اعتبر السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبكين أن الأنظار كلها ينبغي أن تتوجه الى القضية الفلسطينية بعد رفع الحصار عن غزة مشددا على أهمية إعادة انعقاد اجتماعات «الرباعية الدولية» لتدارس الحل النهائي رافضا وصف نشاطها بأنه «غير فعّال».
ولم يربط زاسبكين بين موضوعي غزة والتسوية في شأن الملف النووي الإيراني معتبرا أن للأخير «ديناميته الخاصة».
وأشار الى أن المفاوضات التي جرت اخيرا بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيرته الأميركية هيلاري كلينتون أظهرت أن الأميركيين لا يزالون على مواقفهم السابقة من المسألة السورية لناحية أن تكون الأولوية هي لتنحي الرئيس بشار الأسد في حين تتمسك روسيا بمواقفها «البراغماتية وباتفاقية جنيف».
وعبّر زاسبكين بوضوح عن رفض روسيا صيغة الائتلاف السوري المعارض معددا نواقصه، ومشيرا الى أنه «لا يمثل المعارضة لأن ثمة أطرافا أخرى فيها، أما اعتباره ممثلا للشعب السوري فهذا أمر غير مقبول إطلاقا والاعترافات التي حصلت من قبل بعض الأطراف الأجنبية لا تخدم المصلحة السورية بل تؤدي الى تصعيد التوتر وتضييق فرص الاتفاق». 
ووسط أحاديث تدور حول حلول فيدرالية لسوريا قال زاسبكين: «نحن نتمسّك بوحدة سوريا وسوف تبقى موحدة».
لبنانيا، قال السفير زاسبكين ان روسيا متمسكة باستقرار لبنان وسياسة الناي بالنفس ولا تتدخل في الشأن الحكومي، لافتا النظر ردّا على أسئلة «السفير» في مقر السفارة الروسية، الى أن موسكو قدّرت موقف «حزب الله» لجهة تمسكه بإستقرار لبنان واصفا العلاقة معه بأنها «طبيعية ومتواصلة وبناءة».
في ما يأتي نص الحوار:
÷ ما هو رأيك في الهدنة التي حصلت في غزة؟

} إن الهدنة تفتح طريقا لرفع الحصار عن غزة وفكّ عزلتها، ومن الواجب مواصلة الجهود لتثبيتها وتطبيق الإجراءات اللازمة لتحسين الوضع المعيشي للفلسطينيين وتوفير حقوقهم وأمنهم، وتوجيه اهتمام المجتمع الدولي الى القضية الفلسطينية.
÷ المجلس الوزاري العربي الذي انعقد في القاهرة شكك بفاعلية «الرباعية الدولية»، وأنتم جزء منها، فهل ستستمر هذه اللجنة بعملها وهل ترون جدوى لها؟
} خلال فترة طويلة عملت «الرباعية الدولية» لمصلحة استئناف عملية السلام، لكن للأسف لم تنجح جهود هذه المجموعة كما جهود المجتمع الدولي بصورة معقولة حتى الآن، لكن هذا لا يعني أن نشاطها غير فعّال. نحن نبذل كل ما في وسعنا وننسق المواقف في إطار «الرباعية الدولية» مع المشاركين الآخرين. الأمر الثاني يكمن في أن المسألة بحدّ ذاتها معقدة جدّا والمهم هنا ألا نقطع هذا النشاط. للأسف في الآونة الأخيرة حصل جمود في الاجتماعات، والآن بعد انتهاء الأزمة الحالية في غزة ندعو الى اجتماع «الرباعية» لأنه من الواجب استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية حول الحل النهائي لأن هذا جوهر القضية الفلسطينية.
÷ هل تعتقد أن التوازن العسكري الذي ساد في غزة إثر قصف حركة «حماس» أهدافا في تل أبيب سيقطع الطريق أمام أي ضربة مستقبلية كانت إسرائيل تنوي توجيهها لإيران؟
} نحن أصلا ضدّ أي ضربة عسكرية لإيران ليس في إطار ما يحدث الآن فحسب، فقد سبق ونبّهنا منذ زمن بأن أي ضربة ضدّ إيران لن تؤدي الى نجاح عسكري بل الى تدهور الوضع من النواحي كافة.
÷ هل تعتقد أن ما جرى في غزة يزيد حظوظ التسوية السلمية للملف النووي الإيراني؟
} أظن أن لموضوع البرنامج النووي الإيراني دينامية خاصة به وهنالك مبادئ معيّنة لجدول أعمال التفاوض، والمبدأ الأساسي هو تبادل الخطوات الإيرانية والخطوات الدولية.يجب تطبيق البنود المتفق عليها ولا أعتقد أنه علينا أن نربط بين الأوضاع في غزة والملف النووي الإيراني.

سوريا.. لا بوادر تسوية

÷ بعد مرور قرابة الـ20 شهرا على اندلاع الأزمة السورية، هل ترى بوادر تسوية؟
} لا نرى بوادر التسوية السورية حتى الآن، بل نعرف ما هو مطلوب ونبذل الجهود يوميا لمصلحة وقف الحرب. يوجد بيان جنيف وهو قاعدة مناسبة لبدء الحل السلمي والمرحلة الانتقالية في سوريا ونحن ندعو الجميع لتطبيق هذه الوثيقة.
÷ ثمة من يقول ان مقررات مؤتمر جنيف حمّالة أوجه كثيرة؟
} هنالك نص واضح للبيان الصادر عن مؤتمر جنيف، وهو ليس بحاجة الى أية تفسيرات أخرى أو عبارات إضافية. حتى هذه اللحظة نعتمد على إمكان التعامل مع الأميركيين والآخرين على هذا الأساس، هنالك بالطبع شكوك في جهوزية الأميركيين لذلك لذا فإن الوزير سيرغي لافروف سأل الوزيرة هيلاري كلينتون حول هذا الموضوع، وفي الأحوال كلّها لا يوجد أسلوب آخر إلا الحوار من أجل التسوية السياسيّة.
÷ تصريحات لافروف بعد لقائه كلينتون مؤخرا من أن ثمة من يريد «عرقنة» سوريا لا توحي بأن الاجتماع بينهما كان ناجحا؟
} صحيح، حتى الآن هناك تركيز من قبل الأميركيين وحلفائهم على تنحي الرئيس بشار الأسد وسواه من المطالب المكررة، أما نحن فنعتبر موقفنا براغماتيا إذ نطلب بدء تطبيق بيان جنيف، بندا تلو الآخر، وكخطوة أولى تعيين الجهاز الإداري الانتقالي لتنسيق الإجراءات السياسية والميدانية بالإجماع.
÷ كيف تنظر روسيا الى الائتلاف السوري الجديد للمعارضة (ائتلاف الدوحة)وهل تعتقد أن بمقدوره أن يكون ناطقا باسم أطياف المعارضة السورية؟
} هناك حاجة ماسة لتوحيد المعارضة السورية على أساس الجهوزية للحوار مع السلطات. للأسف لا نرى هذه الظاهرة لغاية اليوم. إن هذا الائتلاف ليس ناقصا لجهة عدم مشاركة جميع أطراف المعارضة فحسب، بل أيضا لجهة الأهداف لأن الأهداف غير بناءة وهي لا تدعو فقط الى إسقاط النظام بل الى تدمير المؤسسات وهذا يؤدي الى مزيد من الفوضى، وبطبيعة الحال على أساس أن هذا الائتلاف لا يشمل كل فصائل المعارضة لا يمكن أن نعتبره ممثلا للمعارضة بل ثمة أطراف أخرى، أما اعتباره ممثلا للشعب السوري فهذا أمر غير مقبول إطلاقا، والاعترافات التي حصلت من قبل بعض الأطراف الأجنبية لا تخدم مصلحة التسوية بل تؤدي الى تصعيد التوتّر وتضييق فرص الاتفاق. 
÷ هل روسيا ستستقبل رئيس «الائتلاف السوري» معاذ الخطيب؟
} نحن نواصل الاتصالات مع جميع الأطراف لأنه برغم النواقص وبرغم عدم موافقة روسيا على مواقفهم، فهي تعتبر أنه من الضروري متابعة التواصل لأن ما يجري يتطور باستمرار ونتمنى أن يكون هنالك تغيير نحو الأفضل في مواقف المعارضة، لا يجب التغيير في المواقف السياسية للمعارضة فقط بل أن يكون لها تأثير إيجابي في المجموعات المسلحة في داخل سوريا، لغاية اليوم لا يوجد لديها البعد السياسي، وتصرفاتها في بعض الأحيان عشوائية وتخلق الفوضى في سوريا أكثر فأكثر. وللمناسبة فإن موسكو ستستقبل قريبا وفدا من المعارضة السورية في الداخل، في إطار التواصل القائم والمستمر بين الجانبين.

الإرهاب يهدد سوريا والجوار

÷ تحذير روسيا من إرسال أسلحة الى المعارضة السورية لم يلق آذانا مصغية، وها هو الاتحاد الأوروبي يرفع الحظر عن تزويد المعارضة السورية بالأسلحة. كيف تفسرون ذلك؟
} نحن ضد تسليح المعارضة كليا، ونعتبر أن هذه الخطوات تؤدي الى تصعيد الأوضاع، علاوة على ذلك فإن الاعترافات بالائتلاف المعارض الجديد تخالف الشرعية الدولية وحتى المبادئ الديموقراطية لأنه كما سبق وذكرت يمثل الائتلاف طرفا معينا فحسب. 
÷ لماذا يتأخر الحل السوري حتى بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية؟
} بعد اللقاء الأخير بين الوزيرين لافروف وكلينتون، اتضح أن الموقف الأميركي لم يتبدّل بعد الانتخابات الرئاسية، نتمنى أن يعترف الأميركيون بالحقيقة، من الواجب تشجيع المعارضة على الحوار مع النظام لأن المماطلة في هذا الموضوع تؤدي الى زيادة التطرف وانتشار الإرهاب. وهذا يهدد الجميع ليس فقط سوريا بل يهدد دولا أخرى في المنطقة وربما خارجها. 
÷ هل ترى أن الحلّ في سوريا سيكون على طريقة «الطائف» اللبناني أم الفيدرالية العراقية؟
} نحن نتمسك بوحدة سوريا وسوف تبقى موحدة. وبرأيي فإن هذه الصيغ غير مناسبة لسوريا وطرح اقتراحات مماثلة يهدف الى تقسيم البلاد.
÷ يحكى عن إمكان تحويل مخيمات النازحين في تركيا الى مخيمات مسلحة ضدّ النظام؟
} هذه الأفكار خطرة. إن موضوع النازحين يجب أن يعتبر دوما قضية إنسانية وغير مسيسة ولا تستعمل لتأجيج الصراع. 

نتمنى الاستقرار للأردن

÷ كيف تقوّمون ما يجري في الأردن؟ هل ترون بوادر ثورة ستطيح بالنظام الملكي؟ وهل من الممكن أن يكون الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين؟
} بالنسبة الى توسيع بؤر التوتر في المنطقة نحن نقف بحزم ضد الخطر على الدول العديدة ومن الواجب تكثيف الجهود لوقف النزاع في سوريا، ونتمنى التطبيع السريع للوضع في الأردن نفسه أمّا خيار الوطن البديل للفلسطينيين فلدينا موقف ثابت ضدّ أية مشاريع بديلة للمطالب الشرعية الفلسطينية الخاصة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقا لقرارات الأمم المتّحدة. 

التهديد للبنان قائم هذه الفترة

÷ كيف تنظرون الى لبنان وهل سيتأثر استقراره الأمني في ضوء أحداث سوريا والمنطقة؟
} هذا التهديد قائم دوما وخلال هذه الفترة كلّها نحن كطرف خارجي مسؤول وقفنا الى جانب الاستقرار والأمن في لبنان وعزله عن التأثيرات السلبية للحوادث الجارية في المنطقة، ونقدّر سياسة النأي بالنّفس التي تناسب المرحلة الراهنة وتسهم في شكل خاص في تجنّب امتداد النزاع السوري الى لبنان.
÷ كيف ترى روسيا الى المرحلة السياسية التي أعقبت اغتيال اللواء وسام الحسن؟ وكيف تقرأون مقاطعة فريق 14 آذار الحوار وأعمال البرلمان اللبناني؟
} نحن استنكرنا اغتيال اللواء وسام الحسن وأشخاص آخرين لأن هذه الأعمال إرهابية. كما توجد في لبنان مشاكل أخرى تسبّب القلق وتتطلّب الجهود لتطويقها، وفي هذا الإطار نقيّم إيجابيا الإجراءات المتخذة من قبل السلطات اللبنانية لوضع حدّ للظواهر الخطرة. بالنسبة الى مواقف القوى السياسية نحن كطرف خارجي نرحّب أكثر شيء بالحوار بين الأطراف الداخلية لإيجاد حلّ للمشاكل وراء طاولة المفاوضات. في هذا الصدد نرحّب بمساعي الرئيس ميشال سليمان في هذا الإتجاه، ومواقف الأحزاب السياسية والشخصيات التي تتبع النهج ذاته. وأعتقد ان تحالف «قوى 14 آذار» لديه الحق الطبيعي بطرح المطالب واختيار التصرفات التكتيكية خلال هذه المرحلة والمهم أن يجري كل هذا في إطار الدستور وفي الحقل السياسي القانوني.
÷ هل تعتقد روسيا أنه ينبغي أن يحصل تغيير حكومي في لبنان؟
} في هذه المسألة نعتبر أن تغيير الحكومة هو شأن داخلي لبناني ولا يجوز للأطراف الخارجية أن تعرب عن رأي بالنسبة لبقاء أو عدم بقاء الحكومة الحالية، ونحن نتابع الوضع الداخلي.
÷ يبدو أن العلاقة مع «حزب الله» جيدة وخصوصا بعد زيارة وفد من الحزب للسفارة الروسية. فهل دشنت زيارة «حزب الله» موسكو مرحلة جديدة من العلاقات؟
} خلال كل هذه الفترة علاقتنا مع «حزب الله» طبيعية ومتواصلة وبنّاءة.
÷ كيف تنظرون الى أداء الحزب السياسي اليوم وكيف قرأتم إطلاقه طائرة الاستطلاع «أيوب» الى الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
} في ما يخص القضايا الإقليمية نعتمد في علاقاتنا على مواقفنا المبدئية من النزاع العربي الإسرائيلي والقضايا الأخرى. أما في الوضع الداخلي فنأخذ بعين الاعتبار أن «حزب الله» متمسك بالاستقرار في لبنان، أما عن الطائرة «أيوب» فأهم شيء لروسيا التزام كل الأطراف بالقرار 1701.
÷ وهل إرسال هذه الطائرة خرق القرار 1701 من وجهة نظر روسيا؟
} نعم، هذا خرق للقرار 1701، لكننا في الوقت عينه نشير الى خروق إسرائيلة مستمرة لهذا القرار ويجب أن يحصل تطبيق للقرار من جميع الأطراف.
÷ هل تتوقع حربا إسرائيلة على لبنان؟
} وسط كل المعطيات المتوافرة، لا أظن أن إسرائيل تنوي الهجوم على لبنان.