إليكم يا من لم نتمكن من الوصول إليكم، وإيصال معايدتنا لكم..

 

إليكم أيها المحرومون مما نحن فيه، والمبعدون عن دياركم وأهليكم..

 

إليكم يا من شُرِّدتم من بلادكم، وأُجبرتم على هجرة أحبابكم وأعزتكم..

 

إليكم يا من غُيبتم بعيداً مع قربكم، وقضيتم الأيام الطوال في ألم وفراق..

 

يأتي عيد بعد عيد، وأنتم في الغياهب محرومون من أي حق..

 

هل نشكو إليكم أم تشكون إلينا؟ فعجزنا مشترك، وألمنا متصاعد..

 

كيف يحلو لنا عيد، وأطفالكم تتقاذفهم أمواج البحار العاتية بحثاً عن ملاذ آمن؟

 

كيف نحلم بعيد، والنازحون من كل مكان يبحثون عن ملجأ ومأوى؟..

أ

 

ي عيد هذا الذي سيحمل رسائلكم المؤلمة لنا؟

 

دعونا «نتلاوم» فيما بيننا، وكل منا يلقي المسؤولية على الآخر، دون أن يقدم حلاً..

 

رسائلكم، وهتافكم، و«نياحكم» لا صدى له بيننا، فنحن نعيش في عالم آخر..

 

مشغولون عنكم بكل شيء إلا أنتم، سنكتب عنكم، ونبدي أسفنا، وتعاطفنا، وتضامننا معكم.

 

والأكثر أننا سندين أيضاً كل ما يجري عليكم، وسنشتم كل قادة العالم الذين نراهم سبباً في آلامكم.. ألا يكفيكم ذلك؟

 

سيحل العيد قريباً، ونبارك بعضنا بعضاً بقدومه، ونتوج فيه عجزنا وفشلنا، وحروبنا المتصاعدة بيننا، وعنصريتنا البغيضة التي برزت من دواخلنا، ومزايدتنا على بعضنا..

 

لن نستلهم من آلامكم التي فضحتنا أمام العالم أجمع أي درس، أو نستوعب أي تجربة.

 

أنتم بصراخكم وهجرتكم من كشفتم عن عجزنا وفشلنا، وفضحتمونا أمام العالم..

 

لِمَ لا تعودون وتصمتون، وتتحملون القتل والتشريد والإرهاب، وتُقتلون كالخراف، وتسترون علينا؟

 

هو عيد جديد سيمر أسوأ من غيره من الأعياد التي سبقته، نزداد ألماً وحسرة، ونقترب من الانفجار والانهيار والانكسار..

 

ليس تشاؤماً في أيام السعادة والفرح، ولكنه الواقع المريض الذي يقودنا إلى مزيد من التشظي والتفكك.

 

عيد ظاهرنا فيه الفرحة والبسمة، ولكن داخل كل منا ألم وصرخة واستغاثة..

 

عيد ينادينا للتضامن والعطاء والمحبة والمساواة، وواقع يدفعنا للعنصرية والتشدد والكراهية والبغضاء.

 

أيها العيد، انشر أشرعة السعادة والفرح على كل مظلوم، ولاجئ، ونازح، وسجين، ومعذب، ومبعد.

 

وإلى كل أسرة تشردت، وترملت، وأُبعد كفيلها.

 

وإلى كل أم غُيب عنها فلذة كبدها، وأب مكلوم يجاهد نفسه عن الضعف والانكسار.

 

هؤلاء هم من يحتاجون إلى مساندتك ومساندتنا، وهم الأولى بالمعايدة، وإعادة الأمل في أنفسهم.

 

دعنا نحن أيها العيد القادم في أوضاعنا، وابحث عمن هو أحق بالعناية والرعاية منا.

 

تجاوزنا فلم نعد قادرين على مداواة جروحهم والتخفيف من آلامهم، وابحث عمن يتمكن من تقديم أي دعم أو مساندة لهم..

 

رسالتنا إليكم، أيها المطحونون والمعذبون، والضائعون بلا مستقبل، والمظلومون في كل مكان، أن يكون مستقبلكم أفضل من حاضركم، وأن تأخذ الرعاية الإلهية بأيديكم وتخرجكم مما أنتم فيها.

 

 

 

 

هناك سيكون عيدنا سعيداً، ونحتفل معكم بأجمل ما فيه، ونردد كل عام وأنتم بخير

 

 

جعفر الشايب