أدلى وزير الاعلام رمزي جريج بتصريح إثر جلسة مجلس الوزراء اليوم، قال فيه: "من المؤسف ان لا يكون مجلس الوزراء قد توصل، بسبب التمادي في مناقشة الأمور المتعلقة بالخلافات السياسية، الى اتخاذ القرارات اللازمة بصدد مواضيع ملحة، وفي طليعتها موضوع النفايات، التي أثارت عن حق غضب المواطنين نتيجة الضرر الفاحش اللاحق بهم من جرائه على الصعيدين الصحي والبيئي، وبصدد سواه من المواضيع المستعجلة كموضوع الهبات والقروض الميسرة وموضوع التحكيم بين احدى شركات الطيران والدولة وموضوع دفع رواتب الموظفين.

وازاء تحول الحكومة الى مسرح للنقاش في الخلافات السياسية التي ليس مجلس الوزراء المكان الصالح لحلها، باعتبار ان هذا المجلس، في ظل استمرار الشغور الرئاسي، المسؤول عنه الفريق الذي يقاطع جلسات انتخاب الرئيس، هو المؤسسة الدستورية الموكل اليها تسيير شؤون البلاد وتلبية الحاجات الحياتية للمواطنين، نرى تنويرا للرأي العام بصدد ملف النفايات، كشف الحقائق الآتية:

أولا: إن الحالة التي وصلنا اليها في ملف النفايات هي نتيجة تراكم الأخطاء والاهمال المتمادي في معالجة هذا الملف معالجة جدية منذ عشرات السنين. لذلك لا يمكن تحميل الحكومة الحالية، التي تضم وزراء لم يسبق لهم ان شاركوا في أي حكومة سابقة، مسؤولية الازمة الراهنة.

ولأن الحكم استمرار، تصدت الحكومة للمشكلة منذ أواخر سنة 2014، ثم اتخذ مجلس الوزراء في 12 كانون الثاني 2015 قرارا تضمن وضع خطة شاملة للنفايات والقواعد الرئيسية للمناقصات المتعلقة بتنفيذ هذه الخطة، على اساس تقسيم المناطق الخدماتية الى ست مناطق.
وهذه الخطة تشمل مراحل الكنس والجمع والنقل والمعالجة والطمر واسترداد الطاقة.

غير ان قرار مجلس الوزراء ترك للعارضين اقتراح مواقع الطمر، مكتفيا بالقول انه في حال تعذر المتعهدين تأمين المواقع المطلوبة يتوجب على وزارة البيئة ومجلس الانماء والاعمار تأمينها على نفقة المتعهدين.

ولا شك في ان ترك اختيار المواقع للمتعهدين لم يكن مناسبا - وقد اعترض عليه بعض الوزراء لا سيما وزراء كتلة الكتائب - اذ انه ليس بامكان المتعهدين ممارسة هذا الاختيار، لانهم سيخضعون لضغوط القوى المحلية، فضلا عن ان تأمين البنية التحتية (والمطامر تدخل في هذا المفهوم) يدخل في صلب سلطة الدولة.

ثانيا: فضلا عن ذلك، ان دفتر الشروط لم يتضمن الفقرة الواردة في قرار مجلس الوزراء المذكور والتي تنص على انه في حال تعذر على المتعهدين تأمين المواقع المطلوبة يتوجب على وزارة البيئة ومجلس الانماء والاعمار تأمينها على نفقتهم، الأمر الذي اثار بعض التخوف لدى قسم من المتعهدين الذين كانوا يرغبون بالدخول في المناقصة، فأحجموا عن ذلك تخوفا من عدم تمكنهم من ايجاد المطامر. وهذه الثغرة في دفتر الشروط تسأل عنها الجهة التي اعدت هذا الدفتر.

ثالثا: ان تحديد المسؤوليات عن الاهمال الحاصل في متابعة هذا الملف منذ عشرات السنين هو أمر ضروري. غير انه لا يحل المشكلة ولا يعفي الحكومة الحالية من الواجب الأساسي الذي يقع عليها، وهو ايجاد حل موقت ومن ثم حل نهائي لملف النفايات، الذي يشكل خطرا داهما يهدد الصحة العامة والبيئة.

رابعا: ان اللجنة الوزارية المكلفة هذا الملف عملت وتعمل جاهدة من اجل هذا الغرض. ويبدو ان من جملة الحلول الآنية التي قد تعتمدها تصدير النفايات خارج لبنان، او ايداعها على بواخر ترسو على بعد كاف من الشاطئ اللبناني وضمن المياه الاقليمية.

غير ان هذا الحل قد يتطلب بعض الوقت، كما انه من الممكن ان تحول بعض الصعوبات دون تحقيقه. لذلك لا بد من ايجاد اماكن تجميع موقتة تمهيدا لنقل النفايات الى حيث يجب ان تتم معالجتها، بعد ان يجري التلزيم في ضوء العروض المقدمة. وان التجميع الموقت يجب ان يحصل فورا بمبادرة من الادارة المختصة او من اتحادات البلديات او البلديات، بعد تحرير الأموال العائدة لها من الصندوق البلدي المستقل.

خامسا: إن المعالجة الجدية لهذا الملف يجب ان تبنى على مبدأ الفرز من المصدر او في اول مرحلة تلي الكنس والجمع، ثم يقتضي معالجة النفايات العضوية عن طريق التسبيخ وتحويلها الى سماد، وما تبقى منها يتم حرقه على ان تطمر العوادم بمطامر صحية.

إن التضامن الحكومي الذي اعتمدناه نهجا في عملنا داخل مجلس الوزراء والذي لم يتقيد به اكثر من فريق في الحكومة، لا يحول دون ايضاح موقفنا من هذا الملف الحيوي، لا تنصلا من المسؤولية، وانما التزاما منا بالواجب الذي يفرض على الحكومة بعيدا عن أي اصطفاف سياسي معالجة ملف النفايات بأفضل الطرق.

اما سائر الملفات التي اشرت اليها، فيتوجب على مجلس الوزراء بحثها دون ابطاء واتخاذ القرارات المناسبة بصددها، اذ لا يجوز ان يتحول المجلس الى هيئة حوار اخرى وان يتعطل العمل داخله، في حين ان صلاحياته وآلية عمله، في الظروف العادية وفي ظل الشغور الرئاسي، محددة في المادة 65 من الدستور. واذا كان من اولوية تتقدم على اي امر آخر، فهو انتخاب رئيس جمهورية بأسرع وقت، ليكون رأس الدولة ورمز وحدة الشعب، وينتظم بعد انتخابه عمل سائر المؤسسات الدستورية".