تؤكّد دراسات عديدة أنّ مدى حبّ شخصين وغرامهما ببعضهما البعض لا يُحدِّد ما إذا كانا سيستمرّان معاً، إذ تؤدّي نوعية علاقتهما دوراً مهمّاً في هذا المضمار.يضجّ المجتمع بقصَص الحبّ والمغرَمين، وتكثر الأحاديث عن أشخاص ارتبطوا بعلاقات غرامية لم تصل إلى خواتيمها السعيدة بسبب مشاكل وصراعات تنشب بالتواتر.

وقد تقف وراء هذه المشاكل غيرة طرف على الآخر أو طلب أحدهما المزيد من الاهتمام من شريكه، أو عدم الشعور بالأمان، أو تدخّلات الأهل، وغيرها من الأسباب. فوجود الحبّ وحده لا يكفي لضمان استمرار العلاقة، إنّما يجب على الطرفين إرفاقه بعادات سليمة يبنيان عليها علاقتهما.

نوعية العلاقة

أكّد الباحث الأميركي في شؤون العلاقات العاطفية والزواج براين أوغولسكي وجود 4 أنواع من العلاقات العاطفية بين المتحابّين، وهي العلاقة الدراماتيكية، العلاقة التي تمزّقها الصراعات، العلاقة المبنية على المشاركة الاجتماعية والعلاقة التي يركّز فيها كلّ شريك على الآخر. ويشير أوغولسكي إلى أنّه يمكن تحديد مدى إمكانية استمرار أي ثنائي سويّاً من خلال دراسة نوع العلاقة التي تجمعه.

وأجرى أوغولسكي دراسة في جامعة "إلينوي" الأميركية، تابَع خلالها 376 ثنائياً غير متزوّج، أعمارُهم في منتصف العشرينات، وذلك لمدّة 9 أشهر.

وخلصت الدراسة إلى أنّ العلاقات الدراماتيكية تشكّل 34 في المئة من مجمل العلاقات. فهذا النوع من الشركاء علاقته مضطربة ولا يمضي وقتاً كافياً سَوياً، وهو الأكثر عرضةً للانفصال بحسب الدراسة.

أمّا العلاقات التي تتخلّلها الكثير من المشاكل، فتشَكّل 12 في المئة من مجمل العلاقات. وتؤكّد الدراسة أنّ هذه العلاقات أكثر ثباتاً من الدراماتيكية، علماً أنّ المشاكل بين الثنائي تقلّل أيضاً من احتمال تكلّلِ علاقتهما بالزواج.

أمّا النوع الثالث من الأزواج الذي كشفت عنه الدراسة هو المتفاعل اجتماعياً. ويتشارك هذا الثنائي الحياة الاجتماعية مع الآخرين ويُعتبَر طرفاه منفتحين على المجتمع. هذا الثنائي يشكّل 19 في المئة من نسبة العلاقات. وأوضحَت الدراسة أنّ هؤلاء الأشخاص كانوا الأكثر تأثّراً بالمجتمع وبما يدور حولهم ولكنّ استعدادهم للزواج والارتباط لم يتغيّر.

وتشير الدراسة إلى نوع رابع من الثنائي، وهو الذي يركّز كلّ طرف فيه على شريكه تركيزاً كبيراً ويجعله فوق كل ّاعتبار. وتؤكّد أنّ هذا الثنائي يشكّل 30 في المئة من نسبة المتحابّين. وفي حين تلفت الدراسة إلى أنّ مستوى الاهتمام بالشريك في هذه العلاقة قد يتغيّر مع الوقت، إلّا أنّ هذه العلاقة أبرزت مستويات عالية من التفاعل الإيجابي بين الطرفين وصُنّفت الأكثر ضماناً لبقاء الشريكين معاً والزواج.

مبادرات إيجابية وضامنة

من جهته، يكشف الخبير الأميركي في العلاقات العاطفية جايمس مايكل ساما عن تصرّفات وعادات وطريقة عيش تضمن بقاء الثنائي سَويّاً لأطول فترة ممكنة.

ويؤكّد ساما أنّ المشاجَرة بين الشريكَين لا تعني أنّ علاقتهما انتهت، ولكنّه في المقابل ينَبّه من تواتر المشاكل، كونه يقضي على العلاقة.

وينصَح الخبير الأميركي الشريكين بقول كلمة "أحبّك" دون تردّد. ويؤكّد أنّ قول هذه الكلمة لا يكلّف شيئاً ولكنّه يبدّد الشكوك والشعور بعدم الاطمئنان والأمان الذي قد يساور الآخر.

ويشدّد على أهمية اعتبار كلّ شريك أنّ عائلة الآخر هي عائلته أيضاً، ومعاملتها بطريقة جيّدة بعيدة من المشاكل. وينصَح الثنائي بالمحافظة على حياته الشخصية وبعدم نشرِ مشاكله على مواقع التواصل الاجتماعي، والاستعاضة عن الجمَل الهادفة إلى إيصال رسالة سلبية للآخر بصوَر جميلة للثنائي.

ويلفت ساما إلى أهمّية الالتزام بالوقت في إطار العلاقة، لأنّ تأخّرَ الثنائي عن موعد عشاء معيّن مثلاً قد يفسِد الجوّ الجميل ولحظات الاستمتاع سويّاً.

ولا يجب إهمال المحبوب عندما يكون مضغوطاً، بل يجب دعمه. فبين ضغوط العمل وضغوط المنزل قد يَطفح الكيل.

وفي هذه الحالة تُعتبَر مساعدة الشخصين لبعضهما البعض مهمّة، وخصوصاً فيما يتعلّق بالأعمال المنزلية. ويؤكّد ساما أنّ الغسيل والجلي والطبخ أعمال ليست فقط من اختصاص المرأة.

ويبقى الاهتمام بالشريك أثناء مرضِه مهمّاً أيضاً في إطار إرساء علاقة متينة. ويؤكّد ساما ضرورة الاهتمام بالشريك المريض حتّى لو كان يبالغ بادّعاء التعب والمرض.

أمّا في الحياة اليومية، فالاهتمام بالتفاصيل التي تُسعِد الآخر وتُشعِره بالحب، كإرسال الورود إلى مكتب الحبيبة أو تحضير عشاء رومانسي للشريك، مبادرات تقوّي الروابط وتضفي جوّاً من الرومانسية على العلاقة.

ويبرز تقديم التنازلات في إطار الحب وغضّ النظر عن تفاصيل يمكن تفجير مشاكل كبيرة حولها من الشروط الأساسية لضمان سعادة العلاقة. ويتجلّى ذلك مثلاً من خلال التنازل ومرافقة الشريك إلى عشاء مع أصدقائه أو زملائه حتّى لو كان ذلك لا يروق لك، والتفكير قبل افتعال مشكلة حول أمور تتعلق بتفاصيل الحياة معاً.

ويشير ساما إلى أنّ الشريكين قد يتشاجران أحياناً إذا أهمل أحدهما تنظيفَ الحمام بعد الاستحمام، وينصَحهما بالتروّي وتجنّب مشاجرة من هذا النوع لا تقف وراءَها أسباب خطيرة.

وفي الختام يُعتبَر تشارُك الخبرات الجديدة سويّاً مهمّاً جداً لتقوية العلاقة العاطفية. وتتدرّج النشاطات التي يمكن ممارستها سويّاً بين البسيطة جداً كمشاهدة فيلم أو التي تتخلّلها مغامرة مثل القفز من مظلة.

(الجمهورية)