بالعودة تاريخياً نجد أن الإعتصام "إضراباً عن الطعام " كان وسيلة احتجاجية اعتمدت في جميع أقطار العالم ، فالمهاتما غاندي مكنّه إضرابه عن الطعام من الخروج من السجن البريطاني ، إذ خشيت بريطانيا موته بعهدتها .

أما في الهند فقد مهّد إضراب الرافضين للإحتلال للحصول على الإستقلال كما أنه اخضع الحكومة البريطانية للإستجابة لمطالبهم .

هذا و قد شكل في القرن العشرين هذا النوع من الإضراب ورقة ضاغطة لتحسين ظروف المساجين الفلسطينيين في اسرائيل ولتخفيض بعض العقوبات .

 

 

ودون الخوض في التفاصيل إنّ هذا الإعتصام كان محط ضغط على عديد من الاحتلالات والظروف القهرية والمعيشية والوطنية ، فهذه الوسيلة التي رضخت لها كبرى دول العالم والتي تعتبر الأكثر سلماً وحضارة في التعبير عن الرفض غير أنّها الأكثر خطورة وتحمل العديد من الإنعكاسات الجسدية التي حذر منها الأطباء ..

إلا أنه "شو بيجبرك عالمر ... الأمر منه" ، تحت هذه المقولة وما تحمله من تجسيد لواقع لبناني ما عاد يحمل أيّ متنفس "أمني أو حقوقي أو حتى بيئي" ، لم يكن أمام الثوار على الطبقة الحاكمة وفي ظل فشل كل محاولاتهم في الإضاءة على الفساد علّ أهلها يشعرون بشيء من "الخزي" فيسنحبون ، إلى الإضراب عن الطعام ...

 

مضى أسبوعين والشباب على موقفهم الصامد لا طعام ولا رجوع عن الإضراب حتى استقالة وزير البيئة ، في مقابل هذا الإعتصام الصامد ما زالت الطبقة السياسية الفاسدة "تسيد وتميد" غير آبهة بالبطون التي تلعنها ولا بدعوات الأمهات ولا بصحة المضربين والتي تدهورت أكثر من مرة ؟!

ومن سخرية الأمر الموقف البطولي الذي أظهره المشنوق والذي تجلى بتحدثه معهم وإخبارهم أنّه لن يستقيل !

 

إنّ هذه الردود التي أبدتها الطبقة الحاكمة تكشف كم "ريحتها طالعة" ، وأنّ آخر ما تأبه به هو صحة الشعب وأمنهم وسلامهم بل وأنهم يتعاملون مع المضربين كأنَهم في جلسة "بيكنيك" فيديرون حواراتهم السطحية المخادعة ويعقدون جلسات الأكاذيب على الشعب !

 

لبنان الذي يدعي الحضارة والتقدم والتطور هو اليوم أسوأ من أكثر دول العالم الثالث فوضى وديكتاتورية ، فالإعتصامات التي تهز الشعوب والإضراب عن الطعام الذي يغير أكثر القوانين صرامة في مختلف دول العالم ، كان وقعه في لبنان مؤسفاً لتقول الطبقة الحاكمة للشعب :

"اعتصموا ، أضربوا، بل و موتوا ... نحن مستمرون لو على جثثكم "