انا الان في صندوق سيارة، في قدمي اليسرى شوكة وبي رغبة كبيرة في النوم ... قبل ساعة ونيف اطلقت النار على قائد ميليشيا جيش لبنان الجنوبي انطوان لحد كانت الساعة تقترب من الثامنة مساء عندما دخلت الى منزله بحجة اعادة مفاتيح النادي الرياضي الذي اعتمدتني فيه زوجته مدربة رياضية للنساء، خلال فترة عملي معها استطعت كسب ثقتها ومع الوقت صرت ادخل الى منزل لحد دون تفتيش، دخلت قبل ساعتين وفي حقيبة يدي مسدس من عيار 07 ملم كان لحد هناك يتابع نشرة الاخبار، فتحت الحقيبة وبدل ان اخرج مفاتيح النادي اخرجت المسدس صوبته باتجاه لحد واطلقت طلقتين! انا اطلقت النار وانتظرت ان يخترق الرصاص جسدي ان اقتل... كنت على يقين بأن ردة فعل حراس لحد ستكون باطلاق الرصاص عليّ ما إن انفذ العملية، لكن ذلك لم يحدث ...

 

وضع قيد بلاستيكي في معصمي، نزع حذائي ووضعت كلبجة حديدية في كاحلي وبدئ بجلديَ

 

لم يتأخر الاسرائيليون في الوصول فثكنة مرجعيون مجاورة لبيت انطوان لحد نظروا اليّ وخرجوا بعدها وضعوا كيسا في رأسي واقتادوني الى الخارج ورموا بي في صندوق السيارة .. لم تطل جولة التحقيق في اسرائيل التي اجراها ضابط اسرائيلي وانتهت بفقداني رصة ضرسي جراء لطمة قوية على وجهي وبقرار ارسالي الى «الخيام»..

 

الثامن من تشرين 1988 صباحي الاول في المعتقل ما زلت على قيد الحياة».

 

هذا ما خطته في كتابها زهرة الجنوب المناضلة سهى بشارة «احلم بزنزانةٍ من كرز».

 

تلك البطلة التي نحييها ونحيي شجاعتها ونضالها من اجل الوطن، اخبرينا يا حبيبة قلوبنا كيف استقبلت خبر وفاة العميل لحد؟ الذي تسبب بخطف عشر سنين من عمرك، ست سنوات منها في زنزانة انفرادية!

 

يا بطلة دير ميماس يا ابنة الارض الطاهرة التي ارتوت بدماء الشهداء، هناك من يرغب ويرحب بقرار عائلة العميل بدفنه في الجنوب بمسقط رأسه!!

 

فأين حقك يا سهى بشارة؟؟ اين ثمن الحرية؟؟ اين حقك في كل صعقة كهرباء وكل عام انفرادي؟؟

 

كيف يعقل لقائد ميليشيا انشق عن الجيش الوطني، وعاث فسادا في الجنوب وعذب الابرياء وقتل وتعامل مع العدو وهي خيانة عظمى، كيف يجرؤ ذووه على الحديث ان جثته ستنقل الى بيروت؟؟

 

ليدفن في بلدته؟؟

 

«ليه اسرائيل وينها»؟؟ من خدمها برموش العين واعلن ولاءه لها فليجدوا له مأوى هناك!! ارض وتراب الوطن لن تحضن الخونة والقتلة والعملاء!!

 

ارض الجنوب المقدسة التي انجبت سهى بشارة تأبى ان تستقبل من ألحق الاذى بابنائها!

 

«بدأ الازرق يغادر اماكنه على جسدي الذي اشتد نحوله، البقع التي تركتها السياط وصعقات الكهرباء عليه بدأت تخف..»

 

سامحينا يا سهى! سامحي تخاذلنا!

 

سامحي تواطؤ الكثيرين! سامحي من يسمون انطون لحد «بالجنرال» وليس العميل!! وزغردي يا زهرتنا ... زغردي...

 

وليسامحنا كل الاسرى المحررين الذين ما زالوا على قيد الحياة، ليغفروا لبعض من هذا الشعب زلاته... وليسامحنا الشهداء شهداء معتقل الخيام ... مكانك في «اسرائيل» يا لحد وليس في لبنان!!

 

وليخجل التافهون! الذين فاتهم ان قادة «اسرائيل» امتدحوا لحد مديحا ما بعده مديح!!

 

رؤية: تصرخ بالحراس: ابنتي ليست مجرمة بلغوا هذا الكلام لانطوان لحد.

 

سنا كجك | الشرق