كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي تخوَّف من اهتزاز الاستقرار الأمني في لبنان، معطوفاً عليه كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصر الله الذي حذَّر من سياسات تودي بآخر نعمة متبقّية في البلد، والمقصود الاستقرار، دفعَ المراجع المولجة بمتابعة هذا الملف إلى إعادة تقويمه.

من وجهة نظر المحافل اللبنانية المتابعة لمسار الاستقرار الأمني، والتي يقع هذا الملف ضمن مسؤوليّاتها واختصاصها، فإنّها لا تزال على ثقة بأنّ الاستقرار لن يهتزّ لأسباب عدّة، منها الفيتو الدولي ضدّ الفوضى في لبنان كونها تؤدّي إلى "خنق سوريا"، ما يزيد من تعقيدات أزمتها على المستوى الاجتماعي خصوصاً، وهذا أمر غير مرغوب دولياً.

أضِف - وهذا هو الأهمّ - أنّ انفلات حبل الأمن في لبنان سيَزيد من هرب النازحين السوريين فيه (نحو مليون ونصف مليون نازح) إلى أوروبا، ما يُعقّد أزمة أوروبا مع هذا الملف أكثر.

إلى ذلك، تعتقد أجهزة الأمن اللبنانية بأنّ بنية الإرهاب في لبنان والتي بلغَت ذروتها على مستوى الحضور اللوجستي والعملياتي بين عامَي 2012 و2014، تلقّت خلال العام الجاري ضربات قاصمة، ولدى المستوى الأمني اليوم في لبنان تقدير موقف يفيد بأنّ خطر الإرهاب على لبنان تدنَّى إلى حدٍّ ملموس، وأنّ احتمالات التسبّب بهزّ الاستقرار، موجودة الآن في مكان آخر، هو المجال الاقتصادي.

وتكشف هذه المراجع أنّ الخبراء الاقتصاديين الأجانب الذين يزورون لبنان يعتبرون أنّ المستوى السياسي فيه لا يُعير أهمّية لمسار التردّي الاقتصادي المتعاظم، ويستغربون خصوصاً ردّ فعل سياسيّي البلد على المعطيات التي تُقدّم لهم عن انعكاسات هذا التردّي على الاستقرار الاجتماعي ومن ثمّ الأمني، حيث لا يشاطرون الخبراء مخاوفَهم نفسها. ببساطة - يُعلّق أحد هؤلاء الخبراء مستغرباً- لا يبدو أنّهم يقلقون!

وتتكرّس في هذا الإطار فكرة تفيد بأنّ استقرار لبنان بات مهدّداً من مصدرَين محتملين: إنعكاسات التردّي الاقتصادي عليه، وأيضاً انعكاسات قد تطاوله نتيجة سوء الأداء السياسي وحتى عدم مسؤوليته.

تفكيك أهمّ خلايا الإرهاب

أمّا لجهة احتمالات أن يعود لبنان ساحةً لضربات الإرهاب، فإنّ التقدير الأمني لا يَنفي إمكانية حدوث عمليات إرهابية، لكنّها بنسبتها لن تتعدّى ما يحدث في أيّ دولة تُعتبَر مستقرّة أمنياً.

والأسباب التي توردها هذا المحافل لتأكيد مقولتها الآنفة، عديدة، أبرزُها سببان أساسيان:

الأوّل يتّصل بأنّه ثبُتَ من التجربة عدم وجود بيئة حاضنة للإرهاب في لبنان، وللدلالة على هذا الاستنتاج يقول مرجع مختص إنّ "مسلمي لبنان هم أكثر اعتدالاً من كلّ مسلمي العالم".

والسبب الثاني يتمثّل في الكفاءة العالية التي أظهرَتها الأجهزة الأمنية على مستوى مكافحة الإرهاب خلال الأعوام الاخيرة. فعلى مستوى مخابرات الجيش، كما الأجهزة الأخرى، ثبُتَ أنّه أمكَن بنسبة عالية اكتشاف الخلايا الإرهابية قبل أن تُنفّذ مخططاتها، أو في أسوأ الأحوال تمّ اعتراضها أثناء التنفيذ، كما أنّ حرب تعقّبِها استخباراتياً أدّت إلى ضرب قوامها البنيوي واللوجستي.

وتُظهر معلومات خاصة بـ»الجمهورية» أنّه خلال الفترة الممتدة بين مطلع هذا العام وحتى الشهر العاشر منه، تمّ توقيف المئات من الإرهابيين الخطرين وتفكيك الخلايا الرئيسة التي يعملون في إطارها، ما شتَّت العمود الفقري لبنية الإرهاب في البلد.

ووفق المعلومات عينها، فإنّ مخابرات الجيش اللبناني فكّكت خلال الأشهر العشرة الماضية أبرز الخلايا الارهابية الناشطة في لبنان، وأوقفت عناصرها بشكل شبه كامل.

وفيما يلي أبرز هذه الخلايا، وذلك فقط خلال الفترة الممتدة من 1/1/2015 وحتى 1/10/2015:

- خلية الإرهابي الموقوف أحمد سليم ميقاتي، وأبرز عناصرها: أحمد أحمد غازي، محمد حسن خضر، والسوري محمد عبد الهادي الحمصي.

- خلية الإرهابي القتيل أسامة منصور والمتواري شادي المولوي.

- خلية الإرهابي طارق الكيلاني التي خطَّطت لاستهداف مبنى فرع مخابرات الجيش اللبناني في الشمال، وأبرز عناصرها الموقوفين عمر محمود القاسم ويونس أحمد الجعلوك.

- خلية الورّاق التي خطَّطت لتفجير مكتب أمن طرابلس، وبين عناصرها سوريون.

- خلية هيثم الحلاق التي تضمّ نحو ثلاثين إرهابياً أبرزُهم الإرهابي الملقب «ابو خليل المقلعط».

- خلية الإرهابي عمر الأطرش.

وتمّ أيضاً تفكيك وتوقيف الخلايا النائمة التابعة للإرهابي الشيخ أحمد الأسير، وتضمّ 13 عنصراً، بينهم السوري ياسر صالح الأسعد ومصعب سعد الدين قدورة.

- شبكة خالد مصطفى محمد (كنيته خالد حبلق) الذي أوقفَه فرع المعلومات وسلّمه إلى مخابرات الجيش، وعدد عناصرها الموقوفين 16 إرهابياً.

- شبكة إبراهيم خالد بركات (أوقفته مديرية الأمن العام في 2/5/2015 وسلّمته إلى مخابرات الجيش)، وعدد عناصرها 8، أبرزهم السوري شادي محمود رمضان وربيع عبد الله غنوم.

الشبكات المرتبطة بـ«داعش»:

تمّ توقيف شبكة إبراهيم قاسم الأطرش وكانت تُخطّط لتفجير سيارات مفخّخة وإطلاق صواريخ والتعرّض للجيش اللبناني.

- شبكة عبدالله الأطرش الملقّب «نسر عرسال»، وكانت تخطّط لتفجير سيارات مفخّخة وإطلاق صواريخ.

- شبكة بلال عمر ميقاتي، وأبرز عناصرها عمر أحمد ميقاتي وعَبد الرحمن ظهر، ومن مهمّاتها ذبح مخطوفين وتصويرهم.

- شبكة عبر الرحمن زكريا الحسن وكانت تُخطّط لاغتيال ضبّاط في الجيش اللبناني وتحريض العسكريين على ترك المؤسسة العسكرية. وتضمّ هذه الشبكات التابعة لـ»داعش» 37 عنصراً، أبرزهم السوري عبد الرحمن ابراهيم اسماعيل وخليل عماد خلف ونبيل صالح صديق.

شبكات تابعة لـ«النصرة»:

تمّ توقيف وتفكيك شبكات السوري الإرهابي طالب عامر والسوري الإرهابي محمد جميل جربا، والشيخ (محمد كميل. ع). ويعمل مع هذه الشبكات 17 إرهابياً تمّ توقيفهم أيضاً، وبينهم 13 سوريّاً.

شبكات تابعة لـ«كتائب عبد الله عزام»:

تمّ توقيف خلية الإرهابي خالد قاسم العجمي وخلية خالد رحومة والفلسطيني مصطفى عبد الناصر عبد العزيز.

- توقيف وتفكيك خلية (م. أيمن زبيدات) وهي تابعة لـ»جند الشام».

خلايا تابعة لـ «فتح الإسلام» وجماعة «التكفير والهجرة»:

تفكيك خليّتي الفلسطيني شادي عبد الرحمن عبد الرحيم وعلي أحمد العبد، وتوقيفهما مع جميع عناصر خليتيهما، وتتبع كلاهما لجماعة «التكفير والهجرة»، وكانتا تنشطان في مجال قتال الجيش اللبناني في عرسال.

وهاتان الخليتان اللتان فكّكَتهما مخابرات الجيش تضمّان 80 عنصراً، ثلثُهم من السوريين، وأبرزهم السوري محمد عبد المولى عودة. وأبرز المهمات التي عملوا ضمن إطارها استهداف الجيش اللبناني في الشمال، وبرزَ بينهم على هذا الصعيد الموقوف الإرهابي عبد القادر شعبان.

- شبكة إرهابية مرتبطة بمنذر الحسن، أبرز عناصرها بسّام حسام النايوش.

- تفكيك شبكات عدّة عملت لصالح الإرهابيين في عرسال، وبلغ مجموع عناصرها الذين أوقِفوا 30 عنصراً، منهم يوسف عبد الله عودي وطارق محمد رايد، ونحو 10 قياديين في مجموعات إرهابية مختلفة.
    ناصر شرارة