أدّت الكارثة الإنسانية التي وقعت خلال مراسم الحج وسقط بنتيجتها مئات الشهداء ومئات الجرحى والمفقودين من الحجاج العرب والمسلمين إلى زيادة التوتر في العلاقات السعودية – الإيرانية ، وذلك لأنّ العدد الأكبر من الشهداء والجرحى والمفقودين من الحجاج هم إيرانيون ، مع وجود عدد كبير أيضا من الحجاج من بقية الدول العربية والإسلامية.

وما زاد في توتر العلاقات بين إيران والسعودية وجود عدد لا بأس به من المسؤولين الإيرانيين بين الشهداء الجرحى والمفقودين ممّا وضع علامات استفهام كبيرة حول أسباب ماحصل وما هي الأبعاد والدلالات لما جرى .

وقد حمّل المسؤولون الإيرانيون السعودية مسؤولية الكارثة ودعوا لمشاركة الدول الإسلامية في الإشراف على مراسم الحج ، كما طالبوا بالمشاركة في عمليات التحقيق التي تجري لتحديد الأسباب التي أدّت إلى الكارثة.

وبالمقابل رفض المسؤولون السعوديون مطالب المسؤولين الإيرانيين وطالبوا إيران بعدم تسييس ما حصل ، وعمدت بعض وسائل الإعلام السعودية او الوسائل الاعلامية المقربة منها إلى تسريب معلومات وتقارير تحمل الحجاج الإيرانيين مسؤولية ما جرى ، وعمد المسؤولون السعوديون لتشكيل لجنة تحقيق سعودية لمعرفة أسباب ما جرى وتحديد المسؤولية، مع الإشارة الى حصول كارثة اخرى في الحج لا علاقة للحجاج بها وهي كارثة وقوع الرافعة في مكة ممّا أدّى لإستشهاد وجرح المئات من الحجاج وتمّ تحميل الشركة السعودية ( شركة ال لادن) مسؤولية ما جرى .

وبإنتظار صدور نتائج التحقيقات في الكارثة وتحديد المسؤوليات ، فإننا اليوم أمام تطور سلبي جديد في العلاقات السعودية – الإيرانية ، ويضاف ملف كارثة الحج إلى بقية الملفات السياسية والأمنية والعسكرية التي أدّت إلى توتر العلاقات بين البلدين ولم تنفع كل المحاولات من أجل معالجة هذه الأزمات وإقناع الطرفين وخصوصاً السعودية بالجلوس إلى طاولة الحوار لبحث ما يجري والتوصل إلى حلول لمختلف الازمات ، مع أنّ التطورات المتسارعة ولا سيما بدء تطبيق الإتفاق حول الملف النووي الإيراني ودخول روسيا على خط الأزمة السورية وبدء الحديث عن القبول بحل سياسي مع وجود الرئيس بشار الأسد في الحكم  والإتفاق حول الزبداني والتطورات اليمنية الميدانية كل ذلك يؤكد أنّ لا خيار أمام السعودية وإيران إلا الجلوس على طاولة الحوار للبحث بحلول سياسية لمختلف الأزمات وتجنيب العرب والمسلمين المزيد من سقوط القتلى والجرحى والدمار.

فهل ستؤدي كارثة الحج إلى تغليب لغة العقل والحوار على لغة الصراع والخلاف؟

أم أنّ هذه الكارثة ستزيد من اشتداد الخلافات والصراعات؟

إنّ دماء حجاج بيت الله الحرام يجب أن تشكل دافعاً لكل المسؤولين الإيرانيين والسعوديين ولكل القادة العرب والمسلمين من أجل الجلوس على طاولة الحوار وإلاّ فإنّنا سنكون أمام كوارث جديدة تضاف إلى سلسلة الكوارث التي نعاني منها في سوريا واليمن والبحرين والعراق وليبيا وغير ذلك من دول عربية وإسلامية.