بقلم : احمد المالكي

بلا شك أنّ هجمات باريس الداميه ليلة الجمعه وصباح السبت شيء مرعب ولا يمت للأديان بأيّة صلة

لأن الأديان السماوية لا تحض على القتل ولا العنف ولا الإرهاب .

ماحدث في عاصمة النور باريس هو نتيجة سياسات غربية فاشلة في الشرق الأوسط  أتت بظلالها على العالم كله وكانت النتيجة سيئة للغايه بظهور جماعات متطرفة امتدت فيما بعد الي الغرب وهذا ما حذّرنا منه على الـقل منذ بداية الأزمة السورية والتباطؤ في حل الأزمة السورية طال الجميع .

أوروبا الآن في حالة فزع مّما حدث في باريس والجميع أعرب عن صدمته بداية من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مروراً بميركل وأوباما وأردوغان وعدد من الدول العربية على رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر ومصر .

الجميع أصابته الصدمة ممّا حدث في فرنسا من أحداث ليلة دامية قد تغير في الكثير من الأمور الأيام القادمة .

الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أعلن حالة الطوارئ وأغلق الحدود واستدعى الجيش للنزول إلى الشوارع بعد الهجمات الدامية التي راح ضحيتها 129 قتيلاً وأكثر من 300 جريح بينهم 100 حالة حرجة

واعتبر هولاند أنّ فرنسا في حالة حرب مع جيش داعش الإرهابي وأنّ هذا الجيش معاد لفرنسا وقيمها

واتخذت دول اوروبية نفس الخطوات والإجراءت منها بلجيكا وايطاليا .

وهناك دول أعلنت عدم استقبال المهاجرين السوريين الذين هم بوجهة نظري سوف يدفعون الثمن غالياً بعد هذه الهجمات خاصة أن بعض المحللين وبعض الجماعات اليمينية المتطرفة في أوروبا طالبت قبل هذه الهجمات بعدم استقبال المهاجرين السوريين لأنهم يرون أنّ هؤلاء المهاجرين يشكلون خطراً عليهم .

وأعتقد أنّ هذه الجماعات سوف تكون في موقف قوي بعد هذه الأحداث الدامية وسوف تحاول هذه الجماعات أن تحرض على العنف ضد المهاجرين خاصة المسلمين .

وبداية هذا التحريض بدأ من فرنسا حيث طالب اليمين المتطرف إغلاق المساجد وأعلنوا أن فرنسا سوف تشهد حرب أهلية في محاوله منهم لإثارة الكراهيه ضد المسلمين الذين يدفعون الثمن بعد كل حادث إرهابي .

الأمر قد يتكرر في عواصم دول أوروبية  لكن ما الذي يمنع ذلك أن يحدث بهذه الشراسة في دول أوروبية مجاورة لفرنسا خاصة أن أجهزة الأمن الأوروبية أعلنت أنّها أحبطت عدداً من الهجمات كان مخطط لها بعد هجمات باريس .

أعتقد أنّه لابد من الإسراع في ايجاد حلول سياسية سريعه لكثير من المشكلات في الشرق الأوسط بداية من الأزمة السورية مروراً بالعراق ولبنان وليبيا .

واذا كان البعض يظن أنّ الحلول العسكرية فقط سوف تكون مجدية وسوف تاْتي بنتيجة ، فهذا غير صحيح

الحل العسكري لابد أن يكون موازياً  للحل السياسي وعلى الجميع أن يتعاون في ايجاد حلول سريعة لأن الإرهاب الآن طال الجميع .

نحن الآن أمام معضلة كبيرة اسمها داعش والتي انتشرت سريعاً في كل أنحاء العالم مستخدمين مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أفكارهم الإرهابية .

ورغم الضربات الموجعه التي يشارك فيها التحالف الدولي بالإضافة إلى ضربات الروس إلاّ أنّ التنظيم ما زال موجوداً ولا أحد يعلم هل سوف ينتقل مركزه من سوريا ويجعل مركزه في ليبيا أو في سيناء كما يتوقع البعض لأنّ سوريا والعراق أصبحت غير آمنة لقيادات هذا التنظيم أم أنّ التنظيم قادر على البقاء وتحقيق النصر واستعادة الأماكن التي فقدها في الأيام الأخيرة .

بشار الاسد خرج علينا سريعاً بعد هجمات باريس ولسان حاله يقول إنني أحارب الإرهاب وأنتم  لم تصدقوني وأنكم تحصدون الآن نتيجة سياسات غربية خاطئة فهنيئاً لكم بهذا الإرهاب .

وأعتقد أنّ بشار الأسد أكثر من فرح فرحاً شديداً  بهذه الهجمات على باريس لأنّه المستفيد هو وحلفائه من الروس والإيرانيين .

خاصة أنّ بعض الشخصيات الإيرانية طالبت فرنسا بإعادة النظر في علاقاتها مع المملكة العربية السعودية وهي محاولة من هذه الشخصيات لإشعال الموقف وأنّ السعودية هي من تقف وراء هذه الجماعات وهي من تمولها وهذا ما يريده هؤلاء بهذه التصريحات الغير مسؤولة .

الآن الجميع في مركب واحد وإذا لم يدركوا ذلك سوف تغرق المركب ويدفع الجميع الثمن .

وأعتقد أنّ اجتماع فيينا حول سوريا أدرك فيه وزراء الخارجية الذين اجتمعوا السبت ذلك وغيروا جدول الأعمال الذي كان مخصصاً ومقرراً بشاْن سوريا والذي خرج أيضاً بخارطة طريق سياسية لنهاية الأزمة السورية لكن حتى كتابة هذا المقال لم يكن هناك تفاصيل أكثر بهذا الشاْن إلا أن الذي خرج من أروقة الإجتماع أنّ السعودية أبدت مرونة في بقاء الأسد بشرط رحيله في نهاية الفترة الإنتقالية وإلا فإنّها سوف تدعم الحل العسكري وتدعم المسلحين المعارضين لبشار الأسد .

كما طالب أردوغان الجميع بضرورة عقد اجتماع دولي حول الإرهاب رغم أن أردوغان متهم بدعم هذه الجماعات وأنه هو من فتح الحدود لداعش للدخول عبر الأراضي التركية إلى سوريا .

وأعتقد أن الدرس الآن للجميع أن جماعات الإسلام السياسي بداية من جماعة الإخوان الإرهابية هي جماعات ارهابية ولا يجب التحاور معها باْي شكل من الأشكال لأنه لا أمان لها وهي سبب هذا الإرهاب الذي يعاني منه العالم الأن .

لكن هل سوف تتخذ أمريكا وأوروبا موقفاً معادياً من جماعة الإخوان وجماعات الإسلام السياسي أم أنها ما زالت لم يتغير موقفها من هذه الجماعات حتى بعد أحداث باريس الدامية ؟ وهل سوف ترسل أمريكا وبعض الدول الأوروبية قوات بريه لمواجهة داعش في سوريا والعراق أم أنها سوف تكتفي بالضربات الجويه وتشديد الإجراءت الامنيه على مطاراتها فقط ؟ وماذا سوف يفعل الغرب مع المهاجرين السوريين ؟ هل يعودوا من حيث جاؤوا ؟

هذه الأسئلة كلها سوف تجيب عنها الأيام القادمة .

ونتمنى ألاً يشهد العالم أحداث دامية أخرى بعد أحداث بيروت وأحداث باريس وكفى ما سقط من دماء لأبرياء لا ذنب لهم في صراعات لا هدف لها غير الخراب والدمار .