داني حداد

هذا مقالٌ كُتب في لحظة غضب. بلا مقدّمات ولا مراعاة خواطر. نستبدل به كيل الشتائم الذي نكيله، مع كثيرين، لهذه الطبقة السياسيّة في مجالسنا.

 

أكتب إليكم باسم الناس الذين ينامون مع أطفالهم في الحرّ، من دون كهرباء ووراء نوافذ مشرّعة على رائحة نفاياتكم وفسادكم المتراكم، حكومةً بعد أخرى.

أكتب عن 8 و14، وما بينهما. عن تيّار المستقبل الذي يمكث زعيمه في بلدٍ بعيد، بينما يعاني الناس، في مدينتَيه، صيدا وبيروت، وغيرهما، من ضيق الحال ومن الأزمات المعيشيّة ومن الفلتان في استخدام السلاح، من السكّين الذي طُعن به جورج الريف الى قذيفة "الإينرغا" التي يطلقها، من حينٍ الى آخر، زعران حيّ الزعيتريّة.

 

أكتب عن حزب الله الذي يقاتل في سوريا، حيث يسقط شبّانٌ له، تاركاً أهلهم يعيشون في لبنان، في شوارع مظلمة ومليئة بالنفايات، وقد أثقل كاهلهم همّان، همّ معيشتهم وهمّ أبنائهم الذين يعود الكثير من بينهم جثثاً في نعوش.

أكتب عن التيّار الوطني الحر الذي وعدنا وزيره الملك بكهرباءٍ وماءٍ واتصالات، وما صَدَق وعدٌ، وها هو يصرّ على بحث الآليّة، بينما نبحث نحن عن آليّة تبقينا على قيد الحياة في هذا البلد.

أكتب عن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي استنفر المعجم اللغوي للدفاع عن زعيمه بسبب انتقادٍ بسيطٍ وُجّه إليه، بينما يترك مناصريه لأهواء الزعيم، يشرّعون مناطقهم للنفايات متى أراد ويناصرون البيئة متى شاء.

 

أكتب عن كلّ الأحزاب والزعماء ولا أميّز. من منكم بلا خطيئة فليرجم الآخرين. من منكم لم يساهم في تدمير هذا البلد وتحويله الى دويلات لزعامات، فليعلن استقالته من هذه الطبقة السياسيّة الفاسدة.

أكتب باسم أهالي العسكريّين المخطوفين الذين يموتون كلّ يوم، وهم ينتظرون وعودكم الفارغة، بل الكاذبة، في حين تقلقون إذا تأخر أبناؤكم لساعة عن العودة الى منازلهم.

 

أكتب باسم المعلّمين الذين أهملتم حقوقهم. وباسم العسكريّين الذين تحجبون عنهم القرار السياسي، وباسم العاطلين عن العمل بسبب غياب سياساتكم الاجتماعيّة وتشريع الحدود أمام الوافدين. باسم الجياع وَهُم الى ازدياد، وباسم المرضى الذين لا يجدون مستشفى تأويهم، باسم اليتامى والأرامل الذين فقدوا رجالاً في حروبكم وتظاهراتكم ورصاص مناصريكم الطائش والتافه.

 

أكتب، مع إدراكي بأنّ شيئاً لن يتغيّر. لن تستفيق ضمائركم فجأة، ولن يتخلّى أيّ منكم عن راتب شهرٍ واحد ليطعم واحداً من الفقراء الذين يجدون في مستوعبات النفايات قوتاً لهم. لن تصدروا قراراً لا منفعة لكم من خلاله، ولن تشرّعوا قانوناً يذكّرنا بأنّكم أعضاء مجلس نوّاب تتقاضون رواتبكم ممّا ندفعه لهذه الدولة التي لم نلقَ منها سوى الإهمال والأزمات و"الخوازيق"...

 

أكتب مع إدراكي بأنّ الشعب اللبناني الغاضب اليوم، على تراكم النفايات وانقطاع الكهرباء وتلوّث المياه وزحمة السير، سيصفّق لكم في الغد القريب متى دعوتموه الى مهرجان، وسينتخبكم متى نُظّمت انتخابات. وهو لا يستحقّ أفضل منكم، وأفضل من الموت اختناقاً برائحة النفايات... ورائحتكم.