اتخذ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قرارات صارمة أمس في شأن حادثة سقوط رافعة في الحرم المكي الشريف الجمعة الماضي. وكشف بيان أصدره الديوان الملكي السعودي أمس أن عدد المتوفين جراء الحادثة ارتفع من 107 إلى 111 شخصاً، فيما بلغ عدد المصابين 238 شخصاً. ونفى البيان أن تكون هناك شبهة جنائية وراء الحادثة. وقال إن سببها هو تعرض الرافعة لرياح قوية وهي في وضعية خاطئة، وفقاً لتقرير لجنة التحقيق في الحادثة.

وذكر الديوان أن الملك سلمان وجه أمس بصرف مليون ريال سعودي (نحو 267 ألف دولار) لذوي كل شهيد ممن قضوا في الحادثة. كما أمر بصرف مبلغ مماثل لكل من أصيب بإصابة بالغة نتجت منها إعاقة دائمة. ووجه بصرف 500 ألف ريال (133 ألف دولار) لكل واحد من المصابين الآخرين. 

وتشمل توجيهات العاهل السعودي استضافة اثنين من ذوي كل متوفى من حجاج الخارج لأداء مناسك حج العام المقبل، مع تمكين من لم تمكنه ظروفه الصحية من المصابين من استكمال مناسك حج هذا العام من معاودة أداء الحج ضمن ضيوف خادم الحرمين الشريفين. ومنح ذوي المصابين الذين تحتم إصاباتهم بقاءهم في المستشفيات تأشيرات زيارة خاصة، لزيارتهم والاعتناء بهم خلال الفترة المتبقية من موسم حج هذا العام والعودة إلى بلادهم واستناداً إلى تقرير لجنة التحقيق، ذكر الديوان الملكي أن وضعية الرافعة التي تسببت في الحادثة كانت مخالفة لتعليمات التشغيل التصنيفي. وبناء على ذلك، وجه خادم الحرمين الشريفين بإيقاف تصنيف «مجموعة بن لادن السعودية» ومنعها من المشاريع الجديدة، وتكليف وزارة المالية بمراجعة مشاريعها. وظلت المجموعة المذكورة تتولى تنفيذ توسعات الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود. ووجه الملك سلمان بمنع سفر جميع أعضاء المجموعة حتى انتهاء التحقيقات، وبألا تحول توجيهاته في شأن تعويض ذوي المتوفين والمصابين دون المطالبة بالحق الخاص قضائياً. ما يسمح للمتضررين برفع دعاوى على المجموعة للحصول على تعويضات عادلة. ويعني التوجيه الملكي بإيقاف تصنيف «مجموعة بن لادن السعودية» حرمانها تلقائياً من التقدم إلى أي مشاريع حكومية. وورد في البيان أن الملك سلمان اطلع على تقرير اللجنة المكلفة بالتحقيق في الحادثة، التي انتهت فيها إلى انتفاء الشبهة الجنائية، وأن السبب الرئيسي للحادثة هو تعرض الرافعة لرياح قوية بينما هي في وضعية خاطئة، وأن وضعية الرافعة تعتبر مخالفة لتعليمات التشغيل المعدة من المصنع، التي تنص على إنزال الذراع الرئيسية عند عدم الاستخدام، أو عند هبوب الرياح، ومن الخطأ أن تبقى مرفوعة، إضافة إلى عدم تفعيل واتباع أنظمة السلامة في الأعمال التشغيلية، وعدم تطبيق مسؤولي السلامة التعليمات الموجودة بكتيب تشغيلها، يُضاف إلى ذلك ضعف التواصل والمتابعة من مسؤولي السلامة بالمشروع لأحوال الطقس، وتنبيهات رئاسة الأرصاد وحماية البيئة، وعدم وجود قياس لسرعة الرياح عند إطفاء الرافعة، إضافة إلى عدم التجاوب مع عدد من خطابات الجهات المعنية بمراجعة أوضاع الرافعات، خصوصاً الرافعة التي سببت الحادثة.

وأضاف بيان الديوان الملكي السعودي أن لجنة التحقيق أوصت بتحميل المقاول (مجموعة ابن لادن السعودية) جزءاً من المسؤولية عما حدث، لما أشير إليه من أسباب، وإعادة النظر في عقد الاستشاري (شركة كانزاس)، ومراجعة أوضاع جميع الروافع الموجودة بالمشروع، وتأكيد توفير جميع متطلبات واحتياطات الأمان والسلامة فيها. وزاد أن الملك سلمان أصدر أمره بإحالة نتائج التحقيق وكل ما يتعلق بهذا الموضوع إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، لاستكمال إجراءات التحقيق مع المجموعة السعودية، وإعداد لائحة الاتهام وتقديمها إلى القضاء للنظر في القضية، وإلزام المجموعة بما يتقرر شرعاً بهذا الخصوص.

وجاء في البيان الذي بثته «وكالة الأنباء السعودية» أمس: «نظراً لما أشير إليه حول مسؤولية المقاول (مجموعة ابن لادن السعودية) وتقصيره، أصدر أمره الكريم كذلك بمنع سفر جميع أعضاء مجلس إدارة المجموعة، والمهندس بكر بن محمد بن لادن، وكبار المسؤولين التنفيذيين في المجموعة وغيرهم ممن لهم صلة بالمشروع، حتى الانتهاء من التحقيقات وصدور الأحكام القضائية بهذا الشأن، وإيقاف تصنيف مجموعة ابن لادن السعودية، ومنعها من الدخول في أية منافسات أو مشاريع جديدة، ولا يرفع الإيقاف إلا بعد استكمال التحقيقات، وصدور الأحكام القضائية في هذه الحادثة، ويعاد النظر في التصنيف في ضوء ذلك، وبما لا يؤثر في المشاريع الحكومية التي تقوم المجموعة حالياً بتنفيذها، وتكليف وزارة المالية والجهات المعنية بشكل عاجل بمراجعة جميع المشاريع الحكومية الحالية التي تنفذها مجموعة ابن لادن السعودية وغيرها، للتأكد من اتباع أنظمة السلامة، والحرص على ذلك، واتخاذ ما يلزم وفقاً للأنظمة والتعليمات».

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمر بتكوين لجنة تحقيق في حادثة الرافعة، وتفقد موقع الحادثة وزار المصابين في مستشفيات مكة المكرمة، وأكد أن مكة المكرمة والمدينة أهم مكانين في العالم.

 

 

 

«بن لادن».. تأسست عام 1989 وإيراداتها 5 بلايين دولار

 

< بعد اطلاع الملك سلمان بن عبدالعزيز على تقرير اللجنة المكلفة بالتحقيق في الحادثة، التي انتهت فيها إلى انتفاء الشبهة الجنائية، وأن السبب الرئيسي للحادثة هو تعرض الرافعة لرياح قوية بينما هي في وضعية خاطئة، وأن وضعية الرافعة تعتبر مخالفة لتعليمات التشغيل المعدة من المصنع ولما أشير إليه حول مسؤولية المقاول «مجموعة بن لادن السعودية» تقرر وقف تصنيفها ومنعها من دخول أي منافسة جديدة ولا يرفع الإيقاف إلا بعد استكمال التحقيقات وصدور الأحكام القضائية.

ومجموعة بن لادن تأسست في 1989. وتُعد أكبر شركة للمقاولات والإنشاءات في العالم، إذ تقدر إيراداتها بنحو 5 بلايين دولار. وعملت في توسعة المسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة.

كما نفذت العام 1964 تغطية قبة الصخرة في المسجد الأقصى. ومن أبرز مشاريعها في السعودية وقف الملك عبدالعزيز، وجسر الجمرات، وتوسعة مدينة الحجاج في جدة، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا، وبرج الفيصلية في الرياض. ومن أبرز مشاريعها العالمية: مطار شرم الشيخ الدولي (مصر)، والجامعة الأميركية في الشارقة (الإمارات)، ومطار السنغال الدولي، ومطار كوالالمبور، ومسجد بوتراجايا (ماليزيا).