نشعر بالأمان إلّا بعد أن نضَع حدّاً لتفشّي وباء الإرهاب وليس هناك من أيّ مبرّر لقتل الأبرياء، أيّاً تكن القضية أو الغاية».

«14 آذار»
وفيما تشخصُ الأنظار الى طاولة الحوار الوطني التي ستنتقل اليوم الى عين التينة بدلاً من ساحة النجمة برعاية الرئيس بري الذي يقيم غداءً للمتحاورين، عَقدت قوى 14 آذار على جريِ عادتها عشية كلّ جلسة حوارية اجتماعاً تنسيقياً في «بيت الوسط» حضرَه، الى الرئيس فؤاد السنيورة وقياديّين من تيار المستقبل، نائبُ رئيس مجلس النواب فريد مكاري، رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل ومعه عضو المكتب السياسي الكتائبي سيرج داغر، الوزير بطرس حرب، الوزير ميشال فرعون، نائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان، النائب مروان حماده، منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد، وعددٌ من الشخصيات الحزبية والسياسية المستقلّة.
وقالت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» إنّ المجتمعين أجروا تقويماً للتطوّرات عشية الجلسة العاشرة لهيئة الحوار الوطني، وناقَشوا المبادرة التي أطلقَها السيّد نصرالله بهدف تكوين موقف موحّد منها، وقد تمّ تفنيد بنودِها المختلفة، مِن انتخاب رئيس الجمهورية الى التركيبة الحكومية المقبلة فقانون الانتخاب، وأجريَت قراءة متأنّية للظروف التي أملتها، وكيف يمكن تلقُّفها، بانتظار ما ستحمله جلسة اليوم من استعدادات، باعتبار أنّ الموضوع سيكون مطروحاً عليها بقوّة التوقيت الزمني وعلى خلفية الطارئ الأمني بعد جريمة التفجير المزدوجة في برج البراجنة.
وقالت المصادر إنّ التفاهم رسا على استمرار إعطاء هذه القوى الأولوية للانتخابات الرئاسية التي تشكّل المدخل للبنود والاستحقاقات الأخرى، خصوصاً بعد أن توصّلت هيئة الحوار الى مواصفات محدّدة تفرض البحث عن رئيس لا يشكّل تحدّياً لأيّ من الأطراف المتصارعة.
وفي المعلومات أنّ المجتمعين تبَلّغوا من الرئيس بري أنّه وجّه الدعوة الى هيئة مكتب المجلس يوم غدٍ الأربعاء لتشكيل اللجنة المكلّفة وضعَ قانون جديد للانتخاب على خلفية البحث عن قواسم مشتركة ضمن مشاريع القوانين الموجودة في مهلة شهرين. كما أنّ الإجراءات الإدارية لإصدار قانون استعادة الجنسية قد بوشِرت من أجل إصدار المرسوم الذي ستَجول به الأمانة العامة للمجلس على الوزراء لتوقيعِه دون الحاجة الى جلسة لمجلس الوزراء.
وتبَلّغ المجتمعون بأنّ رئيس الكتائب لن يشارك في اجتماع الهيئة اليوم انطلاقاً من موقفه الثابت من عدم دعوة مجلس الوزراء لمواجهة ما هو طارئ في ظلّ الظروف الأمنية التي عاشَتها البلاد ولا سيّما التفجيرات الأخيرة التي لم تستدعِ برأي المعنيين دافعاً إلى عقدِ جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، وقضايا مختلفة يجب أن يواكبَها مجلس الوزراء تشَكّل همّاً يومياً لمختلف الفئات اللبنانية.
وعلمَت «الجمهورية» أنّ المجتمعين تطرّقوا أيضاً إلى انتخابات نقابة المحامين وما رافقَها من تباينات أدّت إلى سقوط مرشّح هذه القوى.
التسوية السياسية
وعشية الحوار، تواصَلت الدعوات الى الإفادة من المناخات الإيجابية، فيما دعا «حزب الله» الى تلقّف المبادرة التي طرَحها الامين العام للحزب السيّد حسن نصر الله أخيراً.
وفي هذا السياق، اعتبَر الشيخ قاسم أن «لا بديل عن التسوية الداخلية التي طرَحها السيد نصرالله»، مؤكّداً «عقمَ انتظار التطوّرات الخارجية»، مشيراً إلى أنّ «الفرصة لا زالت سانحة في ظلّ استقرار أمني معقول ومناسب، فنستطيع أن نلملمَ أوضاعَنا وأن نناقشَ ونتحاور ونصل إلى النتائج المطلوبة».
وقال قاسم: «ليَكن معلومًا أنّ التسوية فيها تنازلات ومكاسب، لا يوجَد تسوية بمكاسب فقط، أي علينا نحن أن نتنازلَ مقابل ما نَربح، وعليهم هم أن يتنازَلوا مقابل ما يربحون، لا يوجَد في التسوية رِبح خالص وخسارة خالصة».
وأضاف: «نحن ندعو إلى تسوية فيها تبادُل للتنازلات والمكاسب من أجل انتهاز الفرصة والانتقال من لبنان الذي يَشكو إلى لبنان المتعافي»، وأكّد أنّ «هذا الأمر يتطلب شجاعة وإقدامًا، ونحن نملك هذه الشجاعة ونتمنّى أن يملكها كلّ القادة في لبنان».
قزّي
وقال وزير العمل سجعان قزي لـ»الجمهورية»:»المسألة ليست إيجابيةَ أو عدمَ إيجابيةِ كلام السيّد نصرالله، لا شكّ في أنّ ما قاله إيجابي من الناحية الحوارية، لكن في المقابل لا يجوز أن نضطرّ إلى إجراء تسوية سياسية كلّما كان لدينا استحقاق دستوري، فهذا يعني أنّ لبنان ليس وطناً نهائياً، لأنّ التسويات لا تجري كلّ يوم وكلّ سنة وكلّ 5 سنوات.
أمّا إذا كان يعني بالتسوية التفاهمَ على رئاسة الجمهورية، فالتفاهم يكون بالاتفاق على رئيس يثير ارتياحَ مختلف الاطراف ويَجري انتخابه من دون دفتر شروط مسبَق. فإذا كان هذا الغرَض فنحن نتفهّمه».
لا مجلس وزراء
ومع استمرار عمل الحكومة في إجازة، اعتبَر رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع أنّ «من العار أن لا تجتمع الحكومة في لبنان بعد أربعة أيام على تفجير الضاحية وسقوط 45 شهيداً لبنانياً».
من جهته استغربَ حزب الكتائب عدمَ انعقاد مجلس الوزراء بشكل استثنائي فورَ حصول التفجير في برج البراجنة، وحمّلَ «الحكومة بكامل مكوّناتها، مسؤولية وضعِ المصلحة الوطنية العليا وهموم الناس الأمنية والمعيشية والحياتية فوق أيّ إعتبار آخر».

الاخبار :

بعد إحباطهم اتفاقاً منجزاً لإطلاق سراح العسكريين الرهائن، عاد إرهابيو جبهة النصرة إلى المناورة. مطلبهم الجديد أعاد المفاوضات إلى النقطة التي كانت عليها قبل عام، عندما طالبوا بالحصول على بلدتين في منطقة القلمون السورية، مقابل الإفراج عن المخطوفين

  

عاد خاطفو العسكريين في جرود عرسال إلى التسويف. وبعدما لبّت الدولة اللبنانية كل مطالبهم، ووصل الاتفاق عبر الوسيط القطري إلى نهايته، نبش إرهابيو «تنظيم القاعدة في لبنان الشام ــ جبهة النصرة»، مطلباً كانوا قد اقترحوه على أبواب الشتاء الماضي، قبل عام بالتحديد. يريدون بلدتين في القلمون السورية، لإطلاق سراح الجنود الرهائن.

هذا المطلب الذي خرج إلى العلن أمس، طرحه إرهابيو «النصرة» في جرود عرسال، على والد الجندي الرهينة وائل حمص، الذي زار الجرود قبل أيام للاطمئنان إلى ولده. كذلك طلبوا منه نقل بند آخر من لائحة مطالبهم التي لا تنتهي، هو إطلاق سراح خمس موقوفات في لبنان بجرائم الإرهاب.
المفاوضات مع الخاطفين كانت قد توقفت منذ نحو شهرين. وصلت حينذاك إلى خواتيمها، بعدما دخلت مرحلة البحث في مكان تنفيذ الاتفاق الذي نص على إطلاق نحو 50 موقوفاً من السجون اللبنانية، في مقابل إطلاق النصرة جميع الجنود الذين لا تزال تحتفظ بهم رهائن. بعد ذلك، اختفى الوسيط القطري. وأول من أمس، أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أنه طرح أخيراً خلال زيارته لقطر «عرضاً يتضمن مخارج إضافية» لملف الجنود الرهائن، متوقعاً أن «تشهد القضية دفعاً إلى الأمام».
ولفت إلى أن «المسؤولية لا تقع على الدولة اللبنانية، بل على الأطراف الخاطفة التي تستثمر هذا الملف وفقاً لأجندة خاصة بها»، مذكّراً بأن «الدولة اللبنانية قبلت بمبدأ المقايضة في عملية التفاوض، ما يثبت أن الدولة لم تقصّر ولم تترك مجالاً أو باباً لاستعادة العسكريين إلا طرقته، وأقدمت عليه من دون تردد».
أمنياً أيضاً، استمرت الأجهزة الأمنية بملاحقة من بقي طليقاً من أفراد الخلية التي نفّذت جريمة برج البراجنة الإرهابية، ومن ساعدهم. ولم يحصل جديد في هذا المجال أمس. وأعلنت عائلة سرور في اللبوة أنها تطالب القضاء اللبناني بإنزال أشد العقوبات بأحد أبنائها الموقوف بتهمة تهريب أحد انتحاريي برج البراجنة، في حال ثبوت تورطه في ما يُنسب إليه. 


وأصدرت قيادة الجيش أمس بياناً أعلنت فيه إحالة استخبارات الجيش على القضاء موقوفاً بتهم الإرهاب يُدعى محمد ط، إثر إقراره بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية، وانضمامه إلى مجموعة علاء كنعان الذي ورد اسمه في ملف فندق «دي روي»، وإخفاء أحزمة ناسفة. كذلك يُشتبه في مشاركته بالاعتداء على رجال أمن في بلدة فنيدق العكارية، إضافة إلى تخطيطه للاعتداء على مركز للجيش قرب البلدة.
سياسياً، يستمر الهدوء مسيطراً على الخطاب السياسي لطرفي النزاع الداخلي، رغم عدم تحويل هذا الهدوء إلى «خطوات عملية» تُسهم في وضع مبادرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله موضع التفاوض الجدي. وكان نصر الله قد اقترح في آخر خطابين له الاتفاق داخلياً على انتخاب رئيس للجمهورية وعلى عمل الحكومة ومجلس النواب، من دون انتظار الخارج.
وبانتظار جلسة طاولة الحوار اليوم، تفاعلت أمس قضية انتخابات نقابة المحامين، بعد سقوط مرشح القوات اللبنانية بيار حنا، إذ قدم رئيس مصلحة المحامين في القوات المحامي روبير توما استقالته من رئاسة المصلحة إلى رئيس الحزب سمير جعجع الذي قبلها. لكن القضية لم تكن نقابية فحسب وتتعلق بإدارة المعركة قواتياً. إذ تكشفت نتائج المعركة سياسياً عن وقوف بعض النواب المسيحيين المستقلين إلى جانب المرشح العوني، أي النقيب الجديد أنطونيو الهاشم، وأبرز هؤلاء النائبان المحاميان بطرس حرب وهادي حبيش، الذي رفض علناً أمام المحامين التصويت لمرشح القوات، إضافة إلى نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري. وفيما قدرت بعض المصادر أن النواب الثلاثة تمكنوا من التأثير في ما يقارب خمسين صوتاً فحسب، أشارت إلى أن حزب الكتائب انحاز بعد الدورة الأولى أيضاً إلى المرشح العوني.
وجاءت خلفيات التحول في مواقف نواب ١٤ آذار كجزء من ارتدادات المعركة التي قادها جعجع أخيراً بالتحالف مع العماد ميشال عون في شأن الجلسة التشريعية، وانتقاد جعجع لدور بعض النواب المستقلين ووقوفهم في وجه «الإجماع المسيحي»، عبر موافقتهم على حضور الجلسة قبل التوصل إلى التسوية الأخيرة.