لم تشأ حركة طلعت ريحتكم أن تتحوّل مطالبتهم بالتغيير والإصلاح إلى حرب شوارع ، واحتكاك مع القوى الأمنية وتهديد للسلامة العامة ، فالحركة هي حركة عفوية شبابية طالبت بالإصلاح رفضت الفساد انطلقت من النفايات لتتجه إلى كل الملفات الفاسدة التي ساهمت الطبقة السياسية الموروثة بإحياء اللبناني تحت "رحمتها " ، من كهرباء لماء لغيرها ....

 

"اللعبة" بدأت يوم الأربعاء حينما أطلقوا مكافحة الشغب لمواجهة المواطنين وقمعهم فحصل تضارب شاهده اللبنانيون على شاشة التلفزة ، وحملة اعتقالات ، إضافة لرش الوفود بالمياه .

يوم الأربعاء لم يتطور وتمّ احتواء الأمر ، انسحاب المعتصمين مقابل اعتقال المعتقلين ، ولكن ما شهدته الساحة شحد الهمة الشعبية وأعطى لحركة طلعت ريحتكم بعداً وطنياً ليتحولوا من حركة لثورة وهذا ما شهدناه يوم السبت ..

فمن إعتصام شبابي لإعتصام جامع ، شارك به كل مظلومي الوطن من النقابات لهيئات المرأة للمستأجرين ، والهدف الإصلاح والخروج من الفساد السياسي ، آلاف شاركوا في اعتصام السبت والأصوات عبرت عن أوجاع اللبنانيين ، اليافطات حملت كل ما يعانيه اللبناني من بطالة لفقر لتجويع لظلام ....

غير أنّ تحرك السبت انقلب كارثياً ، كيف وماذا؟ لا إجابة واضحة ، غير أنّه المؤكد كان هناك أمر سياسي وجهة وراء استخدام القوى الأمنية القوى المفرطة مع المتظاهرين لتتحوّل ساحة رياض الصلح لحرب بكل ما بالكلمة من معنى ، حرب استخدم بها العصي والرصاص وكل ما أتيح ... وضرب الشعب بيد من حديد كأنه "العدو الصهيوني" !!!

مزايدات سياسية حاولت استثمار الموقف وفشلت ، أوّلها جنبلاط الذي أرسل البعض من حزبه للمشاركة ولكن مع إصرار المتظاهرين على رفض التسييس ، سحبهم وبعدما أشاد بالحركة انتقدها واتهمها بالتبعية ، وعلى درب جنبلاط سار بو صعب فنزل إلى الساحة في محاولة لتسجيل لموقف ، لكن عاد "مطروداً" !

يوم السبت كان من الممكن أن يتحوّل فتنة بين الشعب وقوى الأمن لولا تدارك الوضع وضبط النفس والتدخل السياسي "الفاشل" الذي أطلق المعتقلين مقابل التهدأة و وعد بتحقيق !

انتهى اليوم على سلام أو هذا ما حسبناه ، نصب المعتصمون الخيم لتظاهرة أخرى يوم الأحد  ...

 

 

وتحت مطامع الإستغلال السياسي والإعلامي حتى  ،استمرت الحركة ، فمن باسيل الذي غردّ أنه يدعم المعتصمين محملاً الحكومة المسؤولية في محاولة لإعطاء تياره بعضاً من شعبية هذا التحرك لعون الذي سجّل صباحاً مواقف على حساب طلعت ريحتكم ...

وصولاً لقناة الجديد (الدكانة ) والتي اعتبرت أنّ مطالبهم هي مطالب الشباب معلنة أنّه وهم واحد !

كل هذه الاستغلالات تعرض لها الشباب وأهدافهم ، غير أنّ الفشل السياسي كان سيد الموقف ، فحتى النائب نقولا الذي علّق عضويته "فرد عضلات" قال له المتظاهرون (مش معترفين فيك أصلاً) ...

 

في تظاهرة يوم الأحد حاول الشباب تفادي أي احتكاك مع الشباب ولكن كان الظاهر إعلامياً و على الملأ أن هناك مجموعة من الشبان تحاول إفشال الإعتصام والتشويش ، التحرك كان واسعاً وشهد  كما السبت وأكثر مشاركة شعبية وفنية وإعلامية ومن كل المناطق ...

غير أنّ "الطابور الخامس" لم يكف عن استفزاز القوى الأمنية طيلة النهار ليصل به الأمر رميهم بالمفرقعات والديناميت وقنابل مولوتوف ، وقص الأسلاك الشائكة ومحاولة اقتحام السرايا هنا انجرفت القوى الأمنية لمواجهة ما كانت تريدها ، وعلى الرغم من تحفظنا على العنف المبالغ ، إلا أنّ هناك عتب على الحركة بعدم التنظيم والحرص بهذا الشأن ...

أكثر من أربعين جريحاً هي حصيلة ما حصل يوم الأمس من تصادم ، غير أنّه تم اعتماد سياسة التروي وكان المتظاهرون على حد من الوعي فإنسحبوا تاركين المندسين في المواجهة .

ومع ما صرّح به المتظاهرون أنّ المندسين هم حركة أمل وأنهم رددوا شعارات "الله - بري" ومع ما قالته الإعلامية ديما صادق أنهم من الخندق الغميق ، إلا أننا نقولها وبضمير مرتاح ، من اندس في المظاهرة هم الطبقة السياسية الفاسدة بأكملها ...

فلا مصلحة لأحدها دون الأخر في إفشال التحرك ، حيث و لأول مرة اجتمع السياسون الذين فشلوا تكراراً ، ولكن هذه المرة ضد الشعب !

فعندما فشل العنصر السياسي في إقتحام حركة طلعت ريحتكم ، وفي قطف ثمره ، وجدناه قد عمل على تخريبه وتحويله من حركة عفوية لحركة فوضوية ؟!

 

تحرك طلعت ريحتكم مستمر ، غير أنّ الوعي والتنظيم هو المطلوب منه في المرحلة القادمة والبرنامج الواضح ، فحتى لا يموت الهدف ، عليهم أن يخرجوا من دائرة المطالب اللامنطقية للمنطقية ، ومن الهتافات العشوائية للوطنية ، فالأزمات في هذه المرحلة أكبر من إسقاط حكومة ، ولتعملوا على المطالبة بها ملفاً ملفاً مع المطالبة بإنتخابات شفافة ، حينها تكون مسؤوليتكم ومسؤولية الشعب بتغيير الطبقة الفاسدة وبإسقاط "ِشرعي" لحكم "لا شرعي "