يبدو أن غالبية اللبنانيين من سياسيين ومواطنين غير مدركين أو أنهم لا يريدون أن يدركوا حجم الخطر الحاصل بوطنهم , وما سوف تؤول اليه الامور على الصُعد كافة بالتزامن مع التصعيد الاقليمي الذي يزداد تأثيره على لبنان , فلذلك لم نسمع جوابا على سؤالٍ يطرح نفسه كل يوم , كيف يمكن أن نحمي بلدنا ؟ . الظاهر أن لبنان بالنسبة إلى البعض هو آخر أولياته , حسب رغبة حلفائه الاقليميين والدوليين , والبعض الآخر لا يزال مغشوشا ويعتقد أن ثمة مظلة دولية إقليمية تحمي لبنان , أو قادرة على حمايته , فمنذ أربع سنوات والمشهد الاقليمي يستعر كالبركان الذي يقذف القتلى والجرحى والمهجرين , فيحصد يوميا المزيد من الضحايا سواء في سورية أو العراق أو اليمن أو فلسطين أو ليبيا ....والدول المستقرة آنيّا ليست بعيدة عن لهَبْ البركان , وما شاهدناه ورأيناه من المواقف الاميركية والاوروبية لا يُبشّر بخير . إن حالة المناكفات السياسية التي يعيشها الوسط السياسي اللبناني , ويجرّ معه غالبية الشعب اللبناني إلى التمزّق الاجتماعي , فضلا عن التمزّق السياسي والمذهبي , والاصرار على مواقف من دون الاستعداد للتنازل لبعضهم البعض مهما كلف الامر , يضعنا في صورة سوداوية مقززة , والاكثر سوداوية هو أن اللبناني تكيّف مع هذه الحياة السياسية وكأنه لا أزمة تحيط به , من شغور رئاسي الى تعطيل حكومي مرورا بالاخطار الامنية التي تتكشف كلّ يوم بإلقاء القبض على إرهابيين هنا وإرهابيين هناك , وصولا الى التلميح بعدم إمكانية الدولة تأمين رواتب العسكريين والموظفين . مع كل هذه التعقيدات الداخلية , تسمع مَنْ ينادي بقضايا شخصية محض ويُعطّل كل شيء من أجل تعيين موظف أو ترقية عسكري , تشعر وكأنك أمام أولاد يلعبون بالكرة في زاروب حي من أحياء الريف , ويتقاذفوف الكرة عشوائيا والكل يدعي أنه مدرّب وأستاذ . ترف سياسي أو تآمر على مصلحة الناس , أو إملاءات إقليمية ودولية , فاقل ما يقال فيها أنها طبقة سياسية عَفِنة " طلعت ريحتها " , وفاحت بشكل مقرف ومقزز , فماذا تقول فيهم في ظل حقل ألغام يحيط بنا , مع المازق السياسي الذي حوّل لبنان الى بيئة حاضنة لكل الازمات , الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية والثقافية , والامنية , وخلاصتها أن لبنان أوهن من بيت العنكبوت . بعد تعذّر التوافق اللبناني الداخلي , لم يبق غير الحل المفروض بتسوية من الخارج , وهذا أيضا بعيد المنال الان لأن العالم مشغول بتسويات أخرى , بل إنه شبه مستحيل في ظل الاوضاع الاقليمية والدولية , وهذا ما أشار أليه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله , بخطابه الاخير في اليوم العاشر من المحرّم , عندما قال : لا تنتظروا حلولا من أحد . فالمنطقة تعيش كلها في حالة من الفوضى التي يحتاج ترتيبها الى وقت طويل , ولا ندري أين موقع لبنان من الترتيب الآتي وما هي مصلحته بين مصالح الدول الكيرى .