لن تنفع محاولة بعض المندسين من تشويه صورة التحرك الإحتجاجي الشعبي الذي نظمته مجموعة " طلعت ريحتكم" طيلة الأيام الماضية، فهذا التحرك الشعبي العابر للطوائف والمذاهب وغير الخاضع للقوى الحزبية يؤكد أنّ الوضع السياسي والشعبي والإجتماعي في لبنان لم يعد محتملاً وأنّ الناس لا بد أن ينتفضوا ضد الفساد والظلم والإعاقة السياسية التي يعاني منها النظام السياسي في لبنان .

فما جرى في الأيام الماضية يؤكد أنّ العجز والفشل قد طال كل القوى السياسية والحزبية والنقابية في لبنان وأن الناس تبحث عن خيارات جديدة للتحرك الشعبي ضد الفساد المنتشر بين كل المسؤولين والحاكمين وأنّ ريحتنا جميعاً قد طلعت ولا بد من تحرك جديد في مواجهة هذا النظام الفاسد وكل الطبقة السياسية الفاسدة .

لكن في الوقت نفسه لا بد من وقفة تأمل لما جرى وخصوصاً من قبل المنظمين الذين نجحوا في تحويل التحرك العفوي من أجل معالجة ملف النفايات إلى تحرك سياسي وشعبي واسع ضد النظام السياسي الفاسد .

فكلنا يعلم أنّ هذا النظام السياسي قد وصل الى اسوأ مراحله وهو عاجز عن معالجة مشاكله ولم يعد قادراً على تقديم الحلول الترقيعية ولا بد من وضع حلول جذرية لهذه الأزمة العميقة، وبالمقابل فإنّ القوى السياسية والحزبية الممسكة بهذا النظام لن تسمح بحصول تغيير حقيقي في هذا النظام من أجل أن يحوّله إلى دولة حقيقية قائمة على أساس المواطنة والإنتماء غير الطائفي ، لأن هذه القوى لديها مصالح سياسية ومالية واقتصادية ومن مصلحتها بقاء هذا النظام على ماهو عليه .

فأين الحل وما هو المطلوب؟

لا يمكن مواجهة هذا النظام الفاسد فقط من خلال تحركات عفوية ومؤقتة بل لا بد من أن يكون هناك حراك منظم وطويل النفس وأن يستمر التحرك بشكل مستمر ودائم ومتدحرج ولا بد أن تتطور المطالب وفقاً لتغير الظروف السياسية، فلا يمكن تحقيق كل المطالب دفعة واحدة في ظل ظرف سياسي غير طبيعي ولا بد من وضع برنامج محدد وعملي للتحرك يشكل قاسماً مشتركاً لجميع المشاركين وأن تكون هناك قيادة منظمة للتحرك تدير الأمور وتمسك بكل التفاصيل ولا تسمح لدخول المندسين لتشويه التحركات الشعبية كما جرى مساء الأحد .

وبغض النظر عما ستؤول إليه التحركات واذا كانت ستستمر بالزخم نفسه أم لا، فإنّ مجرد حصول هذا التحرك الشعبي الواسع والعابر للطوائف يؤكد أنّ ريحتنا جميعا قد طلعت ولا بد من التغيير وأنّ الشباب الذين قادوا التحرك هم الأمل للمستقبل وللتغيير لكن المهم أن تستمر التحركات بشكل منظم وأن تعتمد النفس الطويل حتى تأتي التحركات أكلها ونصل إلى التغيير الشامل والحقيقي وليس فقط أن تتم معالجة النفايات العادية فكل النظام السياسي طلعت ريحته والنفايات تملأ كل البلد .