من الحروب ، من التهميش ، من تهمة الإرهاب والمداهمات الأمنية ، وخوفاً من أن يضافوا لقائمة المساجين الإسلاميين ، هرب شباب طرابلس ...

موت إيلان وموقف ميركل وفتح الحدود الأروربية لم يمثل انفراج فقط للسوري وإنما للبناني ولا سيما ابن "طرابلس" ، فشمال لبنان وهو أكثر ما تحمّل وزر الازمة السورية أمناً وشعباً وعملاً وحتى دراسةً ، ها هو اليوم يقول لأوروبا " أنا ابن حمص بدي لجوء" .

 

حوالي 6000 شاب غادروا طرابلس والعدد في تزايد مستمر في ظل عدم ضبط فعلي للمرفأ وعدم إقفال أبواب التهريب ، فيقول أحد الطرابلسيين  "أصبح الأمر علني" ( على عينك يا تاجر ) وهناك كافيتريا بالقرب من المرفأ وكتب عليه "بيع تذاكر سفر" ، أما السعر فيبدأ من حوالي 1200$ ليصل لما يقارب 3000$ .

أما السفر إلى "أوروبا الموت" فعبر طريقين إمّا عبر مطار رفيق الحريري الدولي  إلى تركيا حيث تبدأ رحلة التهريب من هناك ، وإمَا عبر مرفأ طرابلس لتبدأ الطريق غير الشرعية بعبّارة يحمّلون بها المواطنين كما "الغنم" ؟

وبحسب معلومات لموقعنا فإنّ التجمع لرحلة الموت يتمّ عند آخر جزر الميناء وبعدها يتم الإنطلاق ، حيث يتحجج "الهاربون" للقوى الأمنية أنهم بقصد السياحة البحرية .

 

الرحلة ليست شيقة ولا مغامرة ، تروي أحد الناجيات لموقعنا أنّ العبّارة قد انقلبت ، ولكن من حسن الحظ كان ذلك قبل الوصول بمسافة قريبة الأمر الذي حماهم من الغرق ..

وتقول صديقاتها ، "تعترنا ، تبهدلنا ، ما عرفنا كيف قطعوا الإيام نخاف نموت ريحتنا طلعت نعملها عحالنا "

 

أمّا عن دوافعهم ولا سيما الشباب منهم ، فتتخلص بما كتب الناشط طارق أبو صالح ، إذ ذكر عبر صفحته فيسبوك ما قاله له صديقه الطرابلسي حينما سأله "ليش سافرت" ، والإجابة :

 "ليش ما بدي سافر؟ في مذكرات توقيف بحقي لاني من التبانة ولأني كنت إدعم الثورة السورية!

في حدا كاتب فيي تقرير اني كنت عم قاتل بسوريا والمخابرات حققوا معي وعلقوني بلنغو وحكيي هو ذاتو يا اخي ما خصني!

لا قادر إشتغل ولا إتجول بالبلد كيف بدي عيش عيلتي وما بعرف اي ساعة بيركبولي "خازوق" وبنام بالوزارة والله لا يوريك الوزارة!

اتركني بهمي يا اخي شو انا مبسوط بهالقرف والشحشطة بس سكرت الدنيا بوجي وبدي حس حالي إنسان ! "

 

وحينما قال له : " ما خفت تموت بالبحر؟ "

جاء الجواب الذي يفسّر واقع الشمال : " ما نحنا "ميتين ميتين" شو في نخسروا "

 

هذه الصورة كما تتلخص بشهادات أصحابها ، والواقع الأكثر سوءاً هو ما يتم تداوله عن أنّ المهربين هم من يغرقونهم ، وأنّ بعضهم يرفع عليهم السلاح حتى يقفزوا عن العبّارة ..

من هنا ، الشاب الطرابلسي يختار الموت ويذهب نحو الإنتحار "فرحاً" ، هرباً من اللادولة ، ومن ما يلحق طرابلس من تعسف وتهميش ومظلمة ، فإلى متى ستظل هذه المدينة "أرملة لبنان" وإلى متى ستظل متشحة بالسواد ؟؟

وإلى متى ومصير شبابنا أو التهجير أو السجون أو عيش الذل ؟