قبيل العيد تضج الأسواق في طرابلس وتزدحم  ، ففي الأسبوع الأخير من شهر رمضان المبارك ، يصبح من الصعب عليك المرور بين هذه الأسواق كما تشهد الطرقات العابرة إليها زحمة سير خانقة .

هذا الإزدحام ، هو وليد الحركة المرتفعة الوتيرة ، التي تشهدها  كل من محلات الألبسة والأحذية والمأكولات والحلويات ...

 

حيث أنّ للعيد عند أهل الشمال طقوس أقرب للقداسة ، تبدأ من "اللبس الجديد" للـ "نقولات" ، وصولاً " لمعمول العيد والمرقد " وهذا ما يعده أغلب أهل المدينة في البيوت ، ناهيك عن "الورق عنب " و "اللحم بعجين " و "الكبة المشوية" ، وهي الأطباق الروتينية التي تجمع أفراد العائلة على أول وجبة غداء بعد رمضان .

­

المميز بأسواق طرابلس ليس فقط إرتداءها بهجة العيد ، هذه البهجة التي منعت عن إحيائها كاملة بسبب معارك التبانة والجبل ، كما ليس المميز فيها فقط هو إقبال أهلها وتفاعل عمليات البيع والشراء ..

فطرابلس لطالما أحبت الحياة ولطالما إحتفلت بالأعياد جميعها .

 

إلا أنّ الناحية الفعلية التي تجعل من طرابلس مدينة للجميع ، هي تعدد أسواقها وتنوعها ، ففي طرابلس أسواق لكل من الفقير والغني ، والأجمل أنّه لا بد للغني حتى يصل لسوقه أن يعبر أولاً بسوق الفقير ، والعكس صحيح ، حيث أنّ أسواق طرابلس مترابطة بطريقة دينامية ، لا ينفصل بها السوق عن الآخر ...

فمن سوق التبانة والذي يجد به الفقراء كل مطالبهم من المأكولات للحلويات ، للألبسة ...

وصولاً للسوق الممتد على جانبي "باب الحديد" وهناك يجد "الي وضعه عأده" لباس العيد له ولعائلته بأسعار مناسبة ...

واسواق طرابلس لا تنتهي هنا ، فبعد عبورك في السوق الشمالي لباب الحديد تكون أمام خيارين ، أو الدخول في سوق العطارين وهو الذي يمتاز بشعبيته ، أو أن تمر بالقرب من مدخل سوق الدهب متابعاً لسوق العريض ...

وقبل وصولك لسوق "العريض" ، تبدأ الأسعار في الإرتفاع كما أن أنواع الألبسة والموديلات المطروحة تختلف بمنحى تصاعدي .

ويصبح الفرق بين الأسواق التي مررت بها سالفاً وبين السوق الوافد إليه جلياً ، فكأنك إنتقلت من طبقة إجتماعية لأخرى .

في وسط السوق العريض الأسعار غالية تناسب رقيَ ما يعرض والتفرد بالأنواع المستوردة ...

وتستمر هذه الأسعار بالإرتفاع ، غير أنك حينما تصل لمنطقة التل والمحلات المنتشرة على الجانبين تجد نوعاً من التناقض ، فهناك ما يناسب كل الطبقات الإجتماعية وهناك أسعار زهيدة ومرتفعة ، والمحلات على إختلاف نوعية زبائنها هي متلاصقة ...

من التل ، تنطلق لأسواق "شارع عزمي " وهي التي تعتبر من أرقى الأسواق مع المفارقة أنك قد تجد في "سوق العريض" الأجمل وايضاً الأغلى ..

إلا أنّ لسوق عزمي طابعه البرجوازي ، فالطبقة "المنمقة " تجد به ما يرضي غرورها ، ولا يهم أغلب من يشتري من هناك جمال المعروض بقدر الإهتمام بإسم المحل والماركة ...